عرض مشاركة واحدة
  #74  
قديم 21-12-2021, 05:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,738
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح حديث: ( وضعت للنبي غسلاً يغتسل به من الجنابة...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا عبد الله بن داود عن الأعمش عن سالم عن كريب حدثنا ابن عباس عن خالته ميمونة رضي الله عنها قالت: (وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلاً يغتسل به من الجنابة، فأكفأ الإناء على يده اليمنى، فغسلها مرتين أو ثلاثاً، ثم صب على فرجه فغسل فرجه بشماله، ثم ضرب بيده الأرض فغسلها، ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه ويديه، ثم صب على رأسه وجسده، ثم تنحى ناحية فغسل رجليه، فناولته المنديل فلم يأخذه، وجعل ينفض الماء عن جسده)، وذكرت ذلك لإبراهيم فقال:
كانوا لا يرون بالمنديل بأساً، ولكن كانوا يكرهون العادة. قال أبو داود : قال مسدد : قلت لعبد الله بن داود : أكانوا يكرهونه للعادة؟ فقال: هكذا هو، ولكن وجدته في كتابي هكذا ].
صفة غسل الجنابة
هذه الترجمة في غسل الجنابة، وقد مرت جملة من الأحاديث المتعلقة بغسل الجنابة، وفيها ما هو مختصر، وفيها ما هو مطول، وبعض الأحاديث تقتصر على ذكر بعض أجزاء الإنسان كغسل الرأس أو الصب على الرأس، وبعضها يذكر الكيفية، وهي أنه يغسل يديه أولاً ثم يغسل فرجه وما حوله، وكل ما أصابه من أثر الجماع، ويضرب يده بالأرض أو بالجدار لينظفها، ثم بعد ذلك يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم بعد ذلك يصب الماء على شق رأسه الأيمن ثم شقه الأيسر، ثم يفيض الماء على سائر جسده بحيث يصل الماء إلى كل جزء من أجزاء الإنسان، لاسيما الأماكن التي قد لا يصلها الماء، وهي المغابن مثل الآباط وأصول الفخذين؛ حتى يتحقق الإنسان أنه أوصل الماء إلى سائر جسده، وهذه هي كيفية الغسل الكامل. وإذا كان الغسل للجنابة ونوى به رفع الحدث الأكبر والأصغر وأفاض الماء على جسده جميعاً وإن لم يتوضأ قبله؛ فإنه يرتفع الحدثان الأكبر والأصغر، ولكن الأغسال الأخرى التي للتبرد أو للجمعة لا يرتفع بها الحدث الأصغر ولو نوى رفع الحدث الأصغر، وإنما ذلك خاص في الغسل من الجنابة، فالغسل من الجنابة فقط هو الذي يرتفع به الحدث الأكبر والحدث الأصغر، وأما غسل الجمعة وغسل التبرد فلا يرتفع به الحدث الأصغر، فلا يكفي أن يفيض الإنسان الماء على جسده وينوي رفع الحدث الأصغر، بل لابد أن يتوضأ لذلك، إما قبل الاغتسال وإما بعد الاغتسال، وإذا توضأ قبل الاغتسال ثم بعد ذلك لمس ذكره فإن عليه أن يعيد الوضوء؛ لأن مس الذكر والفرج ينقض الوضوء، وأما الجنابة إذا غسل فرجه أولاً وتوضأ واغتسل بأن أفاض الماء على سائر جسده فإنه بذلك يرتفع منه الحدث الأكبر والأصغر، حتى وإن لم يتوضأ ولكنه نوى بالاغتسال رفع الحدث الأكبر والأصغر، فإن ذلك يجزئ ويكفي، لكن بشرط ألا يمس ذكره عند الاغتسال أو بعده؛ لأن مس الذكر ينقض الوضوء.
