غضبان في رمضان
نانسي خلف
إنه السيد غضبان، الذي أخَذ العهدَ على زيارة البيوت في رمضان؛ فإذا جلس السيد غضبان إلى مائدة رمضان، تعهَّد أن يُعكِّر على الجميع صفوَ الصيام، وطارت فرحةُ الصائمين في هذه الأيام.
وعند الإفطار يترأس هو الطاولة، وأول ما يبدأ به هو هندسة الصحون: (ليه الصحن محطوط هيك.. مين حطو هيك.. كم مرة بدي قلكن ما هيك بحطو الصحون؟!).
والطَّامَّة الكبرى إذا لم يعجبه الطعام بعد النهار الطويل في الصيام: (حاطه ملح كمان.. بدك تعليلي ضغطي)!
فيشعر الحاضرون وكأنهم أبطال في مسلسل "مؤامرة في رمضان".
وعوضًا عن أن يكون رمضان شهر الفرح، أصبح رمضان شهر الدِّراما، والقصف الكلامي، والهجوم العدواني؛ فلا يسلم أحد من السيد غضبان.
ولكن يا ليته يتخلى عن اختصاص هندسة الصحون، ليُكلِّمنا عن هندسة القلوب في رمضان.
قُرَّاءنا الكرام، رمضان هو هو ولو حاولنا تغييره، رمضان هو الراحة النفسية، والطمأنينة الداخلية، وبيدِنا القرار، وعلينا مسؤولية الاختيار: إما أن نستمتع برمضان منشط القلوب، وباعث الفرح في النفوس، أو نضيع الفرصة بكلمة من هنا وانتقاد من هناك.
بينما رمضان هو الوقت المناسب لتحقيق المكاسب، ولو أنها معادلة صعبة عند السيد غضبان في رمضان؛ ولكنها ليست بالمستحيلة.
وحتى لا تزيد ضربات القلب، ولا يغلي الدم في العروق؛ لا بد من إجراء عملية جراحية للجسم نستأصل فيها شرارة الغضب، ونُرمِّمُ الخلايا العصبية الزائدة في شهر الهدوء والطمأنينة والسكينة.
والموعد المناسب لهذه العملية هو الآن، في شهر رمضان، وعلى يد كبار الأطباء، وهم: الصيام والقيام والتراويح وتلاوة القرآن.
فهلموا إلى المهدئ الرباني "رمضان".
وإلى أن ألقاكم، أترككم بعافيةٍ وسلامة من نوبات الغضب، إلا الغضب لله وفي الله.