عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 18-11-2020, 08:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,373
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القواعد الشرعية ودورها في ترشيد العمل الإسلامي

القواعد الشرعية ودورها في ترشيد العمل الإسلامي (5)
محمد أبو الفتح البيانوني

القسم الثاني: القواعد الأصولية والفقهية وأثرها في ترشيد العمل الإسلامي:
المقدمة:
وتتناول التعريف بالقواعد الشرعية الخاصة (الأصولية والفقهية) الأساسية منها والفرعية، وبيان صلتها بالقواعد الشرعية العامة.
سبق في التمهيد لهذا البحث أن عرّفتُ القواعد الشرعية الخاصة بأنها: (القواعد الشرعية التي يغلب عليها التعلق بجانب خاص من الجوانب الشرعية، فيحتاج إليها علم من العلوم أكثر من غيره).
وعرفت القواعد الشرعية العامة بأنها: (القواعد الشرعية المتعلقة بجميع الجوانب الشرعية المتنوعة أو بمعظمها، وإن غلب استخدامها في جانب خاص من الجوانب الشرعية أو أكثر).
ومن هنا كانت القواعد الأصولية والفقهية أبرز أنواع القواعد الشرعية الخاصة، نظراً لتعلقها بجانب الأصول والفقه من جهة، وللصلة الوثيقة القائمة لعلمي الأصول والفقه بمختلف العلوم الشرعية من جهة أخرى.
وقد اعتنى الكاتبون السابقون في علم القواعد الشرعية بالقواعد الأصولية والفقهية أكثر من غيرها من القواعد، وتناولوها غالباً تحت مسمى (القواعد الكلية) أو (القواعد الفقهية) أو (الأشباه والنظائر) أو (الأصول والضوابط) حتى غلبت المعرفة بها خاصة على الباحثين، وتبادر الذهن إليها عند ذكر القواعد الكلية على الإطلاق، مما جعلني أختار للقواعد اسم (القواعد الشرعية) وأقسمها إلى قواعد عامة وخاصة، وأساسية وفرعية، ليشمل المسمى مختلف أنواع القواعد المتعلقة بجميع العلوم الشرعية على السواء، كما أوضحت في التمهيد.
ونظراً لسعة دائرة القواعد الأصولية والفقهية من جهة، ولاشتهارها بين العلماء أكثر من غيرها من جهة أخرى، أفردت الحديث عنها في قسم خاصة أتناول فيه نماذج من القواعد الأصولية والقواعد الفقهية، مع تطبيقات لها في الجانب الدعوي، كما أتناول نماذج من التطبيقات الخاطئة لبعض هذه القواعد.
وقد تعددت تعريفات العلماء للقواعد الفقهية، على الرغم من تشابه أكثر هذه التعريفات، فعرفها بعضهم بأنها: (الأمر الكلي الذي ينطبق عليه جزئيات كثيرة تفهم أحكامها منها) ، كما عرفها بعضهم بأنها: (حكم أكثري لا كلي، ينطبق على أكثر جزئياته لتعرف أحكامها) .
وعرفها أستاذنا الشيخ مصطفى الزرقا - رحمه - الله - بأنها: (أصول فقهية كلية في نصوص موجزة دستورية، تتضمن أحكاماً تشريعية عامة في الحوادث التي تدخل تحت موضوعها).
واختار الدكتور علي أحمد الندوي تعريفها بأنها: (أصل فقهي كلي يتضمن أحكاماً تشريعية عامة من أبواب متعددة في القضايا التي تدخل تحت موضوعه).
ومما تجدر ملاحظته هنا أن معظم الكاتبين في القواعد الكلية جروا على عدم التفريق في التعريف بين القاعدة الفقهية، والقاعدة الأصولية، بل مثل بعضهم لها بقواعد من كلا النوعين.
ولكني نظراً للفرق القائمة بين النوعين في بعض الجوانب والتي أوصلها بعضهم إلى ما يزيد على أربعة فوارق، رأيت مصلحة في التفريق بينها في التعريف على وجه يشير إلى بعض الفروق بينهما، على الرغم من التشابه والتداخل القائم بينهما من الوجوه الأخرى.
فاخترت لتعريف القاعدة الفقهية أنها: (حكم شرعي كلي، يتناول أحكاماً فرعية متنوعة)، واخترت لتعريف القاعدة الأصولية أنها: (أصل شرعي كلي، يستدل به على أحكام فرعية متنوعة).