أورد أبو داود حديث ميمونة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي ميمونة بنت الحارث الهلالية خالة ابن عباس ، وهو (أنها وضعت غسلاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأفرغ على يده اليمنى وغسل يديه، ثم غسل فرجه وما حوله، وضرب بيده الأرض) يعني: ليحصل نقاؤها من آثار ما علق بها عند غسل الفرج (ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه ويديه، ومسح على رأسه، ثم بعد ذلك تنحى وغسل رجليه) وغسل الرجلين يمكن أن يكون قبل الاغتسال ويمكن أن يكون بعده، ويكون بعد الاغتسال إذا كان في الأرض تراب أو نحوه، فكونه يغسل رجليه في الآخر أنسب لتنظيفهما مما علق بهما. والحاصل:
أن غسل الرجلين يكون قبل الاغتسال في آخر الوضوء، ويمكن أن يؤخر إلى ما بعد الاغتسال، وكل ذلك جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا الحديث فيه بيان كيفية الغسل، وهو مشتمل على الوضوء، وفيه ذكر المضمضة والاستنشاق في الوضوء، ولابد منهما كذلك في الاغتسال، وإذا اغتسل الإنسان للجنابة من غير أن يتوضأ فعليه أن يتمضمض ويستنشق؛ لأن المضمضة والاستنشاق لها حكم الوجه. قوله: [ عن خالته ميمونة رضي الله عنها قالت:
(وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلاً يغتسل..) ]. (غسلاً) يعني: ماء يغتسل به. قوله: [ (يغتسل من الجنابة فأكفأ الإناء على يده اليمنى فغسلها مرتين أو ثلاثاً) ]. من المعلوم أن الغسل يكون لليدين وليس لليد الواحدة، فهو أكفأ على اليد اليمنى ثم غسل يديه. قوله: [ (ثم صب على فرجه فغسل فرجه بشماله، ثم ضرب بيده الأرض فغسلها، ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه ويديه، ثم صب على رأسه وجسده، ثم تنحى ناحية فغسل رجليه) ]. وفي هذا غسل الرجلين بعد الاغتسال.
حكم استعمال المنديل للتنشيف
قوله: [ (فناولته المنديل فلم يأخذه) ]. تقول ميمونة رضي الله عنها: (فناولته المنديل -أي: ليتنشف به- فلم يأخذه، وجعل ينفض الماء عن جسده صلى الله عليه وسلم)، وهذا لا يدل على أن المنديل لا يستعمل أو أن الإنسان لا يتنشف، فللإنسان أن يتنشف بعد الوضوء وبعد الغسل، وما جاء في هذا الحديث من كونه لم يأخذه لا يدل على منعه ولا كراهيته، فلعله كان مستعجلاً، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه (مسح بجبة كانت عليه بعدما توضأ) صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. إذاً: التنشيف لا بأس به، وعدم أخذ النبي صلى الله عليه وسلم للمنديل لما ناولته إياه لا يدل على الكراهية والمنع، فلعله كان في تلك الحالة مستعجلاً، أو أن الخرقة لم تعجبه، أو لأي أمر من الأمور.
قوله: [ فذكرت ذلك لإبراهيم ]. يقول الأعمش : ذكرت لإبراهيم النخعي ، ما يتعلق بكونه أعطي المنديل ولم يأخذه. قوله: [ فقال: كانوا لا يرون بالمنديل بأساً، ولكن كانوا يكرهون العادة ]. هذه حكاية عن السلف وعن العلماء أنهم كانوا لا يرون بالمنديل بأساً، وكون الإنسان يتنشف، ولكن كانوا يكرهونه للعادة، يعني: كونه يتخذ عادة بحيث يكون كأنه سنة لا تترك، ويذكر بعض العلماء: أن الشيء الذي يكون سائغاً أو مستحباً ينبغي أن يترك في بعض الأحيان حتى لا يعتقد أنه واجب أو أنه سنة إذا لم يكن واجباً، مثل قولهم: تكره المداومة على قراءة [السجدة:1] و هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ [الإنسان:1] فجر يوم الجمعة لئلا يعتقد الناس أن هذا لازم ولابد منه، فيترك المستحب في بعض الأحيان حتى لا يتخذ عادة دائماً وأبداً بحيث لا يترك ويعتقد أنه مطلوب دائماً وأبداً، فهنا حكاية عن السلف وعن العلماء أنهم كانوا لا يرون بالمنديل بأساً، وهذا من جنس قول إبراهيم النخعي الذي حكاه الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد: كانوا يضربوننا على اليمين والعهد ونحن صغار، يعني: يعظمون شأن اليمين والعهد، فيضربونهم عليهما حتى لا يستهينون بذلك ولا يستسهلونه، وهي حكاية عما كانوا يؤدبون به أولادهم.
