عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21-11-2020, 10:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,757
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فضل الحج والترهيب من ترك حج الفريضة

دَعاهُمْ إلى البيتِ العتيقِ زيارةً

فيا مرحباً بالزائرين وأكرَمُ



وعادُوا إلى تلك المنازلِ من مِنَى

ونالُوا مُناهُم عندها وتنعَّمُوا



أقامُوا بها يوماً ويوماً وثالثاً

وأُذِّنَ فيهم بالرَّحيلِ وأُعلِمُوا



وراحُوا إلى رمي الجِمارِ عشيةً

شعارُهُمُ التكبيرُ واللهُ مَعْهُمُ



ولما تَقَضَّوا من منىً كلَّ حاجةٍ

وسالت بهم تِلكَ البطاحُ تَقَدَّمُوا



إلى الكعبةِ البيتِ الْحَرامِ عشيةً

وطافُوا بها سَبْعَاً وصَلَّوا وسَلَّمُوا



ولَما دَنَا التوديعُ منهم وأيقَنُوا

بأنَّ التداني حَبلَهُ مُتصرِّمُ



ولم يبقَ إلا وَقفةً لِمودِّعٍ

فللهِ أجفانٌ هُناك تُسجَّمُ



فلم ترَ إلا باهتاً مُتحيِّراً

وآخَرُ يُبدي شجوَهُ يَترنَّمُ



رحلتُ وأشواقي إليكم مُقيمةٌ

ونارُ الأسى مني تُشبُّ وتُضرَمُ










وفَّقني الله وإياكم إلى الوُصول إلى حَرَمِه، وأجزل لي ولكم من موائد جُوده وكرمه، آمين.



♦ ♦ ♦ ♦








إِنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّداً عبدُه ورسولُه.



أمَّا بعدُ: أيُّها الناسُ، اتقوا الله تعالى، واعلموا أنَّ من أعظمِ حُقوقِ الإسلامِ: حَجَّ هذا البيتِ العتيقِ، قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران: 97]، وقال تعالى: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [الحج: 27]، فلا يتمُّ إسلامُ العبدِ حتى يقوم بهذا الفرض العظيم، حيث جعَلَ الله إسلام العبدِ المستطيع مُتوقِّفاً على تكميله والتتميم.








قال عمر رضي الله عنه: (مَن أطَاقَ الحَجَّ فلَم يَحُجَّ فسَوَاءٌ عليهِ ماتَ يَهُودِيَّاً أو نصرانيَّاً) رواه أبو بكر الإسماعيلي وصحَّحه ابن كثير.



وقال سعيدُ بنُ جبيرٍ رحمه الله: (لو كانَ لي جارٌ مُوسِرٌ ثُمَّ ماتَ ولم يَحُجَّ، لم أُصَلِّ عليهِ) رواه ابنُ أبي شيبة.



قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: (من استطاع السبيلَ فلم يَحُجَّ فإسلامُه وإيمانُه ودينُه في اختلالٍ، وهو أعظمُ جُرْماً من الزاني والسارقِ وشاربِ الخمر والمُختال) انتهى.








وقال الإمامُ ابنُ القيِّم رحمه الله: (مَن تَرَك الحَجَّ عَمْداً معَ القُدرَةِ عليهِ حتى ماتَ, أو تَرك الزكاةَ فلم يُخرِجها حتى ماتَ، فإنَّ مُقتَضَى الدليلِ وقَوَاعِد الشرعِ: أنَّ فِعْلَهُما عنهُ بعدَ الموتِ لا يُبَرِّئ ذِمَّتَهُ، ولا يُقبلُ منهُ، والحَقُّ أحَقُّ أنْ يُتَّبَع) انتهى.



قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (لو حُجَّ عنه ألفَ مرَّةٍ لم تبرأ ذمَّتَّه) انتهى.








وكيف يكون العبد عنده إسلامٌ وإيمانٌ وهو يسمعُ داعي الحجِّ قد أسمعَ القريبَ والبعيد، وتوعَّد التاركين له بالعُقوبات الصوارم وأكَّدَهُ غاية التأكيد، فجعل قصدَهُ مُتمِّماً للإسلامِ مُؤدِّياً لفرضٍ من أعظمِ فُروضِ الإسلام، حاطَّاً للذنوب والأوزار والآثام، مُوجباً لدُخول دار القرار، مُخرجاً للعبدِ من نعتِ الفُجَّارِ إلى صفةِ الأبرار، فالحجُّ ليس له نظيرٌ من العبادات، ولا مُشابهٌ من القُربات، فحسبكم من عبادةٍ مبنيةٍ على الإيمان والإخلاص والتوحيد، مُشتملةٍ على التلبية والخضوع والخشوع والإنابة للوليِّ الحميد، مُحتويةٍ على عقائدَ وإراداتٍ نافعةٍ قلبيةٍ، وعلى أعمالٍ صالحةٍ بدنيةٍ، وعلى أذكارٍ وتضرُّعاتٍ وتلبيةٍ مُتعلِّقةٍ بالقلب واللسان، وعلى نفقاتٍ ماليةٍ وذبحٍ للقُربان، وعلى تركٍ للمألوفات والمحبوبات، التي مَن تركَها لله عوَّضه الله خيراً منها في دار الكرامات، فأنتَ في عبادةٍ من حينِ تخرجُ من بيتك ومقرِّك ومثواك، حتى تصل مُنتهى سيرِكَ ثم تعودُ إلى مُبتداك، فأنتَ في عبادةٍ إن قُمتَ أو قعدتَ أو مشيتَ أو ركبتَ أو استيقظتَ أو نِمْت، أو سرت في سفرك أو أقمت، أو كنت في ذكرٍ أو دُعاءٍ أو صلاةٍ، أو في راحةٍ أو غفلةٍ أو سُباتٍ، ولا فرقَ بين كونك سائراً في الطريق، أو واصلاً إلى البيتِ العتيق، أو في عِشرة الصاحب والملازم والرفيق، فكلُّ ما أنت فيه من جميع أحوالك: فأنت مُتقرِّبٌ به إلى مولاك راجٍ لنواله، ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [التوبة: 120].









فانتهزوا أيها المسلمون هذه الفرصة بأداءِ فريضةِ الحجِّ، وتزوَّدُا بالتطوِّعِ به فإنَّ التطوُّع تُكْمَلُ به الفرائضُ يومَ القيامة.



وفَّقني الله وإياكم ووالدينا وأهلينا للجِدِّ وحُسن القصدِ في طلب رضوانه، وغَمَرَنا بجُودِه وإحسانه، ورزقنا حجَّةً برَّةً مُتقبَّلةً لا رياءَ فيها ولا سُمعة، اللهُمَّ آمين.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.42 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.61%)]