
05-12-2021, 02:18 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,300
الدولة :
|
|
رد: البحث التفسيري للايات 21-22 من سورة البقرة
المسائل العقدية
مسألة الاحتجاج بالخلق لوجوب العبادة
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى:*{والسّماء بناءً}.
وإنّما ذكر السّماء والأرض جلّ ثناؤه فيما عدّد عليهم من نعمه الّتي أنعمها عليهم، لأنّ منهما أقواتهم وأرزاقهم ومعايشهم، وبهما قوام دنياهم، فأعلمهم أنّ الّذي خلقهما وخلق جميع ما فيهما وما هم فيه من النّعم هو المستحقّ عليهم الطّاعة والمستوجب منهم الشّكر والعبادة دون الأصنام والأوثان الّتي لا تضرّ ولا تنفع).*[جامع البيان: 1 / 388 - 390]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
وقوله عزّ وجلّ:*{فلا تجعلوا للّه أندادا وأنتم تعلمون}*هذا احتجاج عليهم لإقرارهم بأنه الله خالقهم، فقيل لهم: لا تجعلوا لله أمثالاً، وأنتم تعلمون أنهم لا يخلقون واللّه الخالق.
مسألة تكليف مالا يطاق:
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
قال أبو جعفرٍ: وهذه الآية من أدلّ دليلٍ على فساد قول من زعم أن تكليف ما لا يطاق إلاّ بمعونة اللّه غير جائزٍ إلاّ بعد إعطاء اللّه المكلّف المعونة على ما كلّفه. وذلك أنّ اللّه أمر من وصفنا بعبادته والتّوبة من كفره، بعد إخباره عنهم أنّهم لا يؤمنون وأنّهم عن ضلالتهم لا يرجعون
الاستدلال بالآية على التوحيد وعلى وجود الصانع
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : وهذه الآية دالّةٌ على توحيده تعالى بالعبادة وحده لا شريك له، وقد استدلّ به كثيرٌ من المفسّرين كالرّازيّ وغيره على وجود الصّانع فقال: وهي دالّةٌ على ذلك بطريق الأولى، فإنّ من تأمّل هذه الموجودات السّفليّة والعلويّة واختلاف أشكالها وألوانها وطباعها ومنافعها ووضعها في مواضع النّفع بها محكمةٌ، علم قدرة خالقها وحكمته وعلمه وإتقانه وعظيم سلطانه، كما قال بعض الأعراب، وقد سئل: ما الدّليل على وجود الرّبّ تعالى؟ فقال: يا سبحان اللّه، إنّ البعرة لتدلّ على البعير، وإنّ أثر الأقدام لتدلّ على المسير، فسماءٌ ذات أبراجٍ، وأرضٌ ذات فجاجٍ، وبحارٌ ذات أمواجٍ؟ ألا يدلّ ذلك على وجود اللّطيف الخبير؟
وحكى فخر الدّين عن الإمام مالكٍ أنّ الرّشيد سأله عن ذلك فاستدلّ باختلاف اللّغات والأصوات والنّغمات، وعن أبي حنيفة أنّ بعض الزّنادقة سألوه عن وجود الباري تعالى، فقال لهم: دعوني فإنّي مفكّرٌ في أمرٍ قد أخبرت عنه ذكروا لي أنّ سفينةً في البحر موقرةٌ فيها أنواعٌ من المتاجر وليس بها أحدٌ يحرسها ولا يسوقها، وهي مع ذلك تذهب وتجيء وتسير بنفسها وتخترق الأمواج العظام حتّى تتخلّص منها، وتسير حيث شاءت بنفسها من غير أن يسوقها أحدٌ. فقالوا: هذا شيءٌ لا يقوله عاقلٌ، فقال: ويحكم هذه الموجودات بما فيها من العالم العلويّ والسّفليّ وما اشتملت عليه من الأشياء المحكمة ليس لها صانعٌ!! فبهت القوم ورجعوا إلى الحقّ وأسلموا على يديه.
وعن الشّافعيّ: أنّه سئل عن وجود الصّانع، فقال: هذا ورق التّوت طعمه واحدٌ تأكله الدّود فيخرج منه الإبريسم، وتأكله النّحل فيخرج منه العسل، وتأكله الشّاة والبعير والأنعام فتلقيه بعرًا وروثًا، وتأكله الظّباء فيخرج منها المسك وهو شيءٌ واحدٌ.
