عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 28-07-2021, 04:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,340
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القضايا الأساسية والصور البيانية في شعر محمود غنيم، من خلال ديوان "صرخة في واد"

القضايا الأساسية والصور البيانية في شعر محمود غنيم، من خلال ديوان "صرخة في واد" 2
محمد ويلالي




وكذلك كانت حاله عندما صار مفتشًا، لم يغنه التفتيش عن الفاقة، بل لم يسرَّ به مرة واحدة، فاسمع إليه يقول في عنف وقلق:


لَقَدْ خِلْتُهُ يُغْنِي عِيَالِي مِنَ الطَّوَى
فَكَانَ كَمَضْرُوبٍ مِنَ النَّقْدِ زَائِفِ

وِزَارَةُ مَهْضُومِينَ لَيْسَ بِقَابِضٍ
فَتًى يَرْتَقِي فِيهَا وَلَيْسَ بِصَارِفِ

إِذَا قِيلَ: مَنْسِيُّونَ فَتَّشْتُ عَنْهُمُ
فَلَمْ أَلْقَهُمْ إِلاَّ رِجَالَ الْمَعَارِفِ"[41]



ويتحدث عن راتبه، فيقول في أسلوب هازئ فكه:
"وَلِي رَاتِبٌ كَالْمَاءِ تَحْوِيهِ رَاحَتِي
فَيَفْلِتُ مِنْ بَيْنِ الْأَصَابِعِ هاَرِبَا

إِذَا اسْتَأْذَنَ الشَّهْرُ الْتَفَتُّ فَلَمْ أَجِدْ
إِلَى جَانِبِي إِلاَّ غَرِيمًا مُطَالِبَا"[42]



وتُعَدُّ قصيدته: "كأس تفيض" من القصائد الحزينة التي تبعث الشَّجَن في نفس القارئ، وتَجعله يُعايِن ما كان "غنيم" يُكابِدُه من حرمان وضيق وفقر، نَابعٍ من الوضع الاجتماعي المُزري الذي كانت تعيشه مصر آنذاك، فعَبَّر عنه بقوله:
"لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي عَلَى أَيِّ مَنْطِقٍ
أُشَاهِدُ فِي مِصْرَ الْحُظُوظَ تُقَسَّمُ

فَكَمْ رَصَدَ الْأَفْلاَكَ فِي مِصْرَ أَكْمَهٌ
وَزَلْزَلَ أَعْوَادَ الْمَنَابِرِ أَبْكَمُ"[43]



ثم يقول عن نفسه:
"أَقَمْتُ بِمِصْرَ عَاثِرَ الْحَظِّ سَاكِنًا
كَمَا سَكَنَتْ أَهْرَامُهَا وَالْمُقَطَّمُ

وَقَفْتُ مَكَانِي لاَ أَرِيمُ وَأَخْمُصِي
عَلَى الشَّوْكِ فِي طُولِ السُّرَى تَتَوَرَّمُ

كَأَنِّي إِطَارٌ دَائِرٌ حَوْلَ نَفْسِهِ
يَطُولُ بِهِ الْمَسْعَى وَلاَ يَتَقَدَّمُ"[44]



وهكذا تطفح القصيدة برمتها بهذا الأنين والحشرجات المكدرة، كأنَّ الرجلَ بَعير "معبد" استؤصل من المجتمع، أو نفاية مهملة، ليس لها في المجتمع أي قرار.

وخرج الشاعر في يوم ماطر ببلدة "كوم حمادة"، فداهمته سيارة تقذف عجلاتها مياهَ المطر على المارة، وكان الشاعر ممن أصيبوا، يقول واصفًا هذا الموقف:
"وَبَيْنَمَا نَحْنُ نَجُوزُ حَارَةْ
إِذْ دَهَمَتْنَا عِنْدَهَا سَيَّارَةْ

تَنْطَلِقُ انْطِلاَقَ سَهْمٍ مَارِقِ
سَابِحَةً فِي ضَفَّةِ الزَّوَارِقِ

تَنضَحُ بِالْمِيَاهِ جَانِبَاهَا
عَلَى ثِيَابٍ لَيْسَ لِي سِوَاهَا

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.45 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]