الموضوع: صيد اليمام
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27-11-2020, 06:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,788
الدولة : Egypt
افتراضي صيد اليمام

صيد اليمام


محمد صادق عبدالعال




جمع الكاتب أدوات الصيد وخرج للحقول عازمًا على النَّيل مما تداعى فوق رأسه كتداعي اليمام على البُحيرة العذبة، ولسان حاله يقول: تلك البحيرة وذاك الأخضر، ثم التفت حوله يبحث عن الوجه الحسن فلم يجد إلا صورة وجهه التي بدت جميلة على صفحة الماء الرائقة فقال في زهو:
وأنا الوجه الحسن.

ثم شرَع يُعمل سنَّ القلم في الورق واحدة تلو الأخرى يخطُّ خطوطًا ويقول:
أبدأ بالمقال ففيه الجد والاجتهاد، ومناظرة العباد، والمناقشة والمداوَلة؛ فيسطِّر سطرًا أو سطرين ثم سرعان ما تطيش به الفكرة فتُسلمه إلى هواه، فيخشى أن يُتَّهم بالانحياز لمن يحب فيرفع سن القلم عن الورق فتغيض الفكرة رغم فيض الأحبار، فيَنصرف إلى القصة ويقول معللاً لنفسه:
القصة أفضل وتلك أجواؤها، وإنها الأولى الآن؛ إذ فيها عُنصرا التشويق والإثارة، علاوة عن ومضتها الجذابة التي تَبهر القراء، حلَّق في عوالم الطبيعة واستجدى الشمس العازمة على الرحيل والسحب والشجر والماء فأعرضوا عنه.

وقبل أن يتسرَّب اليأس إلى أنامله النَّشِطة قال:
فلتكن الخاطرة، فهي كالقاطرة نادرًا ما تأتي، سريعًا ما تذهب، إذا لم تجد مَن يُجيد التعامل معها والقنص لها، فاستجداها فما استجابت ولا قالت له: "هيت لك"!

تمكَّن الذي كان يخشاه منه، فألقى الأوراق وفيها بقية مما خطَّت يمينه، بدأت تتطاير لتستقرَّ على صفحة البحيرة فيُمحى ما بها من سطور غير آسف عليها، وأما القلم فدكَّه في الطين دكًّا دكًّا، وراح يضرب في الأرض حيرانَ له أفكار تدعوه لصيدها ثم سرعان ما تذهب عنه وتفرُّ فرارًا.

أشاح بوجهه عمَّن كان يَستجديهم فإذا بصياد اليمام من بعيد يجهز أداة صيده استعدادًا لمرور السرب الغادي فيصوِّب ناظره على آخر يمامة تخلَّفت وتأخرت عن أترابها، فيجعلها هدفه فتقع في جعبة رزقه المقسوم بإذن ربه.
ابتسم الكاتب وقال: قد أفلح الصياد.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.02 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.01%)]