
25-11-2021, 03:20 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,691
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثانى -كتاب الحج
الحلقة (74)
صــــــــــ 121 الى صـــــــــــ125
( قال ) : وكان في الحج مؤنة في المال وكان العبد لا مال له ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين بقوله { من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع } فدل ذلك على [ ص: 121 ] أن لا مال للعبد وإن ما ملك فإنما هو ملك للسيد وكان المسلمون لا يورثون العبد من ولده ولا والده ولا غيرهم شيئا فكان هذا عندنا من أقاويلهم استدلالا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه لا يملك إلا لسيده وكان سيده غير الوارث وكان المسلمون لا يجعلون على سيده الإذن له إلى الحج فكان العبد ممن لا يستطيع إليه سبيلا فدل هذا على أن العبيد خارجون من فرض الحج بخروجهم من استطاعة الحج وخارج من الفرض لو أذن له سيده . ولو أذن له سيده وحج لم تجز عنه ، فإن قال قائل : فكيف لا تجزي عنه ؟ قلت ; لأنها لا تلزمه وأنها لا تجزي عمن لم تلزمه قال ومثل ماذا ؟ قلت مثل مصلي المكتوبة قبل وقتها وصائم شهر رمضان قبل إهلاله لا يجزئ عن واحد منهما إلا في وقته ; لأنه عمل على البدن والعمل على البدن لا يجزي إلا في الوقت ، والكبير الفاني القادر يلزمه ذلك في نفسه وفي غيره وليس هكذا المملوك ولا غيره البالغ من الأحرار ، فلو حجا لم تجز عنهما حجة الإسلام إذا بلغ هذا وعتق هذا وأمكنهما الحج .
باب تفريع حج الصبي والمملوك
( قال الشافعي ) :
رحمه الله تعالى ليس على الصبي حج حتى يبلغ الغلام الحلم والجارية المحيض في أي سن ما بلغاها أو استكملا خمس عشرة سنة ، فإذا بلغا استكمال خمس عشرة سنة ، أو بلغا المحيض أو الحلم ، وجب عليهما الحج ( قال ) : وحسن أن يحجا صغيرين لا يعقلان ودون البالغين يعقلان يجردان للإحرام ويجتنبان ما يجتنب الكبير ، فإذا أطاقا عمل شيء أو كانا إذا أمرا به عملاه عن أنفسهما ما كان ، فإن لم يكونا يطيقانه عمل عنهما وسواء في ذلك الصلاة التي تجب بالطواف أو غيرها من عمل الحج ، فإن قال قائل أفتصلي عنهما المكتوبة ؟ قيل لا ، فإن قال فما فرق بين المكتوبة وبين الصلاة التي وجبت بالطواف ؟ قيل تلك عمل من عمل الحج وجبت به كوجوب الطواف والوقوف به والرمي وليست بفرض على غير حاج فتؤدى كما يؤدى غيرها .
فإن قال قائل : فهل من فرق غير هذا ؟ قيل نعم ، الحائض تحج وتعتمر فتقضي ركعتي الطواف لا بد منهما ولا تقضي المكتوبة التي مرت في أيام حيضها ( قال ) : والحجة في هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للمرء أن يحج عن غيره وفي ذلك أن عمله عنه يجزئ كما أجزأ عمله عن نفسه فمن علم هذا علم أنه مضطر إلى أن يقول لا يبقى من عمل الحج عنه شيء ، فلو جاز أن يبقى من عمل الحج صلاة جاز أن يبقى طواف ورمي ووقوف ولكنه يأتي بالكمال عمن عمل عنه كما كان على المعمول عنه أن يأتي بالكمال عن نفسه ( قال ) : ولا أعلم أحدا ممن سمعت منه في هذا شيئا خالف فيه ما وصفت . وقد حكي لي عن قائل أنه قال : يعمل عنه غير الصلاة ، وأصل قول القائل هذا أنه لا يحج أحد عن أحد إلا في بعض الأحوال دون بعض فكيف جاز أن يأمر بالحج في حال لم يأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فيه ويتركها حيث أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم وكيف إذا ترك أصل قوله في حال يحج المرء فيها عن غيره أو يعمل فيها شيئا من عمل الحج عن غيره لم يجعل الصلاة التي تجب بالحج مما أمر بعمله في الحج غير الصلاة ؟ .
