
01-10-2021, 11:30 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,561
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (56)
صـ 389 إلى صـ 395
العالم، سواء قيل بقدم الإرادة أو حدوثها، أو قدم شيء منها وحدوث شيء آخر.
وإن قيل بأن المراد يجوز مقارنته للإرادة ويجوز تأخره عنها، فإنه على هذا التقدير يجوز حدوث جميع (1) العالم بإرادة قديمة أزلية من غير تجدد شيء، كما تقول ذلك الكلابية ومن وافقهم من الأشعرية والكرامية والفقهاء المنسوبين إلى الأئمة الأربعة وغيرهم. وعلى هذا التقدير فإنه يجوز حدوث الحوادث بلا سبب حادث، وترجيح أحد المتماثلين على الآخر بمجرد الإرادة القديمة، وعلى هذا التقدير فإنه يبطل حجة القائلين بقدم العالم.وهؤلاء إنما قالوا هذا لاعتقادهم بطلان التسلسل في الآثار وامتناع حوادث لا أول لها.
فإن كان ما قالوه حقا، وأنه يمتنع حوادث لا أول لها، لزم حينئذ حدوث العالم، وامتنع القول بقدمه؛ لأنه لا يخلو شيء منه عن مقارنة شيء من الحوادث.
حتى العقول والنفوس عند من يقول بإثباتها، فإنها عندهم لا بد أن تقارن الحوادث، فإذا امتنع حوادث لا أول لها، كان ما لم يسبق الحوادث بمنزلتها، يمتنع قدمه كما يمتنع قدمها.
وإن كان ما قاله هؤلاء باطلا، أمكن دوام الحوادث، وعلى هذا التقدير فيجوز مقارنة المراد للإرادة (2) في الأزل، ويمتنع حدوث شيء إلا بسبب حادث، وحينئذ فيمتنع كون شيء (3) من العالم أزليا، وإن جاز أن(1) جميع: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ن (فقط) : للإرادات.
(3) ا، م: الشيء.
*************************
يكون نوع الحوادث دائما لم يزل، فإن الأزل ليس هو عبارة عن شيء محدد، بل ما من وقت يقدر إلا وقبله وقت آخر، فلا يلزم من دوام النوع قدم شيء بعينه.
وإنما قيل: يمتنع قدم شيء بعينه؛ لأنه إذا جاز أن يقارنها المراد في الأزل، وجب أن يقارنها المراد؛ لأن الإرادة التي يجوز مقارنة مرادها لها لا يتخلف عنها مرادها (1) إلا لنقص في القدرة، وإلا فإذا كانت القدرة تامة، والإرادة التي يمكن مقارنة مرادها لها حاصلة، لزم حصول المراد لوجود المقتضى التام للفعل، إذ لو لم يلزم (2) مع كون المراد ممكنا، لكان حصوله بعد ذلك يستلزم ترجيح أحد المتماثلين على الآخر بدون مرجح.
وهو باطل على هذا التقدير.ولهذا كان الذين يقولون بامتناع شيء من الحوادث في الأزل،
يقولون: إن حصول شيء من الإرادات (3) في الأزل ممتنع، لا يقولون بأنه ممكن، وأنه يمكن مقارنة مراده له.
لكن أورد الناس عليهم أنه إذا كان نسبة جميع الأوقات والحوادث إلى الإرادة الأزلية نسبة واحدة، فترجيح أحد الوقتين - أو ما يقدر (4) فيه الوقت بالحدوث - ترجيح بلا مرجح، وتخصيص لأحد المتماثلين بلا مخصص.
(1) ن: مرادها عنها؛ م: مرادها لها، وهو تحريف.
(2) ن، م: لو لم يكن.
(3) ا، ب: المرادات.
(4) ن، م: أما يقدر.
****************************
وهذا الكلام لا يقدح في مقصودنا هنا، فإنا لم ننصر (1) هذا القول، ولكن بينا امتناع قدم شيء من العالم على كل تقدير، وأن دوام الحوادث سواء كان ممكنا أو ممتنعا، فإنه يجب حدوث كل شيء من العالم على التقديرين (2) ، وأن الإرادة سواء قيل بوجوب مقارنة مرادها لها أو بجواز تأخره عنها، يلزم حدوث كل شيء من العالم على كل من التقديرين (3) .
فإن القائلين بتأخر مرادها، إنما قالوا ذلك فرارا من القول بدوام الحوادث ووجود حوادث لا أول لها. وعلى هذا التقدير فيلزم حدوث العالم، وإلا فلو جاز دوام الحوادث، لجاز عندهم وجود المراد في الأزل، ولو جاز ذلك لم يقولوا بتأخر المراد عن الإرادة القديمة الأزلية، مع ما في ذلك من ترجيح أحد المتماثلين على الآخر [بلا مرجح] (4) وما في ذلك من الشناعة عليهم، ونسبة كثير من العقلاء إلى أنهم خالفوا صريح المعقول.فإنهم إنما صاروا إلى هذا القول (5) ؛ لاعتقادهم امتناع حوادث لا أول لها، فاحتاجوا لذلك أن يثبتوا إرادة قديمة أزلية يتأخر عنها المراد، ويحدث بعد ذلك من غير سبب حادث، واحتاجوا أن يقولوا: إن نفس الإرادة تخصص أحد المتماثلين على الآخر.
