عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 28-07-2021, 03:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القضايا الأساسية والصور البيانية في شعر محمود غنيم، من خلال ديوان "صرخة في واد"





ثم لا يفتأ يتغنى بالحضارة العظيمة التي عرفها العراق، والتي تبعثُ على الاعتزاز بهذا القُطر الذي كانت له مكانتُه العظيمة من حيث الثَّقافة والمعارف:



"بَلَدٌ إِلَى أَحْضَانِهِ

آوَى الْحَضَارَةَ مِنْ ضَلاَلِ




نَظَمَ الْمَعَارِفَ تَاجُهُ

نَظْمَ الْفَرِيدِ مِنَ اللَّآلِي




أَدَّى إِلَى الْجِيلِ الْجَدِي

دِ رِسَالَةَ الْأُمَمِ الْخَوَالِي




إِنْ يَتَّصِلْ طَرَفَا الثَّقَا

فَةِ فَهْوَ حَلْقَةُ الِاتِّصَالِ"[106]








ويتحدث "غنيم" عن علاقة مصر ببعض الدُّول الشقيقة، ويَمزج ما بين إعجابه ببلده، وإعجابه بهذه الأقطار الإسلامية الأخرى، فهو يَجعل - مثلاً - مصر والسودان كالدولة الواحدة، التي لا تفرق بينها جدران سياسية أو جغرافية، بل إنَّه يثور على هذا التقسيم، ويَعُدُّ النيلَ صِلَةَ الْوَصْل بين البَلَدين، فلماذا هذه التفرقة، وهذه الحيطان التي تفصلهما؟



"يَا جِيرَةَ النِّيلِ حَيَّ اللَّهُ مَقْدِمَكُمْ

لَسْنَا نَعُدُّكُمُ فِي مِصْرَ ضِيفَانَا




لَقَدْ نَزَلْتُمْ بِرَهْطٍ مِنْ عَشِيرَتِكُمْ

وَزُرْتُمُ بَدَلَ الْأَوْطَانِ أَوْطَانَا




لَمَّا نَزَلْتُمْ عَنِ الْفُصْحَى بِدَارَتِهَا

كَادَتْ تُرَحِّبُ آسَاسًا وَجُدْرَانَا




إِنَّا نُكَرِّمُ فِي أَشْخَاصِكُمْ وَطَنًا

لَوْ صُوِّرَتْ مِصْرُ عَيْنًا كَانَ إِنْسَانَا




النِّيلُ قَدْ وَحَّدَ الرَّحْمَنُ وَادِيَهُ

فَفِيمَ نَقْسِمُهُ مِصْرًا وَسُودَانَا"[107]








ويعبر عن التضامن الذي تعرفه بعضُ الدول، والذي يَجب أن يَكْسُوَ كُلَّ البقاع الإسلامية، ويستشعره كل فرد من أفرادها، حتى إذا أَنَّ ذُو شَجَن في الشام، علم به من في المغرب، ومن تأوه في العراق، آساه من في السودان:



"كَمْ بِالْعِرَاقِ وَكَمْ بِالْهِنْدِ ذِي شَجَنٍ

شَكَا فَرَدَّدَتِ الْأَهْرَامُ شَكْوَاهُ"[108]








ويمعن في هذه القضية حين يَعُدُّ أنَّ الأمصار الإسلامية ما هي إلا مصر، وإن تعدَّدت أسماء جنباته، ويرد على الذين يستعذبون نسبةَ أنفسهم إلى بلد دون بلد في شَكْلٍ من التحيُّز والجغرافية؛ مِمَّا يعين على التفرقة، ويقرب الطريق أمام المستعمر:



"قَالُوا الْعِرَاقُ وَمِصْرُ قُلْنَا بَلْ هُمَا

مِصْرَانِ بَلْ مِصْرٌ مِنَ الْأَمْصَارِ"[109]








وهذه قصيدته الخالدة "وقفة على طلل"، التي لهجت بها الألسن في كل مكان، حتى قيل: "لو أنه ليس لغنيم إلاَّ قصيدته هاتِه، لكفتْه"، هذه القصيدة التي قالت فيها جريدةُ "طرابلس الغرب اليومية": "ولعل قصيدته "ما لي وللنجم يرعاني ويرعاه" - تقصد قصيدةَ "وقفة على طلل" - أصبحت أعلق بأذهانِ الناطقين بالضاد من "قفا نبك" التي ضُرِبَ بشهرتها المثل"[110]؛ لأَنَّها كانت تُمثل أنينَ كل عربي مسلم، وتترجم أحاسيسَ كلِّ من له أحاسيس، وفيها تتجلى القضايا الوطنية بارزة؛ حيث وصف الواقع المؤلم الذي يعيشه المسلمون، وبين ميزات الماضي الذي:



"كُنَّا نَعِيشُ عَلَى أَنْقَاضِهِ أُمَمًا

وَنَسْتَمِدُّ الْقُوَى مِنْ وَحْيِ ذِكْرَاهُ"[111]


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.21 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.16%)]