عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 06-07-2021, 02:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,269
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الإسلام والعروبة في الشعر السعودي... عبدالسلام هاشم حافظ نموذجًا


فِي جَنَّةِ الأَرْضِ عُشًّا مِنْ حَصَانَتِهِ
فِرْدَوْسُكِ الزَّاهِرُ الْمَسْحُورُ، حَتَّى تَعِي

لاَ تُسْرِفِي فِي التَّعَرِّي إِنَّنَا بَشَرٌ
وَأَنْتِ كَاللَّهَبِ الْمَسْعُورِ هَيَّا ارْجِعِي

لِلصَّوْنِ.. لِلعِفَّةِ الغَرَّاءِ يَا لاَهِيَهْ
أَوْلَى بِكِ البَيْتُ فِي مِحْرَابِهِ شَادِيَهْ
فِي ظُلَّةِ الْحُبِّ.. فِي أَجْوَائِهِ السَّامِيَهْ

ثم يأخذ الشَّاعر على فتاة اليوم الإسرافَ في الزِّينة والتبَرُّج، وعَرْض مفاتن الجسم، وكأنَّها راقصةٌ أمام السَّكارى والمَحْرومين، وأنَّ عليها ألاَّ تقلِّد الغربية في سُفورها وخروجها من مَنْزلها دون ضابط، وأنَّ على المرأة المسلمة أن تعتزَّ بدينها وقِيَمِها التي درَجَتْ عليها في ظلِّ الإسلام وسماحته، ويصف شاعِرُنا التبَرُّج والسُّفور بأنه "هو التحَرُّر المُزرِي الذي يُنادون به لهذا الجنسِ الرَّقيق الذي يُريدون استِعْباده لشهواتهم.."[42]، فيقول في قصيدة "لا يا فتاة الشَّرق"[43]:
تَتَفَنَّنِينَ وَتُسْرِفِينْ
فِي عَرْضِ جِسْمِكِ وَالفُتُونْ

بِالعُرْيِ فِي أَوْضَاعِهِ
فِي حبْكَةِ الثَّوْبِ الْمَشِينْ

أَتُرَاكِ رَاقِصَةً هُنَا
بِمُيُوعَةٍ تَتَخَطَّرِينْ؟



وقد شَغلَتْ قضيَّةُ الإصلاحِ الشُّعراءَ والكُتَّاب والمُصلِحين، ومِن الموضوعات التي شغلَتْ تفكيرَ شاعرنا في هذا الشَّأن: قضيَّةُ غلاء المهور، وتعليم المرأة، ومُحاربة العادات الضارَّة، وقد اتَّخذ الشاعر أسلوب المباشرة والوعظ في الإصلاح؛ "فقد كان الإصلاح مَطلبًا ملحًّا؛ لحاجة المجتمع إليه، فالجهل منتَشِر يجرُّ وراءه الكثير من الفساد، وعادات المجتمع الضارَّة منتشرة، والعقائد الفاسدة مسيطِرة على عقول العامَّة"[44].

وتنطلق دعوة الشَّاعر إلى المرأة في ضوء الإسلام والتَّقاليد العرَبِيَّة الرفيعة، فيقول شاعِرُنا: "فأنتِ كمُسْلمةٍ لك تقاليدُك العرَبِيَّة الرفيعة في وسَطِك البريء، وحياتك النَّاعمة بين زوجِك وبَنِيك؛ لتكوني مثلاً للخُلق الطيِّب ونُبْل الضَّمير، ولتربية الجيل على المقومات الكريمة، حتَّى تَنالي الرضا وتطمئنَّ نفسُك مع أحبِّ الناس إليك في ظلال المحبَّة والسعادة"[45]، ويَدعو الشَّاعر المرأةَ العربية إلى الرُّجوعإلى البيت؛ حيث الصَّون والخُلق الحميد؛ لأنَّ الشرق يأمل في المرأة العربيَّة الإصلاح، والارتقاء بالنشء[46]:
وَإِذَا عَقِلْتِ وَعُدْتِ لِلوَكْرِ الْحَصِينْ
حَيْثُ التَّكَامُلُ بِالأُمُومَةِ وَالْحَنِينْ
وَالصَّوْنُ وَالْخُلُقُ الْحَمِيدُ وَمَا يَزِينْ
فَلَقَدْ غَدَوْتِ حَقِيقَةً إِلْفًا أَمِينْ
وَالشَّرْقُ يَأْمُلُ فِيكِ إِصْلاحَ البَنِينْ

