الموضوع: صفات المؤمنين
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29-12-2021, 03:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,734
الدولة : Egypt
افتراضي صفات المؤمنين

صفات المؤمنين
عبدالله أحمد علي الزهراني





أعجَزُ الناسِ مَن أتبعَ نفسَه هواها وتمنَّى على الله الأمانِي، وأكيَسُهم مَن دانَ نفسَه وعمِلَ لما بعد الموت.



واعلموا أنَّما هذه الحياةُ الدنيا متاعٌ، وأن الآخرةَ هي دارُ القرار، ﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [غافر: 40].



أيها المُسلمون: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 11].



إنها صفات المؤمنين مقرونةً بالفلاح دائما، سيما فلاح الآخرة الذي يُذهب عنهم ما لحقهم من تعب وألم في الدنيا.



نعم قد أفلح المؤمنون.. المؤمنون المحافظون على صلاتهم الخاشعون فيها المعتنون بها، المؤمنون الذين عظموا الصلاة وعرفوا لها قدرها وقيمتها. المؤمنون الذين حين يعلوهم الهم ويشتد بهم الكرب يستبطئون هذا الوقت الطويل بين الصلاة والصلاة، فما أن يسمعوا المؤذن الا وتنساب نسمات الإيمان ترطب أفواههم وتملأ قلوبهم، فتنجلي همومهم ويتفرق كدرهم فإذا هم مقبلون إلى ربهم قد أحسنوا وضوءهم علاهم نور الإيمان، كساهم به الرحمن نورًا يضئ لهم طريقهم، فإذا هم بين يدي الرحمن بعد طول انتظارهم، " قراءة وتسبيحا، ركوعا وسجودا"، تختلط همهمات تسبيحهم بدموعهم فلا تكاد تبين كلماتهم يشكون إلى الله همومهم وأحزانهم، ويدعونه بتفريج كربهم.



إنهم المؤمنون الذين قال الله عنهم في سورة المؤمنون: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 3]، كيف لا يعرضون عن كلام الباطل والشر وهم يسمعون حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأَى رجُلًا يُشرشَرُ شِدْقُه، فأُخبِرَ أنه الكذَّابُ يكذِبُ الكِذبَة تُحمَلُ عنه حتى تبلُغ الآفاق.



قال السعدي - رحمه الله -: وإذا ملك العبد لسانه وخزنه -إلا في الخير- كان مالكًا لأمره، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين أوصاه بوصايا قال: « ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ » قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسان نفسه وقال: « كف عليك هذا »، فالمؤمنون من صفاتهم الحميدة، كف ألسنتهم عن اللغو والمحرمات.



فهم عفي الألسن مهذبي الأخلاق لا يتطاولون بالشر في أعراض المسلمين، دأبهم التسبيح والذكر والدعاء.



ومن صفاتهم يا عباد الله أنهم " لفروجهم حافظون "، قال السعدي: عن الزنا، ومن تمام حفظها تجنب ما يدعو إلى ذلك، كالنظر واللمس ونحوهما. فحفظوا فروجهم من كل أحد، ومن ذلك ابتعادهم عن مواطن الشهوات والاختلاط وغيرها مما يُهيِّج في القلب بذرة الشر والعشق والهيام.



إنهم المؤمنون إنهم الأتقياء الأنقياء الصالحون، قال الله عنهم في ثنايا السورة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 57 – 61].



عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سألتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عن هذه الآية: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون: 60] أهُمُ الذين يشرَبُون الخمرَ ويسرِقُون؟ قال: "لا يا بنتَ الصدِّيق، ولكنَّهم الذين يصُومُون ويُصلُّون ويتصدَّقُون، وهم يخافُون ألا يُتقبَّل مِنهم، ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 61]".



