عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 20-02-2022, 05:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,613
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدارس الشعرية العربية في القرن العشرين

كعذارى أخفين في الماء بضاً

سابحات به وأبدين بضا





لم تعجب سيد قطب رحمه الله هذه الصورة في البيتين: (قف بتلك القصور. والبيت الذي يليه إذ يقول فيهما:

صورة القصور الغرقى، وقد أمسك بعضها بعضاً من الخوف والرعب، كيف تشبه العذارى السابحات وقد غمر بعضهن وظهر باقي جسمهن فوق الماء، صورة متناقضة، كيف تشبه صورة الآثار الغارقة الخائفة بصورة العذارى الجميلات الضحوك وهن يعبثن بالماء؟.



هذا معنى كلام سيد قطب.

الصورة من التشبيه التمثيلي، تشبيه صورة بصورة صورة الآثار وقد غرق بعضها وظهر بعض آخر، تشبه صورة الفتيات العذارى وقد غمر بعض جسمهن وظهر بعض آخر.



إن وجه الشبه هو في المحسوس لا في المتخيل من معاني الإحساس، وجه الشبه في المحسوس لا في المجرد من الإحساس بالذعر في الآثار والبسط والانشراح لدى العذارى.



شوقي أعطى الجماد صورة الذعر، وأعطاها صفة الإرادة وأعطى العذارى ولم يعط شيئاً من ذلك للعذارى.



نحن بصدد مشهد تمثيلي تشبيه صورة بصورة بغض النظر عن الإحساس هذا كل ما في الأمر فليس ما يدعو إلى نقد يثير عاصفة أو زوبعة، وذلك هو شأن مدرسة العقاد، فالعقاد عنيف في نقده لشوقي بلا سبب موجب غير الحسد، وقد رصد أنيس منصور تلميذ العقاد الكثير من هذا الصلف الذي عرف به العقاد، والتعالي والتجني على شوقي.



يقول أنيس في كتابه (كانت لنا أيام في صالون العقاد):

(...ولم يكن مألوفاً أن يذكر أحد اسم شوقي أمير الشعراء، فالأستاذ -العقاد- لا يطيقه، ويسخر منه، ثم تشجع واحد فأنشد أبياتاً من قصيدة نظمها شوقي عن الطلبة الذين ينتحرون بسبب صعوبة الامتحانات، وقف جاري، ولكن الأستاذ طاب إليه أن يجلس، وإذا شاء أن يقف فليضع شوقي وقصيدته تحت قدميه).



ويقول لمن طلب العلم بعد الخمسين: الآن أصبحت حماراً.



ولوثة الاستخفاف بالآخرين قد سرت إلى أنيس منصور نفسه حيث يقول).. ولكنني تأثرت كثيراً بالشاعر حافظ إبراهيم.. إن شاعرنا الغلبان حافظ إبراهيم) [2].



لقد روع شوقي من هذا النقد وكان يخاف من النقد، ولا يدافع عن نفسه.



3- مدرسة أبوللو


أسسها أحمد زكي أبو شادي (1892 - 1955) في مصر 1932، وقد ضمت هذه الجماعة عدداً كبيراً من الشعراء الرومنسيين العرب البارزين من أمثال أبي القاسم الشابي وعلي محمود طه وإبراهيم ناجي..



أبولو، أو أبولون رمز وثني لليونان، فكيف يستمد الشاعر المسلم نبراسه منه؟ هذا بعض إيحاء هذا العنوان كان يمكن لأبي شادي أن يسمي مدرسته (عبقر) مثلاً، وهذه المدرسة الرومنسية سلبية وتشاؤمية وضعف في المجابهة، ومرض نفسي.. وهل تصلح مثل هذه المدرسة لأمة في حربها مع أعدائها؟ نكون أو لا نكون.



4- الشعر الحر


يقول الدكتور غالب الشاويش نقلاً عن ابن رشيق:[3]

(فالوزن أعظم أركان حد الشعر، وأولاها به خصوصية. ثم يقول: وأما ما يعرف اليوم بالشعر الحر، أو شعر التفعيلة، فإنما هو ظاهرة غير صحية في الأدب العربي، فلا يعد شعراً عربياً؛ لأنه فاقد لعنصرين اثنين هما: الوزن والقافية، فهو لا يمثل نمواً ولا تطوراً، بل إنه يمثل معول هدم للغة العربية الفصحى، وخسارة فادحة للجمال الفني للشعر الذي يصقل الموهبة، وينمي الذوق الأدبي).



