محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية (2) أ. طاهر العتباني المحور الثالث: غربة صاحب الفكر الملتزم بالمنهج الإسلامي شاعرًا كان أو كاتبًا: أما المحور الثالث من محاور الغربة في هذا الديوان، فهي غربة صاحب الفكر الملتزم بالمنهج الإسلامي، شاعرًا كان أو كاتبًا، وإن كان الحديث في إطار الشعر، فإنه يتعدى إلى كل صاحب قلم ملتزم بقضايا أمته، منافحًا عن الضعفاء، مناوئًا الطغيان في أي صورة من الصور. وللشاعر في هذا الديوان عدد من القصائد يطرح فيها هذه القضية، فيؤكد التزامه - كشاعر مسلم - بقضايا أمته، ويكشف سوءة الواقع الفكري والأدبي المنحرف الذي سادت فيه الأقلام المأجورة والمغيبة عن الوعي، والضاربة في تيه الملق والنفاق، أو الحائرة في دائرة القلق والضياع، والتردي الفكري والأدبي. فقصائده: (الأشجار - الشعر - عتاب مربدي - وادي محسر - نزار - إضاءة شعرية)، وغيرها تَخلص كلها من بين قصائد الديوان للحديث عن هذا المحور المهم من محاور الغربة في الديوان، هذا إلى غير تلك القصائد التي أشارت إلى هذا المحور من محاور الغربة. وقصيدة "عتاب مربدي" بيان أول يوضِّح فيه القضية في تفصيل وعتب، ويؤكد أن الشعر الحقيقي هو الذي يدفع القلوب، ويزيل عنها الوهن، ويصب فيها التوثب والفداء: بعضُ القصائد يا عراق حرائرٌ والبعض يا بن الأكرمين إماءُ ولكَم تسافر في الدماء قصيدةٌ ما مسَّها عيٌّ ولا إقواءُ وتصب في وهَن القلوب لهيبَها فإذا القلوب توثُّبٌ وفداءُ[1] ويؤكد أن المرجعية للفن الأصيل والأدب الراقي والشعر الحقيقي هي التي تقوم على أساس التصور الإيماني للكون والحياة والإنسان، وأن كل المعاني التي يرددها الشعراء إذا لم يكن لها تأصيلها العقائدي ورؤيتها القرآنية، فلا قيمة لها: كل القصائد حينما لا ترتوي من نبْع قرآني فهن غُثاءُ فهو الذي يعطي القصيدةَ حجمَها وخلودَها لو أنصفَ العقلاءُ إن القصائد كلَّهن غريبةٌ من دونه قد صاغها غرباءُ الحرف في ظل العقيدة عسجدٌ والآل في ظلِّ العقيدة ماءُ[2] وهو في ثنايا هذه القصيدة يصحِّح كثيرًا من المفاهيم الفكرية والأغاليط التي دفعت إلى السطح، وأقبل عليها المفكرون يرونها الحق الأوحد: لم يبدأ التاريخ من طروادةٍ بل شَعشعت قبل النجوم حراءُ[3] وأخص ما يهتم به من التصحيح للمفاهيم في هذه القصيدة، مفهوم العروبة الذي صار يحمل معنى قوميًّا ضيقًا، وحدودًا أرضيةً وجنسيةً، لا ارتباطًا عقديًّا أساسه الإسلام، ولُحمته وسُداه الإيمان، ويكشف هذا الزيف الفكري من خلال بيان آثاره الواقعية في حياة الأمة: مزَقٌ.. ونهتف: أمة عربيةٌ عجبًا.. ولَهجة بعضنا عجماءُ! ووجوهنا عربيةٌ لكننا عند اللقاءِ الإخوة الأعداءُ يتبع
سُئل الإمام الداراني رحمه اللهما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟فبكى رحمه الله ثم قال :أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هوسبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.