همهم ما يقربهم إلى الله، وإرادتهم مصروفة فيما ينجي من عذابه، فكل خير سمعوا به، أو سنحت لهم الفرصة إليه، انتهزوه وبادروه، قد نظروا إلى أولياء الله وأصفيائه، أمامهم، ويمنة، ويسرة، يسارعون في كل خير، وينافسون في الزلفى عند ربهم، فنافسوهم. ولما كان السابق لغيره المسارع قد يسبق لجده وتشميره، وقد لا يسبق لتقصيره، أخبر تعالى أن هؤلاء من القسم السابقين فقال: ﴿ وَهُمْ لَهَا ﴾؛ أي: للخيرات ﴿ سَابِقُونَ ﴾ قد بلغوا ذروتها، وتباروا هم والرعيل الأول، ومع هذا، قد سبقت لهم من الله سابقة السعادة، أنهم سابقون.



فهم عُمّارُ المساجد وأركانُها، فيها متقلبهم ورباطهم، وهم أهلُ القرآن في نهارهم وفي ليلهم، وهم المستغفرون بالأسحار المحاسبين لأنفسهم عما اقترفته أيديهم أو لاكته السنتهم، يحاسبون أنفسهم وينيبون إلى ربهم ويعيدون بناء إيمانهم ويستغيثون بربهم أن يديم عليهم نعمةَ الإيمان ولذة القرآن وأن يجنبهم مواطن البلاء والفتن.



إنهم المؤمنون: ﴿ وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [المؤمنون: 62]؛ ما شققنا عليهم في العبادة، وما شققنا عليهم في تحريم أمر هو لهم خير فإن ضعفت نفسهم علموا أنهم هم الخطاؤون الظالمون لأنفسهم، ما استحلوا حرامًا فإذا زلت بهم الأقدام وخارت بهم القوى ولم يُعصموا من الوقوع فيه، تابوا وأنابوا وعادوا وإلى الله آبوا، معترفين بذنوبهم وبضعفهم أمام الذنب والخطئية فاتت سحائب الله مغيثة تغفر ذنبهم وتطهر قلوبهم وتقبل توبتهم وتنقلهم لمراقي الكارهين لذلك الذنب المبغضين له بقلوبهم وجوارحهم؛ عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فِيما يَحْكِي عن رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قالَ: أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فأذْنَبَ، فَقالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فأذْنَبَ فَقالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، اعْمَلْ ما شِئْتَ فقَدْ غَفَرْتُ لَكَ، قالَ عبدُ الأعْلَى: لا أَدْرِي أَقالَ في الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: اعْمَلْ ما شِئْتَ...



أما العصاة المتمردون على ربهم المستبيحون لما حرم الله المستمتعون به، فهم لا يرعوون ولا يُحجمون عن ذنب اقترفوه بل ويسعون في تحصيل الذنب والفرح به والحرص على عدم فواته حتى تفسد قلوبهم فتُحب من كان على شاكلتهم في الذنب والإثم فتحبهم وتأنس إليهم حتى لو لم تقترف أو تواقع ذنوبهم، ﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ * لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ * قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ * أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ * أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ * أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ * وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 64 - 71].



فلا نجدة ولا نصير حين ينزل العذاب، العذاب الذي لا يأتي إلا بغتة " فجأة " فأي صريخ يجدي وأي عمل ينجي فقد فات الأوان وحل موعد القصاص والأخذ بالذنوب، فلم كان الاستكبار عن الحق وقول الفحش والسمر على الفحش وهجر الحق.



قال المفسرون: أعلمهم الله به لتخويفهم من عذاب لا يغني عنهم حين حلوله جؤار إذ لا مجيب لجؤارهم ولا مغيث لهم منه إذ هو عذاب خارج عن مقدور الناس لا يطمع أحد في تولي كشفه.



وهذا تأييس لهم من النجاة من العذاب الذي هُددوا به. وإذا كان المراد بالعذاب عذاب الآخرة فالقول لفظي والمقصود منه قطع طماعيتهم في النجاة.