وإلا فلو اعتقدوا جواز دوام الحوادث وتسلسلها، لأمكن أن يقولوا بأنه
(1) ا، ب: فإنا لم ننص، وهو خطأ؛ ن، م: فإنا ننصر. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
(2) ن، م: على التقدير.
(3) ن: على كلا التقديرين؛ م: على كل التقديرين.
(4) بلا مرجح: زيادة في (م) .
(5) القول: ساقطة من (ا) ، (ب) .
**************************
تحدث الإرادات والمرادات، ويقولون بجواز قيام الحوادث بالقديم،
ولرجعوا عن قوله: (* بأن (1) نفس الإرادة القديمة تخصص أحد المثلين في المستقبل، وعن قولهم *) (2) بحدوث الحوادث بلا سبب حادث، وكانوا على هذا التقدير لا يقولون بقدم شيء من العالم،
بل يقولون: إن كل ما سوى الله فإنه حادث كائن (3) بعد أن لم يكن.
وكان هذا لازما على هذا التقدير؛ لأنه حينئذ إذا لم يجز حدوث شيء من الحوادث إلا بسبب [حادث] (4) ، ولم يترجح أحد الوقتين بحدوث شيء فيه إلا بمرجح يقتضي ذلك، لا يكون تأخر المراد عن الإرادة إلا لتعذر المراد، [إذ] (5) لو كان [المراد] (6) ممكنا أن يقارن الإرادة وممكنا أن يتأخر عنها، لكان تخصيص أحد الزمانين بالإحداث تخصيصا بلا مخصص.
فعلم أنه يجب أحد الأمرين على هذا التقدير: وجوب (7) مقارنة المراد للإرادة أو امتناعه (8) ، وأنه يجب مقارنته للإرادة إذا كان ممكنا، وأنه لا يتأخر إلا لتعذر مقارنته: إما (9) لامتناعه في نفسه، وإما لامتناع لوازمه.
(1) ب (فقط) : إن.
(2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(3) كائن: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) حادث: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) إذ: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) المراد: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ا، ب: ووجوب، وهو خطأ.
(8) ن، م، ب: وامتناعه.
(9) ن، م: وإما.
************************
وامتناع اللازم يقتضي امتناع الملزوم، لكن يكون امتناعه لغيره لا لنفسه.
كما يقول المسلمون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فما شاء [الله] وجب (1) كونه بمشيئته لا بنفسه، وما لم يشأ يمتنع كونه لا بنفسه بل لأنه لا يكون إلا بمشيئته، فإذا لم يشأ امتنع كونه.
وإذا كان على هذا التقدير أحد الأمرين لازما: إما مقارنة المراد [للإرادة] (2) ، وإما امتناعه لنفسه أو لغيره، دل ذلك على أنه لو كان شيء من العالم يمكن أن يكون قديما لوجب (3 أن يكون قديما لوجوب 3) (3) مقارنته له في الأزل. إذ التقدير أنه لا بد من وجوب المقارنة أو امتناع المراد، فإن كان المراد ممكنا في الأزل لزم وجوب المقارنة (4) ، لكن وجوب المقارنة ممتنع؛ لأن ذلك يستلزم أن لا يحدث شيء من الحوادث كما تقدم،
فلزم القسم الآخر: وهو امتناع شيء من المراد المعين في الأزل، وهو المطلوب.
فأما إذا قيل بأنه يجب تأخر المراد عن الإرادة - كما يقول [ذلك] كثير (5) من أهل الكلام - فبتقدير كونه مريدا يمتنع قدم شيء من العالم، وهو المطلوب.
فتبين حدوث كل ما سوى الله على كل تقدير، وهو المطلوبواعلم أن من فهم هذه الطريق (6) استفاد بها أمورا:
(1) ن، م: فما شاء وجب. .
(2) للإرادة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) (3 - 3) : ساقط من (ا) ، (ب) .
(4) ا: في الأزل وجب المقارنة؛ ب: في الأزل وجبت المقارنة.
(5) ن، م: كما يقوله كثير.
(6) ن: هذه الطريقة؛ ا: هذا الطريق.
********************************
أحدها: ثبوت حدوث كل ما سوى الله، حتى إذا قدر أن هناك موجودا سوى الأجسام - كما يقول من يثبت العقول والنفوس من المتفلسفة والمتكلمة:
إنها جواهر قائمة بأنفسها وليست أجساما - فإن هذه الطريق (1) يعلم بها حدوث ذلك.
وطائفة من متأخري أهل الكلام - كالشهرستاني (2) . والرازي والآمدي وغيرهم - قالوا: إن قدماء أهل الكلام لم يقيموا دليلا على نفي هذه، ودليلهم على حدوث الأجسام لا يتناول هذه.
