
01-10-2021, 10:04 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,561
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (52)
صـ 361 إلى صـ 367
وقد ثبت في صحيح البخاري وغيره عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - (1) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السماوات والأرض» "، وفي رواية:
«ثم خلق السماوات والأرض» (2) . والآثار متواترة عن الصحابة والتابعين بما يوافق القرآن والسنة من أن الله خلق السماوات من بخار الماء الذي سماه [الله] (3) دخانا.وقد تكلم علماء المسلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في أول هذه المخلوقات على قولين حكاهما الحافظ أبو العلاء الهمداني (4) وغيره.
أحدهما: أنه هو العرش،
والثاني: أنه هو القلم. ورجحوا القول الأول لما دل عليه الكتاب والسنة أن الله تعالى لما قدر مقادير الخلائق بالقلم الذي أمره أن يكتب في اللوح كان عرشه على الماء، فكان العرش مخلوقا قبل القلم.
قالوا والآثار المروية أن: " «أول ما خلق الله(1) ن، م: وثبت في البخاري وغيره عن عمران بن حصين.
(2) الحديث مع اختلاف في الألفاظ عن عمران بن حصين في البخاري 9/124 (كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم) ، 4/105 - 106 (كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قول الله تعالى وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/431، 432، 433، 436؛ سنن الترمذي (مختصرا) 5/389 (كتاب المناقب، باب في مناقب ثقيف وبني حنيفة) .
(3) لفظ الجلالة: ليس في (ن) ، (م) .
(4) هو شيخ الإسلام محمد بن سهل العطار شيخ همدان. له تصانيف منها " زاد المسافر " في خمسين مجلدا، توفي سنة 569. ترجمته في تذكرة الحفاظ للذهبي (حيدر أباد، سنة 1334) 4/114 - 117.
************************************
القلم» " (1) ، معناها من هذا العالم. وقد أخبر الله أنه خلقه في ستة أيام، فكان حين خلقه زمن يقدر به (2) خلقه ينفصل إلى أيام، فعلم أن الزمان كان موجودا قبل أن يخلق الله الشمس والقمر، ويخلق في هذا العالم الليل والنهار.
وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في خطبته عام حجة الوداع:
" «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان» (3) ". وفي
(1) الحديث عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - في: سنن أبي داود 4/311 (كتاب السنة، باب في القدر) ونصه: ". . قال عبادة بن الصامت لابنه. . سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب. قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة " يا بني إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من مات على غير هذا فليس مني ". وجاء الحديث عنه - رضي الله عنه - في سنن الترمذي في موضعين 3/310 - 311 (كتاب القدر، باب منه) وقال الترمذي: " هذا حديث غريب "، 5/96 (كتاب التفسير، سورة ن والقلم) وقال الترمذي " هذا حديث حسن صحيح غريب وفيه ابن عباس ". والحديث أيضا في المسند (ط. الحلبي) 5/317.
(2) ن، م: زمن بقدرته.
(3) هذا جزء من حديث طويل عن أبي بكرة - رضي الله عنه - في البخاري في عدة مواضع منها: 9/133 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة) ، 7/100 (كتاب الأضاحي، باب من قال الأضحى يوم النحر) ، 4/107 (كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في سبع أرضين) وأول الحديث فيه: " الزمان قد استدار "؛ مسلم 3/1305 - 1306 (كتاب القسامة، باب تغليظ تحريم الدماء. .) وأول الحديث فيه: " إن الزمان. . "؛ سنن أبي داود 2/265 (كتاب المناسك، باب الأشهر الحرم) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/37 وأول الحديث فيه: " ألا إن الزمان. . ".
************************************
الصحيح عن عمر [بن الخطاب] رضي الله عنه (1) قال: «خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبة فذكر بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم» (2) .
وهكذا في التوراة (3) [ما يوافق] (4) خبر الله (5) في القرآن، وأن الأرض كانت مغمورة بالماء، والهواء يهب (6) فوق الماء، وأن في أول الأمر خلق الله السماوات والأرض، وأنه خلق ذلك في أيام.
ولهذا قال من قال من علماء أهل الكتاب: ما ذكره الله في التوراة يدل على أنه خلق هذا العالم من مادة أخرى، وأنه خلق ذلك في زمان (7) قبل أن يخلق الشمس والقمر.
وليس فيما أخبر [الله تعالى] به (8) في القرآن وغيره أنه خلق السماوات والأرض من غير مادة، ولا أنه خلق الإنس أو الجن أو الملائكة (9) من غير مادة، بل يخبر الله أنه خلق ذلك من مادة، وإن كانت المادة مخلوقة من مادة أخرى، كما خلق الإنس (10) من آدم وخلق آدم من طين، وفي صحيح
(1) ن: عن ابن عمر - رضي الله عنه -؛ م: عن عمر - رضي الله عنه -.
