
25-11-2021, 01:05 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,734
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثانى -كتاب الزكاة
الحلقة (62)
صــــــــــ 61 الى صـــــــــــ65
( قال الشافعي ) :
وإذا كان لرجل مال تجب فيه الزكاة فارتد عن الإسلام وهرب ، أو جن ، أو عته ، أو حبس ليستتاب ، أو يقتل فحال الحول على ماله من يوم ملكه ففيها قولان أحدهما : أن فيها الزكاة ; لأن ماله لا يعدو أن يموت على ردته فيكون للمسلمين وما كان لهم ففيه الزكاة ، أو يرجع إلى الإسلام فيكون له فلا تسقط الردة عنه شيئا وجب عليه ، والقول الثاني : أن لا يؤخذ منها زكاة حتى ينظر ، فإن أسلم تملك ماله وأخذت زكاته ; لأنه لم يكن سقط عنه الفرض ، وإن لم يؤجر عليها ، وإن قتل على ردته لم يكن في المال زكاة ; لأنه مال مشترك مغنوم ، فإذا صار لإنسان منه شيء فهو كالفائدة ويستقبل به حولا ثم يزكيه ، لو أقام في ردته زمانا كان كما وصفت ، إن رجع إلى الإسلام أخذت منه صدقة ماله ، وليس كالذمي الممنوع المال بالجزية ولا المجاب ولا المشرك غير الذمي الذي لم تجب في ماله زكاة قط ، ألا ترى أنا نأمره بالإسلام ، فإن امتنع قتلناه وأنا نحكم عليه في حقوق [ ص: 61 ] الناس بأن نلزمه ، فإن قال : فهو لا يؤجر على الزكاة ، قيل : ولا يؤجر عليها ولا غيرها من حقوق الناس التي تلزمه ويحبط أجر عمله فيما أدى منها قبل أن يرتد ، وكذلك لا يؤجر على أن يؤخذ الدين منه فهو يؤخذ .
باب ترك التعدي على الناس في الصدقة
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : " مر على عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بغنم من الصدقة فرأى فيها شاة حافلا ذات ضرع " فقال عمر : " ما هذه الشاة ؟ " فقالوا : شاة من الصدقة فقال عمر : " ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون لا تفتنوا الناس لا تأخذوا حزرات المسلمين نكبوا عن الطعام " .
( قال الشافعي ) :
رحمه الله تعالى توهم عمر أن أهلها لم يتطوعوا بها ولم ير عليهم في الصدقات ذات در فقال هذا ، لو علم أن المصدق جبر أهلها على أخذها لردها عليهم إن شاء الله تعالى وكان شبيها أن يعاقب المصدق ، ولم أر بأسا أن تؤخذ بطيب أنفس أهلها .
( قال الشافعي ) :
وقد بلغنا { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن مصدقا إياكم وكرائم أموالهم } وفي كل هذا دلالة على أن لا يؤخذ خيار المال في الصدقة ، وإن أخذ فحق على الوالي رده وأن يجعله من ضمان المصدق ; لأنه تعدى بأخذه حتى يرده على أهله ، وإن فات ضمنه المصدق وأخذ من أهله ما عليهم إلا أن يرضوا بأن يرد عليهم فضل ما بين القيمتين فيردها المصدق وينفذ ما أخذ هو مما هو فوق ذلك لمن قسم له من أهل السهمان ، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أنه قال : أخبرني رجلان من أشجع أن محمد بن مسلمة الأنصاري كان يأتيهم مصدقا فيقول لرب المال : أخرج إلي صدقة مالك فلا يقود إليه شاة فيها وفاء من حقه إلا قبلها .
( قال الشافعي ) :
وسواء أخذها المصدق وليس فيها تعد ، أو قادها إليه رب المال وهي وافية ، وإن قال المصدق لرب المال : أخرج زكاة مالك فأخرج أكثر مما عليه ، فإن طاب به نفسا بعد علمه ، أخذه منه وإلا أخذ منه ما عليه ، ولا يسعه أخذه إلا حتى يعلمه أن ما أعطاه أكثر مما عليه .
باب غلول الصدقة
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : فرض الله عز وجل الصدقات وكان حبسها حراما ثم أكد تحريم حبسها فقال عز وعلا { ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر [ ص: 62 ] لهم } الآية وقال تبارك وتعالى { والذين يكنزون الذهب والفضة } إلى قوله { ما كنتم تكنزون } ( قال الشافعي ) : وسبيل الله والله أعلم ما فرض من الصدقة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة قال أخبرنا جامع بن أبي راشد وعبد الملك بن أعين سمعا أبا وائل يخبر عن عبد الله بن مسعود يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل له يوم القيامة شجاع أقرع يفر منه ، هو يتبعه حتى يطوقه في عنقه ثم قرأ علينا { سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } } أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار قال سمعت عبد الله بن عمر ، هو يسأل عن الكنز فقال هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة .
