عرض مشاركة واحدة
  #66  
قديم 28-11-2021, 02:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,545
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (66)
صـ 459 إلى صـ 465



يقولون: إن الله خالق أفعال العباد، لزمه أن يقول: إن أفعال العباد فعل لله تعالى (1) ، إذ كان فعله عنده هو مفعوله (2) ، فجعل أفعال العباد فعلا لله، ولم يقل: هي فعلهم - في المشهور عنه - إلا على وجه المجاز، بل قال: هي كسبهم. وفسر الكسب بأنه ما يحصل (3) في محل القدرة المحدثة مقرونا به. ووافقه على ذلك [طائفة من الفقهاء] (4) من أصحاب مالك والشافعي وأحمد.
وأكثر الناس طعنوا في هذا الكلام، وقالوا: عجائب الكلام ثلاثة: طفرة النظام، وأحوال أبي هاشم، وكسب الأشعري. وأنشد في ذلك:
مما يقال ولا حقيقة تحته ... معقولة تدنو إلى الأفهام
الكسب عند الأشعري والحال عند البهشمي (5) وطفرة النظام (6) .
وأما سائر أهل السنة فيقولون: [إن] (7) أفعال العباد فعل لهم حقيقة، وهو أحد القولين للأشعري. ويقول جمهورهم الذين (8) يفرقون بين
(1) ن: إن أفعال العباد فعلا لله تعالى؛ ب: إن أفعال العباد هي فعل الله تعالى. والمثبت من (م) .
(2) ن، م: إذ كان فعله عنهم هو مفعوله، وهو تحريف.
(3) ا، ب: ما حصل.
(4) من الفقهاء: زيادة في (ا) ، (ب) .
(5) ا، ب، م: الهاشمي.
(6) في هامش (ا) كتب أمام الموضع عبارات ظهر منها ". . النظام أن القاطع للشيء يقطع بعضه ويطفر بعضه. . . أبو هاشم الجبائي زعم أن الأحوال لا معلومة ولا مجهولة ولا موجودة ولا معدومة. . مذكورة وتفصيل ذلك. . في محله. الفقير نعمان ".
(7) إن: زيادة في (ا) ، (ب) .
(8) ن، م: ويقول جمهور الذين. . .
****************************

الخلق والمخلوق: إنها مخلوقة لله ومفعولة له، ليست هي نفس فعله وخلقه الذي هو صفته القائمة به.


فهذه الشناعات التي يذكرها هؤلاء لا تتوجه على قول جمهور أهل السنة، وإنما ترد على طائفة من المثبتة كالأشعري وغيره.
فقوله عن أهل السنة: إنهم يقولون: إنه يفعل الظلم والعبث، إن أراد ما هو منه ظلم وعبث فهذا [منه] (1) فرية عليهم (2) وإن قاله بطريق الإلزام فهم لا يسلمون له أنه ظلم، ولهم في تفسير الظلم نزاع قد (3) تقدم تفسيره. وإن أراد ما هو ظلم وعبث من العبد، فهذا لا محذور في كون (4) الله يخلقه، وجمهورهم لا يقولون: إن هذا الظلم والعبث فعل الله (5) ، بل يقولون: إنه فعل العبد لكنه مخلوق لله، كما أن قدرة العبد وسمعه وبصره مخلوق لله تعالى، وليس هو سمع الحق ولا بصره ولا قدرته.
[فصل الرد على قول الرافضي إنهم يقولون إن الله تعالى لا يفعل الأصلح]
فصل.
وأما قوله عنهم: إنهم يقولون: [إنه] (6) لا يفعل ما هو الأصلح
(1) منه: زيادة في (ا) ، (ب) .
(2) عليهم: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) قد: زيادة في (ا) ، (ب) .
(4) ن، م: لا محذور فيه في كون. . .
(5) ن، م: فعل الله.
(6) إنه: زيادة في (ا) ، (ب) .
****************************
لعباده بل ما هو الفساد؛ لأن فعل (1) المعاصي وأنواع الكفر وجميع أنواع الفساد الواقعة في العالم مسندة إليه، تعالى الله عن ذلك.