ولما كانت الاقتصار على نماذج معدودة لكل من النوعين في المبحثين القادمين، وإجراء تطبيقات عليها على سبيل التمثيل، وإلا فقد يصل عددها جميعاً إلى آلاف القواعد، ويكفي أن أشير هنا إلى أن الإمام المقري وحده ذكر في مقدمة كتابه (القواعد) أنه قصد إلى تمهيد ألف قاعدة ومئتي قاعدة، وأن الإمام السر خسي اشتمل كتابه (المبسوط) على ما يقارب ألف قاعدة. .. وهكذا.
المبحث الأول: نماذج من تطبيق القواعد الأصولية في الجانب الدعوي
نظراً لكثرة القواعد الأصولية وتداخلها مع القواعد الفقهية في كثير من كتب القواعد، سأختار منها ما يغلب عليه الطابع الأصولي في هذا المبحث على سبيل التمثيل، مقتصراً في إجراء التطبيقات الدعوية على خمس منها فقط، وهذه القواعد هي:
1- لا مساغ للاجتهاد في مورد النص.
2- الاجتهاد لا ينقض بمثله.
3- لازم المذهب ليس بمذهب..
4- لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان.
5- العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
6- إذا تعارض المانع والمقتضي قدم المانع.
7- درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
8- إذا تعارضت مفسدتان: روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخففهما.
9- لا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح.
10- الأصل براءة الذمة.
إلى غير ذلك من قواعد أصولية كثيرة..
التطبيقات الدعوية على بعض هذه القواعد:
1- القاعدة الأولى: (لا مساغ للاجتهاد في مورد النص):
وهي من القواعد المشهورة المتفق عليها بين العلماء، صدرت بها مجلة الأحكام العدلية، حيث نصت المادة (14) من مواد المجلة عليها.
ويريد العلماء بها أنه: إذا ثبت نص ما في قضية، وكانت دلالته على معناه دلالة صريحة واضحة كأن يكون مفسراً أو محكماً في اصطلاح الأصوليين، فلا يجوز الاجتهاد في هذه القضية، ولا العدول عن دلالة النص الوارد فيها إلى معنى آخر.
(ذلك لأن الحكم الشرعي حاصل بالنص، فلا حاجة لبذل الوسع في تحصيله، ولأن الاجتهاد ظني، والحكم الحاصل به حاصل بظني، بخلاف الحاصل بالنص فإنه يقيني، ولا يترك اليقيني للظني).
ولا يقتصر حكم هذه القاعدة على النص الشرعي، وإنما يشمل كل نص صريح واضح ورد في قضية من القضايا، سواء كان نص دستور أو قانون عام، أو كان نص فردٍ في عقد من العقود، أو نص جماعة وقيادة في موضوع من الموضوعات.
فعندما ينص الشارع مثلاً على تحريم لحم الخنزير، أو تحريم نكاح المتعة وما إلى ذلك، فلا يجوز لأحد أن يجتهد في حكم هذه المسائل فيقول فيها بخلاف ما جاء النص به، لأن من شروط الاجتهاد المقبول شرعا أن يكون في (محله) ومحله: عند عدم وجود النص، أو عند ورود النص الظني المحتمل لأكثر من معنى.
وعندما ينص امرؤٌ في العقد على صفة معينة مشروعة، أو شرط محدد مشروع، ويقبل بذلك الطرف الآخر من أطراف العقد، يكون النص ملزماً للطرفين، وليس لأحد أن يجتهد في قبول أو رد هذه الصفة أو ذلك الشرط المنصوص عليه، إذ لا اجتهاد في مورد النص.
وعندما تنص جهة قيادية مسؤولة في مؤسسة من المؤسسات على جواز فعل أو منعه بما لا يخالف الشرع، يجب على الأتباع والعاملين في هذه المؤسسة التقيد بالنص، ولا تجوز لهم مخالفته أو الاجتهاد فيه بما يخرج عن دلالته.. وهكذا فإن أي اجتهاد في موارد مثل هذه النصوص الصريحة الواضحة مردود على صاحبه، ويستحق فاعله الإثم والعقاب على هذه المخالفة.
ولا يستثنى من ذلك إلا صاحب النص نفسه إذا أراد التغيير فيه بالطرقة المشروعة، أو من كان في منصب الإمامة والمسؤولية عن تنفيذ هذا النص في حالة ترتب مفسدة كبرى على تنفيذه، تزيد على مفسدة إهمال النص وعدم العمل به في تلك الحالة.