(2) الحديث عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في: البخاري 4/106 (كتاب بدء الخلق، الباب الأول) .
(3) ن، م: وهكذا في التورية؛ ا: وهذا في التوراة؛ ب: هذا وفي التوراة.
(4) ما يوافق: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) م (فقط) : كما أخبر الله.
(6) يهب: ساقطة من (م) فقط.
(7) ا، ب: أزمان.
(8) ن، م: أخبر به.
(9) ن، ا: الإنسان أو الجن أو الملائكة؛ م: الإنسان والجن والملائكة. والمثبت من (ب) .
(10) م (فقط) : الإنسان.
********************************
مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «خلقت الملائكة من نور، وخلقت الجان من مارج من نار (1) ، وخلق آدم مما وصف لكم» " (2) .والمقصود هنا أن المنقول عن أساطين الفلاسفة القدماء لا يخالف ما أخبرت به الأنبياء من خلق هذا العالم من مادة، بل المنقول عنهم أن هذا العالم محدث كائن بعد أن لم يكن.
وأما قولهم في تلك المادة: هل هي قديمة الأعيان، أو محدثة بعد أن لم تكن، أو محدثة من مادة أخرى بعد مادة؟ قد تضطرب النقول عنهم في هذا الباب، والله أعلم بحقيقة ما يقوله كل من هؤلاء، فإنها أمة عربت كتبهم، ونقلت من لسان إلى لسان، وفي مثل ذلك قد يدخل من الغلط والكذب ما لا يعلم حقيقته.
ولكن ما تواطأت به النقول عنهم يبقى (3) مثل المتواتر، وليس لنا غرض معين (4) في معرفة قول كل واحد منهم، بل: {تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون} . [سورة البقرة: 134، 141] .
[ضلال أرسطو وأتباعه وشركهم]لكن الذي لا ريب فيه أن [هؤلاء] (5) أصحاب التعاليم كأرسطو وأتباعه كانوا مشركين يعبدون المخلوقات، ولا يعرفون النبوات ولا المعاد البدني، وأن اليهود والنصارى خير منهم في الإلهيات والنبوات والمعاد.
(1) م، ن، ا: وخلقت الجان من نار.
(2) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في: مسلم 4/2294 (كتاب الزهد والرقائق، باب في أحاديث متفرقة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/153، 168.
(3) ن: بنفي؛ ا: ينفي، وهو تحريف.
(4) معين: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(5) هؤلاء: ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************
وإذا عرف أن نفس فلسفتهم توجب عليهم أن لا يقولوا بقدم شيء من العالم، علم أنهم مخالفون لصريح المعقول، كما أنهم مخالفون لصحيح المنقول، وأنهم في تبديل القواعد الصحيحة المعقولة من جنس اليهود والنصارى في تبديل ما جاءت به الرسل، وهذا هو المقصود في هذا الباب.
ثم إنه إذا قدر أنه (1) ليس عندهم من المعقول ما يعرفون به أحد الطرفين، فيكفي في ذلك إخبار الرسل باتفاقهم عن خلق السماوات والأرض وحدوث هذا العالم، والفلسفة الصحيحة المبنية على المعقولات المحضة توجب عليهم تصديق الرسل فيما أخبرت به (2) ، وتبين أنهم علموا ذلك بطريق يعجزون عنها، وأنهم أعلم بالأمور الإلهية والمعاد وما يسعد النفوس (3) ويشقيها منهم، وتدلهم على أن من اتبع الرسل كان سعيدا في الآخرة، ومن كذبهم كان شقيا في الآخرة، وأنه لو علم الرجل من الطبيعيات والرياضيات ما عسى أن يعلم وخرج عن دين الرسل كان شقيا، وأن من أطاع الله ورسوله بحسب طاقته كان سعيدا في الآخرة وإن لم يعلم شيئا من ذلك.
ولكن (4) سلفهم أكثروا الكلام في ذلك؛ لأنهم لم يكن عندهم من آثار الرسل ما يهتدون به إلى توحيد الله وعبادته وما ينفع في الآخرة، وكان
(1) عبارة: " إذا قدر أنه ": ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: فيما أخبروا به.
(3) ا، ب: النفس.
(4) ن، م: لكن.