[ قال أبو داود : قال مسدد : قلت لعبد الله بن داود : وكانوا يكرهونه للعادة؟ فقال: هكذا هو، ولكن وجدته في كتابي هكذا ]. ثم قال أبو داود : قال مسدد -وهو شيخه-: قلت لعبد الله بن داود -وهو شيخ مسدد في الإسناد عبد الله بن داود الخريبي -: كانوا يكرهونه للعادة؟ يعني: يريد أن يستفهم، قال: هكذا هو، يعني: هكذا حفظ، وهكذا وجده في كتابه.
تراجم إسناد رجال حديث: (وضعت للنبي غسلاً يغتسل به من الجنابة...)
[ حدثنا مسدد بن مسرهد ].
مسدد بن مسرهد ثقة أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي .
[ حدثنا عبد الله بن داود ].
هو عبد الله بن داود الخريبي ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سالم ].
هو سالم بن أبي الجعد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن كريب ].
هو كريب مولى ابن عباس وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ عن خالته ميمونة ].
هي ميمونة بنت الحارث الهلالية خالته؛ لأن ابن عباس أمه لبابة بنت الحارث الهلالية ، وتكنى أم الفضل بأكبر أولاد العباس وهو الفضل ، فالعباس وهو أبو الفضل وزوجته هي أم الفضل وهي لبابة بنت الحارث ،وهي أخت ميمونة بنت الحارث ، فهو يروي عن خالته ميمونة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهم أجمعين؛ وحديث ميمونة عند أصحاب الكتب الستة.
شرح أثر ابن عباس في صفة غسل الجنابة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حسين بن عيسى الخراساني حدثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن شعبة أنه قال: إن ابن عباس رضي الله عنهما كان إذا اغتسل من الجنابة يفرغ بيده اليمنى على يده اليسرى سبع مرار، ثم يغسل فرجه فنسي مرة كم أفرغ، فسألني: كم أفرغت؟ فقلت: لا أدري، فقال: لا أم لك! وما يمنعك أن تدري؟! ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفيض على جلده الماء، ثم يقول: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطهر ].
أورد أبو داود حديث ابن عباس أنه كان إذا اغتسل من الجنابة يفرغ بيده اليمنى على يده اليسرى سبع مرار. يعني: يغسلها سبع مرات، ثم يغسل فرجه، فنسي مرة كم أفرغ، فسألني: كم أفرغت؟ فقلت: لا أدري، قال: لا أم لك؛ قيل: إنه مدح، وقيل: إنه ذم، وفي الغالب أنه يذكر للذم، ومعناه: أنه كان ينظر إليه، فيعرف كيفية اغتساله؛ لأنهم كانوا ينظر بعضهم إلى بعض، ويعرفون الهيئات والكيفية التي تفعل حتى يأتسوا ويقتدوا، فسأله فقال: لا أدري، يعني ما أدري العدد الذي سبق؛ لأن ابن عباس نسي العدد، وقال له: كم أفرغت؟ يريد أن يتأكد ويتحقق من شعبة فقال: لا أدري، فقال:
لا أم لك! وما يمنعك أن تدري؟! قوله: [ ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفيض على جلده الماء، ثم يقول: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ].
وهذا مخالف لما جاء في الروايات الكثيرة العديدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يزيد على ثلاث مرات، والحديث في إسناده ضعف بسبب شعبة الذي يروي عن ابن عباس ، وهو مولى ابن عباس .
تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس في صفة غسل الجنابة
قوله:
[ حدثنا حسين بن عيسى الخراساني ].
حسين بن عيسى الخراساني صدوق أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي .
[ حدثنا ابن أبي فديك ].
هو محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن أبي ذئب ].
هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
هو أبو عبد الله شعبة بن دينار ، وهو صدوق سيء الحفظ، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ قال: إن ابن عباس ].
ابن عباس قد مر ذكره. هذا الحديث ضعيف، ولا يقال عنه: منكر؛ لأنه حديث مستقل، وما روي عن ابن عباس رواة آخرون يخالفه، وهذه الرواية فيها ضعف بسبب الرجل سيء الحفظ.
شرح حديث: ( كانت الصلاة خمسين والغسل من الجنابة سبع مرار...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا أيوب بن جابر عن عبد الله بن عصم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كانت الصلاة خمسين، والغسل من الجنابة سبع مرار، وغسل البول من الثوب سبع مرار، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل حتى جعلت الصلاة خمساً، والغسل من الجنابة مرة، وغسل البول من الثوب مرة) ].