ولو سمح لكل إنسان أن يجتهد في مقابلة النصوص، لتعطل العمل بها، وفقدت النصوص مشروعيتها ومصداقيتها وضاعت دلالتها بين الناس. قال الله - تعالى -: ((فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)) (النور: 63).
وقال: ((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)) (الأحزاب: 36).
ومن هنا كان على جميع الناس الرجوع إلى نصوص مرجعياتهم الشرعية والإدارية، والتقيد بما ورد فيها، والتحرز من الاجتهاد وتأويل النصوص الواردة في مثل هذه المواطن، حتى لو خالفت مثل هذه النصوص اجتهادهم، ما داموا ملتزمين بتلك المرجعية، ومعترفين بها، ولا يتعارض هذا الوجوب عليهم في الطاعة والخضوع لهذه المرجعية، مع بيان رأيهم ووجهة نظرهم، ومحاورتهم ومناقشتهم، فإن الحوار والمناقشة شيء، والالتزام والطاعة والتقيد بالنص شيء آخر.
فكما أنهم لا يمنعهم الالتزام والتقيد بالنص من حقهم في المناقشة والحوار في المسائل الاجتهادية، فإنه لا يبرر لهم مخالفة رأيهم، ولا مناقشتهم للنص، الخرج على النص وعدم الالتزام به.
ولا يخفى الأثر الكبير لتفهم هذه القاعدة في سلوك كثير من أتباع الدعوات والعاملين في المؤسسات المختلفة، تجاه قياداتهم ومسؤوليهم، وفي تجلية مفهوم الطاعة في المعروف لديهم، حيث أسيء فهمه لدى كثير منهم، فخرجوا عن الطاعة، ووقعوا في المخالفة من حيث لا يشعرون.
2- القاعدة الثانية: (الاجتهاد لا ينقض بمثله):
هذه القاعدة من القواعد المشهورة المتفق عليها بين العلماء، وقد وردت ضمن قواعد مجلة الأحكام العدلية في المادة السادسة من موادها.
ويريد بها العلماء: أن الاجتهاد في المسائل التي يجوز فيها الاجتهاد، لا ينقض بمثله من اجتهاد آخر، فلو قضى قاضٍ في حادثة ما باجتهاده، ثم تبدل اجتهاده فيها فقضى فيما رفع إليه من حادثة جديدة مشابهة بغير ما قضى به سابقاً، فإن اجتهاده الأول ثابت لا ينقض بتغير ذلك الاجتهاد. ذلك لأنه لو نقض الاجتهاد الأول بالثاني، لجاز أن ينقض الثاني بالثالث وهكذا.. ولأنه ما من اجتهاد إلا ويجوز أن يتغير، وذلك يؤدي إلى عدم الاستقرار.
وكذلك لو كان القاضي المخالف للحكم في الحادثة الثانية شخص آخر غير القاضي الأول، فلا يجوز له نقض قضاء القاضي الأول، بل يجب عليه تنفيذه، وله أن يحكم بغير ذلك في غير تلك الحادثة بما يراه.
واستثني من ذلك حالة صدور القضاء مخالفاً لنص شرعي صريح، والتأكد من الخطأ في تطبيق الحادثة على الحكم الشرعي، فإنه ينقض مصل هذا القضاء عملاً بالنص الشرعي، وتداركاً للخطأ الثابت، وما إلى ذلك من حالات خاصة.
واستدل العلماء على هذه القاعدة بإجماع الصحابة رضوان الله عليهم على ذلك، وأن أبا بكر - رضي الله عنه - حكم في مسائل خالفه فيها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ولم ينقض حكمه، وأن عمر - رضي الله عنه - حكم في المسألة المشركة في الميراث بعدم المشاركة، ثم حكم فيها بالمشاركة بخلاف ما قضى في نظيرها سابقاً، ولم ينقض قضاءه الأول، وقال: (تلك على ما قضينا، وهذه على ما نقضي، وقضى في الجد قضايا مختلفة.. ).
فقد روى الإمام ابن القيم - رحمه الله - عن عبد الرزاق بسنده عن الحكم بن مسعود الثقفي قال: (قضى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في امرأة توفيت وتركت زوجها وأمها وأخويها لأبيها وأمها، وأخويها لأمها، فأشرك عمر بين الإخوة للأم والأب، والإخوة للأم في الثلث، فقال له رجل: إنك لم تشرك بينهم في عام كذا وكذا؟ فقال عمر: تلك على ما قضينا يومئذ، وهذه على ما قضينا اليوم، فأخذ أمير المؤمنين في كلا الاجتهادين بما ظهر له أنه الحق، ولم يمنعه القضاء الأول من الرجوع إلى الثاني، ولم ينقض الأول بالثاني، فجرى أئمة الإسلام بعده على هذين الأصلين).
