عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 28-07-2021, 03:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,905
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القضايا الأساسية والصور البيانية في شعر محمود غنيم، من خلال ديوان "صرخة في واد"


أَلَمْ تَرَ الْعُصْبَةَ فِي الْمَنَامِ

تُحَرِّشُ الذِّئَابَ بِالْأَغْنَامِ

إِنْ رَضِيَ الْقَاضِي عَنِ الْإِجْرَامِ

فَإِنَّهُ أَوْلَى بِالِاتِّهَامِ"[128]

ثم ينتفض في وجه هذه العصبة، ويصرخ ألاَّ فصل ولا عدل إلا بالحسام،فهو الكفيل بوضع الأمور في نصابها:
"لاَ فَصْلَ إِلاَّ بِالْحَدِيدِ الدَّامِي

فَالْحَقُّ فِي أَسِنَّةِ السِّهَامِ"[129]


وتَحدَّث "غنيمٌ" كثيرًا عن هذا السراب الواهم، الذي يسمونه "السلام"، واعتبره حلمًا تلهج به الألسنة الكليلة:
"قَالُوا السَّلاَمُ فَقُلْتُ مَا
عِيُّ اللِّسَانِ عَنِ الْكَلاَمِ"[130]



ثم يبالغ في تأكيد حقيقة السلام، وهي أنَّه أداة تَملكها يد الغربيِّين، تسلس بها مَقاد المسلمين، وتُضلِّلهم برفع شعارها، فالغنيُّ القوي في حقيقة الأمر هو المستفيد من ألعوبة "السلام"، في حين بَقِيَ الضعيف يطلب في الحبالة مركضًا:
"وَيْحَ السَّلاَمِ جَنَى الْقَوِيُّ ثِمَارَهُ
وَكَوَى الضَّعِيفَ بِجَمْرِهِ اللَّذَّاعِ"[131]



ولذلك، فالسلم في حقِّ هذا الضَّعيف فتكٌ بطيء، من دون سلاح ولا صِراع:
"الْحَرْبُ يَفْتِكُ بِالنُّفُوسِ صِرَاعُهَا
وَالسِّلْمُ فَاتِكَةٌ بِغَيْرِ صِرَاعِ"[132]





ولكن، إذا كانت هذه هي الآمال المنشودة، والدَّعوات المثالية إلى تَحقيق جهاد إسلامي يكسر الغرب، ويسترجع قمةَ الأَمْجاد، فما موقفنا من حروب هذا العصر، من هذه الأفواه القاذفة للشرر كأَنَّ نَسْغَ حياتِها هو هذا القذف المرعب، والنيران الهائجة.



لا شَكَّ أنَّ العاقلَ يقف مَشدوهًا أمامَ هذا الفتك والدَّمار، يسعى كلَّ جهده أنْ يوقف هذه الحروبَ التي لم تُوقِّر الشيخَ الْهَرَم، ولا الطفلَ الرَّضيع اللَّذَيْنِ لا يَملكان من الأمر شيئًا، لقد طال بكاء "غنيم" على الجثث المترامية على ميادين العراك، على الهامات المتقاذفة تَحت السنابك، على الأبرياء الذين يُخطَفون خطفًا، أو يُسْحَقون سحقًا، بلا سابق ذنب، أو فارط زلة:



"مَا لِلشُّيُوخِ وَلِلْوَغَى

الشَّيْخُ مَأْفُونٌ عَدَاؤُهْ




مَا لِلرَّضِيعِ بِمَهْدِهِ

يَشْتَدُّ بِالْهَيْجَا بَلاَؤُهْ




لاَ ثَغْرَ يَفْتَحُهُ وَلاَ

عَرْشٌ يُتَاحُ لَهُ اعْتِلاَؤُهْ




يَكْفِيهِ مُلْكًا ثَدْيُ أُمْ

مٍ زَادُهُ فِيهِ وَمَاؤُهْ"[133]








إنَّ القلبَ لَيُمَزَّقُ حَسْرةً وكمدًا على هذا الضَّياع، على هذه العقول السَّخيفة التي ترشد الأقوامَ إلى حتفها، الحرب ليس لَها من سِرٍّ سوى الدَّمار والطحن، أضرارها عائدة على الغالب والمغلوب، فماذا جنَيْنا - إذًا - من هذه الحروب الطِّوَال، أذهبًا مُسبكًا، أم كنوزًا تقر بها العيون، أم أكبادًا وقلوبًا وجسومًا وهامات؟



"لَمْ يَبْقَ فِي مَجْرَى الدِّمَاءِ بَقِيَّةٌ

شَكَتِ الْعُرُوقُ مِنَ الدِّمَاءِ نُضُوبَا




طَحَنَتْ فَرِيقَيْهَا الْحُرُوبُ بِضِرْسِهَا

لاَ غَالِبًا رَحِمَتْ وَلاَ مَغْلُوبَا



يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.12 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]