سقوط نظرية (إلغاء التناظر)[4].



تقول نازك الملائكة في كتابها (قضايا الشعر المعاصر) تحت عنوان: (الهرب من التناظر):

(في طفولتنا كانت البيوت التي يعيش فيها الناس ببغداد، بيوتاً شرقية في بنائها، تتوسطها ساحة واسعة، قد تكون فيها حديقة صغيرة يطلقون عليها اسماً فارسياً هو (البقجة) فكان البناء يحيط بهذه الساحة من جهاتها الأربع، وإذ أنظر إلى الوراء، ألاحظ أن نظام الشطرين الخليلي في الشعر كان متناسباً مع هذا الطراز في البناء؛ لأن الشطرين تتوسطهما فسحة، أو سكتة في وسط البيت.



وفيما بعد، عندما راحت بغداد القرن العشرين تتسع إلى الضواحي، بدأ الناس يبنون بيوتهم على الطراز الغربي المعدل، فلا يستبقون ساحة وسط البيت، وإنما يجعلون الفسحة أمام البيت ووراءه - حدائق - ولكن تأثير نظام الشطرين الشعري بقي نافذ المفعول في طراز البناء، لأن المهندس كان حريصاً دائماً على تشييد بيت له جانبان متناظران تمام التناظر، فالجانب الأيمن يشبه الجانب الأيسر كل الشبه بحيث لو مددنا خطاً وسط البيت لكانت الجهتان متطابقتين.



وقد استمر هذا النسق المتناظر مسيطراً على مباني مدينة بغداد إلى حوالي سنة 1955 م. وفي سنة 1949 م ظهرت مجموعتي (شظايا ورماد) وفيها الدعوة الأولى إلى الشعر الحر.



وإذ أنظر الآن إلى الماضي أحس أنني إنما ثرت على طريقة الشطرين الخليلية نفوراً من المنزل المتناظر، والحق أنني كنت أشعر ضيقاً شديداً بنظام البيوت في بغداد، وكنت كلما رأيت مسكناً متناظراً شعرت بنفسي تضيق وتظلم، ولم يخطر على بالي أنني دعوت تلك الدعوة الحارة إلى إقامة الشعر على أشطر غير متساوية تفعيلاتها غير متناسقة في العدد لأنني أدعو أيضاً إلى تغيير نظام المباني، وأنني أنفر من التناظر وأتعطش إلى هدمه والثورة عليه.



وعندما استجاب كثير من شعراء العصر إلى دعوة الشعر الحر، بدأ طراز المباني يتغير، وماذا نجد اليوم؟ لقد أصبح المهندس حين يبني بيتاً أو عمارة، يتعمد ألا يجعلها متناظرة، فما يكاد يلاحظ أقل ميل إلى هذا التناظر حتى يُنزل بالنزل فوضى من نوع ما، تخلخله ولو على شكل رسوم وخطوط وألوان لا نموذج فيها ولا مقياس لها، وإنما هي نثر بلا تخطيط)[5].



إنني لم أدرك لغز نظرية الشعر الحر، حتى عثرت بهذا الكتاب لنازك، حينئذ تسلمت مفتاح اللغز.. وحُل الطلسم.



لقد قدمنا رأي نازك في نطفة الشعور التي تلقحت مع الفوضى التي أشارت إليها الكاتبة. فإذا حللنا هذا الجنين، نكون قد ناقشنا جوهر الشعر الحر.



ولذلك أقول: نحن والتناظر، ما رأينا فيه؟ هل التناظر قبح والفوضى جمال؟ أم العكس؟ نبدأ من الإنسان، ننظر إلى بنيته التي خلقه الله سبحانه وتعالى عليها بهذا الشكل، ونحاول أن نتخيل معاً أننا مررنا خطاً وهمياً من رأسه نزولاً، فماذا نجد؟ نجد أننا حصلنا على شطرين متساويين متناظرين منطبقين على بعضهما تمام الانطباق؛ اليد اليمنى تقابل اليد اليسرى، العين اليمنى تقابل العين اليسرى، نسأل الكاتبة: هل في هذا التناظر قبح كما تزعمين؟ أنت تنفرين من مبدأ التناظر في البيوت وفي الشعر وفي الحياة.



