عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-02-2022, 01:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,138
الدولة : Egypt
افتراضي التجلية عن صفات أهل الفداء والتضحية

التجلية عن صفات أهل الفداء والتضحية
السيد مراد سلامة



الخطبة الأولى


أما بعد:

فحديثنا في هذا اليوم الطيب الميمون الأغر عن صفات أهل الفداء والتضحية، عن هؤلاء الأبطال الذين سطروا صحائف من نور عبر التاريخ، عن هؤلاء الأبطال الذي يحمون الزمار ويدافعون عن الديار ويرفعون راية العزيز القهار، عن هؤلاء الأبطال الذين تذوقوا حلاوة الإيمان وشاهدوا ما أُعدَّ لهم في الجنان، فحملوا أرواحهم على أكفهم يرجون الشرب من كأس الشهادة في سبيل الله، عن هؤلاء الأبطال الذين هم الصمام والأمان للضعفاء والأطفال والنساء، هؤلاء الأبطال الذين ابطلوا مكائد كل كفار عنيد وكل مخرب شديد، فأذاقوهم كأس الذل والهوان فأعيروني القلوب والأسماع أيها الأحباب...



أولا: الإيمان العميق:

إخوة الإسلام: إن الإيمان هو المحرك الأساسي لأهل التضحية والفداء، أهل الإيمان لا يتحركون إلا بتلك العقيدة القوية التي متى تذوقها العبد هان عليه كل غال ورخيص قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111].




أنا مُسْلِمٌ وأقُولُها مِلءَ الوَرَى

وعقيدَتِي نورُ الحيَاةِ وسُؤْدُدِي


سَلْمَانُ فيهَا مِثْلَ عَمْرٍو لا تَرَى

جِنْسًا عَلَى جِنْسٍ يَفُوقُ بِمَحْتَدِ


وبِلالُ بالإيمانِ يَشْمَخُ عِزُّةً

ويَدُقُّ تِيجَانَ العَنِيدِ المُلْحِدِ


وخُبيبُ أخْمَدَ في القَنَا أنْفَاسَهُ

لَكِنَّ صَوْتَ الحَقِّ لَيْسَ بمُخْمَدِ


ورمَى صُهَيْبُ بِكُلِّ مَالٍ لِلْعِدَا

ولِغَيْرِ رِبْحِ عَقِيدَةٍ لَمْ يَقْصِدِ


إن العقيدَةَ في قُلوبِ رجَالِهَا

مِنْ ذَرَّةٍ أقْوَى وألِفِ مُهَنَّدِ






الإيمان بالله هو الذي دفع آسية امرأة فرعون أن تضحي بالمنصب والجاه والخدم والحشم كل ذلك لا شيء بدون الإيمان بالله تعالى، والإيمان بالله هو كل شيء؛ ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [التحريم: 11].



قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (ومن فضائل آسية امرأة فرعون أنها اختارت القتل على الملك، والعذاب في الدنيا على النعيم الذي كانت فيه)[1].



المسلمون يوم مؤته والتضحية والفداء:

قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: شهدت يوم مؤتة، فلما دنا منا المشركون رأينا ما لا قبل لأحدٍ به من العدة والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب، فبرق بصري، فقال لي ثابت بن أرقم: يا أبا هريرة كأنك ترى جموعًا كثيرة؟



قلت: نعم، قال: إنك لم تشهد بدرًا معنا، إنا لم ننصر بالكثرة، ثم التقى الناس فاقتتلوا، فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كثرت عليه الرماح وسقط صريعًا شهيدًا، رضي الله عنه.. فأخذ الراية جعفر بكل بطولة، فاقتحم عن فرس له شقراء فجعل يقاتل القوم، وهو يقول:




يا حبذا الجنة واقترابها

طيبة وبارد شرابها


والروم روم قد دنا عذابها

كافرة بعيدة أنسابها


عليَّ إن لاقيتها ضِرابُها







أن جعفر أخذ اللواء بيمينه فقطعت، فأخذ اللواء بشماله فقطعت، فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة.



قال ابن عمر: وقفت على جعفر يومئذ وهو قتيل، فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره، فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث يشاء..



إن رجلًا من الروم ضربه يومئذ ضربة فقطعته نصفين، فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية ثم تقدم بها وهو على فرسه، فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد، ويقول:




أقسمت يا نفس لتنزلنه

لتنزلنَّ أو لتكرهنه


إن أجلب الناس وشدوا الرنة

مالي أراك تكرهين الجنة








يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.61 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.96%)]