وعن الإمام أحمد بن حنبلٍ أنّه سئل عن ذلك فقال: هاهنا حصنٌ حصينٌ أملس، ليس له باب ولا منفذٌ، ظاهره كالفضّة البيضاء، وباطنه كالذّهب الإبريز، فبينا هو كذلك إذ انصدع جداره فخرج منه حيوانٌ سميعٌ بصيرٌ ذو شكلٍ حسنٍ وصوتٍ مليحٍ، يعني بذلك البيضة إذا خرج منها الدّجاجة.
وسئل أبو نواسٍ عن ذلك فأنشد:
تأمّل في نبات الأرض وانظر*.......*إلى آثار ما صنع المليك
عيونٌ من لجينٍ شاخصاتٌ*.......*بأحداقٍ هي الذّهب السّبيك
على قضب الزّبرجد شاهداتٌ*.......*بأنّ اللّه ليس له شريك
وقال ابن المعتزّ:
فيا عجبًا كيف يعصى الإله*.......*أم كيف يجحده الجاحد
وفي كلّ شيءٍ له آيةً*.......*تدلّ على أنّه واحد
وقال آخرون: من تأمّل هذه السّماوات في ارتفاعها واتّساعها وما فيها من الكواكب الكبار والصّغار المنيرة من السّيّارة ومن الثّوابت، وشاهدها كيف تدور مع الفلك العظيم في كلّ يومٍ وليلةٍ دويرةٌ ولها في أنفسها سيرٌ يخصّها، ونظر إلى البحار الملتفّة للأرض من كلّ جانبٍ، والجبال الموضوعة في الأرض لتقرّ ويسكن ساكنوها مع اختلاف أشكالها وألوانها كما قال:*{ومن الجبال جددٌ بيضٌ وحمرٌ مختلفٌ ألوانها وغرابيب سودٌ * ومن النّاس والدّوابّ والأنعام مختلفٌ ألوانه كذلك إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء}*[فاطرٍ: 27، 28]*وكذلك هذه الأنهار السّارحة من قطرٍ إلى قطرٍ لمنافع العباد وما زرأ في الأرض من الحيوانات المتنوّعة والنّبات المختلف الطّعوم والأراييح والأشكال والألوان مع اتّحاد طبيعة التّربة والماء، علم وجود الصّانع وقدرته العظيمة وحكمته ورحمته بخلقه ولطفه بهم وإحسانه إليهم وبرّه بهم لا إله غيره ولا ربّ سواه، عليه توكّلت وإليه أنيب، والآيات في القرآن الدّالّة على هذا المقام كثيرةٌ جدًّا).*[تفسير ابن كثير: 1 / 194-198]
مسألة الاحتجاج بالخلق في تثبيت التوحيد وإثبات أمر الرسول صلى الله عليه وسلم
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:*{يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم الّذي خلقكم والّذين من قبلكم لعلّكم تتّقون (21)}معناه: أن الله احتجّ على العرب بأنه خالقهم وخالق من قبلهم؛ لأنّهم كانوا مقرين بذلك، والدليل على ذلك قوله:*{ولئن سألتهم من خلقهم ليقولنّ الله}،*قيل لهم: إن كنتم مقرين بأنه خالقكم؛ فاعبدوه ولا تعبدوا الأصنام.
وقوله عزّ وجلّ:*{فلا تجعلوا للّه أندادا وأنتم تعلمون}*هذا احتجاج عليهم لإقرارهم بأنه الله خالقهم، فقيل لهم: لا تجعلوا لله أمثالاً، وأنتم تعلمون أنهم لا يخلقون واللّه الخالق.*
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (*
فهذه الآية والتي قبلها احتجاج عليهم في تثبيت توحيد اللّه عزّ وجلّ.