ونحن نرى أن التناظر سمة الخلق، الإنسان متناظر



يقول الله تعالى مقسماً ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [6] لنتأمل مخلوقات الله تعالى في الحياة؛ الخيل، الجمال، الطيور، الأسماك نجد أن أشكال هذه المخلوقات قائم على التناظر، وقد نفرت الكاتبة من التناظر والله تعالى يقول ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ [7] جمال الخلق وجمال الانسجام وجمال الإحساس وجملة القول في التناظر جمال.



الكاتبة نفرت من التناظر وهي في تكوينها متناظرة، أفتنفر نازك من نفسها؟ أتكره نفسها؟ وهل تثور نازك على نفسها؟ هل تثور على طبيعتها وتدعو إلى هدمها؟.



إن الشكل التناظري لهو دليل على سر جمال الله في خلقه، وإن الشكل التناظري في البيت الشعري لهو دليل على فطرة هذا الفن الذي خص الله تعالى به العرب، و على سلامة هذه الفطرة.



محاولة نازك في إلغاء التناظر إنما هي خلل على نحو ما، شذوذ فني، ذوقي إن عبارة نازك (أنفر من التناظر، وأتعطش إلى هدمه والثورة عليه) لها أكثر من دلالة، ربما كان لها دلالة نفسية يختص بها علم النفس الفرويدي الذي يرد كل الرغبات إلى الليبيدو.


ونتيجة للتحليل النفسي فإن هذا العلم يطرح هذا التساؤل العريض: هل النفسية التي رشحت هذه النظرة في النفور من التناظر، نفسية سوية؟.




ودلالة اجتماعية، ربما تساءل رونيه أوبير: إلى أي مدى تتمتع هذه النفسية التي ترفض التناظر بل وتثور عليه، إلى أي مدى تتمتع بالانسجام والبعد عن الاضطراب؟



وربما خطر هذا السؤال على بال أحمد بن مسكويه ليضيفه إلى كتابه (تهذيب الأخلاق) ويجيب عنه، ليعرفنا على مدى صلاحية هذه النظرة للشعراء المراهقين والشاعرات.



الإنسان هو الشكل الأمثل للتناظر، ولنتصور إنساناً ليس متناظراً في خلقته، كأن تخرج له ذراع من ظهره مثلاً، وله عين واحدة، ولنتصور إنسان الشعر الحر على هيئة هذا الشعر، فماذا نجد؟ نجد سطراً يطول وآخر ينقص عنه، فنتصور إنساناً له يد طويلة وأخرى قصيرة، وعين كبيرة وأختها صغيرة أو نجد عيناً واحدة أو بلا عين، أو ثلاث أرجل أو أذرع الأخطبوط. وقد رأيت إنساناً حلق جانب لحيته وأطلق شاربه في تلك الجهة، وترك الجانب الآخر من لحيته وحلق شاربه في جهة اللحية المطلقة، ولما سألت عن سبب ذلك قيل لي: إنه مريض نفسياً، فقلت: إن هذا لا يحب التناظر.



لقد كان شعرنا الجاهلي مشطراً، فلما جاء الإسلام، كان هو الأولى بهدم هذا الصرح الشامخ، بيد أن الإسلام لم يهدمه وإنما عزز الشكل، وحمَّل المضمون رسالة الحياة.



شاعرتنا نفرت من التناظر في بيت الشعر فألغت هذا التناظر، كما نفرت من الإحساس في البيوت المتناظرة، لقد كان معنا طالب في أوكسفورد مهندس ويريد أن يحصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة وموضوع رسالته: (نظام بناء البيت المسلم). تريد نازك أن تكون ساحة الدار خارج الجدران لا داخلها، ألم تعرف نازك أن البيوت على الطريقة الإسلامية أحفظ للأخلاق؟ أم أن هذه النقطة ليست مهمة في نظر نازك؟ ولو عرفت نازك أفكار مالك بن نبي لأدركت أن البناء على الطريقة الغربية قد سماها: (القابلية للاستعمار) أفلا يهم نازك العنصر الوطني والوطنية؟



إن شاعرتنا نازك أعقل من أن تنظر بعقلية المرأة الساذجة إلى القضايا الأدبية الكبيرة)[8].



