عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21-05-2021, 04:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,315
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المشترك اللفظي عند القدماء والمحدثين



2- تغيير النطق عن طريق القلب المكاني، كما يمثله كراع، هو:
استعمال المادتين "دام ودمى"، حكى كراع أن "دام" في باب استفعال: استدام، ويستعمل بمعنى استدمى.
فِعل خَطا وخَاط، وبقلب "خطا" إلى "خاط"، صارت الكلمة الأخيرة من المشترك اللفظي.

3- تغيير النطق عن طريق الإبدال سبَّب تكوين كلمات كثيرة من المشترك اللفظي، ومن أمثلته:
أ- الكلمتان حنك وحلك، عن طريق إبدال اللام نونًا صارتا كلمة واحدة بمعنيين مختلفين.
ب- الكلمتان آلة وحالة أيضًا.
4- التغيير المقصود للمعنى، عندما يراد إدخال كلمةٍ ما لغةَ المتخصصين، فتصبح مصطلحًا علميًّا.
5- التغيير التلقائي للمعنى، فيحدث حين توجد علاقة بين المعنيين، فإذا كانت العلاقة بين المعنيين هي المشابهةَ، كان المعنى الجديد استعارةً، وإلا كان مجازًا مرسَلاً؛ مثل: بشرة، تعني جلد الإنسان حقيقيًّا، وبمعنى النبات استعاريًّا؛ لعلاقة المشابهة، أو الكلمة (بعصوصة) بمعنى دويْبَة صغيرة لها بريق من بياضها حقيقيًّا، وتطلق على الصبي لصغر خلقه وضعفه مستعارًا، كما قال كراع.

وأمثال للمجاز، وهي:
أ- توسيع المعنى، مثل كلمة ساق.
ب- تضييق المعنى، مثل كلمة المأتم.
ت- السببية، مثل كلمة الإثم.
ث- إطلاق اسم الجزء على الكل، مثل كلمة اللسان.
ج- إعطاء الشيء اسم مكانه، كلمة الراوية، كانت بمعنى الجمل الذي يحمل قربة الماء، ثم أصبحت تعني القربة نفسها.

أسباب المشترك اللفظي عند المحدثين:
لا تختلف أسباب المشترك اللَّفظي كثيرًا عند المحدثين كما سبق ذكرُه عند القدماء، ولكن يضاف أنَّ من أسبابه حدوث تطوُّر صوتي يؤدِّي إلى تطابق لفظين، نحو: bird الإنجليزية، كانت تعني قديما: الطَّائر صغير السّنّ، أمَّا الآن فهي تُطْلق على أيّ طائر.

و Boycottكانت اسمًا لمالك أرض إيرلندي (1832-1897) أساء معاملة المستأْجِرين فقاطعوه، وقد أصبح اسمُه يطلق فيما بعدُ على المقاطعة، أو رفْض القيام بعمل كنوع من الاعتِراض.

ويذكر إبراهيم أنيس أسبابًاأُخرى،مثل:
سوء فهم المعنى، وبخاصَّة من الأطفال.
والاقتراض من اللغات الأجنبيَّة، فقد يحدث أن تطابق الكلمة المقترضة كلِمة كانت موجودة في اللغة من قبل فتكون معها مشتركًا لفظيًّا.
حدوث تطوّر في معاني الكلمات على مستوى اللَّهجات.

يقارن الدكتور عبدالكريم مجاهد في كتابه "الدلالة اللغوية عند العرب" بين المشترك اللفظي عند العرب والمشترك اللفظي عند الغربيِّين، ويخلص من مقارنتِه إلى أنَّ هناك نقطة التِقاء بيْننا وبينهم ونقطة افتراق، وفي الوقت نفسه يلمّح إلى المنهج الَّذي اتبعه العرب في دراسة المشترك اللفظي، والمنهج الَّذي اتبعه الغربيُّون، وموقف اللغويين المحدثين من ذلك، فيقول: "ويبدو أنَّ الغربيِّين في دراستهم للاشتراك يفصلون بين مصطلحين، هما: Polysemy ويعني: تعدّد المعنى للكلمة، وهذا أقرب لمعنى المشترك في العربيَّة، والثاني: Homonymy هو مجموعة من الكلِمات لا علاقة بينها سوى اتّفاقها في الصيغة أو الشَّكل، وهو أقرب إلى الجناس التَّام عندنا.

