عرض مشاركة واحدة
  #116  
قديم 22-02-2022, 10:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (نزل جبريل فأخبرني بوقت الصلاة)

قوله: [حدثنا محمد بن سلمة المرادي ].
هو محمد بن سلمة المرادي المصري ، ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجه .
[ عن ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أسامة بن زيد الليثي ].
أسامة بن زيد الليثي صدوق يهم، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة بن الزبير ].
هو عروة بن الزبير بن العوام ، ثقة، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن بشير بن أبي مسعود ].
بشير بن أبي مسعود له رؤية، وقيل: إنه من ثقات التابعين. أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن أبيه ].
أبوه هو أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري الأنصاري رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حديث (نزل جبريل فأخبرني بوقت الصلاة ...) من طرق أخرى وتراجم رجال الإسناد

قوله: [ قال أبو داود : روى هذا الحديث عن الزهري معمر و مالك و ابن عيينة و شعيب بن أبي حمزة و الليث بن سعد وغيرهم، لم يذكروا الوقت الذي صلى فيه ولم يفسروه ]. أي: روى هذا الحديث عدد من أصحاب الزهري ، وهم: معمر و الليث ، و مالك ، و ابن عيينة ، و شعيب بن أبي حمزة لم يذكروا الوقت ولم يفسروه، أي: لم يبينوا أنه من كذا إلى كذا، وإنما ذكروه مجملاً، لا كما مر في أول الحديث في قوله: [ (صليت معه ثم صليت معه ...) ].
قوله: [روى هذا الحديث عن الزهري معمر ]. معمر هو معمر بن راشد الأزدي البصري ، ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ و ابن عيينة ].
هو سفيان بن عيينة المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و شعيب بن أبي حمزة ]. هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ و الليث بن سعد ].
هو الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. قوله: [ وكذلك -أيضاً- روى هشام بن عروة و حبيب بن أبي مرزوق عن عروة نحو رواية معمر وأصحابه، إلا أن حبيباً لم يذكر بشيراً ]. أي أن هشام بن عروة رواه عن أبيه نحو رواية معمر ، وكذلك حبيب بن أبي مرزوق رواه عن عروة نحو رواية معمر وأصحابه، يعني الذين ذكرهم بعده كما مر ذكرهم، إلا أن حبيباً لم يذكر بشير بن أبي مسعود ، بل رواه عن عروة عن أبي مسعود. [ وكذلك -أيضاً- روى هشام بن عروة ]. هشام بن عروة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. قوله: [و حبيب بن أبي مرزوق ]. حبيب بن أبي مرزوق ثقة، أخرج حديثه الترمذي و النسائي ، وما ذكر رواية أبي داود عنه، ولعل الرواية التي تذكر في التعليقات لا يرمز لرواتها، وإنما يرمز للذين رووا في الأصول.
ذكر روايات متعلقة بمواقيت الصلاة وتراجم رجالها

قوله: [وروى وهب بن كيسان عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المغرب، قال: (ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس -يعني من الغد- وقتاً واحداً)]. رواية وهب بن كيسان عن جابر هي فيما يتعلق بالمغرب، حيث جاءه في اليوم الثاني وصلى به المغرب وقتاً واحداً كما صلى في اليوم والأول. إذاً: رواية جابر رضي الله عنه فيها أن وقت المغرب وقت واحد في اليومين الأول والثاني، وقد عرفنا أنه جاء في الأحاديث ما يدل على أن المغرب ليس وقته واحداً، بل وقته ممتد ما لم يحضر وقت العشاء حين مغيب الشفق. قوله: [ وهب بن كيسان ]. وهب بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: [ قال أبو داود : وكذلك روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثم صلى بي المغرب -يعني من الغد- وقتاً واحداً) ]. هذا الذي جاء عن أبي هريرة هو -كذلك- فيما يتعلق بصلاة المغرب، وأن اليومين اللذين صلى فيهما جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم المغرب كان وقتهما واحداً.
