عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 25-01-2006, 11:52 AM
sulaiman sulaiman غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: jordan
الجنس :
المشاركات: 1
افتراضي



أما دعاك الشوق إلى مناجاة الملك؟! قم لنفسك وخذ مكاناً!!

ذكر السقطي، رحمه الله، أنه اشترى جارية بعشرة دنانير، من سوق النخاسين، وحين ذهب بها إلى البيت، عرض عليها الطعام، وكان الوقت نهاراً، فقالت له: والله، يا سيدي، ما رأيت أحداً في دارنا أكل نهاراً قط.
قال: فتركتها، فلما كان العشاء، جئتها بطعام، فأكلت منه قليلاً.. ثم قالت: يا مولاي بقيت لك خدمة؟ قال لها: لا، فقالت: دعني لخدمة مولاي الأكبر..قلت: إي وكرامة.. فانصرفت إلى بيت تصلي فيه.. وأنا صليت العشاء الآخرة، ورقدت... فلما مضى من الليل الثلث ضربت الباب علي، فقلت لها: ماذا تريدين؟ قالت: يا مولاي، أما لك حظ من الليل؟! قلت: لا، فمضت. فلما انتصف الليل، ضربت علي الباب، وقالت: يا مولاي، قام المتهجدون إلى وردهم.. فقلت لها: يا جارية، أنا بالليل خشبة، وبالنهار جلبة. (أي، لا تتعبي نفسك، فأنا متحرك بالنهار، ساكن بالليل سكون الخشبة، كما هي حال الكثيرين منا في هذه الأيام، نملأ النهار حركة وجلبة، ونركن إلى فراشنا متعبين.. لا نقوى على تهجد أو قيام...).
ولما كان الثلث الأخير من الليل، ضربت الباب ضرباً عنيفاً..( فهي لا تقوى على رؤية مسلم ينام وقت المناجاة، فضربت الباب بعنف، حتى توقظ وجدانه، وتحرك إيمانه، وتبعث شيئاً من أشواقه).. وقالت: أما دعاك الشوق إلى مناجاة الملك.. قم لنفسك وخذ مكاناً فقد سبقك الخدام..
نعم، قم لنفسك، وخذ مكاناً..
فبهذا القيام تستقيم أعمالك، وتعلو همتك، وتزكو نفسك، ويطمئن قلبك، ويهدأ بالك، وتعلو صفاتك، وترتقي حياتك، وتسمو أهدافك.. وتنشط في العبادة والطاعة جوارحك، وتسبح في الآفاق الربانية روحك..
أما دعاك الشوق لمناجاة الملك..؟
! ما كان منه بعد هذا البيان البليغ، والكلام الشديد، الذي يحمل حرقة السائرين، وبلاغة المخبتين، إلا أن قام، ونفض عنه غبار الغفلة، وهيج فيه خاطراً، فأسبغ الوضوء، وركع ركعات، ما ترك بعدها هذه الركعات، فقد ذاق طعم المناجاة، ولذة القرب، فقال:.. ثم تحسست مكانها، فوجدتها ساجدة وهي تقول: بحبك لي إلا غفرت لي. فقلت لها: يا جارية، ومن أين علمت أنه يحبك؟ قالت: لولا محبته ما أنامك وأقامني. فقلت لها: اذهبي، فأنت حرة لوجه الله العظيم.فقالت وهي تتلقى البشرى من مولاها الأصغر: «هذا العتق الأصغر بقي العتق الأكبر».
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 13.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 12.76 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (4.61%)]