يقال: هذا الكلام وإن قاله طائفة من متكلمي أهل الإثبات، فهو قول طائفة من متكلمي الشيعة أيضا. وأئمة أهل السنة وجمهورهم لا يقولون ما ذكر، بل الذي (2) يقولونه: إن الله خالق كل شيء وربه ومليكه، وإنه لا يخرج عن ملكه وخلقه وقدرته شيء، وقد دخل في ذلك جميع أفعال الحيوان، فهو خالق لعبادات الملائكة والمؤمنين وسائر حركات العباد.
والقدرية ينفون عن ملكه خيار ما في ملكه، وهو طاعة الملائكة والأنبياء والمؤمنين (3) فيقولون: لم يخلقها الله تعالى، ولا يقدر على أن يستعمل العبد فيها، ولا يلهمه إياها، ولا يقدر أن يجعل من لم يفعلها فاعلا لها.
وقد قال الخليل - عليه السلام -: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} [سورة البقرة: 128] فطلب من الله أن يجعله مسلما لله (4) ومن ذريته أمة مسلمة له، وهو صريح في أن الله تعالى يجعل الفاعل فاعلا. وقال: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} [سورة إبراهيم: 40] ، فقد طلب من الله [تعالى] أن (5) \ 3 461 3 يجعله مقيم الصلاة، فعلم
(1) ن، م، أ، ب: كفعل. والصواب ما أثبته، وهو ما جاء من قبل (ص 125) وما ذكر في " منهاج الكرامة ".
(2) أ، ب: الذين. وهو خطأ.
(3) أ، ب: الأنبياء والملائكة والمؤمنين.
(4) لله: ليست في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: فطلب من الله أن. . .
******************************
أن الله هو الذي يجعل المصلي (1) مصليا. وقد أخبر عن الجلود والجوارح إخبار مصدق لها أنها قالت: {أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء} [سورة فصلت: 21] فعلم أنه ينطق جميع الناطقين.


وأما كونه لا يفعل ما هو الأصلح لعباده أو لا يراعي مصالح العباد، فهذا مما اختلف فيه الناس.
فذهبت طائفة من المثبتين للقدر إلى ذلك، وقالوا: خلقه وأمره متعلق بمحض المشيئة لا يتوقف على مصلحة، وهذا قول الجهم (2)
وذهب جمهور العلماء إلى أنه إنما أمر العباد بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم، وأن فعل المأمور به مصلحة [عامة] (3) لمن فعله، وأن إرساله الرسل مصلحة عامة، وإن كان فيه ضرر على بعض الناس لمعصيته، فإن الله كتب في كتاب (4) فهو عنده [موضوع] (5) فوق العرش: " «إن رحمتي تغلب غضبي» "، وفي رواية: " «إن رحمتي سبقت غضبي» " أخرجاه في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (6) .

(1) أ، ب: العبد.
(2) أ، ب: الجهمية. .
(3) عامة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: كتب كتابا.
(5) موضوع: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) سبق هذا الحديث من قبل في هذا الجزء ص 137. وهو في مواضع أخرى في البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - 9/120 - 121 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (ويحذركم الله نفسه. .) 9/125 (كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء. . .) 9/135 (كتاب التوحيد، باب (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين) . واختلف أول الحديث: لما خلق الله الخلق. . أو. . إن الله لما قضى الخلق. . أو لما قضى الله الخلق.
***************************

فهم يقولون: فعل المأمور به وترك المنهي عنه مصلحة لكل فاعل وتارك، وأما نفس الأمر وإرسال الرسل فمصلحة عامة (1) للعباد وإن تضمن شرا لبعضهم، وهكذا سائر ما يقدره الله تغلب فيه المصلحة والرحمة والمنفعة، وإن كان في ضمن ذلك ضرر لبعض الناس فلله في ذلك (2) حكمة أخرى.