قوله: [ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
قوله: [ وكذلك روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص من حديث حسان بن عطية عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. أي: وكذلك روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص مثل الذي جاء عن جابر وعن أبي هريرة ، وهو أن وقت المغرب كان واحداً، وقال: إنه من رواية حسان بن عطية عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قوله: [ من حديث حسان بن عطية ]. حسان بن عطية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن شعيب ].
هو عمرو بن شعيب صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، صدوق أيضاً، أخرج له البخاري في جزء القراءة والأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن جده ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وعلى هذا فهؤلاء الثلاثة الذين هم جابر و أبو هريرة و عبد الله بن عمرو بن العاص جاء عنهم ما يدل على أن وقت المغرب واحد. وقد سبق أن مر في حديث ابن عباس أيضاً أنه قال: (وقتاً واحداً)، وقد جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص -وسيأتي-: (أن وقت المغرب ما لم يحضر وقت العشاء -أو ما لم يغب الشفق-).
شرح حديث: (الوقت فيما بين هذين)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود حدثنا بدر بن عثمان حدثنا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى رضي الله عنه: (أن سائلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليه شيئاً، حتى أمر بلالاً رضي الله عنه فأقام الفجر حين انشق الفجر، فصلى حين كان الرجل لا يعرف وجه صاحبه، أو أن الرجل لا يعرف من إلى جنبه، ثم أمر بلالاً فأقام الظهر حين زالت الشمس، حتى قال القائل: انتصف النهار. وهو أعلم، ثم أمر بلالاً فأقام العصر والشمس بيضاء مرتفعة، وأمر بلالاً فأقام المغرب حين غابت الشمس، وأمر بلالاً فأقام العشاء حين غاب الشفق، فلما كان من الغد صلى الفجر وانصرف، فقلنا:
أطلعت الشمس؟ فأقام الظهر في وقت العصر الذي كان قبله، وصلى العصر وقد اصفرت الشمس -أو قال: أمسى-، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء إلى ثلث الليل، ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ الوقت فيما بين هذين)]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن سائلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوقت فلم يجبه بالقول والتفصيل، ولكنه أراد أن يوقفه بالفعل على أوقات الصلاة، فهو تعليم بالفعل، وبعد ذلك قال له:
[ (الوقت بين هذين الوقتين) ] بعد أن صلى معه يومين وشاهد وعاين وعرف الوقت الذي يصلى فيه، فكان بيانه صلى الله عليه وسلم له بالفعل، بحيث يشاهد ويعاين صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوقت في أوله وفي آخره، ثم بعد ذلك قال له: [ (الصلاة بين هذين الوقتين) ].

وقت الصلوات في اليوم الأول
قوله: [ (أمر بلالاً فأقام الفجر حين انشق الفجر) ]. يعني: في اليوم الأول حين طلع الفجر وبدأ أول الوقت أمره بأن يقيم الصلاة فأقام وصلى. قوله: [ (وصلى حين كان الرجل لا يعرف وجه صاحبه، أو أن الرجل لا يعرف من إلى جنبه) ]. يعني أنه من الظلام كان الرجل لا يعرف وجه صاحبه، حيث صلى مبكراً في أول الوقت.
قوله: [ (ثم أمر بلالاً فأقام الظهر حين زالت الشمس، حتى قال القائل: انتصف النهار) ]. يعني أنه صلى في أول الوقت، وليس معناه الشك أو التردد في كون النهار قد انتصف، ولكن هذا إشارة إلى أنه صلى في أول الوقت. قوله: [ (وهو أعلم) ] المقصود بذلك أنه يعلم أنه قد انتصف النهار، وليس هناك تردد في أنه انتصف أو لم ينتصف؛ لأنه لا يجوز أن تصلى الصلاة في وقت مشكوك فيه، بل الواجب أن يؤتى بالصلاة بعد تحقق دخول الوقت وليس في الشك، وإنما هذا فيه إشارة إلى المبادرة إلى الصلاة في أول الوقت، مثل ما جاء في قضية صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في مزدلفة، حيث قيل في حديثها (هل طلع الفجر -أو أطلع الفجر-) وكذلك قول عائشة :
(كان يصلي ركعتي الفجر حتى أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن؟) وهذه إشارة إلى تقليلها، وليس معنى ذلك الشك في أنه أكمل الفاتحة أو لم يكملها، فهذه العبارات يراد بها الإشارة إلى التقليل. قوله: [ (ثم أمر بلالاً فأقام العصر والشمس بيضاء مرتفعة، وأمر بلالاً فأقام المغرب حين غابت الشمس) ]. يعني أنه صلاهما في أول الوقت. قوله: [ (وأمر بلالاً فأقام العشاء حين غاب الشفق) ]. يعني: حين ذهب ذهبت الحمرة التي بعد غروب الشمس وجاء الظلام الشديد.
