عرض مشاركة واحدة
  #62  
قديم 06-11-2021, 06:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,304
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (62)
صـ 431 إلى صـ 437


ممكنا، كالعلم مع الحياة، فإنه وحده ممتنع ومع الحياة ممكن. وكذلك أحد الضدين هو وحده ممكن ومع الآخر ممتنع اجتماعهما، فالمتلازمان يمتنع انفراد أحدهما، والمتضادان يمتنع اجتماعهما.
وبهذا يتبين الفرق بين دوام الآثار الحادثة الفانية واتصالها، وبين وجود علل ومعلولات ممكنة لا نهاية لها. فإن من الناس من سوى بين القسمين في الامتناع، كما يقوله كثير من أهل الكلام، ومن الناس من توهم أن التأثير واحد في الإمكان والامتناع، ثم لم يتبين له امتناع علل ومعلولات لا تتناهى، وظن أن هذا موضع (1) مشكل لا يقوم على امتناعه حجة، وإن لم يكن قولا لأحد، كما ذكر ذلك الآمدي في " رموز الكنوز " (2) . والأبهري (3) [ومن اتبعهما] (4) .
والفرق بين النوعين حاصل، فإن الحادث المعين إذا ضم إلى الحادث المعين، حصل من الدوام والامتداد وبقاء النوع ما لم يكن حاصلا للأفراد، فإذا كان المجموع طويلا ومديدا ودائما وكثيرا وعظيما، لم يلزم أن يكون كل فرد طويلا ومديدا ودائما وكثيرا وعظيما. وأما العلل والمعلولات المتسلسلة فكل منهما ممكن، وبانضمامه إلى الآخر لا يخرج عن الإمكان، وكل منهما معدوم، وبانضمامه إلى الآخر لا يخرج
_________
(1) موضع: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) سبقت ترجمة الآمدي في هذا الجزء، ص 248. وانظر في ترجمته أيضا: ميزان الاعتدال 1/349؛ لسان الميزان 3/134 - 135؛ مرآة الجنان لليافعي 4؛ مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/49 brock: gal gi. 393، si، 678
(3) سبقت ترجمة الأبهري في هذا الجزء، ص 220.
(4) ومن اتبعهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
********************************

عن العدم. فاجتماع المعدومات الممكنة (* لا يجعلها موجودة، بل ما فيها من الافتقار إلى الفاعل حاصل عند اجتماعها *) (1) ، (2) أعظم من حصوله عند افتراقها (3) ، وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.

[أدلة القائلين بامتناع ما لا نهاية له من الحوادث والرد عليهم]
وعمدة من يقول بامتناع ما لا نهاية له من الحوادث، إنما هي دليل التطبيق والموازنة (4) والمسامتة المقتضي تفاوت الجملتين، ثم يقولون: (5) والتفاوت فيما لا يتناهى (* محال، مثال ذلك أن يقدروا الحوادث من [زمن] (6) الهجرة إلى ما لا يتناهى *) (7) في المستقبل أو الماضي، والحوادث من زمن الطوفان إلى ما لا يتناهى [أيضا] (8) ثم يوازنون الجملتين، فيقولون: إن تساوتا (9) لزم أن يكون الزائد كالناقص، وهذا ممتنع، فإن إحداهما زائدة على الأخرى بما بين الطوفان والهجرة، وإن تفاضلتا لزم أن يكون فيما لا يتناهى تفاضل، وهو ممتنع.
والذين نازعوهم من أهل الحديث والكلام والفلسفة منعوا هذه المقدمة، وقالوا: لا نسلم أن حصول مثل هذا التفاضل [في ذلك]
_________
(1) ن، ا: اجتماعهما.
(2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(3) ا (فقط) : افتراقهما.
(4) ن، م: والموازاة.
(5) ن: نقول؛ م: يقول.
(6) زمن: ساقطة من (ن) .
(7) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(8) أيضا: زيادة في (ا) ، (ب) .
(9) ن، ا، ب: تساويا.
********************************