ويؤيد هذه القاعدة الدليل العقلي المقتضي ضرورة تحقيق الاستقرار في الحكام والقضاء، وسد باب الفوضى والاضطراب فيها، حيث تتحقق بهذه القاعدة الموازنة الصحيحة بين ضرورة الرجوع إلى الحق في الاجتهاد من جهة، وبين ضرورة استقرار الأحكام والأقضية من جهة أخرى.
ومن هنا: لا يصح لأحد، فرداً كان أو جماعة، أن يخرج على حكم قضاء سابق في قضية من القضايا إذا ما صدر فيها قضاء من أهله، بحجة تغير القضاء والاجتهاد فيها، وإنما على الجميع العمل بالاجتهاد الجديد والقضاء الثاني فيما يستجد من حوادث وقضايا، كما لا يصح أن ينظر إلى المسائل المقضي بها سابقاً بالقضاء الأول على أنها خطأ يجب الرجوع عنه، أو إثم وقع فيه صاحبه، ذلك لأن الاجتهاد السابق ولو ثبت خطؤه في نظر صاحبه فيما بعد، أو في نظر غيره إنما هو خطأ اجتهادي مأجور عليه صاحبه من جهة، ولأن الاجتهاد الجديد المخالف للقضاء السابق صواب اجتهادي ويحتمل الخطأ أيضاً من جهة أخرى.
ومن هنا جاء في الحديث الشريف: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر)).
وبقدر فهم مثل هذه القاعدة يحسن الدعاة التعامل مع الحكام والقرارات الصادرة عن قياداتهم ومسؤوليهم في الشؤون الدعوية وغيرها، ويدفع شر الاضطراب والفوضى في التعامل مع القرارات والاجتهادات المتغيرة.
3- القاعدة الثالثة: (لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان):
هذه القاعدة وردت في المادة (39) من قواعد مجلة الأحكام العدلية، وهي من القواعد المشهرة المتفق عليها أيضاً بين العلماء.
ويريد بها العلماء: أن الأحكام الشرعية المبنية على الأعراف والأزمان، لا ينكر تغيرها إذا ما تغيرت تلك الأعراف السابقة في الأزمان اللاحقة (200).. وفي هذا يقول العلامة ابن عابدين في رسالته (نشر العرف): (كثير من الأحكام تختلف باختلاف الزمان، لتغير عرف أهله لحدوث ضرورة، أو لفساد أهل الزمان، بحيث لو بقي الحكم على ما كان أولاً للزم المشقة والضرر بالناس، وخالف قواعد الشريعة المبنية على التخفيف والتيسير، ودفع الضرر والفساد، ولهذا ترى مشايخ المذهب خالفوا ما نص عليه المجتهد في مواضع كثيرة بناها على ما كان في زمنه، لعلمهم بأنه لو كان في زمانهم لقال بما قالوا به، أخذاً من قواعد مذهبه).
ولا بد لفهم هذه القاعدة فهما صحيحاً من التنبه إلى ضابط الأحكام التي تتغير بتغير الزمان، وفي هذا يقول الأستاذ الدكتور محمد الزحيلي: (اتفقت كلمة المذاهب على أن الأحكام التي تتبدل بتبدل الزمان وأخلاق الناس، هي الأحكام الاجتهادية التي بنيت على القياس ودواعي المصلحة، فإذا أصبحت لا تتلائم وأوضاع الزمان ومصلحة الناس وجب تغييرها، وإلا كانت عبثاً وضرراً، والشريعة منزهة عن ذلك ولا عبث فيها، أما الأحكام الأساسية التي جاءت الشريعة لتأسيسها بنصوصها الأصلية: الآمرة والناهية، كحرمة الظلم والزنى والربا وشرب الخمر والسرقة، وكوجوب التراضي في العقد، ووجوب قمع الجرائم وحماية الحقوق، فهذه لا تتبدل بتبدل الزمان، بل هي أصول جاءت بها الشريعة لإصلاح الزمان والأجيال، ولكن وسائل تحقيقها وأساليب تطبيقها، قد تتبدل باختلاف الأزمنة والمحدثات، فوسيلة حماية الحقوق مثلاً وهو القضاء، كانت محاكمة تقوم على أسلوب القاضي الفرد، وقضاؤه على درجة واحدة قطعية، فيمكن أن تتبدل إلى أسلوب محكمة الجماعة، وتعدد درجات الاحتياط، فالتبدل في الحقيقة في مثل هذه الأحكام، ما هو إلا تبدل الوسائل للوصول إلى الحق، والحق ثابت لا يتغير.. ).