( قال الشافعي ) :
وهذا كما قاله ابن عمر إن شاء الله تعالى ; لأنهم إنما عذبوا على منع الحق فأما على دفن أموالهم وحبسها فذلك غير محرم عليهم ، وكذلك إحرازها والدفن ضرب من الإحراز ، لولا إباحة حبسها ما وجبت فيها الزكاة في حول ; لأنها لا تجب حتى تحبس حولا ، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن أبي هريرة أنه كان يقول : " من كان له مال لم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطلبه حتى يمكنه يقول أنا كنزك " أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه قال : { استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة بن الصامت على صدقة فقال اتق الله يا أبا الوليد لا تأتي يوم القيامة ببعير تحمله على رقبتك له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة لها ثؤاج فقال يا رسول الله ، وإن ذا لكذا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إي والذي نفسي بيده إلا من رحم الله تعالى فقال : والذي بعثك بالحق لا أعمل على اثنين أبدا } .
باب ما يحل للناس أن يعطو من أموالهم
( قال الشافعي ) :
رحمه الله : قال الله تبارك وتعالى { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } الآية .
( قال الشافعي ) :
يعني والله أعلم تأخذونه لأنفسكم ممن لكم عليه حق فلا تنفقوا ما لا تأخذون لأنفسكم ، يعني لا تعطوا مما خبث عليكم والله أعلم وعندكم طيب .
( قال الشافعي ) :
فحرام على من عليه صدقة أن يعطي الصدقة من شرها وحرام على من له تمر أن يعطي العشر من شره ، ومن له الحنطة أن يعطي العشر من شرها ، ومن له ذهب أن يعطي زكاتها من شرها ، ومن له إبل أن يعطي الزكاة من شرها إذا ولي إعطاءها أهلها ، وعلى السلطان أن يأخذ ذلك منه ، وحرام عليه إن غابت أعيانها عن السلطان فقبل قوله أن يعطيه من شرها ويقول : ماله كله هكذا ، قال الربيع : أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جرير بن عبد الله البجلي قال قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم { إذا أتاكم المصدق فلا يفارقكم إلا عن رضا } ( قال الشافعي ) : يعني والله أعلم أن يوفوه طائعين ولا يلووه لا أن يعطوه من أموالهم ما ليس عليهم فبهذا نأمرهم ونأمر المصدق .
باب ما يحل للناس أن يعطو من أموالهم ( قال الشافعي ) : رحمه الله : قال الله تبارك وتعالى { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } الآية .
( قال الشافعي ) :
يعني والله أعلم تأخذونه لأنفسكم ممن لكم عليه حق فلا تنفقوا ما لا تأخذون لأنفسكم ، يعني لا تعطوا مما خبث عليكم والله أعلم وعندكم طيب .
( قال الشافعي ) :
فحرام على من عليه صدقة أن يعطي الصدقة من شرها وحرام على من له تمر أن يعطي العشر من شره ، ومن له الحنطة أن يعطي العشر من شرها ، ومن له ذهب أن يعطي زكاتها من شرها ، ومن له إبل أن يعطي الزكاة من شرها إذا ولي إعطاءها أهلها ، وعلى السلطان أن يأخذ ذلك منه ، وحرام عليه إن غابت أعيانها عن السلطان فقبل قوله أن يعطيه من شرها ويقول : ماله كله هكذا ، قال الربيع : أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جرير بن عبد الله البجلي قال قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم { إذا أتاكم المصدق فلا يفارقكم إلا عن رضا } ( قال الشافعي ) : يعني والله أعلم أن يوفوه طائعين ولا يلووه لا أن يعطوه من أموالهم ما ليس عليهم فبهذا نأمرهم ونأمر المصدق .
[ ص: 63 ] باب الهدية للوالي بسبب الولاية أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أبي حميد الساعدي قال : { استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال : ما بال العامل نبعثه على بعض أعمالنا فيقول هذا لكم ، وهذا أهدي إلي ؟ فهلا جلس في بيت أبيه ، أو بيت أمه فينظر أيهدى له أم لا ؟ فوالذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه ثم قال اللهم : هل بلغت ، اللهم هل بلغت ؟ } أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي حميد الساعدي قال : بصر عيني وسمع أذني رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلوا زيد بن ثابت ، يعني مثله
( قال الشافعي ) :
فيحتمل قول النبي صلى الله عليه وسلم في ابن اللتبية تحريم الهدية إذا لم تكن الهدية له إلا بسبب السلطان ويحتمل أن الهدية لأهل الصدقات إذا كانت بسبب الولاية لأهل الصدقات كما يكون ما تطوع به أهل الأموال مما ليس عليهم لأهل الصدقات لا لوالي الصدقات .