ممتنع (1) ، بل نحن نعلم أنه من الطوفان إلى ما لا نهاية له في المستقبل أعظم من الهجرة إلى ما لا نهاية له في المستقبل، وكذلك [من الهجرة إلى ما لا بداية له (2) في الماضي أعظم من الطوفان إلى ما لا بداية له في الماضي، وإن كان كل منهما لا بداية له (3) ، فإن] (4) ما لا نهاية له من هذا الطرف وهذا الطرف، ليس أمرا محصورا محدودا موجودا حتى يقال هما متماثلان (5) في المقدار، فكيف يكون أحدهما أكثر؟ بل كونه لا يتناهى معناه أنه يوجد شيئا بعد شيء دائما، فليس هو مجتمعا محصورا.
والاشتراك في عدم التناهي لا يقتضي التساوي في المقدار، إلا إذا كان كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى له قدر محدود (6) ، وهذا باطل. فإن ما لا يتناهى ليس له حد محدود ولا مقدار معين، بل هو بمنزلة العدد المضعف، فكما أن اشتراك الواحد والعشرة والمائة والألف في التضعيف (7) الذي لا يتناهى لا يقتضي تساوي مقاديرها، فكذلك هذا.
وأيضا: فإن هذين هما متناهيان من أحد الطرفين وهو الطرف المستقبل، وغير متناهيين من الطرف الآخر وهو الماضي.
_________
(1) ن، م: حصول مثل هذا. والتفاضل ممتنع.
(2) م: ما لا نهاية له.
(3) م: لا نهاية له.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(5) ا: متلازمان؛ ب: متوازنان.
(6) ا: كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى قدر محدود؛ ب: كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى قدرا محدودا. .
(7) ن: الضعيف؛ م: الضعف، وكلاهما تحريف.

*******************************
وحينئذ فقول (1) القائل: يلزم (2) التفاضل فيما لا يتناهى غلط، فإنه إنما حصل في المستقبل وهو الذي يلينا وهو متناه، ثم هما لا يتناهيان من الطرف الذي لا يلينا وهو الأزل (3) وهما متفاضلان (4) من الطرف الذي يلينا وهو طرف الأبد.
فلا يصح أن يقال: وقع التفاوت فيما لا يتناهى، إذ هذا (5) يشعر بأن التفاوت حصل في الجانب الذي لا آخر له، وليس الأمر (6) كذلك، بل إنما حصل التفاضل (7) من الجانب [المنتهى] (8) الذي له آخر فإنه لم ينقض (9) .
ثم للناس في هذا جوابان (10) ، أحدهما: قول من يقول: ما مضى من الحوادث فقد عدم، وما لم يحدث لم يكن، فالتطبيق في مثل هذا أمر يقدر في الذهن لا حقيقة له في الخارج، كتضعيف الأعداد: فإن تضعيف الواحد أقل من تضعيف العشرة، وتضعيف العشرة أقل من تضعيف المائة، وكل ذلك لا نهاية له، لكن ليس هو أمرا موجودا في الخارج.
_________
(1) ن، م: فيقول:
(2) ا، ب: للزم.
(3) ن، م: الأول.
(4) ن، م: متناهيان.
(5) ن، م: فيما لا يتناهى وهذا. .
(6) الأمر: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(7) ن، م: التفاوت.
(8) المنتهى: ساقطة من (ن) . وفي (م) : الآخر.
(9) ن، م:. . فإنه لا يزال.
(10) ا: هذا ثم للناس هنا جوابان؛ ب: هذا ثم هنا للناس جوابان.
******************************************

ومن قال هذا فإنه يقول: إنما يمتنع (1) اجتماع ما لا يتناهى إذا كان مجتمعا في الوجود، سواء كانت أجزاؤه (2) (3 متصلة كالأجسام، أو كانت 3) (3) منفصلة كنفوس الآدميين (4) ، ويقول: كل ما اجتمع في الوجود فإنه يكون متناهيا، ومنهم من يقول: المتناهي هو المجتمع المتعلق بعضه ببعض بحيث يكون له ترتيب وضعي كالأجسام، أو طبيعي (5) كالعلل وأما ما لا يتعلق بعضه ببعض كالنفوس، فلا يجب هذا فيها، فهذان قولان.
وأما القائلون بامتناع ما لا يتناهى وإن عدم بعد وجوده، فمنهم من قال به في الماضي والمستقبل، كقول جهم (6) وأبي الهذيل، ومنهم من فرق بين الماضي والمستقبل، وهو قول كثير من أهل الكلام ومن وافقهم. قالوا: لأنك إذا (7) قلت: لا أعطيك درهما إلا أعطيك (8) بعده درهما، كان هذا ممكنا. ولو قلت: لا أعطيك درهما حتى أعطيك قبله درهما، كان هذا ممتنعا، وعلى هذا اعتمد (9) أبو المعالي في " إرشاده " (10) وأمثاله
_________
(1) ن، م: يمنع.
(2) ن، م: أجزاء.
(3) (3 - 3) : ساقط من (ا) ، (ب) .
(4) ب (فقط) : كنفوس الآدميين أو لا.
(5) ن: طبعي.
(6) ن، م:. . والمستقبل كجهم. .
(7) ا، ب: لو.
(8) م: إلا أعطيتك.
(9) ن، م: امتنع، وهو تحريف.
(10) هذا المثال يذكره أبو المعالي الجويني في كتابه " الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد "، ص [0 - 9] 6 - 27؛ القاهرة 1369/1950. وانظر كلامه عن استحالة حوادث لا أول لها، ص 25 - 27.
*********************************