وخوفاً من أن تفهم القاعدة على غير معناها الصحيح، رأي بعض العلماء أن تقيد عبارتها بقولنا: (لا ينكر تغير الأحكام الاجتهادية بتغير الأزمان).. ويحسن تقييدها في نظري بقولنا: (لا ينكر تغير الأحكام المبنية على الأعراف والأزمان بتغير الأزمان) دفعاً للبس في ذلك من جهة، ولتشمل القاعدة الأحكام النصية المبنية على الأعراف الزمنية أيضاً من جهة أخرى.
ولو تفهم الناس عامة والدعاة خاصة، هذه القاعدة على حقيقتها لعملوا على تغيير كثير من آرائهم واجتهاداتهم الدعوية وغيرها، التي قامت على مصالح زمنية متطورة، أو أعراف محلية متغيرة، مما يحقق للدعوة الإسلامية أصالتها ومعاصرتها، ويخرج بها عن الجمود في جانب المناهج البشرية، والأساليب والوسائل المتغيرة.
ولكم نجد في دعاة اليوم من يتمسك بمثل هذه المتغيرات في المناهج والأساليب والوسائل، باسم المحافظة والأصالة، ويتخرج من الخروج عليها والتغيير فيها تحرجه من الخروج على النصوص الشرعية الثابتة، والأحكام القاطعة، والمبادئ اللازمة!!
في الوقت الذي نجد فيه بعض الناس يخرجون على الثوابت والمبادئ باسم المعاصرة والحداثة، وإذا روجعوا في ذلك، احتجوا بمثل هذه القاعدة، وفهموها على غير وجهها، ووضعوها في غير محلها!!
فلا بد من فهم دقيق لهذه القاعدة، ومعرفة صحيحة بتطبيقاتها، لتسلم للدعوة الإسلامية أصالتها، وتتحقق معاصرتها.
ومن هنا قال القرافي: (الجمود على المنقولات أبداً ضلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين).
4- القاعدة الرابعة: (درء المفاسد أولى من جلب المصالح):
وردت هذه القاعدة في المادة (30) من مواد مجلة الأحكام العدلية، وهي قاعدة مشهورة متفق عليها بين العلماء.
ويرد بها العلماء: أنه إذا تعارض درء المفاسد مع تحقيق المصالح قدم درء المفاسد على جلب المصالح، لأن دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة.. واستدلوا عليها بأدلة منها:
1- قوله - تعالى -: ((ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم)) (الأنعام: 108)، حيث نهى الله - سبحانه - عن سب الكفار وآلهتهم مع ما فيه من مصلحة تحقير دينهم وإهانتهم، لما يتسبب عنه من مفسدة مقابلة سبهم بسب الله - عز وجل - .
2- قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه)) ، فإن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات.
3- ولأن للمفاسد سرياناً وتوسعاً كالوباء والحريق، فمن الحكمة والحزم القضاء عليها في مهدها، ولو ترتب على ذلك حرمان من منافع أو تأخير لها.
4- كما يدل لهذه القاعدة منهج الشارع في تدرجه في بيان الأحكام الشرعية، وعدم إنزالها جملة واحدة، على الرغم من المصالح المترتبة على التعجيل بها، نظراً لما قد يترتب على ذلك من جلب مفاسد من وراء ذلك التعجل، كما صرح بذلك حديث عائشة - رضي الله عنها -، فقد روى البخاري عنها قولها في نزول القرآن الكريم: (إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا: لا ندع الخمر أبداً، ولو نزل لا تزنوا لقالوا: لا ندع الزنا أبداً).
وقد فرع على هذه القاعدة أحكاماً كثيرة، وانبثقت عنها فتاوى عديدة في موضوعات متنوعة.
كما يحتاج إليها الدعاة كثيراً في موازناتهم الدعوية، ولا سيما عند تعارض المصالح والمفاسد، وعدم إمكان الجمع بين تحقيق المصلحة ودرء المفسدة.. فكثيراً ما يندفع بعض الدعاة إلى تحقيق مصلحة دعوية في اجتهادهم، غافلين عن المفاسد المترتبة على ذلك، مما يجعلهم في نهاية الأمر نادمين على ما أقدموا عليه!!
