عرض مشاركة واحدة
  #102  
قديم 03-02-2022, 06:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (الغسل يوم الجمعة على كل محتلم ...)
قوله: [حدثنا محمد بن سلمة المرادي ].
هو محمد بن سلمة المرادي المصري وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة .
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن الحارث ]. هو عمرو بن الحارث المصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن سعيد بن أبي هلال ].
سعيد بن أبي هلال صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ و بكير بن عبد الله بن الأشج ]. و بكير مر ذكره.
[ عن أبي بكر بن المنكدر ]. أبو بكر بن المنكدر وهو أخو محمد بن المنكدر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن عمرو بن سليم الزرقي ].
عمرو بن سليم الزرقي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ].
عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
هو أبو سعيد مر ذكره. قوله: [إلا أن بكيراً لم يذكر عبد الرحمن ].
أي: أن بكيراً لم يذكر في الإسناد عبد الرحمن بن أبي سعيد .

شرح حديث: (من غسل يوم الجمعة واغتسل ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن حاتم الجرجرائي حبي حدثنا ابن المبارك ، عن الأوزاعي ، حدثني حسان بن عطية ، حدثني أبو الأشعث الصنعاني ، حدثني أوس بن أوس الثقفي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها) ]. الصحيح أن حبي لقب لمحمد بن حاتم الجرجرائي وليس شيخاً له، وحدثنا هذه زائدة. حديث أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من غسل يوم الجمعة واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ). قال بعض أهل العلم: إن اللفظ الثاني مؤكد للأول وهو قريب له في اللفظ ولكنه مغاير له؛ لأن فيه: (غسل واغتسل) وفيه أيضاً: (وبكر وابتكر) ويوضح هذا قوله: (ومشى ولم يركب)؛ لأن قوله: (لم يركب) هو بمعنى مشى، فيكون مؤكداً لقوله: (مشى)، قالوا: (وابتكر) مؤكد لبكّر، (واغتسل) مؤكد لغسّل. ومن أهل العلم من قال:
إن بين غسل واغتسل وبكر وابتكر فرقاً، فغسل بالتخفيف والتشديد المراد به غسل رأسه، كما سيأتي في بعض الروايات وفي بعض الآثار: (غسل رأسه واغتسل) يعني: غسل رأسه وغسل جميع جسده للجمعة، لكنه ذكر الرأس منصوصاً عليه بخصوصه من أجل العناية به، وإن كان الاغتسال يشمل جميع الجسد ويدخل في ذلك الرأس، لكن التنصيص على الرأس من أجل الشعر الكثيف الذي يحتاج إلى أن ينظف ويحتاج إلى أن يعتنى به؛ حتى يزول ما فيه من رائحة كريهة إذا كان فيه روائح كريهة، ويكون قوله: (غسل) يعني: غسل رأسه. قوله: (واغتسل) يعني: غسل سائر جسده. قوله (وبكر) يعني: ذهب في وقت مبكر.
قوله: (وابتكر) يعني: أنه سمع الخطبة من أولها بحيث لم يفته منها شيء؛ لأن بكور الشيء وباكورة الشيء هو أوله، وقيل: إن غسل واغتسل، معناه: أنه جامع أهله وكان ذلك الاغتسال عن جماع، فيكون تسبب في اغتسال غيره واغتسل هو أيضاً. قوله: (ومشى ولم يركب) أي: هذه تأكيد لمشى؛ لأن المشي هو عدم الركوب، والراكب هو غير الماشي، ولهذا جاء في الحديث: (يسلم الراكب على الماشي والماشي على الجالس). والمقصود من ذلك أن الأجر على قدر النصب وعلى قدر المشقة وعلى قدر التعب، ومن مشى لاشك أنه يحصل منه جهد أكثر من جهد الذي ركب. قوله: (ودنا من الإمام). يعني: جاء مبكراً بحيث يكون قريباً من الإمام. قوله: (فاستمع ولم يلغ) يعني: لم ينصرف عنها ولو كان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنه كما جاء في الحديث: (إذا قال الإنسان لصاحبه: أنصت والإمام يخطب فقد لغا) يعني: أن الإنسان يقبل على الخطبة ويعنى بها ويحرص على ألا يفوته منها شيء، وأن يكون متابعاً للخطيب في خطبته؛ ليستمع ما يقول ويتأمل ويفهم. قوله: (كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها) أي: السنة، وهذا فضل عظيم وثواب جزيل.

