عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 06-07-2021, 02:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الإسلام والعروبة في الشعر السعودي... عبدالسلام هاشم حافظ نموذجًا

ويقول في قصيدة "الحُبِّ والحرب"، ذاكرًا بلدان الأمَّة العربية، وفي كلِّ قُطْر آهةٌ وشكوى من جرَّاء الاستعمار وويلاته، وكأنَّ الوطن الصغير قد تلاشى وذاب في نسيج الوطن الكبير، الذي تجمعه آصِرَة الدِّين والعروبة؛ فيقول[77]:
يَا قَوْمُ فِي تُونُسَ الأَشْرَارُ قَدْ عَبِثُوا
وَفِي الْجَزَائِرِ سَامُوا الشَّعْبَ عُدْوَانَا

وَفِي فِلَسْطِينَ لاَ زَالَتْ جَوَارِحُنَا
تَدْمَى لِتَارِيخِنَا الْمَثْلُومِ أَزْمَانَا

حَتَّامَ تَبْقَى بِبَيْتِ الأُسْدِ شِرْذِمَةٌ
تُهَدِّدُ الشَّرْقَ وَالإِسْلامَ إِعْلانَا؟

لاَ سِلْمَ لاَ صَمْتَ بَعْدَ اليَوْمِ فِي دَعَةٍ
حَتَّى نَرَى الشَّرْقَ بِالآمَالِ جَذْلاَنَا

دُنْيَا العُرُوبَةِ تْحَيَا حُرَّةً أَبَدًا
حَتَّى نَرَى قَوْمَهَا فِي الْحَقِّ أَعْوَانَا



ومن المُنطلَق الدِّيني ذاته، نَلحظ رؤية استشرافيَّة تعمُّ الكون كله، وأُمنية مبعَثُها إيمانه الخالص بأن يعمَّ الخيرُ والسلام كلَّ بلدان العالَم، وبكل أفق يُزْهِر الأمل الكبير، تتَعايش الأقوامُ بسلام، ومن المحبَّة تستنير - على حدِّ قوله:
وَمَرَابِعُ الأَحْلامِ عجَّتْ بِالسَّنَا
لِتُلَوِّنَ الدُّنْيَا حَيَاةً فِي ازْدِهَاءْ

فِي عَالَمٍ زَاهٍ مِثَالِيِّ الرُّؤَى
يَتَعَانَقُ الإِخْوَانُ فِيهِ عَلَى صَفَاءْ[78]



أبَى شاعِرُنا أن يعزل العروبة عن الإسلام، وقرَنَ العروبة بالإسلام دائمًا، وجعل حماية العروبة واجبًا دينيًّا، وجلاء الأعداء عن الشَّرق من صميم وجدان المُسلم الذي يأبى الذُّل والهوان بِطَبعه؛ لأنَّ فكرة القوميَّة العربية كانت مختلطةً بالمفهوم الدِّيني غير مفصولة عنه؛ وهو إذْ يعبِّر عن ذلك فهو يَنطلق من "الوجدان المشترَك"، ولقد صوَّر شاعِرُنا المُشاركة الوجدانيَّة في عدة صور، منها فرحة المسلمين بقدوم العيد، وما يبعثُه في النَّفس من ابتهاجٍ وحُبور، والعيد يَجتمع فيه المسلمون من شتَّى بقاع الأراضي التي تؤمن بالله، لكن شاعرنا يؤجِّل الفرحة بالعيد حتَّى يتحرَّر الوطن من قيد الاستعمار، فقال:
يَا عِيدُ إِنَّ الفَرْحَةَ الكُبْرَى بِتَحْرِيرِ الوَطَنْ
عِشْنَا عُهُودًا مُظْلِمَاتٍ بِالإِحَنْ
الفِكْرُ وَالوِجْدَانُ فِي ذُلِّ القُيُودْ
وَالْجَبْهَةُ العَجْفَاءُ تَلْثمُ مَوْطِئَ البَاغِي العَنِيدْ[79]

وهو في صورةٍ أخرى يَنطلق من الدِّين والعروبة معًا؛ بِوصفهما قاعدةً ثابتة، يجدر له الانتماء إلى أيِّ قُطر من خلال هذين العاملين، وباسْم العروبة والدِّين يجأر الوطن مناديًا أبناءه - وهو منهم - أنْ حرِّروني من الأعداء الطامعين، واحْمُوا العروبة، وذودوا عن الدِّين ما لحق به، فقال[80]:
بَنِي وَطَنِي قَدْ دَعَانَا الوَطَنْ
نُحَرِّرُهُ مِنْ قُيُودِ الزَّمَنْ

وَنَحْمِي العُرُوبَةَ كَيْدَ الغُزَاةِ
وَنَقْطَعُ دَابِرَ كُلِّ الفِتَنْ

نُسُورَ الْحِمَى يَا بُنَاةَ الْخُلُودْ
نَذُودُ عَنِ الدِّينِ أَعْدَاءَهُ
وَنُجْلِي عَنِ الشَّرْقِ عَارَ الإِسَارْ

وَنَصْفَعُ وَجْهَ العِدَا وَالشَّقَاءِ
فَعَهْدُ الْمَهَانَةِ وَلَّى وَغَارْ


وقد كان الشاعر ممن تبنَّوا قضايا أمَّتِهم، وكان لِسانَ حالِها المعبِّرَ عن مِحَنِها وآلامها وتطلُّعاتِها؛ فالشُّعوب العربيَّة هي شعوب الهُدى والرَّشاد؛ لأنَّها تتمسَّك بالإسلام ومبادئه السَّمحة التي وحَّدَت هذه الشُّعوب، وجعلَتْ من وحدتها قوَّة تَسمو على العالَمين، والشُّعوب العربية خالدةٌ باقية ما دام الدِّين[81]:
نَعِيشُ وَنَسْمُو عَلَى العَالَمِينَ
بِوَحْدَةِ شَعْبٍ مَتِينِ القُوَى

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.12 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.18%)]