عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 29-07-2021, 03:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,720
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في شعر باشراحيل

فَاغْفِرْ لَهُ يَا إِلَهَ الْكَوْنِ فِي كَرَمٍ

فَإِنَّنَا وَجَمِيعَ الْخَلْقِ خَطَّاءُ






وفي القصيدتين السابقتين يتبيَّن لنا مدى عاطفة باشراحيل الفوَّارة بِحُبِّ أهل العلم والأدب، والصادقة إلى أبعدِ مدى، والألفاظ التي تُلائِم جَوَّ الرثاء، وجلالَ الحدث، ومكانةَ الراحلين، فضلاً عن الصور الفنية المعبرة عن علمِ وقيمةِ هؤلاء، كقوله: "فَاغْتَرِفْ مِنْ مَنَاهِلِ الرَّبِّ فَضْلاً"، وهي صورة جامعة لما ينتظره من الثَّواب العميم، والخير الجزيل، وعليه في الجنات أن يغترفَ من أماكن وموارد ومناهل وفيوضاتِ الرحمن - سبحانه وتعالى - فهو الجدير بهذه المكرمات الربانية، وفي قوله:



ضَمَّخَ اللَّهُ بِالرَّيَاحِينِ وَجْهًا

وَسَقَاكَ الْحَيَا مِنَ الْخَيْرِ مَاطِرْ







تخيل الرياحين وهي تعتلي وجهَ المعلمي في رحاب الله، داعيًا مولاه أن يسقيَه من عطائه الجزيل وخيراته الماطرة.



كذلك حال باشراحيل في صدقه الإنساني مع قصيدةِ رثاء العلاَّمة حمد الجاسر، تفوح فيها روائحُ الإخلاص والمحبة والصِّدْق، والتحليق الفني في دوحة علامة الجزيرة، وتبدو تصاويره الفنية أقربَ إلى اللوحة الفنية المرسومة بريشة فنان ماهر، مثال ذلك قول بشراحيل:



يَا سَاكِنًا فِي جُفُونِ الدَّهْرِ مَا غَمَضَتْ

عَيْنٌ مِنَ الدَّمْعِ تَهْمِي وَهْيَ نَجْلاَءُ







عندما جعله الشاعر ساكتًا في جفون الزمن، وأنَّ كلَّ العيون البشرية تبكي عليه، وتنوح من أجْلِ فراقه، وهي صورة بديعة تتضمن معانِيَ جَمَّة تؤكد على مكانة هذا الرجل الموسوعي.



كذلك أبدع خيالُ باشراحيل في قوله عن حمد الجاسر:



خُيُولُنَا فِي رِحَابِ الْفِكْرِ جَاثِمَةٌ

وَخَيْلُ فِكْرِكَ تَجْرِي وَهْيَ خَرْسَاءُ







فأفكارنا نحن بلا خيول مُتحركة؛ لأنَّها جاثمة على الأرض، أمَّا خيلُ فكر حمد الجاسر، فهي راكضة مُتحركة وراء المعرفة والعلم والرِّيادة في شَتَّى مجالات الحياة.



وفي فراقِ الشيخ محمد بن عثيمين أبدع الشاعِرُ عبدالله باشراحيل فريدتَه "الفراق المر" متوجعًا، شاكيًا، باكيًا، مُستصعبًا آلامَ الفراق، ولوعةَ الرحيل:



يَا لَلْفِرَاقِ بَكَتْكَ عَيْنٌ أَمْ فَمُ

وَبَكَاكَ فِي كُلِّ الْبِلاَدِ الْمُسْلِمُ




مَا أَصْعَبَ الْفَقْدَ الَّذِي يَنْتَابُنَا

وَالْمَوْتُ حَقٌّ وَالْقَضَاءُ مُحَكَّمُ







ولأن الشيخَ كان بطلعته البَهِيَّة يعتاد المسلمين في كلِّ عيد، ويُطِلُّ عليهم بإشراقته الساحرة، فإنه الآن اختار طريقَ الجنان، الذي هو أعظمُ فرحةً للمُؤمن الظمآن لنعيم مولاه:



يَا أَيُّهَا الشَّيْخُ الَّذِي يَعْتَادُنَا

فِي كُلِّ عِيدٍ بِالتُّقَى يَتَبَسَّمُ




عِيدُ الْجِنَانِ هُنَاكَ أَعْظَمُ فَرْحَةٍ

لِلْمُؤْمِنِ الصَّادِي لِمَنْ هُوَ أَعْظَمُ







ويرى باشراحيل أنَّ ابن عثيمين يتسربل في النعيم - بإذن الله - ويشرب رحيقَ المسك؛ لأنَّه عاشق البلد الحرام، وهذا هو جزاء العُلماء العاملين:



عِمْ يَا مُحَمَّدُ بِالنَّعِيمِ وَبِالْعُلاَ

وَاشْرَبْ رَحِيقَ الْمِسْكِ وَهْوَ مُخَتَّمُ




وَانْعَمْ بِأُخْرَاكَ الْبَهِيجَةِ بَاسِمًا

فِي رَوْضَةٍ مِنْ حُسْنِهَا تَتَكَلَّمُ



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.83 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.23%)]