تراجم رجال إسناد حديث: (من غسل يوم الجمعة واغتسل ...)
قوله: [حدثنا محمد بن حاتم الجرجرائي ].
هو محمد بن حاتم الجرجرائي الملقب حبي وهو ثقة أخرج له أبو داود و النسائي .
[ حدثنا ابن المبارك ].
هو عبد الله بن المبارك المروزي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأوزاعي ].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي أبو عمرو وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني حسان بن عطية ].
حسان بن عطية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني أبو الأشعث الصنعاني ].
هو شراحيل بن آدة وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثني أوس بن أوس الثقفي ].
أوس بن أوس الثقفي صحابي، أخرج له أصحاب السنن.

الفرق بين بكَّرَ وابتكر
قوله: (ثم بكر وابتكر) على قول من فرق بينهما فإن معنى (وابتكر): هو أنه سمع الخطبة من أولها. أما من زعم أن معنى (بكر) أي: أدرك باكورة الخطبة، فالذي قاله صاحب عون المعبود وكرره أن (بكر) من التبكير، (وابتكر) يعني: أنه سمع الخطبة من أولها، كذلك من كان منزله بعيداً من المسجد النبوي فكل من جاء الجمعة هو على خير، والحديث نص على المشي وعدم الركوب، وورد في بعض الأحاديث أن الإنسان في ذهابه إلى المسجد ورجوعه لا يخطو خطوة إلا ويرفع الله له درجة ويحط عنه خطيئة، ومن المعلوم أن الإنسان إذا جاء يمشي إلى المسجد ثم رجع منه يمشي فإنه ذهابه وإيابه لا يخطو خطوة إلا يرفع الله له درجة ويحط عنه خطيئة.

شرح حديث: (من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن عبادة بن نسي عن أوس الثقفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل..) ثم ساق نحوه ]. هذا الحديث يوضح الجملة السابقة في الحديث السابق: (من غسل واغتسل) لأنه قال هنا: (غسل رأسه واغتسل) ومعنى هذا: أن التغسيل إنما يكون للرأس وهو منصوص عليه في حديث أوس بن أوس هنا، وسيأتي أيضاً عن اثنين من العلماء وهما مكحول و سعيد بن عبد العزيز الدمشقي كل منهما قال: غسل رأسه وغسل جسده، وعلى هذا فقد جاء في حديث أوس بن أوس تفسير النص على أنه غسل رأسه.

تراجم رجال إسناد حديث: (من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل ...)
قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الليث ].
هو الليث بن سعد المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خالد بن يزيد ].
هو خالد بن يزيد الجمحي المصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن أبي هلال ، عن عبادة بن نسي ].
سعيد بن أبي هلال مر ذكره، و عبادة بن نسي ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة. [ عن أوس الثقفي ]. أوس الثقفي مر ذكره.