فكم من مفاسد عامة، ومنكرات كبرى ترتبت على إنكار منكر جزئي، أو جلب مصلحة عاجلة!
من هنا كان من الضروري أن تترك الموازنات الدعوية الدقيقة في القضايا الكبرى الشائكة لأهل العلم والفقه، وأهل الحل والعقد في الأمة، الذين يحسبون لكل أمر حسابه، ولا تعميمهم المصالح العاجلة عن رؤية المفاسد الآجلة، ولا يدفعهم الحماس إلى حرق المراحل، واستعجال النتائج.
وعلى هذا ينزل قول الإمام عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - لولده عبد الملك لما سأله (مالك لا تنفذ الأمور؟ فو الله لا أبالي لو أن القدور غلت بي وبك في الحق؟ قال عمر: لا تعجل يا بني، فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين، وحرمها في الثالثة، وإني أخاف أن أحمل الحق على الناس جملة، فيدفعوه جملة، ويكون من ذا فتنة) .
ويقول الإمام ابن تيمية - رحمه الله - مؤكداً هذه القاعدة: (.. ولهذا لا يجوز إنكار المنكر بما هو أنكر منه، ولهذا حرم الخروج على ولاة الأمر بالسيف، لأجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن ما يحصل بذلك من فعل المحرمات، وترك واجب، أعظم مما يحصل بفعلهم المنكر والذنوب.. وإذا كان قوم على بدعة وفجور، ولو نهوا عن ذلك وقع شر أعظم مما هم عليه من ذلك، ولم يمكن منعهم منه، ولم يحصل بالنهي مصلحة راجحة، لم ينهوا عنه).
وقد سبق أن فصلت في هذه المسألة، وتوسعت في النقول عن العلماء فيها، في كتاب: (جهاد الكلمة)، فيرجع إليه من شاء.
5- القاعدة الخامسة: (لا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح):
وردت هذه القاعد في المادة (13) من مواد مجلة الأحكام العدلية، وهي قاعدة مشهورة متفق عليها بين العلماء.. ويريد بها العلماء: أنه إذا دلت الأحوال والقرائن على إرادة معنى معين يخالف ما صرح به، قدم التصريح على الدلالة، لأنه أقوى، ولأن دلالة التصريح يقينية، ودلالة الحال والقرائن ظنية، واليقين مقدم على الظن.
وقد فرع عنها الفقهاء أحكاماً فرعية كثيرة تعرف في محالها من كتب الفقه والقواعد.. وإن لهذه القاعدة آثاراً عملية كثيرة في مختلف المجالات، إذا ما فهمت على وجهها الصحيح.
فلو صرح إنسان ما بأمر في مسألة عقدية أو فقهية أو دعوية، ثم دلت بعض تصرفاته وأحواله على خلاف ما صرح به، فلا يصح أن يحكم عليه بتلك التصرفات والأحوال، ويترك ذلك التصريح، فينسب إليه ما فهم من القرائن والأحوال والتصرفات.. لأن هذه القرائن والأحوال والتصرفات تحتمل في دلالتها أموراً عديدة من خطأ أو نسيان، أو غفلة عن مقتضيات ذلك التصريح، مما يجعل دلالتها دلالة ظنية لا تقوى على معارضة دلالة التصريح الصادرة عنه..
الهم إلا إذا روجع في ذلك، وصرح بخلاف ما كان قد صرح به سابقاً، تصريحاً ينسجم مع ما دلت عليه تصرفاته وأحواله..
ويمكن أن يلحق بهذا: ما لو صرح إنسان ما في مكان ما في كتبه يقول أو حكم بلفظ قاطع صريح، وداء في كلامه في موطن آخر ما يفهم منه غير ذلك، وليس صريحاً في دلالته، فلا يصح أن تعتمد في حقه هذه الدلالة، وترك النص الصرح القاطع، لأن اللفظ الصريح القاطع يقين، والدلالة المفهومة من اللفظ المحتمل شك، واليقين لا يزول بالشك.. ومن هنا قدم الأصوليون: دلالة عبارة النص على دلالة الإشارة والدلالة والاقتضاء، عند التعارض، نظراً لقوة الدلالة الأولى على الثانية، وهكذا.
