رؤيا الإسلامية في شعر محمود حسن إسماعيل (2 - 3) أ. طاهر العتباني الجانب الاجتماعي إذا مضينا نتتبَّع الجانب الاجتماعيَّ الإسلامي في شعر "محمود حسن إسماعيل"، لرأيناه بارزًا من أوَّل دواوينه "أغاني الكوخ" الذي يرفض الشَّاعر فيه الظُّلم الاجتماعيَّ الذي كان يحياه الفلاَّحُ المصريُّ، الذي لا يجد من جهده وتعبه إلاَّ أقل القليل، بينما السَّادة والغَرْب المستعمر يتمتَّعون بكلِّ شيء، وفي قصيدة "فقراء" من ديوان "لا بدَّ" تتَّضح هذه الرؤيا، ومدى ما يُعانيه هؤلاء الفقراء من حين يختلُّ ميزان العدل الاجتماعي في مجتمعٍ من المجتمعات، يقول الشاعر:فُقَرَاءُ، لاَ وَاللهِ بَلْ نَحْنُ الَّذِي نَ شَذَا الإِلَهِ يَضُوعُ فَوْقَ تُرَابِهِمْ يَسْقِيهِمُ لَهَبَ الْحَيَاةِ جَدَاوِلاً خُضْرًا تُغَرِّدُ كَأْسُهَا لِرَبَابِهِمْ وَيَزُورُهُمْ رِزْقُ السَّمَا بِيَمِينِهِ عرقُ الطَّرِيقِ يَدُقُّ حَسْرَةَ بَابِهِمْ يَشْوِي الْهَجِيرُ دُرُوبَهُ، لَكِنَّهُ عِنْدَ الوُصُولِ يَسِحُّ فَوْقَ سَرَابِهِمْ [1] ثم يبيِّن ما يقوم به هؤلاء الفقراء من دورٍ، ومع ذلك لا يجدون من المجتمع حين تختلُّ معايير العدالة الاجتماعيَّة إلاَّ الضياع:مَنْ هَؤُلاَءِ؟ هُمُ الَّذِينَ تَبَرَّجَتْ أَعْرَاسُ كُلِّ مُنَعَّمٍ بِعَذَابِهِمْ مَنْ هَؤُلاَءِ؟ هُمُ الَّذِينَ تَكَلَّمَتْ لِلظُّلْمِ شَاهِقَةٌ بِذُلِّ رِقَابِهِمْ مَنْ هَؤُلاَءِ؟ هُمُ الَّذِينَ تَسَلَّلَتْ نَظرَاتُهُ الشَّمَّاءُ مِنْ أَهْدَابِهِمْ [2] وهو - حين يتكلَّم عن الفقراء - لا يَتكلم عنهم على أساس ذلك التصوُّر الذي ساد بعد الثَّورة البلشفيَّة التي ادَّعَت - زيفًا وضلالاً - أنَّ لها الوصاية على الفقراء، وأنَّها قامت من أجلهم؛ تُطالب لهم بالعدالة الاجتماعيَّة، بل إن الشاعر ينسج تجربته من خلال ما شاهده هو بنفسه من آلامٍ يَحْيا فيها الفلاَّح المصريُّ في عهد السَّيطرة الاستعماريَّة.وهو ينظر إلى شعائر الإسلام العظيم على أنَّها الحَلُّ الذي يضبط هذه العدالة، يرى في الصَّلاة تربيةً على معنى البذل والعطاء والتكافل، إنَّه يتحدث عن الفقير الذي:يَصِيحُ فِي أَغْلاَلِهِ: رَبَّاهْ يَا مُسْرِعًا فِي خَطْوِهِ لِلَّهْ خَفْقَةُ قَلْبٍ تُنْقِذُ الْحَيَاهْ قَبْلَ اتِّجَاهِ الْخَطْوِ لِلصَّلاَهْ [3] ثُمَّ يصيح في هذا الغنِيِّ الذي لم تُربِّ الصلاة نفسه، فيبذل ويعطي:إِنْ كُنْتَ لاَ تَسْمَعُ هَذَا السِّرَّ فِي بُكَائِهِ الأَلِيمْ فَأَيَّ رَبٍّ نَحْوَهُ اتَّجَهْتَ فِي سُجُودِكَ العَظِيمْ[4] يتبع
سُئل الإمام الداراني رحمه اللهما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟فبكى رحمه الله ثم قال :أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هوسبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.