عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 15-02-2022, 03:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,280
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (96)
صـ 110 إلى صـ 116

والملفوظ المجمل، فما كان في إثباته من حق يوافق الشرع أو العقل أثبتوه، وما كان من نفيه حق (1) في الشرع أو العقل نفوه، ولا يتصور عندهم تعارض الأدلة الصحيحة العلمية، لا السمعية ولا العقلية.
والكتاب والسنة يدل بالإخبار تارة، ويدل بالتنبيه تارة، والإرشاد والبيان للأدلة العقلية تارة، وخلاصة ما عند أرباب النظر العقلي في الإلهيات من الأدلة اليقينية والمعارف الإلهية قد جاء به الكتاب والسنة، مع زيادات وتكميلات لم يهتد إليها إلا من هداه الله بخطابه، فكان فيما جاء به الرسول (2) من الأدلة العقلية والمعارف اليقينية فوق ما في عقول جميع العقلاء من الأولين والآخرين.

وهذه الجملة لها بسط عظيم قد بسط من ذلك ما بسط في مواضع متعددة، والبسط التام لا يتحمله هذا المقام، فإن لكل مقام مقالا.

ولكن الرافضة لما اعتضدت بالمعتزلة، وأخذوا يذمون أهل السنة بما هم فيه مفترون: عمدا أو جهلا، ذكرنا ما يناسب ذلك في هذا المقام.
والمقصود هنا أن أهل السنة] (3) متفقون على أن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. ولكن لفظ " التشبيه " في كلام هؤلاء النفاة المعطلة (4) لفظ مجمل، فإن أراد بلفظ (5) التشبيه ما نفاه

(1) أ: حقا، وهو خطأ.
(2) ب: فكان ما قد جاء به الرسول.
(3) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) وقد أشرت إلى أوله (ص [0 - 9] 03) من قبل، وتوجد بدلا منه في النسختين هذه العبارات:. . فهذا متفق عليه بين أهل السنة فإنهم متفقون على. . . إلخ.
(4) أ، ب: في كلام الناس.
(5) م، أ، ب: بنفي.
*****************************

(1 القرآن ودل عليه العقل فهذا حق، فإن خصائص الرب تعالى لا يوصف بها شيء 1) (1) من المخلوقات، ولا يماثله [شيء من المخلوقات في] (2) شيء من صفاته.


مذهب سلف الأمة وأئمتها أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، يثبتون لله ما أثبته من الصفات، وينفون عنه مماثلة (3) المخلوقات، [يثبتون له صفات الكمال، وينفون عنه ضروب (4) الأمثال، ينزهونه عن النقص والتعطيل، وعن التشبيه والتمثيل] (5) ، إثبات بلا تشبيه (6) ، وتنزيه بلا تعطيل: {ليس كمثله شيء} رد على الممثلة، {وهو السميع البصير} [سورة الشورى: 11] رد على المعطلة.

ومن جعل صفات الخالق مثل صفات المخلوق فهو المشبه المبطل المذموم. وإن أراد بالتشبيه أنه لا يثبت لله شيء من الصفات، فلا يقال: له علم ولا قدرة ولا حياة ; لأن العبد موصوف بهذه الصفات ; فلزمه (7) أن لا يقال له: حي عليم قدير ; لأن العبد يسمى بهذه الأسماء، وكذلك في كلامه وسمعه وبصره ورؤيته وغير ذلك.

(1) (1 - 1) : ساقط من (م) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(3) أ، ب: مشابهة.
(4) أ: ضرب.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(6) ب (فقط) : تمثيل.
(7) أ، ب: فيلزم.
*****************************

وهم يوافقون أهل السنة (* (1) على أن الله موجود حي عليم قادر، والمخلوق يقال له: [موجود] (2) حي عليم قدير ولا يقال: هذا تشبيه (3) يجب نفيه.


