عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19-11-2020, 06:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محمود سامي البارودي في شعره

محمود سامي البارودي في شعره (1)









د. إيمان بقاعي





فالوفاء موروث، وكذلك الحرية الّتي تعطي المرء اعتزازًا بالنفس وثقة وتدفع عنه الذل والمسكنة:




لا عيبَ فيَّ سوى حريةٍ ملَكَتْ

أعِنَّتِي عن قبولِ الذُّلِّ بالمالِ




تبِعْتُ خطةَ آبائي فسِرْتُ بها

على وتيرةِ آدابٍ وآسالِ[25]










وكيف لا تكون هذه الصِّفات موروثة وليس هناك منَ يعرف باللّؤم أو بالكرم أو بالشَّجاعة أو بالخير أو بالشر عبر تاريخ سلالته:




فاطلبْ لنفسِكَ غيري إنَّني رجلٌ

يأبى ليَ الغدرَ أخوالٌ وأعْمامُ




كلُّ امرئٍ تابعٌ أعراقَ نبعَتِهِ

والخيرُ والشَّر أنسابٌ وأرحامُ[26]




فانْظُر لفعلِ الفتى تعرفْ مناسِبَهُ

إنَّ الفعال لأصْلِ المَرْءِ إعلامُ[27]








إن كانت فعال خير دلت على نسب خير، وإن كانت فعال شر دلَّت على النّسبِ الشّرير. على أننا نجد، مع تكريس شاعرنا لنظرية النّسب والعراقة، تكريسه التلازم بين النّسب العريق والفعل المؤكد لهذا النّسب، أو نجد دعوته إلى الحفاظ على النّسب الكريم بالأفعال الكريمة، فعلى أهمية النّسب العريق، فإن على الأبناء الحفاظ على صورة زاهية ومشرقة للآباء:




أنا ابنُ قولي وحسبي في الفَخَارِ به

وإنْ غدوتُ كريمَ العمِّ والخالِ[28]








فهو يجمع المجد مِن طرفيه:




فأنا ابنُ نفسي إنْ فخرْتُ وإن أكُنْ

لأَغَرَّ مِن سلَفِ الأكارمِ أَنْتمي




والفخرُ بالآباءِ ليسَ بنافعٍ

إن كانتِ الأبناءُ خُورَ الأَعْظُمِ[29]








لذا، لم يكتف شاعرنا بالإرث التَّليد متغنيًا به، بل زاد إلى الإرث مجدَ السيف والقلم، فأكد أن "الفعال لأصل المرء إعلام":




فإنْ سادَ غيري بالجدودِ فإنَني

بهم وبفضلي رِشْتُ سهْمي فما أَشْوى[30]




وليسَ علوُّ النَّفسِ بالجدِّ وحدَهُ

وليس كمالُ المرءِ في شرفِ المَأوى[31]








صحيح أن البارودي ورث موهبة الشّعر، وورث عن آبائه الشّراكسة "حدة في المزاج وشغفًا بحياة الفروسية، ونمى ذلك في نفسه انتظامه في المدرسة الحربية ثم في سلاح الفرسان، ثم كان ما كان من اشتراكه في الحروب بكريت والقرم والبلقان"[32] ثم مِن اشتراكه مع "المجاهدين الأحرار"[33] في مصر حتى تحول "مِن المشاعر الذّاتية الفردية إلى مشاعر الشّعب الوطنية"[34]، لكن وفيما يتعلق بهذا الارتباط القوي بالآباء والأجداد وهذا الفخر الّذي يتابعه بالسَّيف والقلم، فقد كان ابن مدرسة البيت الأولى: أمه.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.71 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.25%)]