عرض مشاركة واحدة
  #85  
قديم 30-06-2021, 09:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,804
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن»


الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم





تفسير قوله تعالى﴿ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا.. ﴾


قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ [البقرة: 14].







قوله: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ أي: إذا قابلوا الذين آمنوا أو كانوا معهم، ﴿ قَالُوا ﴾؛ أي: قالوا للمؤمنين: ﴿ آمَنَّا ﴾ بألسنتهم، وأظهَروا ذلك لهم نفاقًا ومصانعة دون اعتقاد ذلك بقلوبهم.







﴿ وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ﴾ ضُمن الفعل ﴿ خَلَوْا ﴾ معنى (رجعوا) أو (انصرفوا)؛ ولهذا عدِّي بـ"إلى"، ولو لم يضمَّن لقيل: مع شياطينهم، والمعنى: وإذا رجعوا أو انصرفوا إلى شياطينهم خالين بهم، ليس معهم أحد من المؤمنين، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ﴾ [آل عمران: 119].







والشياطين: جمع شيطان، مشتق من (شَطَن) بمعنى بعُد عن رحمة الله تعالى، وعن كل خير، وهو: كل متمرِّد عاتٍ خارج عن طاعة الله تاااعالى، من الإنس والجن والحيوان، قال تعالى: ﴿ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ﴾ [الأنعام: 112].







وقال صلى الله عليه وسلم: ((الكلب الأسود شيطان))[1].



والمراد بشياطينهم كبراؤهم ورؤساؤهم في الكفر من المنافقين واليهود والمشركين.







﴿ قَالُوا ﴾؛ أي: قالوا لشياطينهم: ﴿ إِنَّا مَعَكُمْ ﴾؛ أي: إنَّا على دينكم، ثابتون على ما أنتم عليه من الاعتقاد، أعوانٌ لكم على من خالَفكم.







وقد خاطبوا المؤمنين بقولهم: ﴿ آمَنَّا ﴾ بالجملة الفعلية بلا تأكيد؛ إما لعلمِهم أن ذلك لا يروج على المؤمنين، وإما لعدم اهتمامهم بهم، وخاطَبوا قومهم بقولهم: ﴿ إِنَّا مَعَكُمْ ﴾ بالجملة الاسمية المؤكَّدة بأنَّ الدالةِ على الثبوت؛ تأكيدًا لقومهم، وكان الأولى العكس؛ أي التأكيد للمؤمنين؛ لأنهم هم الذين يشكُّون في إيمانهم، أما قومهم فلا داعي لتأكيد الكلام لهم؛ لعلمهم بهم.







﴿ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ تقرير وتأكيد لقولهم: ﴿ إِنَّا مَعَكُمْ ﴾، قرأ أبو جعفر: "مستهزون" بالتخفيف بلا همز، وقرأ الباقون بالهمز: ﴿ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾.







و"إنما": أداة حصر؛ أي: ما نحن إلا مستهزئون.







والاستهزاء: السُّخرية، يقال: هزأ، واستهزأ، فالسين والتاء للتأكيد؛ أي: إنما نحن ساخرون بالمؤمنين، مخادعون لهم، بقولنا: ﴿ آمَنَّا ﴾، فهم يَلْقَوْنَ المؤمنين بوجه ويَلْقَوْنَ الكافرين بوجه آخر؛ ذلًّا منهم وخوفًا وجبنًا؛ ليَسلَموا من ملامة هؤلاء وهؤلاء، ولو عاشوا أذلَّ العيش، كما قال تعالى: ﴿ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ ﴾ [النساء: 143]، وقال تعالى: ﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ﴾ [المائدة: 52].







[1] أخرجه مسلم في الصلاة - قدر ما يستر المصلي (510)، وأبو داود في الصلاة (702)، والنسائي في القبلة (750)، والترمذي في الصلاة (338)، وابن ماجه في إقامة الصلاة (952) من حديث أبي ذر رضي الله عنه.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.01 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.37%)]