شرح حديث: (من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته ...)
يقول المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن أبي عقيل و محمد بن سلمة المصريان، قالا: حدثنا ابن وهب ، قال ابن أبي عقيل : أخبرني أسامة -يعني ابن زيد - عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته إن كان لها، ولبس من صالح ثيابه، ثم لم يتخط رقاب الناس، ولم يلغ عند الموعظة، كانت كفارة لما بينهما، ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً) ].
قوله: (من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته إن كان لها) ] يعني: المقصود أنه إذا لم يكن عنده من الطيب الذي للرجال كما سبق أن مر في الحديث، فليمس ولو كان من طيب امرأته. قوله: (ولبس من صالح الثياب) يعني: المقصود التجمل كما سبق أن مر. قوله: (ثم لم يتخط رقاب الناس) يعني: بكر ولم يتخط رقاب الناس. قوله: (ولم يلغ عند الموعظة) يعني: لم يقع منه انصراف حال الخطبة بل أقبل عليها. قوله: (كانت كفارة لما بينهما) يعني: كفارة له ما بين الجمعتين.
هذه خمسة أمور: الاغتسال، والطيب، ولبس صالح الثياب، والإنصات وعدم اللغو في حال الخطبة. قوله: (ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً) يعني: أنه لم يحصل على أجر الجمعة، ولكن تجزئه الصلاة ولا يؤمر بأن يصلي ظهراً، ولكنه حرم أجر الجمعة وأجر فضل الجمعة بسبب التخطي وحصول اللغو.

تراجم رجال إسناد حديث: (من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته ...)

قوله: [حدثنا ابن أبي عقيل ].
هو عبد الغني بن أبي عقيل المصري وهو ثقة، أخرج له أبو داود .
[ و محمد بن سلمة المصريان قالا: حدثنا ابن وهب ].
ابن وهب مر ذكره. [ قال ابن أبي عقيل : أخبرني أسامة -يعني ابن زيد - ].
أسامة بن زيد الليثي وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عمرو بن شعيب ].
هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. أبوه هو شعيب بن محمد وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة وفي الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن عمرو بن العاص ].
هذا فيه التنصيص على أن شعيباً يروي عن عبد الله بن عمرو ، ويأتي كثيراً في الأسانيد عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، فهذا فيه بيان أن الجد الذي يروي عنه شعيب هو جده وليس جد عمرو الذي هو محمد ؛ لأنه لو كان جد عمرو الذي هو محمد سيكون مرسلاً؛ لأن محمداً ما أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنَّ شعيباً يروي عن جده عبد الله بن عمرو ، و عبد الله بن عمرو أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. والله تعالى أعلم.

شرح حديث: (أن النبي كان يغتسل من أربع: من الجنابة ويوم الجمعة ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن بشر ، حدثنا زكريا حدثنا مصعب بن شيبة ، عن طلق بن حبيب العنزي ، عن عبد الله بن الزبير ، عن عائشة أنها حدثته: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، ومن غسل الميت) ]. سبق أن ذكرنا جملة أحاديث تتعلق بالغسل يوم الجمعة، وعرفنا أن بعض أهل العلم حمل ما ورد في ذلك على الوجوب، وأن جمهور أهل العلم حملوا ذلك على الاستحباب، وعرفنا الأدلة التي استدل بها القائلون في حملها على الاستحباب، وسيأتي ذكر ترجمة للرخصة بترك الغسل يوم الجمعة، وهي مشتملة على بعض الأحاديث الدالة على حمل الغسل يوم الجمعة على الاستحباب، ومن جملة الأحاديث التي أوردها أبو داود رحمه الله تعالى تحت ترجمة الغسل يوم الجمعة حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من أربع:
من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، ومن غسل الميت) يعني: تخبر عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من هذه الأربع، ومنها: غسل يوم الجمعة، وقد مرت جملة من الأحاديث الدالة على ذلك، والجنابة أيضاً مرت الأبواب المتعلقة بغسل الجنابة. قوله: (ومن الحجامة) الحكمة في ذلك أن الحجامة يكون معها رشاش الدم على الجسد؛ فإذا اغتسل بعد الحجامة فإن ذلك يكون أطهر، وفيه التخلص مما قد ينتشر من رشاش الدم على الإنسان. قوله: (ومن غسل الميت) يعني:
أن الإنسان الذي يغسل الميت لا يأمن أن يصيبه شيء من رشاش التغسيل، وقد يكون عليه نجاسة فيصل شيء منها إلى الغاسل، فغسله بعد تغسيله للميت فيه ذهاب وتخلص من تلك الأشياء التي يتصور أن تحصل وأن تكون. والحديث فيه مصعب بن شيبة وهو لين الحديث، فيكون غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن بعضها كما هو معلوم جاءت الأدلة الدالة على ذلك كغسل الجمعة وغسل الجنابة، وكذلك أيضاً جاء في غسل من غسل الميت أحاديث اختلف في تصحيحها وتضعيفها، وعلى القول بثبوتها فإنها على سبيل الاستحباب وليس على سبيل الوجوب، أما الحجامة فكما أشرت أن بعض أهل العلم قال: لما يمكن أن يكون من رشاش ينتشر من الدم بسبب الحجامة، فيكون الاغتسال بعد حصولها فيه التخلص من ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان يغتسل من أربع: من الجنابة ويوم الجمعة ...)
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[حدثنا محمد بن بشر ].
محمد بن بشر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا زكريا ]. هو زكريا بن أبي زائدة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا مصعب بن شيبة ]. مصعب بن شيبة وهو لين الحديث، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[ عن طلق بن حبيب العنزي ].
طلق بن حبيب العنزي وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن الزبير ].
عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي من أوعية السنة وحفظتها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح أثر مكحول في معنى (غسَّل واغتسل)