من النظار.
وهذا التمثيل والموازنة ليست صحيحة، بل الموازنة الصحيحة أن تقول: ما أعطيتك درهما إلا أعطيتك قبله درهما، فتجعل ماضيا قبل ماض، كما جعلت هناك مستقبلا بعد مستقبل.
وأما قول القائل: لا أعطيك حتى أعطيك، فهو نفي للمستقبل حتى يحصل مثله (1) في المستقبل ويكون قبله، فقد (2) نفى المستقبل حتى يوجد المستقبل، وهذا ممتنع، لم ينف (3) الماضي حتى يكون قبله ماض فإن هذا ممكن، والعطاء المستقبل ابتداؤه من المعطي، والمستقبل الذي له ابتداء وانتهاء لا يكون قبله ما لا نهاية له، فإن وجود ما لا نهاية له فيما يتناهى ممتنع.
فهذه الأقوال الأربعة للناس فيما لا يتناهى.

[التسلسل نوعان]
والتسلسل نوعان: تسلسل في المؤثرات كالتسلسل في العلل والمعلولات، وهو التسلسل في الفاعلين والمفعولات، فهذا ممتنع باتفاق العقلاء.
ومن هذا الباب تسلسل الفاعلين والخالقين والمحدثين مثل أن يقول: هذا المحدث له محدث، وللمحدث محدث [آخر] (4) إلى ما لا يتناهى. فهذا مما اتفق العقلاء - فيما أعلم - على امتناعه؛ لأن كل محدث لا
_________
(1) مثله: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: فعل. وهو خطأ.
(3) م (فقط) : لأنه لم ينف.
(4) آخر: زيادة في (ا) ، (ب) .

************************************
يوجد بنفسه، فهو معدوم باعتبار نفسه، [وهو ممكن باعتبار نفسه] (1) ، فإذا قدر من ذلك ما لا يتناهى، لم تصر الجملة موجودة واجبة بنفسها، فإن انضمام المحدث إلى المحدث والمعدوم إلى المعدوم والممكن إلى الممكن، لا يخرجه عن كونه مفتقرا (2) إلى الفاعل له، بل كثرة ذلك تزيد حاجتها وافتقارها إلى الفاعل، وافتقار المحدثين الممكنين أعظم من افتقار أحدهما، كما أن عدم الاثنين أعظم من عدم أحدهما. فالتسلسل في هذا والكثرة لا تخرجه عن الافتقار والحاجة، بل تزيده حاجة وافتقارا.
فلو قدر من الحوادث والمعدومات والممكنات ما لا نهاية له، وقدر أن بعض ذلك معلول لبعض أو لم يقدر ذلك، فلا يوجد [شيء من] (3) ذلك إلا بفاعل صانع لها خارج عن هذه الطبيعة المشتركة المستلزمة للافتقار والاحتياج، فلا يكون فاعلها معدوما ولا محدثا ولا ممكنا يقبل الوجود والعدم، بل لا يكون إلا موجودا بنفسه واجب الوجود لا يقبل العدم قديما ليس بمحدث، فإن كل ما ليس كذلك فإنه مفتقر إلى من يخلقه وإلا لم يوجد.
وأما التسلسل في الآثار كوجود حادث بعد حادث، فهذا فيه الأقوال الثلاثة المتقدمة: إما منعه في الماضي والمستقبل، كقول جهم وأبي الهذيل. وإما منعه في الماضي فقط، كقول كثير من أهل الكلام. وإما
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) ن: منقص، وهو تحريف.
(3) شيء من: ساقطة من (ن) فقط.

********************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.78 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.38%)]