ومن الغفلة عن مثل هذه القواعد وقع بعض الناس في أحكام خاطئة على بعض العلماء والدعاة، فنسبوهم إلى ما لم ينتسبوا إليه، ولقبوهم بألقاب لم تخطر لهم على بال، عملاً بدلالة بعض مواقفهم وأحوالهم في اجتهاداتهم، وتجاهلوا ما صرحوا به في مواطن أخرى مما يدفع الظن والشك.. ولو أنصف أمثال هؤلاء، لقدموا دلالة التصريح على دلالة الأحوال والتصرفات، وقدموا حسن الظن بالعلماء والدعاة على إساءة الظن فيهم، وحملوا حالهم على الأحسن دائماً..
قال - تعالى -: ((وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغنى من الحق شيئاً)) (النجم: 28).. وقال - عز وجل -: ((يائها الذين أمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم)) (الحجرات: 12).
وجاء في الحديث الشريف: ((حسن الظن من حسن العبادة)).
المبحث الثاني: نماذج من تطبيق القواعد الفقهية في الجانب الدعوي
نظراً لكثرة القواعد الفقهية وتداخلها مع القواعد الأصولية في كثير من كتب القواعد، سأختار في هذا المبحث من القواعد ما يغلب عليه الطابع الفقهي على سبيل التمثيل، مقتصراً في إجراء التطبيقات الدعوية على خمس منها فقط:
وهذه القواعد هي:
1- من استعجل الشيء قبل أوانه، عوقب بحرمانه.
2- يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء.
3- الميسور لا يسقط بالمعسور.
4- إذا ضاق الأمر اتسع.
5- الضرورات تبيح المحظورات.
6- الضرورات تقدر بقدرها.
7- لا ينكر المختلف فيه.
8- الخروج عن الخلاف مستحب.
9- يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام.
10- المفضول قد يصير فاضلاً لمصلحة راجحة.
إلى غير ذلك من قواعد فقهية كثيرة..
1- القاعدة الأولى: (من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه):
هذه القاعدة من القواعد الفقهية المشهورة، والمتفق عليها بين العلماء، وردت في المادة (99) من مواد مجلة الأحكام العدلية.. وهي كثير الفروع عند الحنفية خلافاً للشافعية.. ويرد بها العلماء: أنه من كان مستحقاً لشيء، فتعجل بالحصول عليه قبل حلول أجله، كان عقابه بالحرمان منه معاملة له بنقيض قصده.
لأنه باستعجاله هذا أقدام على تحصيله بسبب محظور.. وهذه القاعدة من باب السياسة الشرعية في القمع وسد الذرائع .، وقد عدها بعضهم من مستثنيات القاعدة الكبرى القائلة:
(الأمور بمقاصدها).. واستدلوا عليها بمنع الشارع من قتل مورثه بغير حق من الإرث منه عقوبة له، فقد جاء في الحديث الشريف: ((ليس للقاتل من تركة المقتول شيء)) .
ونقل عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أنه أفتى في المرأة التي يطلقها زوجها فتتزوج غيره قبل انقضاء عدتها، بأنها تحرم على الزوج الثاني إن دخل بها حرمة مؤبدة، معاملة لها بنقيض مقصودها، بمقتضى السياسة الشرعية في المصالح المرسلة.
وستفاد من هذه القاعدة الفقهية في المجال الدعوي، حيث تعالج ظاهرة الاستعجال التي ابتلي بها كثير من الدعاة، فتراهم يتجاوزون المراحل الفطرية الدعوي، مخالفين بذلك السنن الربانية، استعجالاً منهم للنتائج المرجوة، فتكون النتيجة غالباً الخسران والندامة.
وعندما جاء بعض الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعجلون النصر، ويطلبون الدعاء منه، أنكر عليه استعجالهم، فقد روى البخاري عن أبي عبد الله خباب بن الأرت - رضي الله عنه -: (قال: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال: كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون).
فما أحوج الدعاة اليوم إلى تفهم المنهج النبوي، والاستنارة بهذه القاعدة الفقهية!! فقد جاء في الحديث الشريف: ((وما أعطي أحدكم عطاء خيراً وأوسع من الصبر)).
فالداعية الحكيم: هو الذي يستقيم على منهج الله، ويقدم ما يقدر عليه من خير، ويصبر على ذلكن تاركاً النتائج لله غز وجل، فلا يستعجلهـا، لأن الله هو القـادر على كل شيء، وهو الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
2- القاعدة الثانية: (الميسور لا يسقط بالمعسور):
هذه القاعدة الفقهية نقلها السيوطي في كتابه الأشباه والنظائر عن الأشباه والنظائر للتاج السبكي، كمالا أوردها الحافظ ابن رجب الحنبلي في قواعده. وقال عنها السبكي: (وهذه القاعدة من أشهر القواعد المستنبطة من قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منعه ما استطعتم.. )) ، وذكر الإمام أن هذه القاعدة من الأصول الشائعة التي لا تكاد تنسى ما أقيمت أصول الشريعة.