الفرق بين المشترك اللفظي (الهومونيمي) Homonymy وبين تعدّد المعنى (البوليزيمي) Polysimie: كلاهما يقوم على مبدأ الاشتراك، غير أنَّ تعدّد المعنى يشير إلى كلِمة واحدة لها أكثر من مدلول، نحو كلمة "عمليَّة" أو "عين"، في حين أنَّ المشترك اللفظي يدلّ على اتفاق في اللفظ مشافهة أو خطًّا أو كليهِما معًا.

ومن المعايير التي ذكرها أحمد مختار عمر للتَّمييز بينهما:
أ- إذا كانت كلمات المشترك اللفظي تَملك النطق نفسه ولكن بهجاء مختلف، مثل (hir مع heir، و reed مع read… فإنَّ اختلاف الهجاء كافٍ بِجَعل الكلِمات من المشترك اللَّفظي، مع أنَّ بعض اللُّغويِّين اعترضَ على ذلك بالمثال (flower وflour)، وهُما يَختلفان معنًى وهجاء وأصلُهما واحد.


ب- أمَّا إذا كانت الكلِمة تَملك نفس النطق والهِجاء وتتعدَّد معانيها، فينبغي اللُّجوء إلى المعيار الدلالي، فإذا وجدتْ علاقة مشابهة بين المعنَيين فهما لكلمة واحدة تطوَّرتْ على سبيل المجاز، مثل كلمة "البشرة" و"بعصوصة"، وهكذا يتَّضح أنَّ الفرق بيْنهما هو بين وجود كلِمة واحدة - في تعدّد المعنى - تطوّر معناها عن طريق الاستعمال أو المجاز حتَّى صار لها معْنَيان أو أكثر من جهة، ووجود كلِمَتين أو أكثر من أصول مختلفة تلاقت في النطق أو الكتابة أو في كليهما معًا، فظهر من ذلك اتّفاق ظاهر في الصيغة من جهة أخرى.

ويتَّضح هذا الفرق أكثر لدى علماء المعاجم، حيثُ يفصلون بيْنهما بوضع متعدّد المعنى في مدخل معْجمي واحد؛ لأنَّه مادَّة واحدة أصلا، ووضْع المشترك اللفظي في مداخل متعدِّدة لأنَّ موادَّه متعددة.

ج- والسياق هو الَّذي يعيِّن أحد المعاني المشتركة للَّفظ الواحد، وهذا السّياق لا يقوم على كلِمة تنفرد وحْدَها في الذِّهن، وإنَّما يقوم على تركيب يوجد الارتباط بين أجزاء الجملة، فيخلع على اللَّفظ المعنى المناسب، ويُمكن التَّفريق بيْنهما أيضًا بالبحث عن المعنى المرْكزي أو لبِّ المعنى، وحيث تكون الكلِمة من (تعدّد المعنى)، فإنَّه من الطَّبيعي أن يكون لها عددٌ من المترادفات، كلّ منها يماثل واحدًا من معانيها، مثل "الغروب" في الأبيات.

