عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-04-2021, 04:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,210
الدولة : Egypt
افتراضي داء الألقاب (قصة رمزية)

داء الألقاب (قصة رمزية)


ربيع شملال بن حسين




نظر الغراب من قفصه إلى القفص الذي أمامه، فرأى أسدًا يتبختر في مِشيته ذَهابًا وجَيئة، ففرح بمُجاورة الأسد، واعتبرها مفخرة له، وفكَّر في عَقد صداقة معه، ولم يكن يعلَم المسكينُ أنَّ الأسد مُصاب بداء الألقاب، وهو داء خبيث يُقسي ويُطغي ويُردي، وينفخ المتلبِّس به حتى يجعله ككُرة المنطاد، فلا هو حيوانٌ ولا هو غير ذلك.

افترَّ الغرابُ - بعفويَّة تامَّة - عن ابتسامة صادقة، وحيَّا الأسد قائلًا:
صباحُ الخير أيُّها الأسد الجميل.
ولقد أجاد في وصفه، وأبلغ في مجاملته، وكان ذلك سيفرح الأسد - لو لم يكن مُصابًا بالداء الذي أخبرتُك عنه - ولكن حدث عكسُ ذلك؛ إذ غلبَت أعراض الدَّاء على الأسد المغرور، فخنقَته، ومنعته من ردِّ التحيَّة، وسكن في مكانه، وقلَّب عينيه، ثم لوَى عنقه ناحية الصوت بامتعاض، وغضِبَ غضبتين؛ الأولى: لأنَّ الغراب لم يتوِّج اسمه بتاج الملْك، والثانية: لأنَّ الغراب - إي والله، الغراب الأحمق - نفْسَه وصفَه بالجمال! ثمَّ زأر وقال:
كيف سوَّلَت لك نفسك أيُّها السفيه أن ترغب عن تحليتي بلقب الملك؟! أجهلتَ قدرك أم سَفِهتَ نفسك؟! وأراك ذهَبَتْ بك الجُرأة مذهبًا خاسرًا حين وصَفْتَني بوصف الجمال وهو مقزز، واستنكفتَ عن وصفي بالقوَّة والشجاعة والمهابة التي تعوَّدتم في الغابة توقيري بها، وأنتم أذلَّة صاغرون!

فلمَّا سمع الغراب ما سمع، أدرك أنَّ الأسد مصاب بالمرض القديم، فبلع ابتسامته الوردية الصادقة، وافترَّ عن أخرى صفراء ساخرة، ثمَّ نعق وقال:
صدقتَ أيها السَّجين؛ لكل مقام مقال، ولكل محلٍّ تحلُّ به لقبٌ يليق به، ففي دولتك التي تسمى الغابة؛ أنت ملك وسيِّد وسلطان، وما شئتَ من الألقاب والأوسمة والنياشين، أمَّا في حديقة الحيوانات فلست سوى: رسمٍ جميل في إطار، تتسلَّى بك الأنظار!


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.42 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.91%)]