ثم احتج عليهم فيما يلي هذه الآية بتثبيت أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:*{وإن كنتم في ريب ممّا نزّلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون اللّه إن كنتم صادقين (23)}).*[معاني القرآن: 1 / 99-100]
اعظم الذنب الشرك
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ):*(باب قوله تعالى:*{فلا تجعلوا للّه أندادًا وأنتم تعلمون}*
-*حدّثني عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ، عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد اللّه قال: سألت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: " أيّ الذّنب أعظم عند اللّه؟ قال:*«أن تجعل للّه ندًّا وهو خلقك».*قلت: إنّ ذلك لعظيمٌ، قلت: ثمّ أيّ؟ قال:*«وأن تقتل*ولدك تخاف أن يطعم معك».*قلت: ثمّ أيّ؟ قال:*«أن تزاني حليلة جارك»).*[صحيح البخاري: 6/ 18]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى:*{فلا تجعلوا للّه أندادًا وأنتم تعلمون}*
-*أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ، عن عمرو بن شرحبيلٍ، عن عبد الله، قال: سألت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أيّ الذّنب أعظم عند الله؟ قال:*«أن تجعل للّه ندًّا وهو خلقك»*قلت: إنّ ذلك لعظيمٌ، قلت: ثمّ أيّ؟ قال:*«ثمّ تقتل ولدك أن يطعم*معك»*قلت: ثمّ أيّ؟ قال:*«أن تزاني حليلة جارك»).*[السنن الكبرى للنسائي: 10 /9]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ولهذا قال:*{فلا تجعلوا للّه أندادًا وأنتم تعلمون}*وفي الصّحيحين عن ابن مسعودٍ، قال: قلت: يا رسول اللّه، أيّ الذّنب أعظم؟ قال:*«أن تجعل للّه ندًّا، وهو خلقك».*الحديث. وكذا حديث معاذ:*«أتدري ما حقّ اللّه على عباده؟ أن يعبدوه لا يشركوا به شيئًا»*الحديث. وفي الحديث الآخر:*«لا يقولنّ أحدكم: ما شاء اللّه وشاء فلانٌ، ولكن ليقل ما شاء اللّه، ثمّ شاء فلانٌ».
وقال حمّاد بن سلمة: حدّثنا عبد الملك بن عميرٍ، عن ربعيّ بن حراش، عن الطّفيل بن سخبرة، أخي عائشة أمّ المؤمنين لأمّها، قال: رأيت فيما يرى النّائم، كأنّي أتيت على نفرٍ من اليهود، فقلت: من أنتم؟ فقالوا: نحن اليهود، قلت: إنّكم لأنتم القوم لولا أنّكم تقولون: عزير ابن اللّه. قالوا: وإنّكم لأنتم القوم لولا أنّكم تقولون: ما شاء اللّه وشاء محمّدٌ. قال: ثمّ مررت بنفرٍ من النّصارى، فقلت: من أنتم؟ قالوا: نحن النّصارى. قلت: إنّكم لأنتم القوم لولا أنّكم تقولون: المسيح ابن اللّه. قالوا: وإنّكم لأنتم القوم لولا أنّكم تقولون: ما شاء اللّه وشاء محمّدٌ. فلمّا أصبحت أخبرت بها من أخبرت، ثمّ أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبرته، فقال:*«هل أخبرت بها أحدًا؟ »*فقلت: نعم. فقام، فحمد اللّه وأثنى عليه ثمّ قال:*«أمّا بعد، فإنّ طفيلا رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم، وإنّكم قلتم كلمةً كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها، فلا تقولوا: ما شاء اللّه وشاء محمّدٌ، ولكن قولوا: ما شاء اللّه وحده».*هكذا رواه ابن مردويه في تفسير هذه الآية من حديث حمّاد بن سلمة، به. وأخرجه ابن ماجه من وجهٍ آخر، عن عبد الملك بن عميرٍ به، بنحوه.
وقال سفيان بن سعيدٍ الثّوريّ، عن الأجلح بن عبد اللّه الكنديّ، عن يزيد بن الأصمّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رجلٌ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما شاء اللّه وشئت. فقال:*«أجعلتني للّه ندًّا ؟ قل: ما شاء اللّه وحده». رواه ابن مردويه، وأخرجه النّسائيّ، وابن ماجه من حديث عيسى بن يونس، عن الأجلح، به.
وهذا كلّه صيانةٌ، وحمايةٌ لجناب التّوحيد، واللّه أعلم.
وقال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال:*«قال اللّه تعالى:*{يا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم}*للفريقين جميعًا من الكفّار والمنافقين، أي: وحّدوا ربّكم الّذي خلقكم والّذين من قبلكم».
وبه عن ابن عبّاسٍ:*{فلا تجعلوا للّه أندادًا وأنتم تعلمون}*«أي: لا تشركوا باللّه غيره من الأنداد الّتي لا تنفع ولا تضرّ، وأنتم تعلمون أنّه لا ربّ لكم يرزقكم غيره وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم من توحيده هو الحقّ الّذي لا شكّ فيه». وهكذا قال قتادة.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصمٍ، حدّثنا أبي عمرٌو، حدّثنا أبي الضّحّاك بن مخلدٍ أبو عاصمٍ، حدّثنا شبيب بن بشرٍ، حدّثنا عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قول اللّه، عزّ وجلّ*{فلا تجعلوا للّه أندادًا [وأنتم تعلمون]}*قال:*«الأنداد هو الشّرك، أخفى من دبيب النّمل على صفاة سوداءٍ في ظلمة اللّيل، وهو أن يقول: واللّه وحياتك يا فلان، وحياتي، ويقول: لولا كلبة هذا لأتانا اللّصوص، ولولا البطّ في الدّار لأتى اللّصوص، وقول الرّجل لصاحبه: ما شاء اللّه وشئت، وقول الرّجل: لولا اللّه وفلانٌ. لا تجعل فيها "فلان". هذا كلّه به شركٌ».
