
01-10-2021, 10:30 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,345
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (54)
صـ 375 إلى صـ 381
في المستقيل أو كان معدوما، لم يكن أزليا أبديا [قديما] (1) واجبا بغيره دائما، كما يقول هؤلاء في العالم.فإن أريد بقبول الوجود والعدم في حال واحدة فهو ممتنع. وإن أريد في الحالين (2) : أي يقبل الوجود تارة والعدم أخرى (3) ، امتنع أن يكون أزليا أبديا لتعاقب الوجود والعدم عليه.
وإن أريد أن ذاته التي تقبل الوجود والعدم شيء غير الوجود في الخارج، فذاك ليس بذاته.
وإن قيل: يريد به أن ما يتصوره في النفس يمكن أن يصير موجودا في الخارج ومعدوما، كما يتصوره الإنسان في نفسه من الأمور.
قيل: هذا أيضا يبين أن الإمكان مستلزم للعدم؛ لأن ما ذكرتموه إنما هو في شيء يتصوره الفاعل في نفسه، يمكن أن يجعله موجودا في الخارج ويمكن أن يبقى معدوما، وهذا إنما يعقل فيما يعدم تارة ويوجد أخرى، وأما ما لم يزل موجودا واجبا (4) بغيره، فهذا لا يعقل فيه الإمكان أصلا، وإذا قال قائل: ذاته تقبل الوجود والعدم، كان متكلما بما لا يعقل.وهذا الموضع قد تفطن له أذكياء النظار، فمنهم من أنكره على ابن سينا وأتباعه، كما أنكر ذلك ابن رشد.
ومنهم من جعل هذا سؤالات واردة على الممكن، كما يفعله الرازي وأتباعه، ولم يجيبوا عنه (5) بجواب صحيح.(1) قديما: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ا، ب: في حالين.
(3) ا، ب: تارة.
(4) ن، م: أو واجبا.
(5) ب: عنها.
*************************
وسبب ذلك أنهم اتبعوا ابن سينا في تجويزه أن يكون الشيء ممكنا بنفسه واجبا بغيره دائما أزلا وأبدا.
بل هذا باطل كما عليه جماهير الأمم من أهل الملل والفلاسفة وغيرهم، وعليه نظر المسلمين، [وعليه أئمة الفلاسفة - أرسطو وأتباعه] (1) -: لا يكون الممكن عندهم إلا ما يكون معدوما تارة وموجودا أخرى، فالإمكان والعدم متلازمان.
وإذا كان ما سوى الرب تعالى ليس موجودا بنفسه، بل كان ممكنا، وجب أن يكون معدوما في بعض الأحوال، ولا بد ليصح وصفه بالإمكان.وهذا برهان مستقل في أن كل ما سوى الله محدث كائن بعد أن لم يكن، وأنه [سبحانه] (2) خالق كل شيء بعد أن لم يكن شيئا، فسبحان من تفرد (3) بالبقاء والقدم، وألزم ما سواه بالحدوث عن العدم.يوضح ذلك أنه إما أن يقال (4) : وجود كل شيء في الخارج عين ماهيته،
كما هو قول نظار أهل السنة الذين يقولون: إن المعدوم ليس بشيء في الخارج [أصلا] (5) ،
ويقولون: إنه ليس في الخارج (6) للموجودات ماهيات غير ما هو الموجود في الخارج،
فيخالفون من يقول: المعدوم شيء، من المعتزلة وغيرهم، ومن قال: إن وجود كل شيء الثابت في الخارج مغاير لماهيته ولحقيقته الثابتة في الخارج، كما يقول ذلك من يقوله من المتفلسفة ونحوهم.
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) سبحانه: زيادة في (ا) ، (ب) .
(3) ا، ب: انفرد.
(4) ا: لو صح ذلك أن يقال؛ ب: لو صح ذلك إما أن يقال.
(5) أصلا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ن: بخارج.
*****************************
وإما أن يقال: وجود الشيء في الخارج زائد على ماهيته.فإن قيل بالأول، لم يكن للعالم في الخارج ذات غير ما هو موجود (1) في الخارج، حتى يقال: إنها تقبل الوجود والعدم.وإن قيل بالثاني، فإن (2) قدر أنه لم يزل موجودا، لم يكن للذات حال تقبل الوجود والعدم، بل لم تزل متصفة بالوجود.
فقول القائل: إن الممكن هو الذي يقبل الوجود والعدم، مع قوله بأنه لم يزل موجودا، جمع بين قولين متناقضين.
وإذا قيل: هو ممكن باعتبار ذاته، كان قوله أيضا متناقضا، سواء عنى بذاته الوجود (3) في الخارج أو شيئا آخر يقبل الوجود في الخارج. فإن تلك إذا لم تزل موجودة، ووجودها واجب، لم تكن قابلة للعدم أصلا، ولم يكن عدمها ممكنا أصلا.
وقول القائل: هي باعتبار ذاتها غير موجودة، مع قوله: [إنها] (4) لم تزل موجودة، معناه أن الذات لم تزل موجودة واجبة بغيرها يمتنع عدمها، هي باعتبار الذات تقبل الوجود والعدم، ويمكن فيها هذا وهذا، وبسط هذا بتمام الكلام على الممكن (5) ، كما قد بسطوه في موضعه.يبين ذلك أن الممكن هو الفقير الذي لا يوجد بنفسه، وإنما يوجده غيره، فلا بد أن يكون هنا شيء يوصف بالفقر والإمكان [وقبول
(1) ن، م: غير ما هي موجودة.
(2) ا، ب: فإذا.
(3) ن، م: الموجود.
(4) إنها: ساقطة من (ن) فقط.
(5) ا، ب: بتمام الكلام على (أن) الممكن. . . إلخ.
