عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 18-07-2021, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في الشعر العربي

فيالك من نفس تساقطُ أنفسًا
تساقط دُرٍّ من نظام بلا عِقْدِ

أريحانة العينين والأنف والحشا
ألا ليت شعري هل تغيَّرت عن عهدي

كأني ما استمتعتُ منك بِضَمَةٍ
ولا شمة في ملعب لك أو مهد

أُلامُ لِمَا أُبْدِى عليك من الأسى
وإِني لأُخفي منك أضعاف ما أُبدي



هذه النفثات الصادقة، والأدمع المنظومة نجدها عند كثيرين لا يمكننا حتى حصر أسمائهم لكثرتهم، ولعل من ابرزهم أبا تمام، وإِبراهيم ابن خليفة المهدي، والتهامي، وأبا الوليد الباجي الأندلسي، وأبا الحسن علي الكفيف القيرواني الذي صنع في بكاء ابنه مراثي على حروف المعجم، ألف منها ديوانًا سماه ((اقتراح القريح واجتراح الجريح)).

أما بكاء الرجال زوجاتهم: فله أيضًا نماذج حية كثيرة في ديوان الرثاء العربي. ومن أروع ما رُثي به الزوجات وأشجاه قول محمد بن عبدالملك الزيات في زوجته وقد تركت له وليدًا يجدد جراحه ويطيل برحاءه:
ألا مَنْ رأى الطفل المفارِقُ أُمَّهُ
بُعَيْدَ الكرى[36] عيناه تبتدرانِ

رأى كلَّ أُمٍ وابنها غير أُمّهِ
يبيتان تحت الليل ينتجيان

وبات وحيدًا في الفراش تحثهُ[37]
بلابل[38] قلب دائم الخفقان

فلا تلْحيان[39] إِن بكيت فإِنما
أداوي بهذا الدمع ما تريان

وإِن مكانًا في الثرى خُطَّ لحده
لمن كان في قلبي بكل مكان

أحق مكان بالزيارة والهوى
فهل أنتما إِن عِجْتُ[40] منتظران



إِنها لوعة زوج وامق، عظمت مصيبته واشتدت حسراته.

وممن ندب جاريته طويلاً، وخلدها بشعره، المُعلَّى الطائي المصري، وكانت تسمى ((وصْفًا))، وفيها يقول:
يا موت ما بقيت لي أحدًا
لما زففْت إِلى البلى وصْفا

أسكنتها في قعر مظلمة
بيتًا يصافح تُرْبُهُ السَّقْفا


يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.67 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.63%)]