الخليل بن أحمد كما روى السيوطي، ثلاث مرَّات على قافية واحدة، يستوي لفظها ويختلف معناها (توفيق محمد شاهين،320:1980):
يَا وَيْحَ قَلْبِي مِنْ دَوَاعِي الهَوَى
إِذْ رَحَلَ الجِيرَانُ عِنْدَ الغُرُوبْ



أَتْبَعْتُهُمْ طَرْفِي وَقَدْ أَزْمَعُوا
وَدَمْعُ عَيْنَيَّ كَفَيْضِ الغُرُوبْ



بَانُوا وَفِيهِمْ طِفْلَةٌ حُرَّةٌ
تَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ أَقَاحِي الغُرُوبْ


وليس متعذّرًا أن يفهم من وحْي السياق أنَّ الغروب الأوَّل: غروب الشَّمس، والثاني: جمع غَرْب، وهو الدلْو العظيمة المملوءة، والثَّالث: جمع غَرْب، وهو الوهاد المنخفضة.

أنواعالمشترك اللفظي عند المحدثين:
نظر المحدثون في المشترك اللفظي، وجعلوه أربعة أنواع:
1- أن يوجد معنى مركزي للفظ ترتبط به عدَّة معان فرعيَّة أو هامشيَّة، وسيتَّضح أكثر المعنى المرْكزي والمعنى الهامشي في تناوُلِنا للحقول الدّلاليَّة، وبإيجاز الكلمة: المعنى المركزي هو الكلمة الَّتي يُمكن أن تندرج تحت معناها كلمات أخرى لها معانٍ جزئيَّة أو هامشيَّة، نحو كلِمة هلال:
رأيتُ هلال الليلة.
فلان لا يبصِر هلال حذائه، ولا يقطع هلال أصابعه، فالمعنى المركزي هو (الهلال) بشكْلِه المعروف، والبقيَّة ذوات معان هامشيَّة.

وذهب أحمد مختار عمر في توضيحه عن Nida في كتابه Componential Analysis of Meaning أمثلة بالعبارات الإنجليزيَّة.

2- أن يتعدَّد المعنى نتيجة لاستِعْمال اللَّفظ في مواقف مختلفة، وهو قريب من السَّابق، ويسمَّى أيضًا (تغْييرات الاستعمال)، مثل كلمة : الصَّرف، ويُمكن تمثيل هذه الكلِمة في الجمل الآتية:
يهتمّ طلبتُنا بعلم النحو، ويزْهدون في دراسة الصَّرف.
تهتمّ الهيئات البلديَّة بالصَّرف كثيرًا، في برنامج هذه السنة.
الرَّي والصرف موضوعان أساسيَّان في (الهيدروليك).
لا تكاد تخلو أي مدينة من سوق الصَّرف هذه الأيَّام.
لاحظ تغيّر معانيها بتغيّر استعمالها.

3- أن تدلَّ الكلمة الواحدة على أكثرَ من معنًى نتيجة لتطوُّر يعتريها في المعنى، وهو الَّذي يسمّيه اللغويّون (تعدّد المعنى) بسبب تطوّر معنى الكلِمة، ولا يعدُّ من المشترك، نحو كلمة (عمليَّة) التي تطوَّر معناها إلى (عمليَّة جراحية، عمليَّة استراتيجيَّة، عملية في صفقة تجارية، عمليَّة اغتيال …).
ورأْي أولمان أنَّ هناك طريقين رئيسين تتبعهما الكلمات لاكتساب معانيها المتعددة:
1- التَّغيير في تطبيق الكلِمات واستِعْمالها، ثمَّ شعور المتكلّمين بالحاجة إلى الاختِصار في المواقف والسياقات الَّتي تتكرر فيها الكلمة تكرارًا ملحوظًا.

2- الاستعمال المجازي أو نقل المعنى، نحو كلمة "لسان" التي تُطلق على اللغة.

التَّغيير في المعنى (مقصود وغير مقصود):
المقصود: يتمّ في البيئات العلْميَّة من أجل وضع مصطلحات علميَّة.
غير المقصود: أن تكسب كلمةٌ ما دلالةً جديدة، وتبقى دلالتُها الأولى مستعملة فيحدث الاشتراك بين الدّلالتَين (العين هي الباصرة) ثمَّ استعملتْ عين الماء، الجاسوس .. إلخ.