وفي الحديث: أنّ رجلًا قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما شاء اللّه وشئت، فقال:*«أجعلتني للّه ندًّا».*وفي الحديث الآخر: "نعم القوم أنتم، لولا أنّكم تندّدون، تقولون: ما شاء اللّه، وشاء فلانٌ".
قال أبو العالية:*{فلا تجعلوا للّه أندادًا}*«أي عدلاء شركاء».*وهكذا قال الرّبيع بن أنسٍ، وقتادة، والسّدي، وأبو مالكٍ: وإسماعيل بن أبي خالدٍ.
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): حدّثني عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ، عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد اللّه قال: سألت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: " أيّ الذّنب أعظم عند اللّه؟ قال:*«أن تجعل للّه ندًّا وهو خلقك».*قلت: إنّ ذلك لعظيمٌ، قلت: ثمّ أيّ؟ قال:*«وأن تقتل*ولدك تخاف أن يطعم معك».*قلت: ثمّ أيّ؟ قال:*«أن تزاني حليلة جارك»).
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ):*
- حدّثني عثمان بن أبي شيبة حدّثنا جريرٌ عن منصورٍ عن أبي وائلٍ عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله قال: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم أيّ الذّنب أعظم عند الله؟ قال:*«أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك»، قلت: إنّ ذالك لعظيمٌ قلت: ثمّ أيّ؟ قال:*« وأن تقتل ولدك تخاف*أن يطعم معك»، قلت: ثمّ أيّ؟ قال:*«أن تزاني حليلة جارك».
ذكر هذا الحديث مناسباً للآية الّتي قبله. وعثمان هو أخو أبي بكر بن أبي شيبة، وأبو بكر اسمه عبد الله، واسم أبي شيبة إبراهيم بن عثمان، وهو جدهما، وأبوهما محمّد بن أبي شيبة وهو شيخ مسلم أيضا، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وعبد الله هو ابن مسعود.
والحديث أخرجه البخاريّ أيضا هنا عن مسدّد، وأخرجه في التّوحيد أيضا عن قتيبة وفي الأدب عن محمّد بن كثير وفي المحاربين عن عمرو بن عليّ. وأخرجه مسلم في الإيمان عن عثمان بن إسحاق. وأخرجه أبو داود في الطّلاق عن محمّد بن كثير. وأخرجه التّرمذيّ في التّفسير عن بندار. وأخرجه النّسائيّ فيه عن عمرو بن عليّ وفيه وفي الرّجم عن قتيبة وفي المحاربة عن محمّد بن بشار.
قوله أن تجعل لله ندا)*قدمه لأنّه أعظم الذّنوب، قال الله تعالى:*{إن الشّرك لظلم عظيم}*[لقمان: 13]*ثمّ ثناه*بالقتل لأن عند الشّافعيّة أكبر الكبائر بعد الشّرك القتل ثمّ ثلثه بالزّنا، لأنّه سبب لاختلاط الأنساب لا سيما مع حليلة الجار، لأن الجار يتوقّع من جاره الذب عنه وعن حريمه فإذا قابل هذا بالذب عنه كان من أقبح الأشياء.*
قوله:*(ثمّ أي؟)*قال ابن الجوزيّ: أي: ههنا مشدد منون، كذا سمعته من أبي محمّد بن الخشاب، قال: لا يجوز إلاّ تنوينه لأنّه إسم معرب غير مضاف.*
قوله:*(وأن تقتل ولدك)*فيه ذمّ شديد للبخيل لأن بخله أدّاه إلى قتل ولده مخافة أن يأكل معه.*
قوله:*(تخاف)، في موضع الحال.*
قوله:*(أن تزاني)*من باب المفاعلة من الزّنا،*معناه: أن تزني برضاها، ولأجل هذا ذكره من باب المفاعلة.*
قوله حليلة)، بالحاء المهملة: الزّوجة، سميت بذلك لكونها تحل له فهي حليلة بمعنى محلّة لكونها تحل معه بضم الحاء،*وقيل: لأن كلا منهما يحل أزرة الآخر، وهي أيضا: عرسه وظعينته وربضه وطلعته وحنته وبيته وقعيدته وشاعته وبعلته وضبينته وجارته وفرشه وزوجته وعشيرته وأهله).*[عمدة القاري: 18 / 86 - 87]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) :
- حدّثني عثمان بن أبي شيبة حدّثنا جريرٌ عن منصورٍ عن أبي وائلٍ عن عمرو بن شرحبيل عن عبد اللّه قال: سألت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أيّ الذّنب أعظم عند اللّه؟ قال:*«أن تجعل للّه ندًّا وهو خلقك»*قلت إنّ ذلك لعظيمٌ قلت ثمّ أيّ؟ قال:*«وأن تقتل ولدك تخاف أن*يطعم معك».
