عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 16-10-2021, 03:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,470
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية

محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية (2)
أ. طاهر العتباني



المحور الرابع: غربة أصحاب العقيدة وحاملي المنهج في عالم نسي ربه وبعُدَ عن منهجه:
رابع هذه المحاور التي يدور حولها حديث الغربة في هذا الديوان، هو غربة أصحاب العقيدة وحاملي المنهج في عالم نسي ربه، وابتعد عن منهجه، وفي أمة بعدت كثيرًا عن الصورة المثلى لأمة الإسلام.

إن الشاعر الذي حدثنا عن فلسطين وقضيَّتها وغربة أهلها وغربة قضيتها من منظورها الحقيقي، وحدثنا عن الأدب الملتزم بالإسلام وغربته في هذا العصر، وغربة كل مَن يسلك هذا الدرب، لا ينسى أن يقول لنا: إن هذا كله مظهر من مظاهر غربة الإسلام والعقيدة والمنهج الإسلامي في هذا العصر؛ حيث يعاني الدعاة في كثير من البلدان أشد أنواع الغربة، ويعاني الإسلام في كثير من المواطن من أبناء الإسلام أنفسهم تجاهلاً وجهلاً وبُعدًا عن نهجه الصحيح، فلقد انغمسوا - إلا من رحم الله - في الشهوات والملذات، فضيَّعوا أنفسهم - أولاً - ثم ضيعوا قضاياهم ثانيًا.

إنه في وسط هذا الركام يُنبه إلى ضرورة الالتزام بالمنهج الإسلامي والأخذ به؛ لأن فيه الحل الحقيقي لكل المشكلات.

ونرى الشاعر معاتبًا مرةً وزاجرًا مرةً، كل هذا في أسلوب شعري راق وأسلوب فني رقيق.

وغربة أصحاب العقيدة هي قدرهم الذي قدره الله - تعالى - وهم لا يملكون إلا السير على الطريق في صبر وثبات، وجدٍّ واجتهاد، راجين ما عند الله.

وفي قصيدة "إلى ممثلة" يخاطب الشاعر تلك الممثلة التي ما زالت تبرق حولها الأضواء الخادعة، وتَزدهيها الصور الملونة على صفحات الصحف، مذكرًا إياها بحقائق العقيدة التي نسيتها، ويُبين لها زيف الحياة التي تحياها بعيدةً عن الله:
سيذوب هذا السحرُ والعطرُ
ويجف هذا الثغر والصدرُ

ستغادر الأطيارُ دَوحتها
وتؤولُ لا عطرٌ ولا زهرُ

والشَّعر إن أغرى السفور بهِ
يومًا، ومسَّ غرورَه الكبرُ

فالثلج آتٍ سوف يأكله
والثلجُ تحتَ بياضه الذُّعرُ[12]



إن هذا الجمال سيَذوي، وإن هذه الشهوات سوف تنقضي، والحياة نهايتها الموت ولا بد:
يَذوي الجمالُ فلا يظل به
قدٌّ ولا جِيد ولا خَصرُ

سيجف عُشب النهر سيدتي
ويَجف عندَ خريفه النهرُ

هذا الذي تتشبثينَ به
واهٍ، وكل رصيدهِ صفرُ

لا الليلةُ الحمراء باقيةٌ
لا الكأس لا العُشاق لا الخمرُ

كم نجمةٍ بالأمس قد سقَطت
واليوم لا حِسٌّ ولا خبرُ[13]



إن إطلاق شهوات النفس مآله في النهاية أن يصبح الإنسان الذي كرمه الله - تعالى - هو الضحية بين ذئاب البشر:
الدربُ يا حسناء مُذْأَبةٌ
ولكل ذِئب منهم ظفرُ

لا تسخري بالتائباتِ ففي
هذا الإياب العزُّ والفخرُ

ويح الذين قسَت قلوبهمُ
وأمامهم يتشقَّق الصخرُ[14]
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.34 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.31%)]