فإن قال قائل : فما الحجة أن للصبي حجا ولم يكتب عليه فرضه قيل : إن الله بفضل نعمته أناب الناس على الأعمال أضعافها ومن على المؤمنين بأن ألحق بهم ذرياتهم ووفر عليهم أعمالهم فقال { : ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء } فلما من على الذراري بإدخالهم جنته بلا عمل كان أن من عليهم بأن يكتب لهم عمل [ ص: 122 ] البر في الحج ، وإن لم يجب عليهم من ذلك المعنى ، فإن قال قائل ما دل على ما وصفت ؟ فقد جاءت الأحاديث في أطفال المسلمين أنهم يدخلون الجنة فالحجة فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
( قال الشافعي ) :
أخبرنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم قفل فلما كان بالروحاء لقي ركبا فسلم عليهم فقال : من القوم ؟ فقالوا : مسلمون ، فمن القوم قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفعت إليه امرأة صبيا لها من محفة فقالت : يا رسول الله ألهذا حج قال : نعم ، ولك أجر . }
أخبرنا مالك عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بامرأة ، وهي في محفتها فقيل لها : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بعضد صبي كان معها فقالت : ألهذا حج ؟ قال : نعم . ولك أجر } ( قال الشافعي ) : أخبرنا سعيد بن سالم عن مالك بن مغول عن أبي السفر قال قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أيها الناس أسمعوني ما تقولون وافهموا ما أقول لكم أيما مملوك حج به أهله فمات قبل أن يعتق فقد قضى حجه ، وإن عتق قبل أن يموت فليحجج وأيما غلام حج به أهله فمات قبل أن يدرك فقد قضي عنه حجه ، وإن بلغ فليحجج " أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال ، وتقضى حجة العبد عنه حتى يعتق ، فإذا عتق وجبت عليه من غير أن تكون واجبة عليه .
( قال الشافعي ) :
هذا كما قال عطاء في العبد إن شاء الله ومن لم يبلغ وقد بين معنى قوله ومعنى قول ابن عباس عندنا هكذا وقوله : فإذا عتق فليحجج يدل على أنها لو أجزأت عنه حجة الإسلام لم يأمره بأن يحج إذا عتق ويدل على أنه لا يراها واجبة عليه في عبوديته ; وذلك أنه وغيره من أهل الإسلام لا يرون فرض الحج على أحد إلا مرة ; لأن الله عز وجل يقول { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } فذكره مرة ، ولم يردد ذكره مرة أخرى
( قال الشافعي ) :
أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء : أرأيت إن حج العبد تطوعا يأذن له سيده بحج لا أجر نفسه ولا حج به أهله يخدمهم ؟ قال : سمعنا أنه إذا عتق حج لا بد .
أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن ابن طاوس أن أباه كان يقول : تقضى حجة الصغير عنه حتى يعقل ، فإذا عقل وجبت عليه حجة لا بد منها والعبد كذلك أيضا ( قالا ) : وأخبرنا ابن جريج أن قولهم هذا عن ابن عباس .
( قال الشافعي ) :
وقولهم : إذا عقل الصبي ، إذا احتلم والله أعلم . ويروى عن عمر في الصبي والمملوك مثل معنى هذا القول ، فيجتمع المملوك وغير البالغين والعبد في هذا المعنى ، ويتفرقان فيما أصاب كل واحد منهما في حجه .
الإذن للعبد
( قال الشافعي ) :
إذا أذن الرجل لعبده بالحج فأحرم فليس له منعه أن يتم على إحرامه وله بيعه وليس لمبتاعه منعه أن يتم إحرامه ولمبتاعه الخيار إذا كان لم يعلم بإحرامه ; لأنه محول بينه وبين حبسه لمنفعته إلى أن ينقضي إحرامه وكذلك الأمة وكذلك الصبيان إذا أذن لهما أبوهما فأحرما لم يكن له حبسهما ( قال ) : ولو أصاب العبد امرأته فبطل حجه لم يكن لسيده حبسه وذلك ; لأنه مأمور بأن يمضي في حج فاسد مضيه في حج صحيح ولو أذن له في الحج فأحرم فمنعه مرض : لم يكن له حبسه إذا صح عن أن يحل بطواف ، وإن أذن له في حج فلم يحرم : كان له منعه ما لم يحرم ( قال ) : وإن أذن له أن يتمتع أو يقرن فأعطاه دما للمتعة أو القران : لم يجز عنه ; لأن العبد لا يملك شيئا ، فإذا ملكه شيئا فإنما ملكه للسيد فلا [ ص: 123 ] يجزي عنه ما لا يكون له مالكا بحال وعليه فيما لزمه الصوم ما كان مملوكا ، فإن لم يصم حتى عتق ووجد ففيها قولان : أحدهما أن يكفر كفارة الحر الواجد والثاني لا يكفر إلا بالصوم ; لأنه لم يكن له ولا عليه في الوقت الذي أصاب فيه شيء إلا الصوم لو أذن له في الحج فأفسده كان على سيده أن يدعه يتم عليه ولم يكن له على سيده أن يدعه يقضيه ، فإن قضاه أجزأ عنه من القضاء وعليه إذا عتق حجة الإسلام ولو لم يأذن للعبد سيده بالحج فأحرم به كان أحب إلي أن يدعه يتمه ، فإن لم يفعل فله حبسه وفيها قولان : أحدهما أن عليه إذا حبسه سيده عن إتمام حجه شاة يقومها دراهم ثم يقوم الدراهم طعاما ثم يصوم عن كل مد يوما ثم يحل ، والقول الثاني يحل ولا شيء عليه حتى يعتق فيكون عليه شاة ، ولو أذن السيد لعبده فتمتع فمات العبد ، أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال : إذا أذنت لعبدك فتمتع فمات فاغرم عنه ، فإن قال قائل فهل يجوز أن يفرق بين ما يجزي العبد حيا من إعطاء سيده عنه وما يجزيه ميتا ؟ فنعم ، أما ما أعطاه حيا فلا يكون له إخراجه من ملكه عنه حيا حتى يكون المعطى عنه مالكا له والعبد لا يكون مالكا ، وهكذا ما أعطي عن الحر بإذنه أو وهبه للحر فأعطاه الحر عن نفسه قد ملك الحر في الحالين ولو أعطى عن حر بعد موته أو عبد لم يكن الموتى يملكون شيئا أبدا ، ألا ترى أن من وهب لهم أو أوصى أو تصدق عليهم لم يجز وإنما أجزنا أن يتصدق عنهم بالخبر عن { رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر سعدا أن يتصدق عن أمه } ، ولولا ذلك لما جاز ما وصفت لك .
باب كيف الاستطاعة إلى الحج
( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى الاستطاعة وجهان :
أحدهما أن يكون الرجل مستطيعا ببدنه واجدا من ماله ما يبلغه الحج فتكون استطاعته تامة ويكون عليه فرض الحج لا يجزيه ما كان بهذا الحال ، إلا أن يؤديه عن نفسه ، والاستطاعة الثانية أن يكون مضنوا في بدنه لا يقدر أن يثبت على مركب فيحج على المركب بحال وهو قادر على من يطيعه إذا أمره أن يحج عنه بطاعته له أو قادر على مال يجد من يستأجره ببعضه فيحج عنه فيكون هذا ممن لزمته فريضة الحج كما قدر ، ومعروف في لسان العرب أن الاستطاعة تكون بالبدن وبمن يقوم مقام البدن ، وذلك أن الرجل يقول : أنا مستطيع لأن أبني داري يعني بيده ويعني بأن يأمر من يبنيها بإجارة أو يتطوع ببنائها له ، وكذلك مستطيع لأن أخيط ثوبي ، وغير ذلك مما يعمله هو بنفسه ويعمله له غيره .
فإن قال قائل : الحج على البدن وأنت تقول في الأعمال على الأبدان إنما يؤديها عاملها بنفسه مثل الصلاة والصيام فيصلي المرء قائما ، فإن لم يقدر صلى جالسا أو مضطجعا ولا يصلي عنه غيره ، وإن لم يقدر على الصوم قضاه إذا قدر أو كفر ولم يصم عنه غيره وأجزأ عنه . قيل له إن شاء الله تعالى الشرائع تجتمع في معنى وتفترق في غيره بما فرق الله به عز وجل بينها في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أو بما اجتمعت عليه عوام المسلمين الذين لم يكن فيهم أن يجهلوا أحكام الله تعالى ، فإن قال : فادللني على ما وصفت من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم قيل له : إن شاء الله أخبرنا سفيان قال سمعت الزهري يحدث عن سليمان بن يسار عن ابن عباس { أن امرأة من خثعم [ ص: 124 ] سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على راحلته فهل ترى أن أحج عنه ؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم نعم } قال سفيان هكذا حفظته عن الزهري وأخبرنيه عمرو بن دينار عن الزهري عن سليمان بن يسار عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، وزاد فقالت : يا رسول الله فهل ينفعه ذلك ؟ فقال : نعم مثل لو كان عليه دين فقضيته نفعه فكان فيما حفظ سفيان عن الزهري ما بين أن أباها إذا أدركته فريضة الحج ولا يستطيع أن يستمسك على راحلته أن جائزا لغيره أن يحج عنه ، ولد أو غيره ، وأن لغيره أن يؤدي عنه فرضا إن كان عليه في الحج إذا كان غير مطيق لتأديته ببدنه فالفرض لازم له ، ولو لم يلزمه لقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا فريضة على أبيك إذا كان إنما أسلم ولا يستطيع أن يستمسك على الراحلة إن شاء الله تعالى ، ولقال : لا يحج أحد عن أحد إنما يعمل المرء عن نفسه ثم بين سفيان عن عمرو عن الزهري في الحديث ما لم يدع بعده في قلب من ليس بالفهم شيئا فقال في الحديث { فقالت له : أينفعه ذلك يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم : كما لو كان على أبيك دين فقضيته نفعه } وتأدية الدين عمن عليه حيا وميتا فرض من الله عز وجل في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وفي