قلت ثمّ أيّ؟ قال:*«أن تزاني حليلة جارك».*[الحديث 4477 - أطرافه في: 4761، 6001، 6811، 6861، 7520، 7532].
وبه قال:*(حدّثني)*بالإفراد*ولأبي ذر حدّثنا*(عثمان بن أبي شيبة)*الحافظ الكوفي قال:*(حدّثنا جرير)*هو ابن عبد الحميد الرازي*(عن منصورعن أبي وائل)*بالهمز شقيق بن سلمة*(عن عمرو بن شرحبيل)*بالصرف وعدمه الهمداني*(عن عبد الله)*بن مسعود أنه*(قال: سألت النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أي الذنب أعظم عند الله قال):
(أن تجعل لله ندًّا)*أي مثلًا ونظيرًا*(وهو خلقك)*وغيره لا يستطيع خلق شيء موجود الخلق يدل على الخالق، واستقامة الخلق تدل على توحيده ولو كان المدبر اثنين لم يكن على الاستقامة، ولذا قال موحد الجاهلية زيد بن عمرو بن نفيل:
أربًا واحدًا أم ألف رب*.......*أدين إذا تقسمت الأمور
تركت اللات والعزى جميعًا*.......*كذلك يفعل الرجل البصير
(قلت: إن ذلك لعظيم، قلت: ثم أي؟)*بالتشديد من غير تنوين. قال الفاكهاني: لأنه موقوف عليه في كلام السائل ينتظر الجواب منه عليه الصلاة والسلام والتنوين لا يوقف عليه إجماعًا وتنوينه مع وصله بما بعده خطأ، بل ينبغي أن يوقف عليه وقفة لطيفة ثم يؤتى بما بعده. اهـ.
قال في المصابيح: هذا عجيب لأن الحاكي لا يجب عليه في حالة وصل الكلام بما قبله أو بما بعده أن يراعي حال المحكي عنه في الابتداء والوقف، بل يفعل هو ما تقتضيه حالته التي هو فيها، وقد قيده ابن الجوزي في مشكل الصحيحين بالتشديد والتنوين كما في الفرع وقال: هكذا سمعته من ابن الخشاب، وقال: لا يجوز إلا تنوينه لأنه اسم معرب غير مضاف.
(قال: وأن تقتل)*في الفرع بإسقاط الواو وثبتت في أصله*(ولدك)*حال كونك*(تخاف أن يطعم معك قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة*جارك)*بفتح الهاء المهملة وكسر اللام الأولى أي زوجته فإنه زنا وإبطال لما أوصى الله تعالى به من حفظ حقوق الجيران.
وهذا الحديث أورد هنا أيضًا وفي التوحيد والأدب والمحاربين ومسلم في الإيمان والنسائي فيه والرجم والمحاربة).*[إرشاد الساري: 7 / 9 - 10]
أمثلة على اتخاذ الأنداد
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
وحدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:*{فلا تجعلوا للّه أندادًا}*قال:*«أكفاء من الرّجال تطيعونهم في معصية اللّه».
-*وحدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قول اللّه:*{فلا تجعلوا للّه أندادًا}*قال:*«الأنداد: الآلهة الّتي جعلوها معه وجعلوا لها مثل ما جعلوا له».
-*وحدّثت عن المنجاب، قال: حدّثنا بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، في قوله:*{فلا تجعلوا للّه أندادًا}*قال:*«أشباهًا».
-*حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن شبيبٍ، عن عكرمة:*{فلا تجعلوا للّه أندادًا}*«أي تقولوا: لولا كلبنا لدخل علينا اللّصّ الدّار، ولولا كلبنا صاح في الدّار ونحو هذا».