[حدثنا محمود بن خالد الدمشقي ، أخبرنا مروان ، حدثنا علي بن حوشب ، قال: سألت مكحولاً عن هذا القول: (غسل واغتسل)، فقال: غسل رأسه و غسل جسده ]. هذا الأثر عن مكحول الشامي ، وقد سأله علي بن حوشب عن قوله في الحديث: (غسل واغتسل)، فقال: إنه غسل رأسه وغسل سائر جسده. فهذا أثر فيه تفسير لما جاء في الحديث الذي سبق أن مر، ولكن سبق أن مر في حديث أوس بن أوس أن هذا التفسير من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (غسل رأسه واغتسل).

تراجم رجال إسناد أثر مكحول في معنى (غسَّل واغتسل)
قوله: [حدثنا محمود بن خالد الدمشقي ].
محمود بن خالد الدمشقي ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة .
[أخبرنا مروان ].
هو مروان بن محمد وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا علي بن حوشب ].
علي بن حوشب لا بأس به، وهي بمعنى صدوق، أخرج له أبو داود .
[ قال: سألت مكحولاً ].
هو مكحول الشامي وهو ثقة كثير الإرسال، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن.

شرح أثر سعيد بن عبد العزيز في معنى (غسَّل واغتسل)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن الوليد الدمشقي ، حدثنا أبو مسهر ، عن سعيد بن عبد العزيز في: (غسل واغتسل)، قال: قال سعيد : غسل رأسه وغسل جسده ]. هذا الأثر عن سعيد بن عبد العزيز الدمشقي وهو مثل ما تقدم عن مكحول الشامي أن معنى قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث: (من غسل واغتسل)، أنه غسل رأسه وغسل سائر جسده. فالأثران عن مكحول وعن سعيد بن عبد العزيز الدمشقي معناهما واحد، وكما هو معلوم هما مطابقان للتفسير الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أوس بن أوس والذي تقدم قريباً.

تراجم رجال إسناد أثر سعيد بن عبد العزيز في معنى (غسَّل واغتسل)
قوله: [حدثنا محمد بن الوليد الدمشقي ].
محمد بن الوليد الدمشقي صدوق، أخرج له أبو داود وحده.
[ حدثنا أبو مسهر ].
هو عبد الأعلى بن مسهر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن عبد العزيز ].
هو سعيد بن عبد العزيز الدمشقي وهو ثقة إمام، سواه أحمد بالأوزاعي وقدمه أبو مسهر لكنه اختلط في آخر أمره، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن.