إنَّ الشاعر في مجمَلِ أغراضه الشعريَّة، لا يخرج عن عباءة الإسلام وتعاليمه السَّمحة؛ لأنه يَعتبر الشعر وسيلةَ إصلاحٍ وتربية وتوجيه؛ لذا نرَى شاعرنا لا يندُّ عن التوجُّه الإسلاميِّ؛ بمعنى الالتزام بمبادئ الإسلام وقِيَمِه العليا، أثناء عملية الإنتاج الأدَبِي[47]، حتَّى إذا كان الشَّاعر في موقف الحبِّ فإنَّه يُضْفِي عليه لونًا إسلاميًّا جليًّا، يكون بمثابة الموجِّه الأوَّل لفنِّه، وهو المُنعَطَف الذي يَلجأ إليه؛ فيقول[48]:
الْجِنْسُ أَرْدَيْنَاهُ فِي قَعْرِ البِلَى
وَالشَّهْوَةُ الْحَمْقَاءُ مِنْ أَعْدَائِنَا
فِي الآدَمِيَّةِ لَمْ نَكُنْ إِلاَّ مَخَالِيقَ العَفَافْ
فَلَقَدْ مَحَوْنَا آيَةَ الْجَسَدِ الشَّرِيرْ
وَتَجَرَّدَتْ فِينَا النُّفُوسُ مِنَ الشُّرُورْ
حَتَّى غَدَوْنَا مِثْلَ سُكَّانِ الْجِنَانْ

وفي محاولةٍ مريرة، يصوِّر الشاعرُ حقارةَ المرأة التَّافهة التي تأكل بِثَدييها، وتبيع جسَدَها لمن يدفع الدِّرهم الحقير، ويَعْرِضُ عليها صورةً حقيرة، ويُناشد المرأة المسلمة ألاَّ تكون كهذه الصُّورة السيئة[49]:
هَذَا الْجَمَالُ مَلَكْتُهُ بِدَرَاهِمِي
وَأَرَقْتُ فِي أَحْضَانِهِ لَهَبَ السُّعَارْ

وَحَطَمْتُ لَذَّاتِي عَلَى أَفْوَاهِهِ
وَفَضَضْتُ مِنْهُ الزَّهْرَ وَالوَرْدَ الْمُعَارْ


أَخْضَعْتُهُ لإِرَادَتِي بِالدِّرْهَمِ النَّجِسِ الشَّرِيرْ

وفي قصيدةٍ طويلة بعنوان "أمجاد السماء"، يتَناول الشاعر قصَّة الخلق، ووَصْف الجنَّة، وخَلْقَ آدم، وخلْق حوَّاء، وسجود الملائكة لآدم، وقصَّة طرْدِه من الجنَّة، وقصَّة ميلاد المسيح عيسى - عليه السَّلام -[50]:
بِمَحَبَّةٍ وُلِدَ الْمَسِيحُ مَعَ السَّحَرْ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ طَاهِرًا وَمُنَوِّرَا
صَوْتُ الإِلَهِ وَهَدْيُهُ لِبَنِي البَشَرْ
وَصَدَى الْحَقِيقَةِ.. لِلوُجُودِ مُطَوِّرَا

ويصف حال مكَّة قبل البعثة، وميلاد النبيِّ محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم -[51]:
وَسَرَتْ بِمَوْلِدِهِ البَشَائِرُ أَنَّهُ
هَذَا الَّذِي سَيَكُونُ فِي شَأْنٍ غَدَا
وَتَسُودُ أُمَّتُهُ وَتُحْيِي كَوْنَهُ
بِالآيِ وَالإِسْلامِ جَاءَ وَأَسْعَدَا

وتَشمل دعوتُه الإصلاحيَّةُ بني قومه، وحُكَّامَ البلاد، من ملكٍ أو أمير أو رئيس، أن يُراعوا الله في حُكمهِم، وأن يَفطنوا إلى نيات اليهود الخبيثة، وأنَّ اليهود يشنُّون حربًا ضدَّ الله والأديان، فيقول محذِّرًا[52]:
يَا بَنِي قَوْمِي.. أُولاَءِ الأَشْقِيَاءْ
الوُجُودِيُّونَ أَعْدَاءُ الشُّعُوبْ

مِنْ دُعَاةِ الفِسْقِ أَرْبَابِ العَدَاءْ
يَهْدِفُونَ اليَوْمَ تَقْوِيضَ الطُّيُوبْ


حَرْبُهُمْ للهِ وَالأَدْيَانِ غَايَاتٌ قَدِيمَهْ
شَرْعُهُمْ دُنْيَا وَإِرْهَابٌ وَأَوْحَالٌ مُقِيمَهْ

ويعلو صوت الشَّاعر جهيرًا، يعلن الحرب ضدَّ الأعداء باسْم الدِّين والرُّوح العليَّة؛ لتقتلع جذورَ الأعداء من أرض السَّلام والمحبَّة ولا تُبقي لهم في الشَّرق بقيَّة، حتَّى يَستعيد الإنسانُ كرامتَه ومجْدَه، فيقول[53]:
يَا بَنِي قَوْمِي كَمَا كُنَّا سَنَغْدُو
بِالنُّهَى وَالدِّينِ وَالرُّوحِ العَلِيَّهْ

نَحْمِلُ الأَعْبَاءَ إِخْلاَصًا وَنَحْدُو
مَوْكِبَ الأَبْطَالِ فِي حَرْبٍ عَتِيَّهْ


تَحْصُدُ الأَعْدَاءَ لاَ تُبْقِي لَهُمْ فِي الشَّرْقِ رَعْدَهْ
تَصْهَرُ الإِنْسَانَ حَتَّى يَسْتَعِيدَ اليَوْمَ مَجْدَهْ
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.37 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.73%)]