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
وقال حمّاد بن سلمة: حدّثنا عبد الملك بن عميرٍ، عن ربعيّ بن حراش، عن الطّفيل بن سخبرة، أخي عائشة أمّ المؤمنين لأمّها، قال: رأيت فيما يرى النّائم، كأنّي أتيت على نفرٍ من اليهود، فقلت: من أنتم؟ فقالوا: نحن اليهود، قلت: إنّكم لأنتم القوم لولا أنّكم تقولون: عزير ابن اللّه. قالوا: وإنّكم لأنتم القوم لولا أنّكم تقولون: ما شاء اللّه وشاء محمّدٌ. قال: ثمّ مررت بنفرٍ من النّصارى، فقلت: من أنتم؟ قالوا: نحن النّصارى. قلت: إنّكم لأنتم القوم لولا أنّكم تقولون: المسيح ابن اللّه. قالوا: وإنّكم لأنتم القوم لولا أنّكم تقولون: ما شاء اللّه وشاء محمّدٌ. فلمّا أصبحت أخبرت بها من أخبرت، ثمّ أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبرته، فقال:*«هل أخبرت بها أحدًا؟ »*فقلت: نعم. فقام، فحمد اللّه وأثنى عليه ثمّ قال:*«أمّا بعد، فإنّ طفيلا رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم، وإنّكم قلتم كلمةً كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها، فلا تقولوا: ما شاء اللّه وشاء محمّدٌ، ولكن قولوا: ما شاء اللّه وحده».*هكذا رواه ابن مردويه في تفسير هذه الآية من حديث حمّاد بن سلمة، به. وأخرجه ابن ماجه من وجهٍ آخر، عن عبد الملك بن عميرٍ به، بنحوه.
وقال سفيان بن سعيدٍ الثّوريّ، عن الأجلح بن عبد اللّه الكنديّ، عن يزيد بن الأصمّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رجلٌ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما شاء اللّه وشئت. فقال:*«أجعلتني للّه ندًّا ؟ قل: ما شاء اللّه وحده». رواه ابن مردويه، وأخرجه النّسائيّ، وابن ماجه من حديث عيسى بن يونس، عن الأجلح، به.
وهذا كلّه صيانةٌ، وحمايةٌ لجناب التّوحيد، واللّه أعلم.
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ)
-*وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله*{فلا تجعلوا لله أندادا}*قال:*«أكفاء من الرجال تطيعونهم في معصية الله».
-*وأخرج الطستي عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قول الله عز وجل*{أندادا}*قال:*«الأشباه والأمثال»،*قال: وهل تعرف العرب ذلك قال:*«نعم، أما سمعت قول لبيد:
أحمد الله فلا ند له*.......*بيديه الخير ما شاء فعل»
-*وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله*{أندادا}*قال:*«شركاء».
-*وأخرج ابن أبي حاتم عن عوف بن عبد الله قال: خرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذات يوم من المدينة فسمع مناديا ينادي للصلاة فقال: الله أكبر الله أكبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:*«على الفطرة»،*فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال:*«خلع الأنداد».
-*وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب المفرد والنسائي، وابن ماجه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت، فقال:*«جعلتني لله ندا ما شاء الله وحده».
-*وأخرج ابن سعد عن قتيلة بنت صيفي قال: جاء حبر من الأحبار إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون قال:*«وكيف»،*قال: يقول أحدكم: لا والكعبة، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:*«إنه قد قال فمن حلف فليحلف برب الكعبة»،*فقال: يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم*{وتجعلون له أندادا}*قال:*«وكيف ذلك»،*قال: يقول أحدكم ما شاء الله وشئت، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم للحبر:*«أنه قد قال فمن قال منكم فليقل ما شاء ثم شئت».
-*وأخرج أحمد، وابن ماجه والبيهقي عن طفيل بن سخبرة أنه رأى فيما يرى النائم كأنه مر برهط من اليهود فقال: أنتم نعم القوم لولا أنكم تزعمون أن عزيرا ابن الله فقالوا: وأنتم نعم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، ثم مر برهط من النصارى فقال: أنتم نعم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله قالوا: وأنتم نعم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، فلما أصبح أخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فخطب فقال:*«إن طفيلا رأى رؤيا وأنكم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم فلا تقولوها ولكن قولوا: ما شاء الله وحده لا شريك له».
-*وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي، وابن ماجه والبيهقي عن حذيفة ابن اليمان عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:*«لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان».يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|