********************************
الشرك مستحوذا عليهم بسبب السحر والأحوال الشيطانية، وكانوا ينفقون أعمارهم في رصد الكواكب ليستعينوا بذلك على السحر والشرك، وكذلك الأمور الطبيعية.
وكان منتهى عقلهم أمورا عقلية كلية، كالعلم بالوجود المطلق (* وانقسامه إلى علة ومعلول وجوهر وعرض، وتقسيم الجواهر، ثم تقسيم الأعراض. وهذا هو عندهم الحكمة العليا والفلسفة الأولى، ومنتهى ذلك العلم بالوجود المطلق *) (1) الذي لا يوجد إلا في الأذهان دون الأعيان.
ومن هنا دخل من سلك مسلكهم من المتصوفة المتفلسفة كابن عربي (2) وابن سبعين (3) والتلمساني (4) وغيرهم، فكان منتهى معرفتهم
(1) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(2) هو أبو بكر محيي الدين محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي، المعروف بابن عربي، والملقب عند الصوفية بالشيخ الأكبر والكبريت الأحمر وغير ذلك. انظر ترجمته في: نفح الطيب 2/361 - 348؛ شذرات الذهب 5/190 - 202؛ طبقات الشعراني 1/163؛ ميزان الاعتدال 3/659 - 660؛ لسان الميزان 5/311 - 315؛ فوات الوفيات 3/478 - 482؛ الأعلام 7/170 - 171 وانظر كتاب " ابن عربي " لآسين بلاثيوس، ترجمة د. عبد الرحمن بدوي، ط. الأنجلو، القاهرة، 1965؛ مناقب ابن عربي لإبراهيم بن عبد الله القارئ، تحقيق د. صلاح الدين المنجد، بيروت، 1959؛ تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي للبقاعي مصرع التصوف، تحقيق عبد الرحمن الوكيل، ط. السنة المحمدية القاهرة، 1373/1953.
(3) أبو محمد عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر المعروف بابن سبعين، ولد سنة 613 وتوفي سنة 669. انظر ترجمته في: شذرات الذهب 5/329 - 330؛ الطبقات الكبرى للشعراني 1/177؛ لسان الميزان 3/392؛ فوات الوفيات 1/516 - 518؛ نفح الطيب 2/395 - 406؛ الأعلام 4/51. وانظر رسائل ابن سبعين، تحقيق د. عبد الرحمن بدوي، القاهرة 1965.
(4) ن، م: " ابن سبعين التلمساني " وهو خطأ. وهو عفيف الدين سليمان بن عبد الله علي الكوفي التلمساني، انظر ترجمته في: فوات الوفيات 1/363 - 366، وفيه: " كان كوفي الأصل، وكان يدعي العرفان، قال قطب الدين اليونيني: رأيت جماعة ينسبونه إلى رقة الدين، والميل إلى مذهب النصيرية "؛ البداية والنهاية 13/326؛ النجوم الزاهرة، 8/29 - 31؛ الأعلام 3/193 (وذكر من مؤلفاته شرح مواقف النغرى والصواب: النفرى) ووفاته سنة 69.
***********************************
الوجود المطلق. ثم ظن من ظن منهم أن ذلك هو الوجود الواجب، وفي ذلك (1) من الضلال ما قد بسط في غير هذا الموضع (2) .وجعلوا غاية سعادة النفس أن تصير عالما معقولا (3) مطابقا للعالم الموجود، وليس في ذلك إلا مجرد علوم مطلقة، ليس فيها علم بموجود معين، لا بالله ولا بالملائكة ولا بغير ذلك.
وليس فيها محبة لله ولا عبادة لله (4) فليس فيها علم نافع، ولا عمل صالح، ولا ما ينجي النفوس من عذاب الله (5) فضلا على أن يوجب لها السعادة.
وهذا مبسوط في غير هذا الموضع (6) ، وإنما جاء ذكره هنا بالعرض؛ لننبه على أن من عدل عن طريق المرسلين فليس معه في خلافهم لا معقول صريح، ولا منقول صحيح، وأن من قال بقدم العالم أو شيء منه، فليس معه إلا مجرد الجهل والاعتقاد الذي لا دليل عليه، وهذا الخطاب كاف في هذا الباب، وتفصيله مذكور في غير هذا الموضع.
وقد سلك هذا المسلك غير واحد من أهل الملل المسلمين واليهود
(1) ن: الواجب في ذلك:؛ م: الواجب وذلك
(2) ن، م: بسط في موضعه.
(3) ن، م: مفعولا، وهو تحريف.
(4) ن، م: محبة الله ولا عبادته.
(5) ن، م: من العذاب.
(6) ن، م: مبسوط في موضعه.
**********************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|