عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 13-12-2020, 06:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,220
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ثمرات الإيمان بالله في الحياة الدنيا



عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ مِنْ عِبَادِ الله عِبَاداً لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ، يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ". قِيلَ: مَنْ هُمْ؟، لَعَلَّنا نُحِبُّهُمْ، قَالَ: "هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِنُورِ الله مِنْ غَيْرِ أَرْحَامٍ وَلاَ أَنْسَابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ، عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، لاَ يَخَافُونَ إذَا خَافَ النَّاسُ، وَلا، يَحْزَنُونَ إذَا حَزِنَ النَّاسُ. ثُمَّ قَرأ: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [يونس: 62]. »[7].







الثمرة الرابعة: الرزق الطيب:



في زمان يشتكي كثير من الناس الغلاء وارتفاع الأسعار و قلة البركة و لو تأملنا ما نحن فيه لوجدنا أن ذلك بسبب ذنوبنا وأننا ابتعدنا عن شجرة الإيمان قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96] يقول الإمام الشوكاني - رحمه الله تعالى -: ﴿ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96] أي: يسرنا لهم خير السماء والأرض كما يحصل التيسير للأبواب المغلقة بفتح أبوابها، قيل المراد بخير السماء: المطر، وخير الأرض النبات، والأولى حمل ما في الآية على ما هو أعم من ذلك..."[8].







الثمرة الخامسة: العزة:



قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8].



الاعتقاد الجازم والإيمان اليقينيُّ بأنَّ الله تعالى هو العزيز الذي لا يَغْلِبه شيء، وأنَّه هو مصدر العِزَّة وواهبها. قال تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26]، فلا نصر إلَّا به، ولا استئناس إلَّا معه، ولا نجاح إلَّا بتوفيقه.







قال ابن القيِّم: (العِزَّة والعُلُوُّ إنَّما هما لأهل الإيمان الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وهو عِلمٌ وعملٌ وحالٌ، قال تعالى: ﴿ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139]، فللعبد من العُلُوِّ بحسب ما معه من الإيمان، وقال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8]، فله من العِزَّة بحسب ما معه من الإيمان وحقائقه، فإذا فاته حظٌّ من العُلُوِّ والعِزَّة، ففي مُقَابَلة ما فاته من حقائق الإيمان، علمًا وعملًا، ظاهرًا وباطنًا) [9].







عن طارق بن شهاب رضي الله عنه، قال: "خرج عمرُ بن الخطاب إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجراح، فأتوا على مخاضة، وعمر على ناقة له، فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، أنت تفعل هذا؛ تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة؟ ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك، فقال عمر: أوه، لو يقول ذا غيرُك أبا عبيدة جعلته نكالًا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ إنا كنا أذلَّ قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله"[10].







دخَل إبراهيم باشا بن محمد علي حاكم مصر المسجدَ الأموي في وقت كان فيه عالم الشام الشيخ سعيد الحلبي يُلقي درسًا في المصلين، ومر إبراهيم باشا من جانب الشيخ، وكان مادًّا رِجله، فلم يحركها، ولم يبدل جلسته، فاستاء إبراهيم باشا، واغتاظ غيظًا شديدًا، وخرج من المسجد، وقد أضمر في نفسه شرًّا بالشيخ، وما أن وصل قصره حتى حف به المنافقون من كل جانب، يزيِّنون له الفتك بالشيخ الذي تحدى جبروتَه وسلطانه، وما زالوا يؤلِّبونه حتى أمر بإحضار الشيخ مكبَّلًا بالسلاسل، وما كاد الجند يتحركون لجلب الشيخ حتى عاد إبراهيم باشا فغيَّر رأيه؛ فقد كان يعلم أن أي إساءة للشيخ ستفتح له أبوابًا من المشاكل لا قِبَل له بإغلاقها، وهداه تفكيره إلى طريقة أخرى ينتقم بها من الشيخ، طريقة الإغراء بالمال، فإذا قبِله الشيخ ضمن ولاءه، وسقطت هيبته في نفوس المسلمين، فلا يبقى له تأثيرٌ عليهم، وأسرع إبراهيم باشا فأرسل إلى الشيخ ألف ليرة ذهبية، وهو مبلغ يسيل له اللعاب في تلك الأيام، وطلب مِن وزيره أن يعطيَ المال للشيخ على مرأى ومسمع مِن تلامذته ومريديه، وانطلق الوزير بالمال إلى المسجد، واقترب مِن الشيخ وهو يلقي درسه، فألقى السلام، وقال للشيخ بصوت عالٍ سمعه كل مَن حول الشيخ: هذه ألف ليرة ذهبية يرى مولانا الباشا أن تستعين بها على أمرك، ونظر الشيخ نظرة إشفاق نحو الوزير، وقال له بهدوء وسكينة: يا بني، عُدْ بنقود سيدك ورُدَّها إليه، وقل له: (إن الذي يمد رِجْله، لا يمد يده)[11].



أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم.







الخطبة الثانية



الحمد لله رب العالمين... اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام....







أما بعد:



الثمرة السادسة النصر على الأعداء:



هلا سألتم أنفسكم عباد الله عن سبب هزيمتنا وتسلط الأعداء علينا؟



الجواب في ابسط عبارة: أننا لم نحقق الإيمان لم نحقق شرط النصر والتمكين، لهثنا خلف الغرب ومغرياته وخذلنا الحق وأوليائه فسلط الله عينا كلاب الأرض.



أننا لما حققنا الإيمان سخر الله لنا السباع ولما ضعف إيماننا خفنا من الجرذان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.







قال تعالى: ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47].



فالنصر على الأعداء والظفر بهم من أهم ثمرات الإيمان في الدنيا، فما أهم هذه الثمرة وأحوجنا إليها اليوم ونحن نعيش في مرحلة من الهزيمة والذل لم تعهدها أمة الإسلام نسأل الله السلامة والعافية، وهذا النصر والظفر وعد من الذي لا يخلف الميعاد كما قال الشوكاني -رحمه الله -: "هذا إخبار من الله سبحانه بأن نصره لعباده المؤمنين حق عليه، وهو صادق الوعد لا يخلف الميعاد، وفيه تشريف للمؤمنين، ومزيد تكرمة لعباده الصالحين"[12].







ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51] فهي بشارة لأهل الإيمان بالنصر على الأعداء، وقال سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7].







ملكنا هذه الدنيا قرونا

وأخضعها جدودٌ خالدونا



وسطَّرنا صحائف من ضياء

فما نسي الزمان ولا نسينا



حمَلناها سيوفا لامعاتٍ

غداةُ الروع تأبى أن تلينا



إذا خرجت من الأغماد يوما

رأيت الهول والفتح المبينا



وكنا حين يأخذنا وليٌّ

بطغيان ندوس له الجبينا



وكنا حين يرمينا أناس

نؤدبهم أُباةً صابرينا



وما فتئ الزمان يدور حتى

مضى بالمجد قوم آخرونا



وأصبح لا يُرى في الركب قومي

وقد عاشوا أئمته سنينا










يقول ابن الأثير:" فلما استوثقت الروم لنقفور كتب إلى الرشيد: "من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب، أما بعد: فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ، وأقامت نفسها مقام البيدق، فحملت إليك من أموالها ما كانت حقيقا بحمل أضعافها إليها، لكن ذلك ضعف النساء وحمقهن فإذا قرأت كتابي هذا فاردد ما حصل لك من أموالها، وافتد نفسك به من المصادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك.







فلما قرا الرشيد الكتاب استفزه الغضب، حتى لم يقدر أحد أن ينظر إليه دون أن يخاطبه، وتفرق جلساؤه، فدعا بداوة، وكتب على ظهر الكتاب: "بسم الله الرحمن الرحيم" من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، لقد قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تراه دون ما تسمعه، والسلام". ثم سار من يومه حتى نزل هرقلة ففتح وغنم واحرق وخرب، فسأله نقفور المصالحة على خراج يحمله كل سنة فأجابه إلى ذلك. فلما قفل راجعا بلغه أن نقفور نقض العهد فكر الرشيد راجعا إليه وأقام في بلاده حتى شفى نفسه منهم، ولم يبرح حتى رضي وبلغ ما أراد[13].







عباد الله!



﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].



فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.







[1] [فتح القدير للشوكاني، ج: 5/ 231].



[2] أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1/ 112، رقم 300).



[3] ما هي الحياة الطيبة؟: http:/ / www.alukah.net/ sharia/ 0/ 102713/



[4] تاريخ الإسلام للإمام الذهبي (12/ 232).



[5] الوابل الصيب (ص: 67).



[6] قطوف وكلمات (ص: 16).



[7] إسناده صحيح، وهو في صحيح ابن حبان برقم (573).



[8] تفسير فتح القدير ـ (2/ 228).



[9] إغاثة اللهفان (2/ 181).



[10] الحاكم في المستدرك (1: 62) وصححه ووافقه الذهبي.



[11] موسوعة القصص المنبرية للشيخ السيد مراد سلامة.



[12] تفسير فتح القدير ـ (4/ 230).



[13] العبر في خبر من غبر (ص: 55) تاريخ الطبري (6/ 501) الكامل في التاريخ (25/ 57).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.74 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.83%)]