والكتاب مفعم بالغثاء على نحو هذا الشعر:

(أفقاصه الترن في الهياكل

الأروقة المعاول

الترن في الشوارع الغوافل

والأكهف المنازل

التود أن تحبس بي الحياة والتجددا)

وتقول نازك في الحاشية ص 328: قصيدة عنوانها:

اللحم والسنابل، لنذير العظمة.

شعر التفعيلة يغزو النادي الأدبي



في أمسية شعرية في مقر النادي الأدبي بالرياض في شارع الأحساء قبل أن ينتقل إلى مقره الحالي، كان فرسان هذه الأمسية يترنمون بالشعر الحر، وقد حفظت من هذه الأشعار هذا الشعر:

أمن أجل أرصدة أخرى...

ولم أستطع أن أحفظ أكثر، وهذا الشعر للدكتور نذير العظمة.



بعد انتهاء الإلقاء حان وقت المداخلات فطلبت مداخلة وخرجت إلى المنصة المرتفعة كالمسرح وجلست على الكرسي وأمامي طاولة وكان إلى جانبي الدكتور عبد الله الغذامي قلت: إن ما يسمى بالشعر الحر يخرج عن إطار الشعر العربي. قال الدكتور الغذامي: وكيف؟ قلت: الشعر، لا بد له من قافية، وهذا سهل الحفظ لقد حفظت المعلقات وكثيراً من القصائد الطوال والقصار وما استطعت أن أحفظ سطراً مما تسمونه الشعر الحر، هل يوحد الآن هنا من يحفظ قصيدة واحدة من الشعر الحر؟.



فقال الدكتور الغذامي موجهاً كلامه إلى الدكتور العظمة في الصف الأول من الكراسي:يا دكتور، بين لنا رأيك فيما يقوله الأستاذ أحمد.



قال الدكتور العظمة: إن شعرنا التراثي كان شفاهياً، فكان الشاعر مضطراً إلى الحفظ لعدم وجود أدوات الكتابة، بينما نحن اليوم نحفظ في الدسك آلاف الدواوين فلا حاجة للحفظ في الذاكرة.



قلت: لا يعني حفظنا لشعرنا الترداد الببغاوي، فهذا معنى ساذج، إنما يعني حفظنا لشعرنا هو أن نحفظ القيم في هذا الشعر وأن نتمثلها في الحياة قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عمه: علموا أولادكم لامية الشنفرى فإنها تعلم مكارم الأخلاق.



شعرنا يبني مواقف؛ في الجاهلي كان الملك النعمان قد غزا قوماً وأسر شأسأً، فجاء شقيقه عبدة الفحل فقال بين يدي النعمان:



طحا بك قلب في الحسان طروب

بعيد الشباب عصر حان مشيب



يذكرني ليلى وقد شط وليها

وعادت عواد بيننا وخطوب




إلى أن قال:



وفي كل حي قد خبطت بنعمة

فحُق لشأس من نداك ذَنوب






فنزل عن عرشه وصار يزحل إلى أن وصل إلى وسط المجلس وقال: وأنبة وأذنبة. وخيره بين الحباء وبين فك الأسير فاختار فك الأسير فأعطاه كليهما وجمبع الأسرى.

وكلكم تعرفون قصة الزبرقان لما وفد على الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه بنو تميم قال مفاخراً:



نحن الكرام فلا حي يفاخرنا

من الملوك وفينا تنصب البيع






فأجابه حسان رضي الله عنه:



إن الذوائب من فهر وإخوتهم

قد بينوا سنة للناس تُتبع



يرضى بها كل من كانت سريرته

تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا






فأسلم القوم وحسن إسلامهم وربطوا مصيرهم بمصير هذا الدين.



في العصر الأموي كاد معاوية ينهزم أمام علي في صفين

رضي الله عنهما، وتقول الرواية: إن معاوية وضع خفه في ركاب فرسه ثم تذكر قول عمرو بن الأطنابة:



أبت لي همتي وأبى إبائي

وأخذي الحمد بالثمن الربيح



وإمساكي على المكروه نفسي

وضربي هامة البطل المشيح



وقولي كلما جشأت وجاشت:

مكانك. تحمدي أو تستريحي



لأدفع عن مآثر صالحات

وأحمي بعدُ عن عرض صحيح

يتبع





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.73 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.94%)]