ومعنى القاعدة: أن المأمور به إذا لم يتيسر فعله على الوجه المطلوب، بل تيسر فعل بعضه، فلا يسقط فعل هذا البعض المتيسر بتعسر فعل البعض الآخر، أي: بعدم القدرة على فعل الكل، بل يجب فعل القدر المتيسر فعله.
ومن هنا: وجب على من قدر على أداء الصلاة قاعداً، أو على جنب، أو بالإيماء، أن يصلي كما يستطيع، ولا تسقط عنه الصلاة جميعها، بسبب تعذر إتيان بعض أركانها..
فقد جاء في الحديث الشريف: (عن عمران بن حصين قال: كانت بي بواسير فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة فقال: صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب).
وإن من القواعد الفقهية الكبرى المتفق عليها: (المشقة تجلب التيسير)، وهي تعبر عن خصيصة من خصائص الشريعة الإسلامية ألا وهي: التيسير ورفع الحرج.
وإن مثل هذه القاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور)، يمكن الاستفادة منها في جميع جوانب الحياة، ولا تقتصر على أحكام العبادات.. فإذا عجز الدعاة عن تحقيق أمر الله - عز وجل - في جميع جوانب الحياة لضعفهم أو لظروف خاصة بهم، وأمكنهم تطبيق أحكام الله في بعض الجوانب دون بعض، فلا يجوز لهم أن يتوقفوا عن تطبيق ما أمكنهم، نظراً لما عجزوا عنه من إقامة الدين كاملاً، فما لا يدرك كله، لا يترك جله.
وكثيراً ما فهم بعض الدعاة خطأ مقولةً مشهورة لبعض الدعاة وهي: (خذوا الإسلام جملة، أو دعوه جملة) فذهبوا إلى ترك الممكن والمتيسر منه، وانظروا تيسر تطبيق الإسلام كاملاً، أو وجهوا النقد الشديد اللاذع إلى من استطاع أن يطبق بعض الجوانب دون بعض غافلين عن مثل هذه القاعدة الفقهية!
فهناك فرق بين من يستطيع أخذ الإسلام جملة، وبين من لم يستطع ذلك مع اعتقاده بوجوب الأخذ به جميعاً، وسعيه إلى الأخذ به من جميع أطرافه، وبين من ظن أن بإمكانه أن يتخير من الإسلام بعض جوانبه، ويترك بعضها، فيأخذ بشيء ويترك أشياء، مشوهاً بذلك وحدة الإسلام وكماله، وهذا هو الذي ينزل عليه قول: (خذوا الإسلام جملة أو دعوه جملة).
ومن المتفق عليه أن وجوب القيام بالأحكام الشرعية مقيد بالعلم بها أولاً، والقدرة عليه ثانياً فمن جهل بعض الأحكام الشرعية - وكان ممن يعذر مثله في الجهل - كان معذوراً فيما قصر فيه، ومن علم بها ولكنه عجز عن القيام بها بسبب من الأسباب، كان معذوراً فيما قصر فيه أيضاً.
فلا تقام الحجة على أحد في ذلك إلا بالعلم والقدرة معاً.
وإلى هذا المعنى أشار الإمام ابن تيمية - رحمه الله - في أكثر من موطن في فتاواه، وكان مما قاله في حق النجاشي: (.. وكثير من شرائع الإسلام أو أكثرها، لم يكن له دخل فيه لعجزه عن ذلك، فلم يهاجر، ولم يجاهد، ولا حج البيت، بل قد روي أنه لم يصل الصلوات الخمس، ولا يصوم شهر رمضان، ولا يؤدي الزكاة الشرعية، لان ذلك كان يظهر عند قومه فينكرون عليه، وهو لا يمكنه مخالفتهم..
إلى أن قال: وكثيراً ما يتولى الرجل من المسلمين والتتار قاضياً، بل إماماً، وفي نفسه أمور من العدل يريد أن يعمل بها فلا يمكنه ذلك، بل هناك من يمنعه ذلك ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.. ). فما أحوج الدعاة اليوم إلى تفهم مثل هذه القواعد ليكونوا على بصيرة في دعوتهم!




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.25 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.43%)]