وهذا قول أكثر الفقهاء وأهل الحديث والتصوف، [وطوائف من] أهل الكلام (3) - غير المعتزلة - مثل الكرامية، وغيرهم. وهؤلاء يقولون: وإن كان في بعض ما يخلقه ما فيه ضرر لبعض الناس، أو هو سبب ضرر - كالذنوب - فلا بد في كل ذلك من حكمة ومصلحة لأجلها خلقها الله، وقد غلبت رحمته غضبه، وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع.
وهو لم يذكر إلا مجرد حكاية الأقوال، فبينا ما في ذلك النقل من الصواب والخطأ. فإن هذا الذي نقله ليس من كلام شيوخه الرافضة، بل هو من كلام المعتزلة كأصحاب أبي علي، وأبي هاشم، وأبي الحسين البصري، وغيرهم.
وهؤلاء ذكروا ذلك ردا على الأشعرية (4) خصوصا، فإن الأشعرية وبعض المثبتين للقدر وافقوا الجهم بن صفوان في أصل قوله في الجبر، وإن نازعوه في بعض ذلك نزاعا لفظيا أتوا بما لا يعقل، لكن لا يوافقونه
(1) عامة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: ففيه في ذلك.
(3) ن، م: والتصوف وأهل الكلام. .
(4) أ، ب: الأشعري.
*************************
على قوله \ في نفي الصفات بل يثبتون الصفات؛ فلهذا (1) بالغوا في مخالفة (2) المعتزلة في مسائل القدر حتى نسبوا إلى الجبر، وأنكروا الطبائع والقوى التي في الحيوان أن يكون لها تأثير أو سبب في الحوادث (3) أو يقال: فعل بها، وأنكروا أن يكون للمخلوقات حكمة وعلة (4) .


ولهذا قيل: إنهم أنكروا أن يكون الله يفعل لجلب منفعة لعباده أو دفع مضرة. وهم لا يقولون: إنه [لا] يفعل مصلحة ما (5) فإن هذا مكابرة، بل يقولون: إن ذلك (6) ليس بواجب عليه وليس بلازم وقوعه منه، ويقولون: إنه لا يفعل شيئا لأجل شيء ولا بشيء، وإنما اقترن هذا بهذا لإرادته لكليهما (7) ، فهو يفعل أحدهما مع صاحبه لا به ولا لأجله (8) ، والاقتران بينهما (9) مما جرت به عادته لا لكون (10) أحدهما سببا للآخر ولا حكمة له، ويقولون: إنه ليس في القرآن في خلقه وأمره لام تعليل.
(1) أ، ب: فكذا.
(2) ن، م: في خلاف.
(3) ن، م: الحيوان.
(4) وعلة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن: إنه يفعل مصلحة ما؛ م: إنه يفعل مصلحة؛ أ، ب: إنه لا يفعل مصلحة. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
(6) أ، ب: هذا.
(7) ن، م، أ: لكلاهما، وهو خطأ.
(8) أ، ب: لا به ولأجله.
(9) في جميع النسخ: بهما. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
(10) أ، ب: يكون.
*****************************
وقد وافقهم على ذلك طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، مع أن أكثر الفقهاء الذين يوافقونهم على هذا في كتب الكلام، يقولون بضد ذلك في مسائل الفقه والتفسير والحديث وأدلة الفقه، وكلامهم في أصول الفقه تارة يوافق هؤلاء وتارة يوافق هؤلاء.


لكن جمهور أهل السنة من هؤلاء الطوائف وغيرهم يثبتون القدر، [ويثبتون] الحكمة [أيضا] والرحمة (1) وأن لفعله غاية محبوبة وعاقبة محمودة، وهذه مسألة عظيمة جدا قد بسطت في غير هذا الموضع.
ففي الجملة لم تثبت المعتزلة والشيعة نوعا من الحكمة والرحمة، إلا وقد أثبت أئمة أهل (2) السنة ما هو أكمل من ذلك وأجل منه، مع إثباتهم قدرة الله التامة ومشيئته النافذة وخلقه العام (3) .
هؤلاء لا يثبتون هذا، ومتكلمو الشيعة المتقدمون كالهشامين وغيرهما (4) كانوا يثبتون القدر، كما يثبته غيرهم، وكذلك الزيدية منهم من يثبته ومنهم من ينفيه. فالشيعة في القدر على قولين، كما أن المثبتين لخلافة الخلفاء الثلاثة [في القدر] (5) على قولين.
فلا يوجد لأهل السنة قول ضعيف إلا وفي الشيعة من يقوله ويقول
(1) ن، م: القدر والحكمة والرحمة.
(2) أهل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن (فقط) : العالم.
(4) ن، م: كالهشاميين وغيرهم؛ أ: كالهاشميين وغيرهما.
(5) في القدر: ساقطة من (ن) فقط.
*********************************

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.48 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.23%)]