*******************************
العدم] (1) ، ثم يوصف بالغنى والوجود، فأما ما لم يزل موجودا غنيا، فكيف يوصف بفقر وإمكان؟ فإنه إن حكم بالفقر والإمكان وقبول العدم على الموجود الغني، كان ذلك ممتنعا فيه - كما تقدم - إذا كان لا يقبل العدم ألبتة، وإن حكم بالفقر والإمكان وقبول العدم على ما في الذهن، بمعنى (2) أنه يفتقر وجوده في الخارج إلى فاعل، فهذا يؤيد ما قلناه من أنه لا بد أن يكون معدوما ثم يوجد.
وإن قيل: بل فاعله يتصوره في نفسه مع دوام فعله له، والممكن هو ما في النفس.
قيل: ما في النفس الواجب واجب به لا يقبل العدم، وما في الخارج واجب به لا يقبل العدم، فأين القابل للوجود والعدم؟ .
وإن قيل: ما تصور في النفس يقبل الوجود والعدم في الخارج.
قيل: هذا ممتنع مع وجوب وجوده [دائما (3) في الخارج، بل هذا معقول فيما يعدم تارة ويوجد أخرى، فإذا كان كل ما سوى الله ممكنا فقيرا، وجب أن يكون موجودا تارة ومعدوما أخرى (4) .
وهذا الدليل مستقر في فطر الناس، فكل من يتصور شيئا من الأشياء محتاجا إلى الله مفتقرا إليه، ليس موجودا بنفسه بل وجوده بالله، تصور أنه مخلوق كائن بعد أن لم يكن.
فأما إذا قيل: هو فقير مصنوع محتاج، وأنه دائما معه لم يحدث عن عدم، لم يعقل هذا ولم يتصور إلا كما
(1) وقبول العدم: ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: يعني.
(3) دائما: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: واجب أن يكون معدوما تارة وموجودا أخرى.
**********************************
تتصور الممتنعات، بأن يقدر في الذهن تقديرا لا يتصور تحققه في الخارج، فإن تحققها (1) في الخارج ممتنع.
وعلى هذا فإذا قيل: المحوج إلى المؤثر هو الإمكان أو هو الحدوث، لم يكن بين القولين منافاة، فإن كل ممكن حادث، وكل حادث ممكن، فهما متلازمان. ولهذا جمع بين القولين من قال: إن (2) المحوج إلى المؤثر هو الإمكان والحدوث جميعا. فالأقوال الثلاثة صحيحة في نفس الأمر، وإنما وقع النزاع لما ظن من ظن أنه يكون الشيء ممكنا مع كونه غير حادث.
وهذا الذي قرر في امتناع كون العالم قديما، وامتناع كون فاعله علة قديمة أزلية صحيح، سواء قيل: إنه مريد بإرادة أزلية مستلزمة لاقتران مرادها بها (3) ، أو قيل: ليس بمريد، وسواء قيل: إنه علة للفلك مع حركته، أو للفلك بدون حركته.
وهكذا القول في كل ما يقدر (4) قديما معه، فإنه لا بد أن يكون مقارنا لشيء من الحوادث، أو ممكنا أن يقارنه شيء من الحوادث.
وعلى التقديرين يمتنع أن يكون قديما مع الله [تعالى] (5) ؛ لأن القديم لا يكون إلا عن موجب تام مستلزم لموجبه، وثبوت هذا في الأزل يقتضي أنه لا يحدث عنه شيء، والحوادث لا تحدث إلا عنه، فلا يكون موجبا أزليا
(1) ب: تحققه.
(2) إن: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) بها: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) ن، م: وهذا القول فيما يقدر.
(5) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
******************************
إلا إذا حدث عنه شيء، ولكن فاعل العالم يمتنع أن لا يحدث عنه شيء، فيمتنع أن يكون موجبا بالذات في الأزل.
[الأقوال المختلفة في إرادة الله تعالى]
وإذا قيل: هو مريد بإرادة أزلية مقارنة لمرادها الذي هو العالم، أو يتأخر (1) عنها مرادها الذي هو حوادثه، كان القول كذلك، فإنه إذا لم يكن له [إلا] (2) إرادة أزلية مقارنة لمرادها (3) ، امتنع أن تحدث عنه الحوادث، لكنه يمتنع أن لا تحدث عنه الحوادث، فيمتنع أن لا يكون له [إلا] (4) إرادة أزلية مقارنة لمرادها، مع أن الإرادة لمفعولات لازمة للفاعل غير معقول (5) ، بل إنما يعقل في حق الفاعل بإراداته أن يفعل (6) شيئا بعد شيء،
ولهذا لم يقل أحد: إن الرب (7) يتكلم بمشيئته وقدرته، وإن الكلام المقدور المعين قديم لازم لذاته، فإذا لم يعقل هذا في المقدور القائم به، فكيف يعقل في المباين له؟ .
وإذا قيل: له إرادة أزلية مقارنة للمراد، وإرادة أخرى حادثة [مع الحوادث] (8) .
قيل: فحدوث هذه الإرادة الحادثة: إن كان بتلك الإرادة الأزلية التي يجب مقارنة مرادها لها، كان ذلك ممتنعا؛ لأن الثانية حادثة، فيمتنع أن
(1) ن: ومتأخر؛ م: أو متأخر.
(2) إلا: ساقطة من (ن) فقط.
(3) لمرادها: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) إلا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ا، ن، م: غير مفعول. والمثبت من (ب) وهو الصواب.
(6) عبارة " أن يفعل " ساقطة من (ا) ، (ب) .
(7) ن: إن الرجل، وهو تحريف.
(8) عبارة " مع الحوادث " ساقطة من (ن) ، (م) .
******************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|