وقت الصلوات في اليوم الثاني
قوله: [ (فلما كان من الغد صلى الفجر وانصرف فقلنا: أطلعت الشمس؟) ]. يعني: كادت أن تطلع بعد فراغه من الصلاة، وهذا في آخر الوقت. قوله: [ (فأقام الظهر في وقت العصر الذي كان قبله) ]. يعني أول الوقت، وليس المقصود منه تداخل الوقتين، وإنما المقصود منه أنه بعد انتهاء وقت الظهر دخل وقت العصر؛ لأن الوقتين لا فاصل بينهما، وليس هناك تداخل في الوقت بحيث يكون آخر الظهر وقتاً لصلاة الظهر ولصلاة العصر معاً، بل حين ينتهي وقت صلاة الظهر يدخل مباشرة وقت صلاة العصر بدون فاصل من الوقت بينهما. ومعناه أنه أخر الظهر إلى آخر وقت الظهر الذي يليه مباشرة أول وقت العصر. قوله: [ (وصلى العصر وقد اصفرت الشمس) ]. يعني: في آخر وقتها الذي هو الوقت الاختياري.
قوله: [ (أو قال: أمسى) ]. يعني أنه جاء المساء. قوله: [ (وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق) ]. يعني: قرب صلاة العشاء؛ لأن وقت العشاء عند مغيب الشفق، وهذا فيه أن المغرب لها وقت طويل. قوله: [ (وصلى العشاء إلى ثلث الليل) ]. يعني: صلى العشاء إلى ثلث الليل، وجاء في بعض الروايات الصحيحة الثابتة أنه إلى نصف الليل، فيكون الوقت الاختياري منتهياً بنصف الليل، ونصف الليل يتحدد بغروب الشمس وطلوع الفجر، ويطول الليل ويقصر، والحد الذي يمكن أن يعرف به مقدار الليل ومقدار نصفه بمقدار المدة التي بين غروب الشمس وطلوع الفجر، فنصفها نصف الليل، سواءٌ أطال الليل أم قصر،
ولا تؤخر عن نصف الليل إلا إذا كان الإنسان مضطراً إلى ذلك بسبب نوم أو نسيان أو غفلة، وإلا فلا يجوز للإنسان أن يتعمد تأخيرها عن نصف الليل الذي هو آخر الوقت الاختياري. قوله: [ (ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ الوقت فيما بين هذين) ]. أي: لما سأل ذلك السائل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجبه بتفصيل وبيان لفظي أراد أن يوقفه على ذلك بالفعل، وصلى معه يومين، ففي اليوم الأول صلى في أول الوقت، وفي اليوم الثاني صلى في آخر الوقت، ثم قال له: (الوقت فيما بين هذين الوقتين).

تراجم رجال إسناد حديث: (الوقت فيما بين هذين)
قوله: [ حدثنا مسدد ].
هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي .
[ حدثنا عبد الله بن داود ].
هو عبد الله بن داود الخريبي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا بدر بن عثمان ].
بدر بن عثمان ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجه في التفسير.
[ حدثنا أبو بكر بن أبي موسى ].
أبو بكر بن أبي موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي موسى ].