( قال الشافعي ) :
وإذا أهدى واحد من القوم للوالي هدية ، فإن كانت لشيء ينال به منه حقا ، أو باطلا ، أو لشيء ينال منه حق ، أو باطل ، فحرام على الوالي أن يأخذها ; لأن حراما عليه أن يستعجل على أخذه الحق لمن ولي أمره ، وقد ألزمه الله عز وجل أخذ الحق لهم وحرام عليه أن يأخذ لهم باطلا والجعل عليه أحرم ، وكذلك إن كان أخذ منه ليدفع به عنه ما كره ، أما أن يدفع عنه بالهدية حقا لزمه فحرام عليه دفع الحق إذا لزمه ، وأما أن يدفع عنه باطلا فحرام عليه إلا أن يدفع عنه بكل حال .
( قال الشافعي ) :
وإن أهدى له من غير هذين الوجهين أحد من أهل ولايته فكانت تفضلا عليه ، أو شكر الحسن في المعاملة فلا يقبلها ، وإن قبلها كانت في الصدقات ، لا يسعه عندي غيره إلا أن يكافئه عليه بقدرها فيسعه أن يتمولها .
( قال الشافعي ) :
وإن كان من رجل لا سلطان له عليه وليس بالبلد الذي له به سلطان شكرا على حسن ما كان منه فأحب إلي أن يجعلها لأهل الولاية إن قبلها ، أو يدع قبولها فلا يأخذ على الحسن مكافأة ، وإن قبلها فتمولها لم تحرم عليه عندي ، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وقد أخبرنا مطرف بن مازن عن شيخ ثقة سماه لا يحضرني ذكر اسمه أن رجلا ولي عدن فأحسن فيها فبعث إليه بعض الأعاجم بهدية حمدا له على إحسانه فكتب فيها إلى عمر بن عبد العزيز فأحسبه قال قولا معناه : تجعل في بيت المال . أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لا تخالط الصدقة مالا إلا أهلكته } .
( قال الشافعي ) :
يعني والله أعلم أن خيانة الصدقة تتلف المال المخلوط بالخيانة من الصدقة .
( قال الشافعي ) :
وما أهدى له ذو رحم ، أو ذو مودة كان يهاديه [ ص: 64 ] قبل الولاية لا يبعثه للولاية فيكون إعطاؤه على معنى من الخوف ، فالتنزه أحب إلي وأبعد لقالة السوء ، ولا بأس أن يقبل ويتمول إذا كان على هذا المعنى ما أهدي ، أو وهب له .
باب ابتياع الصدقة
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : حدثني شيخ من أهل مكة قال : سمعت طاووسا وأنا واقف على رأسه يسأل عن بيع الصدقة قبل أن تقبض فقال طاووس : ورب هذا البيت ما يحل بيعها قبل أن تقبض ، ولا بعد أن تقبض .
( قال الشافعي ) : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فقراء أهل السهمان ، فترد بعينها ولا يرد ثمنها .
( قال الشافعي ) :
وإن باع منها المصدق شيئا لغير أن يقع لرجل نصف شاة ، أو ما يشبه هذا فعليه أن يأتي بمثلها ، أو يقسمها على أهلها لا يجزيه إلا ذلك ( قال ) : وأفسخ بيع المصدق فيها على كل حال إذا قدرت عليه وأكره لمن خرجت منه أن يشتريها من يد أهلها الذي قسمت عليهم ولا أفسخ البيع إن اشتروها منهم ، وإنما كرهت ذلك منهم ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلا حمل على فرس في سبيل الله فرآه يباع أن لا يشتريه وأنه يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { العائد في هبته ، أو صدقته كالكلب يعود في قيئه } ولم يبن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم شراء ما وصفت على الذي خرج من يديه فأفسخ في البيع وقد تصدق رجل من الأنصار بصدقة على أبويه ثم ماتا فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخذ ذلك بالميراث فبذلك أجزت أن يملك ما خرج من يديه بما يحل به الملك .
