عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 20-02-2022, 04:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المدارس الشعرية العربية في القرن العشرين

فثبت، وكان من أمر التحكيم ما كان.



وفي العصر العباسي، كان الرشيد متردداً في أمر البرامكة ثم جاءت لحظة الحسم حينما غنت له جارية من وراء السجف بشعر عمر بن أبي ربيعة:



ليت هنداً أنجزتنا ما تعد

وشفت أنفسنا مما تجد



واستبدت مرة واحدة

إنما العاجز من لا يستبد






ومت كلمة العاااااجز، فتنبه الرشيد وضرب البرامكة. وانظر مقدمة ابن خلدون لتعرف المزيد عن هذا الخبر فهل الشعر الحر يبني موقفاً ما في الحياة؟. فتعجب النادي. ونزلت إلى مكاني.



(إن من الشعر لحكمة). فهل لدى الشعر الحر الحكمة؟ طبعاً لا. وطبعاً ليس كل قصيدة فيها حكمة، ولكن قصائد شعرنا قابلة للحكمة



ما أكثر من ترنم بهين البيتين لأبي تمام مما يتمثل به!:



نقل فؤادك حيث شئت من الهوى

ما الحب إلا للحبيب الأول



كم منزل في الأرض يألفه الفتى

وحنينه أبداً لأول منزل






كيف يصوغ الشعر الحر معنى هذين البيتين؟

وهل يبقى رونق الشعر في التفعيلة كالذي في الشعر العمودي؟



نأخذ هذين البيتين أيضاً:



ولرب نازلة يضيق بها الفتى

ذرعاً وعند الله منها المخرج



ضاقت فلما استحكمت حلقاتها

فرجت وكنت أظنها لا تفرج






إذا قيل: هذا من شعر العلماء، أقول: والله إن هذين البيتين ليرجحان عندي على دواوين من شعر التفعيلة في قامة شعرائها، وأنى للشعر المنتوف أن ينسج على منوال الحكمة؟.



قال النابغة الذبياني:



وأي امرئ لك لا تلمه

على شعث. أي الرجال المهذب؟






ولامية العجم للطغرائي كنز من الحكم كقوله فيها:



أعلل النفس بالآمال أرقبها

ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل!




وكقول الآخر:



ليس من يقطع طرقاً بطلاً

إنما من يتق الله البطل




وهذا البيت:



ورج الفتى للخير ما إن رأيته

على السن خيراً لا يزال يزيد






وفي قصيدتي في حواري مع البردوني والمتنبي قلت:



مأرب حافل وصنعاء عطشى؟

جاءك العيد، كيف تنوين صوما






والشطر الأول أصبح مثلاً يضرب للإنكار على كل متلازمين أو متجاورين وبينهما تفاوت، ينكر على الصديقين واحد منهما غني والآخر فقير، وقد قلت في مقال لي: إذا رأيت صديقين؛ أحدهما غني والآخر فقير فاعلم أن صداقتهما كاذبة، ويضرب هذا المثل للدول المتجاورة، وهذا هو معني الحديث الشريف: ما آمن بي من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم إن غزة جائعة، عطشى.....



وما أكثر الحكمة في شعرنا! وما أروعه!



ومما يتباهى به شعر التفعيلة الصورة الشعرية.



إن الصورة في هذا الشعر ليست على طريقة العرب في التصوير، الصورة في شعرنا تؤدي رسالة توصيل المشهد لتتكامل في لوحة فنية يكمل بعضها بعضاً كما في شعر المتنبي وغيره.



بينما الصورة في شعر التفعيلة مبعثرة متناثرة في كثير من الأحيان تضيع المعنى بدلاً من أن ترفده، وكثيراً ما تكون عبثية لا رصيد لها من الجمال وليس لها مقومات التشبيه الذي يمت إلى البلاغة بسبب من مشبه ومشبه به ليعطي المشبه قوة، لتحقق الصورة غايتها، بل كثيراً ما تقتل الصورة المعنى كهذا الشعر:

عيناك حلقتان

شهوة وقهوة...

وقد علق أحدهم على هذا الشعر فقال: عيناك بقالية.

وما أكثر صور التقزز في هذا الشعر كقوله:

يا عرق الأفخاذ

نتمشى على الكورنيش

ونأكل البوظة

وننام في الباذنجان.

هذا، وقد كنت أعبث بالقلم، فسجلت خربشات جمعت فيها الشعر العمودي مع شعر التفعيلة ونشرتها في مقدمة ديواني (مع الشعراء) وعنونتنها بهذا العنوان (أنا والشعر). وهي:

أنا والشعر[9]

شفق...دمع تهادى، ولهب

وينابيع ابتسام....وطرب

ومروج من أغاريد الصبا.

عذبة الألحان في ثغر الربا.

وحنيني،مثل أوطاني اشتعل

يا بقايا الطيف تذروك المقل

في فؤادي....

ورؤى شعري بلادي.

شفني وجدي فأضحى ليَ حادي.

أيقظ الإحساس بالإحساس

كل الجبهاتِ.

رقصت نشوى على أعتاب سحر الومضات

عالمي الأكبر يغدو

فوق مرآى اللمحات

بين ماض في علاه، بين مرئيٍّ وآتي.

في صراع سرمدي

يضرم الشوق لهيباً.

في كياني.

ليت دولاب الزمان

ليت شلال الغواني

ليت أطياف الأماني

ليت أيام التهاني

ليت دقات الثواني

ليت أنغام الحنان

يا جماني

في أمان.

عزف الشعر يغني عند كوخ فيه أمواج التمني.

والنواعير تغني

والعصافير تغني



والقوافي ستغني:

- كأسها من فيض دنِّي -

- عزفها إنس لجن؟ -

- عبقرَ الفنَّ ملاكٌ لؤلئيٌّ.. قد غدا نوراً لعيني.

وبدا حصناً لحصني

وهفا أمناً لأمني.

القوافي ستغني:

يا شعوري... أنت لحني...

قد صحا النور بفني..

فارفع الأغلال عني.

وإذا لم ترفع الأغلال عني.

حين قال الشعب: إني...

لست يا لحنيَ مني.

بَرْعَمَ المكنون من آلام نفسي

لهب النيران...

من نيران قدسي

جمرة الآهات في أنسي.

دموع بعد عرس.

وعلى ساحل نفسي

يتهادى مارد الآلام موجاً بعد موج.

كجيوش من دجى الأهوس.

فوجاً بعد فوج.

يتحداها الشهيدْ.

ومع الفجر الجديد

شمت أنواراً لـ(دعد).

شمت أطيافاً لـ(هند).

شمت أسيافاً بغمد.

سلَّها العملاق من آهات آمالي بخلدي.

وعلى شطآن رعدي.

ضمنا حب ووجد بعد وجد

لحنه البلسم في جفن هَتَنْ

من ذمار الشجو في هام اليمن

ومن الزيتون والليمون....

بسام الفنن.

وحزين البرتقالات حكايات الزمن..

قبة الصخرة مرآها سكنْ.

في فؤادي

أضياء الحق مادت؟

تكتوي جمر المحن؟

أنت مازلت عروساً

تاجها...

إسوارها...

شمسا (عدن)

جرحك النازف يا (أقصى)

وقد عز الثمن.

لهب الجرح فلسطين، ألا ينفي الوسن؟.

لملمي جرحك يا قدس الشجن.

طيفك الملح على ظهر الوطن.

نجم (داود) تغذيه الإحن.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.60 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.22%)]