هذا الحديث ضعيف، أما بالنسبة للصلاة ففي الصحيحين وغيرهما في قصة الإسراء: أن أول ما فرضت الصلاة فرضت خمسين في السماء، ولم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله التخفيف بمشورة موسى عليه الصلاة والسلام وعرضه عليه حتى وصلت خمساً، وقال الله عز وجل: (إنها خمساً في العمل، وخمسون في الأجر)، فخففت من خمسين إلى خمس، أما ذكر السبع مرار في غسل الجنابة، وكذلك في غسل الثوب من النجاسة؛ فهذا غير صحيح وغير ثابت، والحديث ضعيف؛ لأن في إسناده من هو ضعيف.
تراجم رجال إسناد حديث: ( كانت الصلاة خمسين والغسل من الجنابة سبع مرار...)
قوله:
[ حدثنا قتيبة بن سعيد ].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أيوب بن جابر ].
ضعيف أخرج له البخاري في جزء القراءة و أبو داود و الترمذي .
[ عن عبد الله بن عصم ].
عبد الله بن عصم صدوق يخطئ حديثه أخرجه أبو داود و الترمذي و ابن ماجة .
[ عن عبد الله بن عمر ].
عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: ( إن تحت كل شعرة جنابة ...) وتراجم رجال إسناده

[ حدثنا نصر بن علي حدثني الحارث بن وجيه حدثنا مالك بن دينار عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر) ]. هذا الحديث ضعيف، والجنب عليه أن يروي جسده كله بالماء، ويروي رأسه وشعره بالماء ويدلكه ويخلل شعره، ولكن كون تحت كل شعرة جنابة غير صحيح، وغير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ حدثنا نصر بن علي ]. هو نصر بن على بن نصر بن علي الجهضمي فاسمه واسم أبيه يوافق اسم جده وجد أبيه، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني الحارث بن وجيه ]. هو الحارث بن وجيه وهو ضعيف، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ حدثنا مالك بن دينار ]. مالك بن دينار صدوق أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [ عن محمد بن سيرين ]. محمد بن سيرين ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ]. هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق. [ قال أبو داود : الحارث بن وجيه حديثه منكر وهو ضعيف ]. هذا الحديث منكر حيث تفرد به هذا الضعيف.

شرح حديث: ( من ترك موضع شعرة من جنابة...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا عطاء بن السائب عن زاذان عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل به كذا وكذا من النار) قال علي : فمن ثم عاديت رأسي (ثلاثاً)، وكان يجز شعره ].
أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل به كذا وكذا ) يعني: عذبه بكذا وكذا وذكر عقوبة، وقد أبهمها وأشار إليها بقوله: (كذا وكذا) دون أن يسميها، يعني: يعاقبه الله بعقوبة كذا وكذا في النار، ومعناه أنه أمر خطير من الكبائر، قال علي رضي الله عنه: فمن ثم عاديت رأسي، يعني: عادى شعر رأسه بحيث أنه كان يجزه ويستمر على جزه حتى لا يحصل منه الإخلال بغسله؛ لأنه توعد عليه بهذا الوعيد الشديد، فكان يجزه دائماً وأبداً.
والحديث ضعيف؛ لأنه من رواية عطاء بن السائب ، وهو صدوق اختلط، و حماد بن سلمة روى عنه قبل الاختلاط وبعد الاختلاط، ولم يتميز حديثه الذي قبل الاختلاط عما كان بعده فردت روايته، وحكم حديث المختلط: أن ما تحقق أنه رواه قبل الاختلاط يحتج به؛ لأن الاختلاط طرأ بعد ذلك، وما تحقق أنه بعد الاختلاط فهو مردود لا يحتج به، ومن روى عنه قبل الاختلاط وبعده فإن كان متميزاً فما كان قبل الاختلاط يعمل به، وما كان بعد الاختلاط لا يعمل به، وإن لم يتميز فكله لا يعول عليه؛ لأنه روى عنه قبل الاختلاط وبعده فلم يتميز، و حماد بن سلمة روى عن عطاء بن السائب قبل الاختلاط وبعده، ولم يتميز ما روى عنه قبله وبعده فترد روايته عنه؛ أما حماد بن زيد فإنه روى عنه قبل الاختلاط، ولهذا روايته عن عطاء بن السائب مقبولة ومعتبرة ومحتج بها؛ لأنه روى عنه قبل الاختلاط، فالحديث ضعيف من أجل عطاء بن السائب ، ورواية حماد بن سلمة عنه.