3- أن توجد كلمات تدلّ كلّ منها على معنى مستقلّ، ويحدث أن تتَّحد صورة كلِمتين لتطوّر في النطق مثلا أو تشابه، نحو: ضاع، يضوع المسك، يضيع المال..، وغيرها.

تحدث المحدثون عن المشترك اللَّفظي ولَم يأتوا بجديد، فرأَوا نشأة المشترك إمَّا من اختِلاف الاستِعْمال باختلاف القبائل، أو قد يکون من وراء فکرة الحقيقة والمجاز؛ لأنَّ اللفظ الواحد يتعدَّد معناه فيشتهر بعضُها دون بعض، (فيقرّ في نفس المتکلم والسَّامع أنَّ هذا المعنى الشَّهير هو الأصل، وأنَّ المعاني الأُخَر أقلّ منْه ارتباطًا بهذا اللَّفظ، وذلك کالعَين مثلاً وما يندرج تحتَها من ألفاظ مجازيَّة منقولة عن حقيقة العين التي هي الباصرة، وفي النّهاية ترجع نشأة المشترك إلى ظروف الاستِعْمال، لا إلى الوضع)؛ عبدالواحد حسن الشيخ، (1986 : 100).

معايير الفصل بين الهومونيمي والبوليزيمي
أهمّ ما طرح من آراء اللّغويين على الفصْل بينهما فيما يأتي:
إذا كانت كلِمات المشترك اللَّفظي تَملك نفسَ النُّطْق ولكن بهجاءٍ مُختلف، مثل: hair مع heir أو read مع read.

إذا كانت كلِمات المشترك اللَّفظي تملك نفْس النطق والهجاء، وتتعدَّد معانيها، فقد اقترحت الوسائل الآتية:
اللجوء إلى المعيار الدلالي، وإذا لم توجد علاقة دلاليَّة بين المعنَيين فليس هناك مشكلة؛ لأنَّ كلاًّ منهُما كلِمة مستقلَّة، حدث بطريق الصُّدفة أنها تملك نفس النطق والكتابة، أمَّا إذا وجدت العلاقة أو المشابهة فهُما كلمة واحدة تطوَّرت، إمَّا تطوّرًا بطيئًا بمرور الزَّمان أو سريعًا عن طريق المجاز.

المشكلات التي تحوط هذا المعيار كثيرة، ومنها:
فقد يكون أحَد المعنَيين متفرِّعًا في الأصل عن الآخر بطريق المجاز.
طريقة رسم الحدود بين المعاني من جهة: اعتباطي أو تحكُّمي أو ذاتي.
صعوبة التَّطبيق.
اتّخاذ أجزاء الكلام كمِعْيار لفصْل الهومونيمي من البوليزيمي.

اقتراح أولمان معيارالمشترك اللَّفظي ثلاث شعب، هي:
وجود المشتقات من اللفظين دليل على أنَّهما مادَّتان مختلفتان، نحو: balle مشتقَّاته ballon,ballot.
وجود اسمَين مختلِفَين تحت موضوعَين مختلفين، نحو: suit بمعنى: دعْوى تُقام على الشخص، و suit بمعنى حلة.
إمكان إجراء اختِبار ردِّ الفعل عند المتكلِّمين المواطنين لتقريرٍ ما...


ج- النَّظر إلى اللغات الأخرى من أجل المقارنة، إذا كان هناك لغة أُخرى تضع لفظَين لما تضع له الإنجليزيَّة لفظًا واحدًا مثل: uncle الإنجليزيَّة في اللغة العربيَّة أخو الأب وأخو الأمّ، فيجب على هذا الاقتِراح اعتبارُها من الهومونيمي؛ لأنَّ هناك لغات أُخرى تعبّر عن هذَين المعنيَين بلفظَين مستقلَّين مثل اللغة العربية التي تستعمل "عم" و "خال"، وهذا اقتراح Chapin.

