عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-01-2021, 04:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,450
الدولة : Egypt
افتراضي اسم التفضيل وخطأ في استعماله

اسم التفضيل وخطأ في استعماله:

هُوَ خَيْرٌ [1]مِنْهُ لاَ أَخْيَرُ، وشَرٌّ مِنْهُ لاَ أَشَرُّ


محمد تبركان

ويقولون: فلانٌ أَشَرُّ مِن فلانٍ، والصّوابُ أن يقالَ: هو شَرٌّ مِن فلانٍ بغير ألف، كما قال اللّه تعالى: ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ ﴾[2] وعليه قولُ الرّاجز[3]:
إِنَّ بَنِي لَيْسَ فِيهِم بَرُّ
وأُمُّهُم مِثلُهُم أو شَرُّ
إَذَا رَأَوْهَا نَبَحَتْنِي هَرُّوا

وكذلك يقال: فلانٌ خَيْرٌ مِن فلانٍ بحذف الهمزة، لأنّ هاتين اللّفظتين كثُرَ استعمالُهما[4] في الكلام، فحُذفتْ همزتُهما للتّخفيف[5]، ولم يلفظوا بهما إلاّ في فعل التّعجُّب خاصّة، كما صحّحوا فيه المعتلّ فقالوا: ما أخير زيدًا وما أشرَّ عَمرًا، كما قالوا: ما أقْوَلَ زيدًا!. وكذلك أُثبِتَتِ الهمزة في لفظ الأمر فقالوا: أَخْيِرْ بزيدٍ، وأَشْرِرْ بعَمرٍو، كما قالوا: أَقْوِلْ به؛ والعِلّة في إثباتها في فعلَيّْ التّعجُّب والأمر؛ أنّ استعمال هاتين اللّفظتين اسمًا أكثرُ من استعمالِهما فِعلاً، فحُذِفَتْ في موضع الكثرة، وبقيت على أصلها في موضع القِلّة، فأمّا قراءة أبي قلابة: ﴿ سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ ﴾[6] فقد لُحِّنَ فيها، ولم يُطابِقْهُ أحدٌ عليها )[7].

وأكثرُ من لاكَتْ ألسنتُهم هذا الغلط، حتّى راقَ لهم ذلك، في مصنّفاتهم، نثرًا وشعرًا، الموّلّدون، ومَن حذا حذوهم من الخلف، وإنّ تتبُّع مقالاتِهم، فيه هدرٌ للزّمَن (العُمْر) فيما لا يُجدي، وليس يَخفى على البصير محلّهم من الإعراب من حيث الاحتجاجُ بملفوظ ألسنتهم شعرًا ونثرًا.

وهذا الّذي نبّهنا وأرشدنا إليه هو مَقُولُ العرب، والمختارُ عند الجماهير من أئمّة اللّغة وأرباب البيان؛ ومِن ثَمَّ جاءَ هذا الإيقاظ؛ صيانة للّسان من شَطَطِ القَول، ودَرْأً للقَلْم مِن زَيْغِ الرَّسْم.

ولك أن تطالع شيئًا من مَنقول كلام علماء العربية فيما يلي:
1- قال في المزهر (ص182 - 183): (ويقال: هو أخيرُ منه في لغةٍ رديئةٍ والشّائعُ خيرٌ منه بلا همز ولا يقالُ: أشرُّ النّاس إلاّ في لغة رديئةٍ). وقال في(ص243): (وممّا لا يُهمَز والعامّة تهمزه: وخيرُ النّاس وشرُّ النّاس).

2- قال في اللّسان (4 /264ع1-2): " وهو خَيْرٌ منك وأَخْيَرُ = وقال اللّه تعالى: ﴿ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ﴾؛ قال الأخفش: إنّه لمّا وَصَفَ به؛ وقيل: فلانٌ خَيْرٌ، أشبه الصّفات فأدخلوا فيه الهاء للمؤنّث ولم يريدوا به أفعل.

فإن أردتَ معنى التّفضيل قلتَ: فلانةُ خَيْرُ النّاسِ ولم تقل خَيْرَةُ، وفلانٌ خَيْرُ النّاس ولم تقل أَخْيَرُ، لا يُثنى ولا يُجمع لأنّه في معنى أفعل...".

وقال في (4 /400ع 1-2): " وهو شَرُّ منك، ولا يُقال أَشَرُّ، حذفوه لكثرة استعمالهم إيّاه، وقد حكاه بعضُهم. ويقال: هو شَرُّهم وهي شَرُّهُنّ ولا يقال هو أشَرّهم؛ وهو شَرُّ النّاس؛ وفلان شَرُّ الثّلاثة وشرُّ الاثنين. وفي الحديث: ولد الزّنا شَرُّ الثلاثة..

3- المغرب (1 /438): " شرر: قوله: (أسوأُ الطَّلاق وأَشَرُّه) الصّوابُ: وشَرُّه، يقال هذا خيرٌ من ذاك، وذاك شرٌّ من هذا، وأمّا أخيرُ وأشرُّ فقياسٌ متروكٌ ".

4- أدب الكاتب (ص286 - 287): " باب ما لا يُهمَز والعوامُّ تَهمزه" وفلانٌ خيرُ النّاس وشَرُّ النّاس ولا يُقال: أخير ولا أشرّ ".