وجاء في ثنايا الصورة ذكرٌ لصورة من صور العذاب حاقت بقوم أكثروا اللجاج وقالوا مع نبيهم ما لا يجب أن يُقال ومضوا في الباطل سادرين وباللغو فرحين، قال الله عنهم وعن نبيهم نوح عليه السلام: ﴿ قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ * قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ * مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ * ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [المؤمنون: 39- 44].




لا بالظلم والجور، بل بالعدل وظلمهم، أخذتهم الصيحة، فأهلكتهم عن آخرهم.




﴿ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً ﴾؛ أي: هشيمًا يبسًا بمنزلة غثاء السيل الملقى في جنبات الوادي.



إنها صورة أليمة من صور الأخذ والعذاب، إذ لم يتوقفوا عن شرهم وقبيح أفعالهم حتى سلط عليهم العذاب فجعلهم أثرًا بعد عين وذكرى عابرة بعد تشييد وبناء، ما أقبح الذنوب حين تصبح صلبة قوية فتأخذ بالقلوب وتصبح هوى متبع لا فكاك لصاحبها منها، لقد أهلك الله الأمم المكذبة فأصبحوا حديثًا يتناقله السمّار، فكانُوا أثَرًا بعد عين،، ﴿ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.



وماذا عليهم لو آمنوا واتقوا وتابوا واستغفروا وأنابوا إلى ربهم وأخبتوا، ﴿ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 39].



لكنما هذا الخذلان والبوار يتبع بعضه بعضًا.. اللهم اجعلنا من أهل التقى والإيمان والقرآن



الخطبة الثانية

ومِن أسبابِ الفلاح في سُورة الفلاح: الدُّعاء، ﴿ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 109].



دُعاءٌ بقلبٍ خاشِعٍ، ولِسانٍ ضارِعٍ، وطَرفٍ دامِعٍ أن يسلُكَ الله بك طريقَ المُفلِحين، وأن يُثبِّتَك على الإسلام حتى تلقَاه.



قال حُذيفةُ -رضي الله عنه-: "ليأتِيَنَّ على الناسِ زمانٌ لا ينجُو فِيه إلا مَن دعَا كدُعاءِ الغرِيقِ"؛ (رواه ابنُ أبي شيبة بإسنادٍ صحيحٍ).



وكان مِن دُعاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: « يا مُقلِّبَ القُلوبِ! ثبِّت قَلبِي على دينِك ».



ومما يعين على الصبر ويقي من الوقوع في الشر والولوغ في الباطل تصور العاقبة وخاتمة المطاف ونهاية العمر، حيث انقضى كل شيء وانكشف الغطاء، ولم يبق للإنسان إلا عمله الصالح يتوكأ عليه ويهش به ذنوبه ومعاصيه ويستنزل به رحمة ربه ومولاه، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].



والصبر بابه واسع، ومن أعظمه لزوم الطاعات والصبر عليها فقيام الليل يحتاج إلى صبر ومصابرة، والتوبة من الذنوب مع كثرتها وصعوبة التحرز منها تحتاج إلى صبر ومصابرة حتى لا يحبها القلب فينتكس ويستحلها، وملاك ذلك الدعاء فلا عاصم من الفتن إلا الله، ﴿ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ ﴾ [هود: 43].



فإن للذنوب بريقًا يخطف الأبصار كما يخطف بريق الذهب الألباب، والتوبة والاستغفار لمن واقعها خير دواء وأنجع وصفةٍ وشفاء، ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135].



فلا ترع أيها المسلم إن مسك نزغ من الشيطان، ولكن افزع إلى الله بالتوبة والاستغفار وصدق الدعاء وادع الله أن يصرف عنك الذنب، فهذا خير العافية وأجملها وأطيبها، ﴿ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24].





الإيمان نور عظيم وفتح مبين فاستمسك به أيها المؤمن، واقدر له قدره، ولا تعد عيناك عنه، واتبع الحسنة بالحسنة والطاعة بالطاعة، والصلاة نور وبرهان فاجعل لها أوفر الحظ والنصيب.



﴿ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ﴾ [النور: 40].





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.11 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.18%)]