د- إذا كان اللَّفظان يَملكانِ ملمحًا دلاليًّا مشتركًا وهو بوليزيمي، وإن لَم يوجد أيّ ملمح مشترك وهو هومونيمي.

و- وجود الحقْل الدلالي هذا لتمييز كلِمات النَّوعين، نحو برتقالي تخصّ حقل اللَّون وتخصّ ثمرة الفاكهة، ولكن المشكل الأساسي تحديد الحقول الدلاليَّة.

ز- وجود التَّرابُط بين النَّوعين، "البوليزيمي" يجب أن تكون كلماته مترابطة بخلاف "الهومونيمي".

والتَّرابط نوعان (أحمد مختار محمد،دون سنة: 173):
1- ترابُط تاريخي.
2- ترابط عقْلي أو نفسي.
"يكون المعنيان مترابِطَينِ تاريخيًّا إذا أمكن ردُّهما إلى نفس الأصل، أو كان أحد المعنَيَين مأخوذًا عن الآخر،ويكونان مترابطَين عقليًّا إذا كان المستعْملون المعاصرون للّغة يشعرون أنَّهما مترابطانِ وأنَّهما استِعْمالان مختلفان لنفْس الكلِمة".

المشترك اللفظيواقعٌ في اللغة، وكثيرٌ من كبار المفسِّرين اعترفوا بوقوع المشترك اللفظي في القرآن الكريم واللغة العربية، ففي القرآن مثل كلِمة: (أمر).

قال القرطبي -رحمه الله - ما نصُّه (ج2 ص 88، 89): قال علماؤنا: الأمر في القرآن يتصرَّف على ثلاثةَ عشرَ وجهًا:
1- الدّين: ﴿لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة: 48]؛ أي: دين الله.
2- القول: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ [هود: 40]؛ أي: قولنا، ومنه ﴿فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى [طه: 62]؛ أي: قولهم.
3- العذاب: ﴿قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ [الأنعام: 58]؛ أي: وجب العذاب بأهل النار.
4- عيسى ابن مريم: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [البقرة: 117]، يعني عيسى، وكان في عِلْمه أن يكون من غير أبٍ، ومثلها: ﴿قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ [آل عمران: 47].
5- القتل: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ [غافر: 78]، يعني القتل، وقوله: ﴿وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي المِيعَادِ وَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ [الأنفال: 42]، يعني: قتل كفَّار مكَّة.
6- فتح مكَّة: ﴿فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ [التوبة: 24]، يعني فتْح مكَّة.
7- قتل قريظة وجلاء بني النَّضير: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ [البقرة: 109].
8- القيامة: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ [النحل: 1].
9- القضاء: ﴿وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ [يونس: 31]؛ أي: القضاء.
10- الوحي: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [السجدة: 5 ]، يعني تنزيل الوحْي من السَّماء إلى الأرض، وقوله: ﴿يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ [الطلاق: 12]؛ أي: الوحْي.
11- أمر الخلق: ﴿أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ [الشورى: 53].
12- الذنب: ﴿فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا [الطلاق: 9]، يعني جزاء ذنبها.
13- الشأن والفعل: ﴿وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ [هود: 97 ]؛ أي: فعله وشأنه.