( قال الشافعي ) :
ولا أكره لمن اشترى من يد أهل السهمان حقوقهم منها إذا كان ما اشترى منها مما لم يؤخذ منه في صدقته ولم يتصدق به متطوعا ، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن عمرو بن مسلم ، أو ابن طاووس أن طاووسا ولي صدقات الركب لمحمد بن يوسف فكان يأتي القوم فيقول : زكوا يرحمكم الله مما أعطاكم الله فما أعطوه قبله ثم يسألهم " أين مساكينهم ؟ " فيأخذها من هذا ويدفعها إلى هذا وأنه لم يأخذ لنفسه في عمله ولم يبع ولم يدفع إلى الوالي منها شيئا ، وأن الرجل من الركب كان إذا ولى عنه لم يقل له : هلم .
( قال الشافعي ) :
وهذا يسع من وليهم عندي وأحب إلي أن يحتاط لأهل السهمان فيسأل ويحلف من اتهم ; لأنه قد كثر الغلول فيهم وليس لأحد أن يحتاط ولا يحلف ولا يلي حتى يكون يضعها مواضعها ، فأما من لم يكن يضعها مواضعها فليس له ذلك .
باب ما يقول المصدق إذا أخذ الصدقة لمن يأخذها منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم } الآية ( قال ) : والصلاة عليهم الدعاء لهم عند أخذ الصدقة منهم ( قال ) : فحق على الوالي إذا أخذ صدقة امرئ أن يدعو له وأحب إلي أن يقول : آجرك الله فيما أعطيت وجعلها لك طهورا وبارك لك فيما أبقيت " وما دعا له به أجزأه إن شاء الله .
باب ما يقول المصدق إذا أخذ الصدقة لمن يأخذها منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم } الآية ( قال ) : والصلاة عليهم الدعاء لهم عند أخذ الصدقة منهم ( قال ) : فحق على الوالي إذا أخذ صدقة امرئ أن يدعو له وأحب إلي أن يقول : آجرك الله فيما أعطيت وجعلها لك طهورا وبارك لك فيما أبقيت " وما دعا له به أجزأه إن شاء الله .
باب كيف تعد الصدقة وكيف توسم
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال حضرت عمي محمد بن العباس تؤخذ الصدقات بحضرته يأمر [ ص: 65 ] بالحظار فيحظر ويأمر قوما فيكتبون أهل السهمان ثم يقف رجال دون الحظار قليلا ثم تسرب الغنم بين الرجال والحظار فتمر الغنم سراعا واحدة واثنتان وفي يد الذي يعدها عصا يشير بها ويعد بين يدي محمد بن العباس وصاحب المال معه ، فإن قال أخطأ أمره بالإعادة حتى يجتمعا على عدد ثم يأخذ ما وجب عليه بعدما يسأل رب المال : هل له من غنم غير ما أحضره ؟ فيذهب بما أخذ إلى الميسم فيوسم بميسم الصدقة ، هو كتاب الله عز وجل ، وتوسم الغنم في أصول آذانها والإبل في أفخاذها ثم تصير إلى الحظيرة حتى يحصى ما يؤخذ من المجمع ثم يفرقها بقدر ما يرى .
( قال الشافعي ) :
وهكذا أحب أن يفعل المصدق أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : إن في الظهر ناقة عمياء فقال " أمن نعم الجزية أم من نعم الصدقة ؟ " فقال أسلم : بل من نعم الجزية وقال : إن عليها ميسم الجزية .
باب الفضل في الصدقة
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن ابن عجلان عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : { والذي نفسي بيده ما من عبد يتصدق بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا ولا يصعد إلى السماء إلا طيب إلا كان كأنما يضعها في يد الرحمن فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه حتى إن اللقمة لتأتي يوم القيامة ، وإنها لمثل الجبل العظيم ، ثم قرأ { ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات } } أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم { مثل المنفق والبخيل كمثل رجلين عليهما جبتان ، أو جنتان من لدن ثديهما إلى تراقيهما ، فإذا أراد المنفق أن ينفق سبغت عليه الدرع ، أو مرت حتى تخفي بنانه وتعفو أثره ، وإذا أراد البخيل أن ينفق تقلصت ولزمت كل حلقة موضعها حتى تأخذ بعنقه ، أو ترقوته فهو يوسعها ولا تتسع : } أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاوس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، إلا أنه قال : " فهو يوسعها ولا تتوسع " ( قال الشافعي ) : حمد الله عز وجل الصدقة في غير موضع من كتابه ، فمن قدر على أن يكثر منها فليفعل .
( قال الشافعي ) :
وهذا يدل على أن عمر رضي الله تعالى عنه كان يسم وسمين ، وسم جزية ، ووسم صدقة . وبهذا نقول .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|