عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-11-2020, 06:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,336
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محمود سامي البارودي والشعر

أخفُّ على الأَسماعِ مِنْ نَغَمِ الحُدا




وألطفُ عندَ النَّفْسِ مِن زمنِ الوردِ[11]






والبارودي يجد للشّعر مهمة كبرى أو غاية كبرى يجب أن يراعيها، ألا وهي: تهذيب النّفوس وتدريب الأفهام، وتنبيه الخواطر إلى مكارم الأخلاق:



والشّعرُ ديوانُ أخلاقٍ يلوحُ به

ما خطَّه الفكرُ مِن بحثٍ وتنقيرِ




كم شادَ مجدًا وكم أودى بمنقبةٍ

رفعًا وخفضًا بمرجوٍّ ومحذورِ[12]








ويرى أن الشّعر موهبة لا تُعطى لأيِّ كان، بل تُعطى لكلِّ حسّاسٍ حكيمٍ ذكيٍّ عريقٍ ومتمتّعٍ بالأخلاقِ الكريمةِ، فمِن مهامِّ الشّعر بث الأخلاق:



وإنِّي لَقوَّالٌ إذا التبسَ الهدى

وجارَتْ حلومُ القومِ عن سننِ القصدِ[13]








وكيف لا يكون الشّعر كذلك وهو نابع مِن العقل والفكر والتَّجربة:



وما هو إلا جوهرُ الفضلِ والنُّهى

يسردُ في سلكِ المقال وينظمُ[14]











فالشّعر مهمته إضاءة العقل، وتنوير الفهم:



وبراحَتي قلمٌ إذا حرّكتُهُ

روِيَتْ به الأفهامُ وهي حِرارُ




ترتدُّ عنه قنابلٌ وجحافلٌ

وتَكِلُّ عنه أسِنَّةٌ وشِفارُ




غَرِدٌ إذا ما جالَ فوقَ صحيفةٍ

سجَدَتْ لحُسنِ صريرهِ الأوتارُ




وإذا امتطى ظهرَ البَنانِ لغايةٍ

خضعَتْ إليهِ قوارحٌ ومِهارُ[15]








الشّعر بالسليقة:

لم يكن محمود سامي البارودي شاعرًا فقط، بل كان أميرًا شأنه في ذلك شأن العديد مِن الأمراء الشّعراء[16] الّذين قرأهم وأحبهم وكتب على غرارهم الشّعر.



وكان الشّعر عنده موهبة، فهو "لم يتعلم النّحو والصَّرف والعَروض والقوافي"[17]، بل كان يقول الشّعر بالسَّليقة بعد أن تعهد نفسه الإبحار في "دواوين الشّعراء الأمويين والعباسيين"[18].



وعلاقته بالشّعر علاقة "إباء" وغرام، لا علاقة كسب وغنم. وفي هذا يقول: قلت الشّعر "لا تذرعًا إلى وجه أنتويه ولا تطلُّعًا إلى غُنم أحتويه، وإنما هي أغراض حركتني وإباء جمح بي وغرام سال على قلبي، فلم أتمالك أن أهبت فحركت به جرسي أو هتفت فسريت به عن نفسي"[19]. من هنا، يؤكد على أن الشّعر إنما هو جيشان الطّبع، وليس تكلفًا:



إذا جاشَ طبعي فاضَ بالدرِّ منطقي

ولا عجبَ فالدرُّ ينشأ في البحرِ[20]








ويعود فيؤكد على أن الشّعر ينشأ بالطّبع أصيلاً لا متكلفًا ولا مقلدًا:



نشأتْ بطبعي للقريضِ بدائعٌ

ليسَتْ بنِحلةِ[21] شاعرٍ متقدِّمِ[22]








والشّعر ينشأ مع المرء منذ صغره ويبقى معه حتى شيخوخته:



علقْتُ به طفلاً وشبْتُ ولم يزل

شديدًا بأهدابِ الكلامِ تعلقي[23]










يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.74 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.94%)]