من المشترك اللفظي في القرآن الكريم كلمة (نُكر)،وقد وردت في القرآن الكريم على ستَّة أوجُه:
1-"نكِرَهُ" بكسر الكاف و "أنكرَهُ" ضدّ عرفه، فمن الأوَّل: ﴿فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ[هود: 70]، ومن الثاني: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا[النحل: 83].
2- "نُكر" بضمّ النون وسكون الكاف أو ضمّها، كلاهما بمعنى: المنكر الَّذي لا تألفه النَّفس ولا تستريح إليه، فمن الأوَّل: ﴿لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً [الكهف: 74]، وقِس عليه (87) الكهف، (8) الطَّلاق، ومن الثاني: ﴿يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ[القمر: 6].
3- نكَّرت الشيء بمعنى: غيَّرته وزنًا ومعنى؛ ﴿قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا[النمل: 41]؛ أي: غيِّروا معالمه لئلاَّ تهتدي إليه.
4-النَّكير كظريف، ومعناه: الإنكار، ومنه: ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ [الحج: 44]؛ أي: فكيف كان إنكاري عليكم؟! ومنْه أيضًا قولُه تعالى: ﴿مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ [الشورى: 47]؛ أي: لا تستطيعون إنكار ما اقترفْتموه من الذنوب.
5-"أنكر" في قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ [لقمان: 19] ومعناها: أقبح الأصوات.
6-"المنكر" بفتح الكاف: اسم مفعول من الرباعي المهموز، وقد وردتْ في الكتاب الكريم آياتٌ كثيرة تذْكر المعروف والمنكر متقابلَين، فالمعروف: ما عرفه الشَّرع ورضِيه وأمر به، كالصَّلاة وصِلة الرَّحِم وطاعة الوالدَين، والمنكر: ما أنكره الشَّرع ولم يقبلْه وتوعَّد عليه، كالزِّنا والرِّبا وعقوق الوالدَين.

أمَّا "المنكر" في قوله تعالى: ﴿تَعْرِفُ فِي وَجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا المُنكَرَ [الحج: 72]؛ أي: إنكار القرآن حين تُتلى عليهم آياته، وهي هنا مصدر ميمي.
وأمَّا "المنكر" في قوله تعالى: ﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ المُنكَرَ [العنكبوت: 79]، فالمراد إتيان كلِّ ما يُخالف الشَّرع والخلق الكريم، وأمَّا "منكرون" في قوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ [الحجر: 62] أي: مَجهولون عندي غير معروفين.

في اللغة العربية المشترك اللَّفظي قد لعِب دورًا خطيرًا، فكان مادَّة صالحة للتَّورية والتَّجنيس عند المشغوفين بالمحسّنات اللَّفظيَّة، مثل كلمة "العجوز" في قصيدة للشيخ يوسف بن عمران الحلبي، يمدح قاضيًا وهي:
لِحَاظٌ دُونَهَا غُولُ العَجُوزِ
وَشَكَّتْ ضِعْفَ أَضْعَافِ العَجُوزِ


الأولى: المنية، والثانية: الإبرة.
لِحَاظُ رَشًا لَهَا أَشْرَاكُ جَفْنٍ
فَكَمْ قَنَصَتْ مِثَالِي مِنْ عَجُوزِ


الأسد

ولها معانٍ كثيرة أخرى،كـ: الذئب، الخمر، المسك، جيد التَّمر، الجوع، الركية، القرية، الآخرة، الشَّمس، الطَّريق، السماء، الأرْض، الفرس، الصومعة، العرج، النبات، المعاقبة، الرمل، ....... وجاء بها كلّها المؤلف في تابع هذه القصيدة.

خلاصة:
سواء قلَّ المشترك اللَّفظي إلى الحدّ الَّذي اعترف به منكروه، أو كثُر إلى الحدّ الَّذي كتب فيه بعضهم مصنَّفات، فالأمر واحد، وهو أنَّه موجود في اللغة، وله دَور في تحديد هذه الدلالة أو تلك.

غير أنَّ الفرق الَّذي قد يبدو بين هذا الفريق وذاك: أنَّ المثبتين له لم يبحثوا في أسباب وجودِه في اللُّغة، بل اكتفَوا بحدّ القول به وأنَّه من اللهجات القبليَّة، أو من التوسّع المجازي، وما شاكل ذلك من آراء لم يرُم أصحابها التَّفصيل فيها.

