عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 28-07-2021, 04:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القضايا الأساسية والصور البيانية في شعر محمود غنيم، من خلال ديوان "صرخة في واد"





وفي إطار الحديث عن "مصر"، نرى الشاعر يُشيد بها في كل مناسبة، ويقرن مَجدها بمجد أبنائها، فها هو ذا يعجب بالأديب الوزير "إبراهيم دسوقي أباظة"، ويهنئه بارتقائه إلى مَرتبة الباشوية، ثم انتظر سؤالاً فيه نوع عتاب عند امتداحه له، فيجيب بأنَّ في تكريمه تكريمًا لبلاده، وأن مصر بمثابة الأم التي تتيه ميسًا عند انفتاح كل برعومة، تنسمت عبيرَ الحياة الألقة:



"قَالُوا تُكَرِّمُهُ فَقُلْتُ فَتًى إِذَا

كَرَّمْتُهُ كَرَّمْتُ فِيهِ بِلاَدِي




ابْنٌ لِمِصْرَ تَتِيهُ مِصْرُ بِبِرِّهِ

وَالْأُمَّهَاتُ يَتِهْنَ بِالْأَوْلاَدِ"[102]








وعلى الواجهة الأخرى، نرى "غنيمًا" يتحدث عن الجانب المظلم الذي عانته مصر من جراء الحروب، في قصيدة اختارَ لها عنوانَ: "الهلال الأحمر"؛ أي: إنَّه مصبوغ بالدماء، وهو انعكاس نفسي لكثرةِ الدِّماء التي وقعت عليها عَيْنُ الشاعر، يذكر فيها غارات الإيطاليِّين على مصر في عهد "موسوليني"، ولا يَجد مردًّا في إبداء حزنه على هذا البلد العتيد الذي عرف مجد الحضارة، وسُمُوقَ التقدم، إلى جانب حاضرها الزَّاهر، وأكثر ما يشد الشاعر لبلده ما عرفته من ديانات قديمة أبدت قَدْرَ مصر، فقد كانت مسرحًا للنصرانية، واليهودية، والإسلام، وفتحت ذراعيها مُرَحِّبة بكل ذلك، مبدية قدرتَها على التحدي، وثباتها في الأمور:



"عَتَبَتْ بِمِصْرَ فَرَوَّعَتْ

هَا كَفُّ شَيْطَانٍ مَرِيدْ




لَمْ تَرْعَ مَاضِيَهَا وَلَمْ

يَحْفِلْ بِحَاضِرِهَا الْعَتِيدْ




بَلَدُ الشَّرَائِعِ وَالْهُدَى

وَكِنَانَةُ اللَّهِ الْوَدُودْ




فَرَّتْ بِمِصْرَ خِلاَفَةُ الْ

إِسْلاَمِ مِنْ عَهْدٍ عَهِيدْ




وَمَشَى الْمَسِيحُ بِهَا وَمُو

سَى فِي ثَرَاهَا الطُّهْرُ عِيدْ




مَا ضَاقَ ذَرْعًا بِالنَّصَا

رَى رَحْبُهَا أَوْ بِالْيَهُودْ"[103]








أمَّا من حيث الإطار الخارجي، فإنَّ "غنيمًا" أثبت رسوخَ قدمه في اعتنائه بأُمورِ المسلمين، وتَتَبَّع مُعظم الحالات التي عادت على الأقطار العربية بأسوأ عائد، فانظر كيف يعدُّ "العراق" - مثلاً - جزءًا لا يتجزأ من كيان الأمة الإسلامية، وأنَّه يَحِنُّ إلى أهله حنينَه إلى أهل وطنه، بل جعلهم من معشر الآل والأصحاب، وإن لم يكن اطِّلاعه على العراق أو اتِّصاله بأهله إلاَّ عبر الكتب:



"حَيَّيْتُ فِي شَخْصِ "الْجَمَالِي"[104]

بَلَدًا حَوَى شَطْرَ الْجَمَالِ




بَلَدًا أَحِنُّ لِسَاكِنِي

هِ كَأَنَّهُمْ صَحْبِي وَآلِي




إِنْ كُنْتُ لَمْ أَزُرِ الْعِرَا

قَ وَلَمْ أَشُدَّ لَهُ رِحَالِي




فَلَكَمْ أَقَلَّتْنِي إِلَيْ

هِ الْكُتْبُ فِي جُنْحِ اللَّيَالِي"[105]

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.60 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.27%)]