عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 21-06-2021, 03:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي الخطوات الأولى لـ"إبراهيم شعراوي" مع أدب الطفل

الخطوات الأولى لـ"إبراهيم شعراوي" مع أدب الطفل


محيي الدين صالح








أدب الأطفال من منظور إسلامي










(إبراهيم شعراوي نموذجًا)





الخطوات الأولى لشعراوي مع أدب الطفل



ونحن نتعرَّض لما أبدعه شعراوي للأطفال؛ فلعلَّه من المفيد أن نقوم بجولةٍ سريعة خلال الدُّروب التي سلكها "شعراوي" في رحلة الحياة العجيبة، وأن نُلْقي نظرة إلى أوَّل موقف مؤثِّر تعرَّض له الشاعر في علاقته بالأطفال، وكان ذلك حينما رَزَقَه الله بمولودِه الأوَّل في بداية الستينيَّات من القرن العشرين، حيث منعَتْه ظروفُه من إبداء أبسط مشاعر الأبُوَّة نحو ولدِه؛ فقد كان "شعراوي" يومها مسجونًا سياسيًّا، فتفاعل مع البرقيَّة التي جاءت تَزفُّ إليه أغلى خبر؛ تفاعل معها بوجدانيَّات الشاعر وأحاسيسه، ولم يكن في وسعه أن يضمَّ هذا الوليدَ الغالي إلى صدره بحنان، فاستقبل الحَدَث بقصيدةٍ شعريَّة بليغة، كتبها وهو في السجن، وجَّهها إلى زوجته الحبيبة، يوصيها بالابن العزيز، مع أنَّ الأم لا تحتاج إطلاقًا إلى من يوصيها بابنها، ولكن شاعريَّة ورهافةَ حسِّ "إبراهيم شعراوي" تخطَّت البديهيَّات والمسلَّمات، وحلَّقَت في آفاق لا تحدُّها حدود، ومما قاله في هذه القصيدة الوصية[1]:









فِي حَنَانٍ مُوَلَّهٍ عَانِقِيهِ

وَلْتَمُدِّي إِلَيْهِ مَا يَشْتَهِيهِ



صَدْرُكِ الدَّافِئُ الفَتِيُّ فِدَاءٌ

لِيَدَيْهِ، وَالْحَلْمَتَانِ لِفِيهِ



وَالشِّفَاهُ الَّتِي تَقَطَّرُ شَهْدًا

هِيَ حَقٌّ لِثَغْرِهِ فَالْثُمِيهِ



ظَامِئٌ دَائِمًا إِلَيْكِ، فَقُومِي

أَطْفِئِي ذَلِكَ الَّذِي يُظْمِيهِ



أَسْمِعِيهِ الطَّرُوبَ مِنْ لَحْنِكِ العَذْ

بِ، فَإِنْ مَا بَكَيْتِ، لاَ تُسْمِعِيهِ



وَلْتَلِينِي لَهُ، فَقَلْبِيَ يَحْيَا

فِي حَنَايَاهُ، إِنَّنِي أَنَا فِيهِ










ومن الواضح أن هذا الموقف هو الذي جعل "إبراهيم شعراوي" يتجه نحو الأطفال بحبٍّ شديد، وبأشواقٍ ملتهبة، ترجَمَها بعد ذلك إلى اهتمامٍ فائق بِهم، ثُمَّ إلى إبداعاتٍ منمَّقة؛ للارتقاء بالمستوى الأخلاقي والأدبيِّ والدِّيني عند الأطفال، أقول ذلك؛ لأنَّ كلَّ الإبداعات التي اطَّلعتُ عليها من كتابات "شعراوي" قبل هذا الحدث، كانت في أغراضٍ أدبية أخرى متنوِّعة، بعيدة عن أدب الأطفال؛ مثل: كتاب "النوبة" الصادر عام 1950، وديوان "أغاني المعركة" عام 1956، وكثير من القصائد الدينيَّة المنشورة في بعض الصُّحف والمجلاَّت في الخمسينيَّات، وكذلك بعض القصائد الوطنيَّة والقومية، فهو لم يتَّجِه إلى أدب الأطفال إلاَّ بعد مرحلة الصِّبا التي كانت منجذبةً إلى اتِّجاهات أخرى.







وفي ذلك يقول "شعراوي": "كانت بداية صِلَتي بالطِّفل المسلم عام 1967؛ حيث كنت أحرِّر صحيفة "الناشئ المسلم" الملحقة بمجلة "المسلم" التي كانت تصدرها جماعة العشيرة المحمديَّة بالقاهرة برئاسة أستاذي الشيخ محمد زكي إبراهيم"[2].







تراوح "شعراوي" في كتاباته الأدبيَّة في مراحلها الأولى بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، فأحيانًا كان يتردَّد على محافل الصوفيِّين، ويبدع القصائد الدينيَّة والمديح، ويدافع عن آل البيت ورموز الصوفيَّة، كما في قصيدة "هذا الحسين" التي يقول فيها[3]:









مَا زَالَ يُنْكِرُهُ الدَّعِيّْ

وَسَنَاهُ فِي الآفَاقِ حَيّْ



هَذَا الْحُسَيْنُ، تُرَابُهُ

مِسْكٌ وَإِشْرَاقٌ وَرِيّْ



إِنِّي أُقَبِّلُ سِتْرَ مَنْ

بِالأَمْسِ قَبَّلَهُ النَّبِيّْ










وأحيانًا أخرى يغيِّر اتِّجاهه 180 درجةً، ويتبنَّى بعض أفكار اليسار، ويذهب في التَّفاؤل بهم كلَّ مذهب، يقول في ديوان "أغاني المعركة" في قصيدة عنوانُها "يا أخي في البعيد":









إِيهِ (وَارْسُو) إِلَيْكَ يَخْفِقُ قَلْبِي

يَا بِلادًا تُنَغِّمُ الْخَفَقَانَا



قَدْ رَسَمْتِ السَّلاَمَ فَجْرًا جَدِيدًا

فَتَبَارَكْتِ رِيشَةً وَدِهَانَا




يتبع






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.19 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.88%)]