عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-01-2022, 02:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,055
الدولة : Egypt
افتراضي إكرام الأخوات من أقرب القربات

إكرام الأخوات من أقرب القربات
ياسر عبدالله محمد الحوري


الخطبة الأولى

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ومِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيرًا.



﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].



عباد الله، إن الأسرة من الآباء والأمهات والإخوة والأخوات مِن أعظم النعم التي أنعم الله بها على العبد، ومَن أُعطيَ نعمة، وجب عليه أداء حقوقها، والقيام بواجباتها، وكثيرًا ما يتكلم الناس عن حقوق الآباء والأمهات، ولكنهم يغفلون عن حقوق الأخوات؛ فعن المقدام بن معديكَرِب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله يوصِيكم بأمهاتكم، ثم يوصِيكم بأمهاتكم، ثم يوصِيكم بآبائكم، ثم يوصِيكم بالأقرب فالأقرب))؛ [رواه ابن ماجه، وصححه الألباني].



تحذير من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنذار بالعقوبة الأليمة لمن يقصر في صلة أرحامه، ومن أهم هؤلاء الأرحام: الأخوات؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخلُ الجنة قاطع))؛ [متفق عليه].



ومما يعجل الله عقوبته في الدنيا قبل الآخرة قطع الأرحام؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما مِنْ ذنب أحْرَى أن يُعَجلَ الله لصاحِبِه العقوبة في الدنيا مع ما يُدَّخرُ له في الآخرة - من قَطيعة الرحم والبغي))؛ [رواه الترمذي وأبو داود].



عباد الله، من منا لا يريد الجنة؟ من أراد الجنة، فليتق الله في أخواته، وليحسن صحبتهن، وليقم بتربيتهن على العفة والطهارة؛ ففي حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ أَوْ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ، فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ، وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ، فَلَهُ الجَنَّةُ))؛ [رواه الترمذي].



أيها المنفقون على أخواتكم، أبشروا بالنجاة من النار؛ فعند الإمام أحمد: ((مَنْ أَنْفَقَ عَلَى ابْنَتَيْنِ، أَوْ أُخْتَيْنِ، أَوْ ذَوَاتَيْ قَرَابَةٍ، يَحْتَسِبُ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا، حَتَّى يُغْنِيَهُمَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ يَكْفِيَهُمَا، كَانَتَا لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ))؛ [صححه الألباني].



معاشر المسلمين الأكارم:

مرافقة رسول الله في الجنة تُزف لكل مسلم اهتم برعاية أخواته؛ فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن عال ابنتينِ أو ثلاثًا، أو أختينِ أو ثلاثًا، حتَّى يَبِنَّ - ينفصلن عنه بتزويج أو موت - أو يموتَ عنهنَّ، كُنْتُ أنا وهو في الجنَّةِ كهاتينِ، وأشار بأُصبُعِه الوسطى والَّتي تليها))؛ [رواه ابن ماجه وصححه الألباني].



أيها المسلمون، صحابي جليل يضرب لنا أروع الأمثلة في الحفاظ على الأخت وإكرامها؛ فعن معقل بن يسار رضي الله عنه، كما في البخاري، قال: ((زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ لَهُ: زَوَّجْتُكَ وَفَرَشْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ، فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا، لاَ وَاللَّهِ لاَ تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا، وَكَانَ رَجُلًا لاَ بَأْسَ بِهِ، وَكَانَتِ المَرْأَةُ تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ ﴾ [البقرة: 232]، فَقُلْتُ: الآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فزوجها إياه)).



أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، فيا فوز المستغفرين!





الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:

فيا عباد الله:

الله أكبر، جابر بن عبدالله يضحي برغباته من أجل أخواته، من أجل تربيتهن، والقيام برعايتهن؛ قال جابر رضي الله عنه: ((غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: مَا تَزَوَّجْتَ؟ أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ فَقُلْتُ لَهُ: تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا، قَالَ: أَفَلَا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا تُلَاعِبُكَ وَتُلَاعِبُهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، تُوُفِّيَ وَالِدِي - أَوِ اسْتُشْهِدَ - وَلِي أَخَوَاتٌ صِغَارٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ إِلَيْهِنَّ مِثْلَهُنَّ فَلَا تُؤَدِّبُهُنَّ، وَلَا تَقُومُ عَلَيْهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا لِتَقُومَ عَلَيْهِنَّ وَتُؤَدِّبَهُنَّ))؛ [متفق عليه].



أيها الواصل لرحمك، الله جل وعلا لا يخزيك أبدًا، يقف معك وقت الأزمات، ويحفظك ويرعاك، لن يتركك للأعداء، اسمع إلى أمنا خديجة وهي تصف حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، فتقول رضي الله عنها إبان نزول الوحي: ((كَلا والله ما يُخْزِيكَ الله أبدًا؛ إنك لَتَصِلُ الرحِمَ...))؛ [مُتفق عليه].




عباد الله، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه.








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.70 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.25%)]