وقد بين في غير هذا الموضع أن هؤلاء النظار - كأبي الهذيل والنظام (3) والهشامين (4) وابن كلاب وابن كرام والأشعري والقاضي أبي بكر (5) [وأبي المعالي]
(1) ن، م: هذه طريق.
(2) أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني، ولد سنة 479، وتوفي سنة 548. كان من أئمة الأشاعرة وله اطلاع واسع على الفلسفة والمقالات المختلفة، ومن أشهر كتبه: كتاب " الملل والنحل "، وكتاب: " نهاية الأقدام في علم الكلام ". ترجمته في: طبقات الشافعية 6/128 - 130؛ وفيات الأعيان 3/403 - 404؛ الأعلام 7/83 84. وانظر: ياقوت: معجم البلدان، مادة شهرستان.
(3) إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري، ويعرف بالنظام، توفي سنة 231 وقيل: سنة 221 على روايتين، ويعد أعظم شيوخ المعتزلة، وهو رأس الفرقة النظامية. انظر ترجمته والكلام على مذهبه وفرقته في كتاب: " إبراهيم بن سيار النظام " تأليف الدكتور محمد عبد الهادي أبو ريده، القاهرة 1365/1946؛ الفرق بين الفرق، ص 79 - 91؛ الملل والنحل 1/56 - 61؛ تاريخ بغداد 6/97؛ أمالي المرتضى 1/132؛ خطط المقريزي 1/346؛ اللباب في تهذيب الأنساب 2/230، الأعلام 1/36.
(4) ن: والهشاميين. والمقصود بالهشامين: هشام بن الحكم، وهشام بن سالم الجواليقي وسبق الكلام عنهما (ص 71 ت [0 - 9] ، 4) .
(5) محمد بن الطيب بن محمد أبو بكر القاضي المعروف بابن الباقلاني، أو الباقلاني، ولد بالبصرة في الربع الأخير من القرن الرابع، وعاش في بغداد، وتوفي بها سنة 403، وهو يعد أعظم الأشاعرة بعد الأشعري، وقد ألف كتبا كثيرة نقد فيها الفلسفة والمنطق والملل المختلفة. ومن أهمها كتاب " الدقائق " وهو مفقود. ترجمته في: شذرات الذهب 3/160 - 170؛ تبيين كذب المفترى، ص 217 - 226؛ وفيات الأعيان 4/400 - 401؛ تاريخ بغداد 5/379 - 383؛ الأعلام 7/46.
***************************
(1) وأبي علي (2) وأبي هاشم وأبي الحسين البصري (3) وأبي بكر بن العربي (4) وأبي الحسن التميمي والقاضي أبي يعلى و [أبي الوفاء] بن عقيل
(1) وأبي المعالي: ساقطة من (ن) ، (م) . وهو أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني، ويلقب بإمام الحرمين. ولد بنيسابور سنة 419، وتوفي بها سنة 478، بعد أن تولى التدريس بالمدرسة النظامية مدة ثلاثين عاما. وهو من أعظم أئمة الأشاعرة، وقد تتلمذ عليه الغزالي. ترجمته في: شذرات الذهب 3/358 - 362؛ تبيين كذب المفترى، ص 278 - 285؛ طبقات الشافعية 5/165 - 222؛ وفيات الأعيان 2/341 - 343؛ الأعلام 4/306.
(2) أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي المصري والد أبي هاشم الجبائي (سبق الكلام عنه: ص [0 - 9] 78 ت [0 - 9] ) . والفرقة التي تنسب إليه هي فرقة الجبائية من فرق المعتزلة بالبصرة، وقد ولد سنة 235، وتوفي سنة 303. انظر ترجمته والكلام على مذهبه في: ابن المرتضى: المنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل، ص [0 - 9] 5 - 48، حيدر آباد، 1316؛ شذرات الذهب 2/241؛ طبقات الشافعية 3/418؛ الفرق بين الفرق، ص 110 - 111؛ الملل والنحل 118 - 129؛ لسان الميزان 5/271؛ وفيات الأعيان 3/398 - 399، اللباب 1/208؛ الأعلام 7/136؛ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 4/31 - 32.
(3) أبو الحسين محمد بن علي الطيب البصري، من متأخري المعتزلة، توفي سنة 436. وانظر ترجمته والكلام على مذهبه في: شذرات الذهب 3/259؛ وفيات الأعيان 3/401 - 402؛ الملل والنحل 1/130 - 131؛ تاريخ بغداد 3/100؛ لسان الميزان 5/598؛ نهاية الإقدام ص 151، 175، 177، 221، 257.
(4) وأبي بكر بن العربي: جاءت في (ن) ، (م) في آخر الأسماء الواردة وهو أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن العربي المعافري، ولد سنة 486، وتوفي سنة 543؛ وهو من أئمة المالكية بالأندلس. ترجمته في: وفيات الأعيان 3/423 - 424. وانظر مقدمة " العواصم من القواصم " بقلم الأستاذ: محب الدين الخطيب، المطبعة السلفية، القاهرة، 1371؛ نفح الطيب 2/415 - 416؛ الأعلام 7/106.
**************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|