شرح حديث: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن سمي ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر) ]. إن حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هذا يدل على فضل التبكير إلى الجمعة، وأن في ذلك الأجر العظيم من الله عز وجل.
فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة) يعني: أنه اغتسل كهيئة الغسل من الجنابة، وذلك بأن يتوضأ ويفيض الماء على جسده، أو أنه يغتسل بحيث يصب الماء على نفسه وإن لم يتوضأ، ولكنه لا يجزيه عن الوضوء، لكن إن توضأ قبل ذلك ولم يمس ذكره حين اغتساله بعد الوضوء فإنه يكون بذلك اغتسل الغسل للجمعة، وفيه رفع الحدث الذي هو كونه توضأ معه، أما إن اغتسل بأن صب الماء على جسده فهذا اغتسال، وفيه الأداء لهذا الأمر المشروع على القول بوجوبه وعلى القول باستحبابه، ولكنه لا يغني عن الوضوء؛ لأن هذا الفعل ليس فيه رفع حدث وإنما فيه فعل أمر واجب أو أمر مستحب، وعلى هذا فمن اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة يحتمل أن يكون المراد به الهيئة أو أن المراد به أنه يجامع أهله وأنه يغتسل للجنابة، ويكون ذلك مجزئاً عن غسل الجمعة، وقد سبق أن مر قريباً قول أبي داود :
من اغتسل بعد طلوع الفجر فقد أجزأه وإن أجنب، يعني: وإن كان ذلك الغسل عن جنابة فإنه يغني عن غسل الجمعة، وجمهور أهل العلم على أن غسل الجنابة يغني عن غسل الجمعة، وأنه لا يلزم أن يكون هناك غسل للجمعة وغسل للجنابة إذا كان هناك جنابة، بل اغتساله للجنابة يكفيه عن غسل الجمعة. قوله: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة) والبدنة هي: الناقة، سواء كان ذكراً أو أنثى كله يقال له: بدنة. وهذا فيه أن التبكير للجمعة والذهاب في الساعة الأولى في وقت مبكر فيه هذا الأجر، وأنه مثل الذي تقرب إلى الله عز وجل بنحر جزور، ومن المعلوم أن هذا أكبر شيء يتقرب به من بهيمة الأنعام؛ لأن بهيمة الأنعام أعلاها وأكملها وأكثرها لحماً وأضخمها جسماً هو الإبل. قوله: (ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة) يعني: دون الذي قرب بدنة. قوله: [ (فإذا دخل الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر) يعني: أنهم يطوون الصحائف التي كانوا يكتبون فيها هؤلاء الذين جاءوا ثم جلسوا يستمعون الذكر، وليس معنى ذلك أن من جاء بعد أن دخل الخطيب أنه لا جمعة له ولا أدرك الجمعة، لا، لكنه فاته ذلك الأجر العظيم الذي يكون للمبكرين. قال بعض العلماء:
إن المقصود بقوله: (راح) أي: ذهب بعد أن زالت الشمس، ومن المعلوم أن ذلك الوقت الذي هو الزوال أو بعد الزوال لا يكون معه أوقات تقسم إلى أقسام بحيث يأتي أحد في الساعة الأولى ويحصل كذا، فقالوا: إن المقصود منه أنه قصد الذهاب إلى الجمعة ويكون مثله مثل الحجاج إذا خرجوا يقال لهم: حجاج وهم مسافرون للحج والحج لم يحصل بعد، ولكنهم قصدوا ذلك وأخذوا بالأسباب التي تؤدي إليه، فكذلك الذي ذهب إلى الجمعة مبكراً قبل الزوال في وقت طويل فإنه يعتبر أنه قد راح؛ لأنه قصد ذلك العمل الذي يحصل بعد الزوال وهو الجمعة. ومن أهل اللغة من قال: إن (راح) معناها: ذهب، وليست مقصورة على ما كان بعد الزوال، وأن الروح ضد الغدو من غدا أو راح، يعني: غدا ذهب في الغدوة، وراح ذهب في زمن الرواح وهو ما بعد الزوال. إذاً: (راح) تستعمل بمعنى ذهب، وعلى هذا فتكون على بابها ولا تحتاج إلى أن يقال للحجاج:
هم حجاج وإن لم يكن الحج قد حان؛ لأنهم قصدوا الحج وشرعوا في أسبابه، ولا حاجة إلى هذا التأويل. إن بداية هذه الساعات والله أعلم تكون من أول النهار من طلوع الشمس؛ لأن هذا هو الوقت الذي غالباً هو المقصود، ويمكن أيضاً أن يقال: إن ذلك عند طلوع الفجر أول النهار؛ لأن النهار يبدأ بطلوع الفجر، لكن كما هو معلوم يمكن للإنسان أن يصلي الفجر ويرجع إلى بيته ثم يعود إلى المسجد قاصداً الجمعة. فيمكن والله أعلم أن يقال: إن ذلك من طلوع الشمس، أو أنه قريب من طلوع الشمس.