5- الصّحاح (2 /652 خير): "فإن أردتَ معنى التّفضيل قلت: فلانةُ خيرُ النّاس ولم تقل: خَيْرَةُ، وفلانٌ خيرُ النّاس ولم تقل: أَخْيَرُ. لا يُثنّى ولا يُجمَع، لأنّه في معنى أفعلَ. وأمّا قول الشاعر سَبْرَة بن عَمرو الأسديّ يَرثي عَمرو ابن مسعود وخالد بن نَضْلة: (الطويل)
أَلاَ بَكَرَ النَّاعِي بخَيْرَي بَنِي أَسَدْ
بعَمْرِو بنِ مَسْعُودٍ وبالسَّيِّدِ الصَّمَدْ



فإنّما ثناه لأنّه أراد: خَيِّرَي فخفّفه، مثل ميِّت ومَيْت، وهَيِّن وهَيْن ".
وقال في (2 /695 شرر): " وفلان شرّ النّاس، ولا يقال أشرُّ النّاس إلاّ في لغة رديئة ".

6- إصلاح المنطق (1 /307): "وتقول: فلانٌ خيرُ النّاس وفلانٌ شرٌّ النّاس ولا تقل: أخير النّاس ولا أشرّ النّاس ".

7- إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم (ص234 سورة الفلق): " فإن قال قائلٌ: جميعُ ما في كلام العرب أَفْعَلُ مِن كذا في معنى التّفاضُل يَجيءُ بالألف نحو قولِكَ زيدٌ أفضلُ مِن عَمرٍو وزيدٌ أَكْتَبُ مِن خالدٍ إلاّ في خَيْرٍ وشَرٍّ فإنّهم قالوا: زيدٌ خَيْرٌ مِن عَمرٍو، وشَرٌّ مِن عَمرٍو، ولم يقولوا: أَخْيَرُ، ولا أَشَرُّ، فلِمَ أسقطُوا الألف مِن هذين؟. فَقُلْ لِعِلَّتَيْنِ: إحداهُما أنّ خَيْرًا وشَرًّا كَثُرَ استعمالُهما فحُذِفَتْ ألفُهُما وقال الأخفش: جميعُ ما يُقال فيه أَفْعَلَ مِن كذا لا يَنصرِفُ إلاّ خَيْرًا وشَرًّا فإنّهما يَنصرفان فحُذفِتْ ألفُهما إذْ فارقا نَظائرَهما ".

8- تاج العروس (12 /154): " يقال: هو شرٌّ منك، ولا يقال: هو أَشَرُّ منك، قليلة أو رديئة، القول الأوّل نَسَبَهُ الفَيُّوميّ إلى بني عامر، قال: وقُريءَ في الشّاذّ: ﴿ مَنِ الْكَذَّابُ الأَشَرُّ ﴾ على هذه اللّغة..".


9- معجم القواعد العربيّة (ص249 باب الخاء): " خَيْر وشَرّ: يأتي هذا اللّفظُ اسم تفضيل على وزن (أَفْعَل) لكثرة الاستعمال نحو: العِلْمُ خَيْرٌ من المال. وهذا هو الأكثر، وقد يُستعمل قليلاً على وزن (أَفْعَل) أي (أَخْيَر) ومثله (أَشَرّ) ".

وقال في (ص31 باب الهمزة): " اسمُ التّفضيل وعملُه: وقد حُذفت همزة (أَفْعَل) من ثلاثة ألفاظ هي: (خير وشرّ وحَبّ) لكثرة الاستعمال نحو: هو خير منه، والظالم شَرُّ النّاس، وقد جاءت (خَيْرٌ وشَرٌّ) على الأصل (أَخْيَر وأَشَرّ) قال رُؤبة: بلالٌ خَيْرُ النّاسِ وابنُ الأَخْيَرِ وقرأَ أبو قلابة: ﴿ سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الكَذَّابُ الأَشَرُّ ﴾ (الآية 26 من سورة القمر 54)".
ولنستعرضِ الآن شيئا من كلام العرب في توظيف هاتين الكلمتين (خير) و(شرّ) من غير تحليتهما بالألف.

فممّا قيل في (الشرّ):
عَمرو بن كلثوم[8]:
وما شرُّ الثلاثة أمّ عَمرو
بصاحبك الذي لا تَصحبينا



1- لبيد بن ربيعة[9]:
فاقطعْ لُبانةَ مَن تَعرَّضَ وَصْلُه
ولَشَرُّ واصِلِ خَلَّةٍ صَرَّامُها



2- عروة بن الورد[10]:
دَعِينِي[11] للغِنَى أسعَى فإنِّي
رأيتُ النّاسَ شَرُّهم الفقيرُ



3- السّموأل[12]:
وكتيبةٍ أدنيتُها لِكتيبةٍ
ومُضاغِنٍ صَبَّحْتُ شَرَّ صَباحِ



4- زهير[13]:
وإمّا أن يقولوا: قد أبينا
فشرُّ مَواطِنِ الحَسَبِ الِإباءُ



5- زهير[14]:
تَعلَّمْ أنّ شرَّ النّاس حيٌّ
يُنادَى في شعارهم يَسارُ

ولولا عَسْبُه لَرَدَدْتُمُوه
وشرُّ مَنيحةٍ عَسْبٌ مُعارُ
يتبع






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.73 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.48%)]