إجماع المسلمين ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة أن تأديتها عنه فريضة الحج نافعة له كما ينفعه تأديتها عنه دينا لو كان عليه ومنفعته إخراجه من المآثم وإيجاب أجر تأديته الفرض له كما يكون ذلك في الدين ، ولا شيء أولى أن يجمع بينهما مما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه ونحن نجمع بالقياس بين ما أشبه في وجه ، وإن خالفه في وجه غيره ، إذا لم يكن شيء أشد مجامعة له منه فيرى أن الحجة تلزم به العلماء ، فإذا جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين شيئين ، فالفرض أن يجمع بين ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه ، وفيه فرق آخر أن العاقل للصلاة لا تسقط عنه حتى يصليها جالسا إن لم يقدر على القيام أو مضطجعا أو موميا وكيفما قدر وأن الصوم إن لم يقدر عليه قضاه ، فإن لم يقدر على قضاء كفر ، والفرض على الأبدان مجتمع في أنه لازم في حال ثم يختلف بما خالف الله عز وجل بينه ورسوله صلى الله عليه وسلم ثم يفرق بينه بما يفرق به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو بعض من هو دونهم ، فالذي يخالفنا ولا يجيز أن يحج أحد عن أحد يزعم أن من نسي فتكلم في صلاة لم تفسد عليه صلاته ، ومن نسي فأكل في شهر رمضان فسد صومه ويزعم أن من جامع في الحج أهدى . ومن جامع في شهر رمضان تصدق ومن جامع في الصلاة فلا شيء عليه ويفرق بين الفرائض فيما لا يحصى كثرة .
وعلته في الفرق بينها خبر وإجماع ، فإذا كانت هذه علته فلم رد مثل الذي أخذ به ؟ قال الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : { كان الفضل بن عباس رديف النبي صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه ، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت : يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ فقال : نعم } ، وذلك في حجة الوداع
( قال الشافعي ) :
أخبرنا مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج قال قال ابن شهاب حدثني سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس عن الفضل بن عباس { أن امرأة من خثعم قالت : يا رسول الله إن أبي أدركته فريضة الله عليه في الحج وهو شيخ كبير لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره قال : فحجي عنه } ( قال الشافعي ) : أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي عن زيد بن علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { وكل منى منحر ثم جاءت امرأة [ ص: 125 ] من خثعم فقالت : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير قد أفند وأدركته فريضة الله على عباده في الحج ولا يستطيع أداءها فهل يجزي عنه أن أؤديها عنه ؟ فقال : نعم } ( قال الشافعي ) : وفي حديث علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم بيان أن عليه أداءها إن قدر ، وإن لم يقدر أداها عنه فأداؤها إياها عنه يجزيه ، والأداء لا يكون إلا لما لزم ( قال الشافعي ) : أخبرنا سعيد بن سالم عن حنظلة بن أبي سفيان قال : سمعت طاوسا يقول : { أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : إن أمي ماتت وعليها حجة فقال حجي عن أمك } أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء قال { سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول : لبيك عن فلان فقال : إن كنت حججت فلب عنه وإلا فاحجج عنك } وروي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال لشيخ كبير لم يحجج " إن شئت فجهز رجلا يحج عنك " .
( قال الشافعي ) :
ولو جهز من هو بهذه الحال رجلا فحج عنه ثم أتت له حال يقدر فيها على المركب للحج ويمكنه أن يحج لم تجز تلك الحجة عنه وكان عليه أن يحج عن نفسه ، فإن لم يفعل حتى مات أو صار إلى حال لا يقدر فيها على الحج وجب عليه أن يبعث من يحج عنه إذا بلغ تلك الحال أو مات ; لأنه إنما يجزي عنه حج غيره بعد أن لا يجد السبيل ، فإذا وجدها وجب عليه الحج وكان ممن فرض عليه ببدنه أن يحج عن نفسه إذا بلغ تلك الحال ، وما أوجب على نفسه من حج في نذر وتبرر فهو مثل حجة الإسلام وعمرته ، يلزمه أن يحج عن نفسه ويحجه عنه غيره ، إذا جاز أن يحج عنه حجة الإسلام وعمرته جاز ذلك فيما أوجب على نفسه .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|