[وهذا مما يدل عليه الكتاب والسنة (4) وصريح العقل، ولا يمكن أن يخالف فيه عاقل، فإن الله تعالى سمى نفسه بأسماء، وسمى بعض عباده بأسماء، وكذلك سمى صفاته بأسماء، وسمى بعضها صفات خلقه، وليس المسمى كالمسمى، فسمى نفسه حيا عليما قديرا، رءوفا رحيما، عزيزا حكيما، سميعا بصيرا، ملكا مؤمنا، جبارا متكبرا، كقوله: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [سورة البقرة: 255] ، وقوله: {إنه عليم قدير} [سورة الشورى: 50] ، وقال: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم} [سورة البقرة: 225] ، وقال: {والله عزيز حكيم} [سورة البقرة: 228، 240] ، وقال: {إن الله بالناس لرءوف رحيم} [سورة الحج: 65] ، وقال: {إن الله كان سميعا بصيرا} [سورة النساء: 58] ، وقال: {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر} [سورة الحشر: 23] .

وقد سمى بعض عباده حيا، فقال: {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي} [سورة الروم: 19] .

(1) : ما بين النجمتين: على أن الله موجود ص [0 - 9] 12. قائلا للباطل، والله أعلم (ص [0 - 9] 17) : ساقط من (م) ، وتوجد عبارة " يجب نفيه " بعد عبارة " أن الله موجود ".
(2) موجود: ساقطة من (ن) .
(3) أ، ب: التشبيه.
(4) وهذا مما يدل عليه الكتاب والسنة (ص [0 - 9] 12) : كان مشبها قائلا للباطل والله أعلم (ص [0 - 9] 12) : هذا الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ن) وسأشير إليه عند نهايته بإذن الله.
*********************************

وبعضهم عليما بقوله: {وبشروه بغلام عليم} [سورة الذاريات: 28] (1) ، وبعضهم حليما بقوله: {فبشرناه بغلام حليم} [سورة الصافات: 101] ، وبعضهم رءوفا رحيما بقوله: {بالمؤمنين رءوف رحيم} [سورة التوبة: 128] ، وبعضهم سميعا بصيرا (بقوله: {فجعلناه سميعا بصيرا} [سورة الإنسان: 2] ) (2) ، وبعضهم عزيزا بقوله: {قالت امرأة العزيز} [سورة يوسف: 51] ، وبعضهم ملكا بقوله: {وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا} [سورة الكهف: 79] ، وبعضهم مؤمنا بقوله: {أفمن كان مؤمنا} [سورة السجدة: 18] ، وبعضهم جبارا متكبرا بقوله: {كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار} [سورة غافر: 35] .


ومعلوم أنه لا يماثل الحي الحي، ولا العليم العليم، ولا العزيز العزيز، ولا الرءوف الرءوف، ولا الرحيم الرحيم، ولا الملك الملك، ولا الجبار الجبار، ولا المتكبر المتكبر.

وقال: {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} [سورة البقرة: 255] ، وقال: {أنزله بعلمه} [سورة النساء: 166] ، وقال: {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه} [سورة فاطر: 11] ، وقال: {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} [سورة الذاريات: 58] ، وقال: {أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} [سورة فصلت: 15] .

وفي الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال: «كان رسول الله - صلى الله

(1) أ، ب: (وبشرناه بغلام عليم) ، ولعله سهو من الناسخ.
(2) ما بين القوسين ساقط من (أ) وأثبته من (ب) .
********************************

عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول:
" إذا هم أحدكم بالأمر فيركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - يسميه - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به» (1) .


وفي حديث عمار بن ياسر الذي رواه النسائي وغيره، عن عمار بن ياسر أن (2) النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بهذا الدعاء: " «اللهم بعلمك الغيب، وبقدرتك على الخلق، أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، وأسألك القصد في

(1) الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في: البخاري 2/56 (كتاب التهجد، باب ما جاء في التطوع) ، 8/81 (كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الاستخارة) ، 9/118 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: قل هو القادر) ; سنن أبي داود 2/120 (كتاب الوتر، باب في الاستخارة) ; سنن الترمذي 2/298 - 299 (كتاب الوتر، باب ما جاء في صلاة الاستخارة) ; سنن النسائي 6/66 (كتاب النكاح، باب كيف الاستخارة) ; سنن ابن ماجه 1/440 (كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الاستخارة) ; المسند (ط. الحلبي) 3/344. وليس الحديث في مسلم، وانظر: مفتاح كنوز السنة (الاستخارة) .
(2) أ: عن.
*****************************

الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين» " (1) .