بيان الساعات المذكورة في الحديث وتقديرها
الساعات المذكورة في الحديث المقصود بها جزء من الزمان ليس محدداً، وفي اللغة ساعات الليل والنهار قسمت إلى أربع وعشرين جزءاً، يعني: أن الليل اثنا عشر ساعة والنهار اثنا عشر ساعة، ولكل جزء اسم، وقد ذكر ذلك الثعالبي في فقه اللغة حيث قال: إن ساعات الليل اثنا عشر ساعة وساعات النهار اثنا عشر ساعة، وكل ساعة لها اسم يخصها. فعلى هذا إذا كان الليل والنهار أربعة وعشرين ساعة فمعناه: أن الساعة تقارب هذه الساعات المعروفة عندنا في هذا الوقت، وعلى هذا يكون من طلوع الشمس تقريباً، يعني:
هذه المقادير التي يستعملها الناس يمكن أن تكون في حدود هذا المقدار. ومن المعلوم أن هذا في بعض الأوقات وليس دائماً؛ لأنه كما هو معلوم أيضاً الليل والنهار يطول ويقصر، يطول النهار فتكون ساعات الليل قليلة، ويطول الليل فتكون ساعات النهار قصيرة، ولكن التوزيع الذي ذكره أهل اللغة إنما هو لليل اثنا عشر ساعة، لكن تتفاوت في مقاديرها بالنسبة لاختلاف الزمان، وكذلك النهار اثنا عشر ساعة، كذلك تختلف في مقاديرها باختلاف الزمان، فيمكن والله أعلم أن يقال: إن ذلك من طلوع الشمس. في هذا الحديث أن الملائكة تحضر سماع الذكر وتحضر الخطبة وتستمع الذكر وتحف مجالس الذكر، كما جاء في الحديث: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده).

تراجم رجال إسناد حديث: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح ...)
قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة ].
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، وهو أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وهي: مذهب الإمام أبي حنيفة ، ومذهب الإمام مالك ، ومذهب الإمام الشافعي ، ومذهب الإمام أحمد ، هذه مذاهب أهل السنة، وأما المذاهب الأخرى غير هذه المذاهب فليست من مذاهب أهل السنة كمذهب الزيدية والرافضة والإباضية وغيرها.
[ عن سمي ].
هو سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي صالح السمان ].
هو ذكوان السمان كنيته: أبو صالح واسمه ذكوان ولقبه السمان ، وقيل له: السمان ؛ لأنه كان يجلب السمن، ويقال له: الزيات أيضاً؛ لأنه كان يجلب الزيت، فيقال له: ذكوان السمان ، ويقال له: ذكوان الزيات وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وأرضاه."




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.00 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.81%)]