عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14-09-2021, 06:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,842
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عن المساجد

خطبة عن المساجد


رافع العنزي




الخطبة الأولى[1]







عباد الله، قال جلا وعلا: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ ﴾ [الجن: 18]، فيها يذكر اسمه، ويسبح له فيها بالغدو والآصال، ومنها يُنادى إلى طاعته وعبادته، وفيها ومنها يَشِعُّ نور الإيمان، وتحيا القلوب وتزكو الأرواح وتسجد الجباه، وتتوحد الصفوف وتتآلف النفوس.







المساجد مكان لقاء العبد بربه العلي القدير؛ حيث تتنزل الرحمات، وتُغفر الزلات، وتُمحى السيئات، المساجد هي بيوت الله في أرضه، ومواطنُ عبادته وشكره وتوحيده، هي أحب البلاد إلى الله، وأشرفُها منزلة عنده سبحانه، ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أحبُّ البقاع إلى الله مساجدها، وأبغض البقاع إلى الله أسواقها".







بناؤها قُربةٌ وعبادةٌ، وعَدَ الله مَن بنَاها بالجنة، قال عليه الصلاة والسلام: «من بنَى مسجِدًا لله ولو كمفحص قطاة، بنَى الله له في الجنة مثلَه»؛ (متفقٌ عليه).







وفي قوله: (ولو كمِفحص قطاة): تشجيع للفقراء على المشاركة بالقليل، وقد ذكر الحافظ ابن حجر أنه قد ذهب بعض العلماء أنه لو اشترك جماعة في بناء مسجد، فتقع حصة كل واحد منهم ذلك القدر، فقد حصل على الأجر.







قاصِدُها أجرُه عظيم: «له بكلِّ خطوةٍ يخطُوها حسنة، ويرفعُه بها درجة، ويحُطُّ عنه بها سيئة»؛ رواه مسلم.







ورجُوعُه منها إلى بيته يُكتَبُ له مثل ذلك، قال رجُلٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أريدُ أن يُكتَبَ لي ممشَايَ من المسجِدِ ورجُوعِي إذا رجَعتُ إلى أهلي، فقال - عليه الصلاة والسلام -: «قد جمَعَ الله لك ذلك كلَّه»؛ (رواه مسلم).








ومن الرِّباطِ: كثرةُ الخُطى إليها وانتظار الصلوات فيها، فقال صلى الله عليه وسلم: «ومن غدَا إلى المسجد أو راحَ، أعدَّ الله له في الجنة نُزُلًا كلما غدَا أو راحَ»؛ (متفقٌ عليه).







وقال صلى الله عليه وسلم: «أعظمُ الناسِ أجرًا في الصلاةِ أبعَدُهم فأبعَدُهم ممشَى، والذي ينتظِرُ الصلاةَ حتى يُصلِّيها مع الإمام، أعظمُ أجرًا من الذي يُصلِّي ثم ينامُ»؛ (متفقٌ عليه).







ومن أسباب مغفِرة الذنوب: المشيُ إليها، قال - عليه الصلاة والسلام -: «من توضَّأَ للصَّلاةِ فأسبغَ الوضوءَ، ثمَّ مشى إلى الصَّلاةِ المَكتوبةِ، فصلاَّها معَ النَّاسِ أو معَ الجماعةِ أو في المسجدِ، غفرَ اللَّهُ لَهُ ذنوبَهُ»؛ (رواه مسلم).







والإسلامُ أعلَى مكانَتَها، وعظَّم من يقوم بخدمَتِها، سأَلَ - عليه الصلاة والسلام - عن امرأةٍ كانت تقُمُّ مسجِدَه، فقالوا: ماتَت، فقال: «دلُّونِي على قبرِها»، فدلُّوه فصلَّى عليها؛ (رواه البخاري).







ولَمَّا بالَ أعرابيٌ في المسجِدِ أمَرَ - عليه الصلاة والسلام - بذَنُوبٍ من ماءٍ، فهُرِيقَ عليه، ثم علَّمَه حُرمَتَها، وقال له: «إن هذه المساجد لا تصلُحُ لشيءٍ من هذا البول»؛ (رواه مسلم).







وقد أمر الله سبحانه وتعالى بأخذ الزينة عند كل صلاة، فقال: (يَا بَنِي آَدَمَ، خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ).







قال ابن كثير: ولِهَذه الآية وما وَرَد في معناها مِن السُّنَّة يُسْتَحَب التَّجَمُّل عند الصلاة، ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد، والطيب لأنه مِن الزِّينة، والسواك لأنه مِن تَمَام ذلك، ومِن أفضل اللباس البياض؛ اهـ.







ومن شرف المساجد جعل الله لها تحية خاصة بها، وهي صلاة ركعتين عند دخولها، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدُكم المسجد، فلا يجلس حتَّى يُصلي ركعتين"؛ (رواه البخاري، الحديث رقم 1163، ص 186).







وجعل الله الاجتماعَ فيها لذكر الله له فضائلُ وكرامات عظيمة؛ جاء في صحيح الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله»؛ يعني في مسجد من مساجد الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشِيتهم الرحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكَرهم الله فيمن عنده».







بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..















الخطبة الثانية







عباد الله، في منازل القيامة، وكربات مواقفها، وأهوال مشاهدها، يكون من كان قلبُه معلقًا بالمساجد في ظل الرحمن، آمنًا مطمئنًّا، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ، وذكر منهم: وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ".







قال ابن رجب رحمه الله في وصف الرجل المعلَّق قلبُه بالمساجد: فهو يحب المسجد ويألفه لعبادة الله فيه، فإذا خرج منه تعلَّق قلبه به حتى يرجع إليه، وهذا إنما يحصُل لمن ملك نفسه، وقادها إلى طاعة الله، فانقادت له، فإن الهوى إنما يدعو إلى محبة مَواضِع الهوى، واللعب المباح أو المحظور، ومواضع التجارة واكتساب الأموال، فلا يَقْصُر نفسه على محبة بقاع العبادة إلا من خالف هواه، وقدَّم عليه محبةَ مولاه، فهو ممن قال الله تعالى فيهم: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 37]، وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((لا يُوَطِّنُ الرجلُ المساجدَ للصلاة والذكر إلا تَبَشْبَشَ اللهُ به مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، كما يتبشبش أَهْلُ الغائب بغائبهم إذا قَدِم عَلَيْهِمْ)).








وصلُّوا رحمكم الله...







[1] مستفادة من خطب أخرى.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.57 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]