تراجم رجال إسناد حديث: ( من ترك موضع شعرة من جنابة...)
قوله:
[ حدثنا موسى بن إسماعيل ].
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة أخرج له أصحابه الكتب الستة. و موسى بن إسماعيل التبوذكي هو جد ابن أبي عاصم من جهة أمه، وجده من جهة أبيه هو أبو عاصم ، فله جدان ثقتان من جهة أبيه ومن جهة أمه، وأبو عاصم النبيل ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو صاحب كتاب السنة وغيره من الكتب, وهو من شيوخ البخاري ، و موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو من شيوخ البخاري .
[ حدثنا حماد ].
هو حماد بن سلمة ، وإذا جاء حماد غير منسوب يروي عنه موسى بن إسماعيل فهو ابن سلمة ، وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن.
[ أخبرنا عطاء بن السائب ].
عطاء بن السائب صدوق اختلط، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن زاذان ].
هو زاذان الكندي ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن علي ].
هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، أبو السبطين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة



التقليد واتباع المذاهب لغير العالم

السؤال: هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين، وإذا استطاع الطالب أن يستعين بأقوال السلف والعلماء لفهم الكتاب والسنة هل عليه ضير؟
الجواب: الإنسان الذي ليس عنده قدرة يقلد إذا لم يجد من يستفتيه ويرجع إليه في معرفة أمور الدين، فيتعلم مذهباً من المذاهب، ويعبد الله عز وجل بها، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، لكن الإنسان الذي عنده القدرة والتمكن، وعنده الاطلاع الواسع على كتب السنة، والفقه والحديث فلا يلزمه أن يقلد إماماً من الأئمة، وإنما عليه أن يتبع الدليل؛ لأن الله عز وجل يقول: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59]. ويقول الإمام الشافعي رحمة الله عليه: أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد كائناً من كان. وكل واحد من الأئمة الأربعة جاء عنه التنصيص على أنه إذا وجد له قول يخالف حديثاً صحيحاً فإنه يتبع الدليل ويأخذ بالحديث، ويترك ما جاء عنه من القول الذي خالفه الحديث. والإمام الشافعي رحمة الله عليه نفسه قد جاء عنه في مسائل متعددة أنه يعلق القول فيها على الصحة، فيرى رأياً خلاف ما جاء به الحديث الذي ما صح عنده، ومع ذلك يعلق القول به على صحته فيقول: إن صح الحديث قلت به، ولهذا يأتي بعض أتباعه كالبيهقي و النووي وغيرهما في بعض الأحاديث فيقولون: وقد صح الحديث، وهو مذهب الشافعي ؛ لأن الشافعي علق القول به على صحة الحديث، فإذاً هو مذهب الشافعي حكماً؛ لأنه علق القول به على صحته. لكن ليس كل أحد يستطيع أن يرجع إلى الأدلة، ويأخذ بها دون أن يكون عنده علم وبصيرة واطلاع واسع؛ لأن بعض الناس قد يطلع على شيء وهناك شيء أقوى منه، أو هناك ما ينسخه، أو ما يقيده، فعليه أن يرجع إلى كلام العلماء والفقهاء وشراح الحديث والمصادر المختلفة، فليس كل أحد بإمكانه أن يجتهد؛ لأن الذي بإمكانه الاجتهاد هو الذي عنده قدرة واطلاع، وأما أي إنسان يأتي ويقول: أنا أفعل كذا وكذا فهذا لا يصلح ولا ينبغي، ولكن مثل المشايخ الكبار الذين عندهم قدرة ومعرفة واستيعاب مثل الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين ونحوهما هل يقال: يلزمهم أن يقلدوا مذهباً معيناً؟! لا يقال في حقهم ولا في حق غيرهم ممن يكون عنده القدرة مثلهم، أما الإنسان الذي ليس عنده علم وليس عنده معرفة ولا قدرة؛ فإنه يستفتي من عنده علم، ومن لا يجد من يفتيه يتعلم مذهباً من المذاهب، ويتعبد الله تعالى به، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]."





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.60 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.01%)]