فقد سمى الله ورسوله صفات الله تعالى علما وقدرة وقوة، وقد قال الله تعالى (2) : {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة} [سورة الروم: 54] ، وقال: {وإنه لذو علم لما علمناه} [سورة يوسف: 68] ، ومعلوم أنه ليس العلم كالعلم، ولا القوة كالقوة، ونظائر هذا كثيرة.

وهذا لازم لجميع العقلاء، فإن من نفى بعض ما وصف الله به نفسه كالرضا والغضب والمحبة والبغض ونحو ذلك، وزعم أن ذلك يستلزم التشبيه والتجسيم.

قيل له: فأنت تثبت له الإرادة والكلام والسمع والبصر، مع أن ما تثبته ليس مثل صفات المخلوقين، فقل فيما أثبته مثل قولك فيما نفيته وأثبته الله ورسوله إذ لا فرق بينهما.

فإن قال: أنا لا أثبت شيئا من الصفات.

قيل له: فأنت تثبت له الأسماء الحسنى مثل: حي وعليم وقدير،

(1) الحديث عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - مع اختلاف في الألفاظ في: سنن النسائي 3/46 - 47 (كتاب السهو، باب الدعاء بعد الذكر، نوع منه) ; المسند (ط. الحلبي) 4/264 ; المستدرك للحاكم 1/524 - 525 (كتاب الدعاء، باب دعاء عمار بن ياسر. . .) وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح ولم يخرجاه "، وقال الذهبي في " تلخيص المستدرك ": " صحيح ".
(2) ب: وقد قال تعالى.
********************************
والعبد يسمى بهذه الأسماء، وليس ما تثبت للرب من هذه الأسماء مماثلا لما تثبت للعبد، فقل في صفاته نظير قولك ذلك في مسمى أسمائه.

فإن قال: وأنا لا أثبت له الأسماء الحسنى، بل أقول هي مجاز، أو هي أسماء لبعض مبتدعاته، كقول غلاة الباطنية والمتفلسفة.
قيل له: فلا بد أن تعتقد أنه حق قائم بنفسه، والجسم موجود قائم بنفسه وليس هو مماثلا له.
فإن قال: أنا لا أثبت شيئا، بل أنكر وجود الواجب.
قيل له: معلوم بصريح العقل أن الموجود إما واجب بنفسه، وإما غير واجب بنفسه، وإما قديم أزلي، وإما حادث كائن بعد أن لم يكن، وإما مخلوق مفتقر إلى خالق، وإما غير مخلوق ولا مفتقر إلى خالق، وإما فقير إلى ما سواه، وإما غني عما سواه.
وغير الواجب بنفسه لا يكون إلا بالواجب بنفسه، والحادث لا يكون إلا بقديم، والمخلوق لا يكون إلا بخالق، والفقير لا يكون إلا بغني عنه، فقد لزم على تقدير النقيضين وجود موجود واجب بنفسه قديم أزلي خالق غني عما سواه، وما سواه بخلاف ذلك.
وقد علم بالحس والضرورة وجود موجود حادث كائن بعد أن لم يكن، والحادث لا يكون واجبا بنفسه، ولا قديما أزليا، ولا خالقا لما سواه، ولا غنيا عما سواه، فثبت بالضرورة وجود موجودين: أحدهما غني والآخر فقير، وأحدهما خالق والآخر مخلوق، وهما متفقان في كون كل منهما شيئا موجودا ثابتا، بل وإذا كان المحدث جسما فكل منهما قائم بنفسه.
*****************************



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.89 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.13%)]