عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 01-07-2021, 04:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,406
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأعشى يمدح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم





وَلا تَقْرَبَنَّ جَارَةً إِنَّ سِرَّهَا

عَلَيْكَ حَرَامٌ فَانْكِحَنْ أَوْ تَأَبَّدَا










(2)



هو ميمونُ بن قيسٍ، وُلِد في قرية (منفوحة) من اليمامة، في قومه بني قيسِ بن ثعلبة، وهم بطنٌ من بطون بكرِ بن وائل بن ربيعة، عُرِفوا بالفصاحة، فنشأ الأعشى على سنَنِ فصاحتهم، وقد لُقِّب بالأعشى؛ لأنَّه كان أعشى العينَيْن، وكُنِي بأبي بصير؛ تفاؤلاً له بشفاء بصَرِه، وقيل: بل كُنِي بذلك؛ لنفاذ بصيرته، ولقد أُطلق عليه لقب "صناجة العرب"؛ حيث كان يتغنَّى بشِعْره، ولِما كان لشعره من حسٍّ موسيقي ونغمٍ مرهف تميَّز به على شعراء الجاهليَّة.







وكان الأعشى في أوَّل أمرِه راوِيةً لِخاله المسيَّب بن علس أحد شعراء بكرٍ المقدَّمين، ولَما توثَّقت شاعريَّتُه شرع يَطوف في البلاد بين العراق والشام، يمدح المَناذِرَة والغساسنة وأُمراء العرب؛ طلبًا للنَّوال والعطاء، وقد قيل: إنَّه زار بلاد الفرس وأرْضَ النَّبط، ونجران، وبلاد حِمْير، على أنَّ هناك رواياتٍ بالغَتْ فذكَرَت أنَّه وصل في رحلاته إلى الحبشة.







ولقد كانت هذه الرحلات عاملاً من عوامل توسيع أفُقِه الشِّعري وإمداده بثقافة تاريخيَّة، فأورد في شعره بعضَ أخبار قبائل العرب البائدة، وملوك فارس؛ يقول الأعشى:





وَقَدْ طُفْتُ لِلمَالِ آفَاقَهُ

عُمَانَ فَحِمْصَ فَأُورَى شَلَمْ




أَتَيْتُ النَّجَاشِيَّ فِي أَرْضِهِ

وَأَرْضَ النَّبِيطِ وَأَرْضَ العَجَمْ




فَنَجْرَانَ فَالسَّرْوَ مِنْ حِمْيَرٍ

فَأَيَّ مَرَامٍ لَهُ لَمْ أَرُمْ











يقول عنه الدكتور شوقي ضيف: "والأعشى في شعره لا يَعيش لمديح السَّادة والأشراف، وأخْذِ نوالهم فحَسْب؛ بل هو يعيش أيضًا لقبيلته ومُنازعاتها الكبيرة مع بكرٍ ضدَّ الفرس؛ ففي ديوانه مطوَّلةٌ يهدِّدهم فيها، ويتوعَّدهم كما يتوعَّد مَن يقف معهم من العرب مثل إياد، وهو يعيش كذلك في مُنازعات قبيلته مع بني شيبان، فيتعرَّض بالوعيد والتهديد ليزيدَ بنِ مسهرٍ الشيباني، على نحو ما تصوِّر ذلك معلَّقتُه، فإذا حدثَتْ مُنازعات صُغرى بين عشيرته وأبناء عمومتِهم من عشائرِ قيس بن ثعلبة ناصرها، ذاكرًا ما بينهم وبينها من أواصر الرَّحم، على نحو ما نرى في قصائده التي وجَّهها إلى بني جَحْدر وبني عبدان، وقد اصطدم عند الأخيرين بشاعرهم جُهُنَّام، فتهاجيا طويلاً"[1].







ويواصل الدكتور شوقي ضيف حديثَه عن الأعشى، فيقول: "ويُقال: إنَّه لما سمع بالرَّسول - صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم - وانتصاراته وانتشارِ دعوته، رغب في الوفود عليه ومديحه، وعلمَتْ قريشٌ بذلك فتعرَّضت له تَمْنعُه، وكان مما قاله له أبو سفيان بنُ حرب: إنَّه يَنْهاك عن خِلالٍ ويُحرِّمها عليك، وكلها بك رافِق، ولك مُوافق، قال: وما هنَّ؟ فقال أبو سفيان: الزِّنا والقمار والرِّبا والخمر؛ فعدَل عن وِجهتِه، وأهدَتْه قريشٌ مائةً من الإبل، فأخذها، وانطلق إلى بلده معرِضًا عن الرسول ودعوته؛ فلما كان بقاع منفوحة، رمى به بعيره، فقتله سنة 629 للميلاد"[2].







لقد اشتَهَر الأعشى شهرةً عظيمة، وكان لشعره تأثيرٌ عظيم، حتَّى لقد عدَّه ابن سلاَّمٍ الجُمَحيُّ في الطَّبقة الأولى من الطبقات العَشر لِفُحول الشُّعراء بعد امرئ القيس والنَّابغة وزُهَير، كما أنَّ للنُّقاد القدامى أقوالاً فيه، تدلُّ على عظيم منزلتِه الشِّعرية لديهم، ويُكْثِر الأعشى من وصف الصحراء، ووصف النَّاقة، وهذا طبيعيٌّ؛ لكثرة رحلاته وأسفاره، وهو في الموضوع يَجْري على عادة الجاهليِّين؛ فيُصوِّر الأودية وما يجري فيها من ظلامٍ، أو سموم، أو مياه أمطار، كما يصوِّر طرقها الوعثة، ورمالَها ومَناهلها، ووحشتها، وعزيف الجن ليلاً بها، يقول في معلقته:





وَبَلدَةٍ مِثْلِ ظَهْرِ التُّرْسِ مُوحِشَةٍ

لِلجِنِّ بِاللَّيْلِ فِي حَافَاتِهَا زَجَلُ




لاَ يَتَنَمَّى لَهَا بِالقَيْظِ يَرْكَبُهَا

إِلاَّ الَّذِينَ لَهُمْ فِيمَا أَتَوْا مَهَلُ




جَاوَزْتُهَا بِطَلِيحٍ جَسْرَةٍ سُرُحٍ

فِي مِرْفَقَيْهَا إِذَا اسْتَعْرَضْتَهَا فَتَلُ











وفي قصيدة أخرى يصور فلاة مقفرة، فيقول:





وَفَلاةٍ كَأَنَّهَا ظَهْرُ تُرْسٍ

لَيْسَ إِلاَّ الرَّجِيعَ فِيهِا عَلاَقُ




قَدْ تَجَاوَزْتُهَا وَتَحْتِي مَرُوحٌ

عَنْتَريسٌ نَعَّابَةٌ مِعْنَاقُ




عِرْمِسٌ تَرْجُمُ الإِكَامَ بِأَخْفَا

فٍ صِلاَبٍ مِنْهَا الْحَصَى أَفْلاقُ









يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.71 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.09%)]