بيْنما فصَّل المقلّلون منه، أو المنكِرون له، في أسباب حدوثِه بما يدعم آراءهم ويزكِّيها، غير أنَّ المتتبّع لما ورد في اللغة من ألفاظ دالَّة على المشترك في أغْلبها، سيلاحظ أنَّها تعود إلى النقل والارتِجال وتنوُّع الاستعمال؛ لذلك لا بدَّ لضبط دلالة هذا النَّوع من الألفاظ، من القيام بدراسات تُعنى بتاريخ الكلِمات في علاقتها بمصادرها الفعلية، وتتبّع الطُّرق التي استعملتْ بها فيها، وتتبُّع دلالتها في كلّ مرحلة، ليتميَّز المنقول والمرتَجل فيها عن غيره، وهذا النَّوع من الدراسات هو ما تفتقر إليْه مكتباتُنا اليوم؛ إذ لو تتبَّعْنا كيفية استعمال الكلمات، لأمكننا الوصول إلى معناها الأصلي، ولزال كثير من الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين العلماء في آرائهم؛ لأنَّ المشترك اللفظي أحدها، كما يقول إدريس ميموني عن ابن السِّيد البطلْيوسي في كتابه "الإنصاف في التنبيه على المعاني والأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في آرائهم"، يقول: "أقول - وبالله أعتصم، وإليه أفوض جَميع أمري وأسلم -: إنَّ الخلاف عرض لأهل ملَّتنا من ثمانية أوجُه، كلّ ضرْبٍ من الخلاف متولّد منها، متفرّع عنها، الأوَّل منها: اشتراك الألفاظ والمعاني..".

المراجع:
1- محاضرات في "علم الدلالة": العلاقات الدلالية، د. خليفة بوجادي.
2- إبراهيم أنيس، في اللهجات العربية، ص 201، المطبعة الفنية الحديثة، الطبعة الثالثة، 1965م، ص: 157.
3- http://www.ulum.nl/ أ. إدريس ميموني، قضايا الدلالة في اللغة العربية بين الأصوليين واللغويين: المشترك اللفظي نموذجًا، مجلة محكمة علوم إنسانيَّة، السنة السابعة: العدد 42، صيف 2009 - 7 جولاي.
4- ابن جنّي، الخصائص، تحقيق محمد علي النجار، بيروت لبنان: دار الكتاب العربي.
5- ابن الأثير، 1995م، المثل السَّائر، تحقيق محيي الدّين عبدالحميد، بيروت، المكتبة العصرية.
6- ابن منظور، لسان العرب، دار صادر بيروت، لبنان، مادة: (ش ر ك).
7- الزبيدي، 1965م، تاج العروس، عبدالستار أحمد فراج، مطبعة حكومة الكويت، الكويت: سلسلة تصدر عن وزارة الإرشاد والأنباء، مادة: (ش ر ك).
8- زكريا بن محمد الأنصاري، 1411هـ، الحدود الأنيقة: تحقيق مازن المبارك، بيروت: دار الفكر المعاصر، الطبعة الأولى.
9- السرخسي، أصول السرخسي، تحقيق أبي الوفاء الأفغاني، بيروت، لبنان، دار المعرفة.
10- الشوكاني، 1412هـ /1992م، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحقّ من علم الأصول، تَحقيق محمد سعيد البدري، بيروت، دار الفكر.
11- صبحي الصالح، 2007، دراسات في فقه اللغة، بيروت، دار العلم للملايين.
12- موقع طريق القرآن، محمد السيد الدَّاودي.
www.55a.net موسوعة الإعجاز العلمي فى القرآن والسنَّة www.qurqn-m.com
13- توفيق محمد شاهين، 1980، المشترك اللغوي نظريَّة وتطبيقًا، القاهرة: مكتبة وهبة.
14- عبدالواحد حسن الشيخ، 1986، البلاغة وقضايا المشترك اللفظي، الإسکندريَّة: مؤسسة شباب الجامعة.
15- أحمد مختار محمد، دون سنة، علم الدلالة، القاهرة، عالم الكتب.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 53.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.82 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.17%)]