هو أبو موسى الأشعري ، واسمه عبد الله بن قيس الأشعري ، صحابي مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
طريق أخرى عن جابر في المواقيت، وتراجم رجال إسنادها

[ قال أبو داود : روى سليمان بن موسى عن عطاء عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم في المغرب بنحو هذا، قال: (ثم صلى العشاء)، قال بعضهم: إلى ثلث الليل، وقال بعضهم: إلى شطره) ]. قوله: [ في المغرب بنحو هذا ]. يعني أنه صلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وهذا يدل على أن لها وقتاً طويلاً. قوله: [ (وقال بعضهم: إلى شطره) ]. يعني: نصف الليل. قوله: [ روى سليمان بن موسى ]. هو سليمان بن موسى الأشدق ، صدوق في حديثه بعض لين، أخرج حديثه مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ عن عطاء ]. هو عطاء بن أبي رباح ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
جابر قد مر ذكره. قوله: [ وكذلك روى ابن بريدة رضي الله عنه عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. يعني: روى ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما تقدم في وقت المغرب ووقت العشاء. وقوله: [ ابن بريدة ] لا أدري هل هو عبد الله أو سليمان ، و عبد الله و سليمان كل منهما ثقة، إلا أن عبد الله أخرج له أصحاب الكتب الستة، و سليمان أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو بريدة بن الحصيب الأسلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (وقت الظهر ما لم تحضر العصر...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وقت الظهر ما لم تحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت المغرب ما لم يسقط فور الشفق، ووقت العشاء إلى نصف الليل، ووقت صلاة الفجر ما لم تطلع الشمس) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وفيه بيان أواخر الأوقات، و بقوله صلى الله عليه وسلم: [ (وقت الظهر ما لم تحضر العصر) ]. يعني أن وقت الظهر متصل بوقت العصر، فإذا انتهى وقت الظهر دخل وقت العصر، فالوقتان متصلان وليسا متداخلين. قوله: [ (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس) ].
يعني أن الوقت الاختياري ما لم تصفر الشمس، أي: ما دامت بيضاء مرتفعة نقية قبل أن يحصل اصفرارها وتغير لونها، فهذا هو آخر الوقت الاختياري للعصر. قوله: [ (ووقت المغرب ما لم يسقط فور الشفق) ]. فور الشفق شدته، وهو الحمرة. قوله: [ (ووقت العشاء إلى نصف الليل) ]. هذا هو آخر الوقت الاختياري. قوله: [ (ووقت صلاة الفجر ما لم تطلع الشمس) ]. يعني: إلى طلوع الشمس. فهذا بيان أواخر الأوقات.
معنى أثر: (لا يستطاع العلم براحة الجسد)
هذا الحديث في مواقيت الصلاة رواه مسلم في صحيحه من عدة طرق من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، ثم بعد ذلك روى أثراً بإسناده عن يحيى بن يحيى التميمي عن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير اليمامي قال: سمعت أبي يقول: (لا يستطاع العلم براحة الجسم). فهذا الأثر جاء في كتاب الصلاة عند ذكر المواقيت، وبعد ذكر الطرق المتعددة لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما في بيان الأوقات. قال النووي في الشرح: ولعل مسلماً لما رأى هذه الطرق المتعددة لحديث عبد الله بن عمرو تذكر أن العناية بالعلم والاشتغال به وتحصيل الطرق الكثيرة إنما يحصل بالتعب والنصب والمشقة روى هذا الأثر عن يحيى بن أبي كثير حيث قال:
لا يستطاع العلم براحة الجسم. يعني: من أراد أن يحصل علماً فإنه لن يحصله بالإخلاد إلى الراحة وبالكسل والخمول، وإنما يحصله بالجد والاجتهاد ويحصله بالنصب والتعب، كما يقولون: ملء الراحة لا يدرك بالراحة. أي أن الشيء القليل لا يحصل بدون مقابل وبدون بذل جهد وبدون جد واجتهاد، فلا بد من النصب ومن التعب، ولا بد من المشقة، فمن أراد أن يحصل شيئاً فليبذل أشياءً، ومن أراد أن يحصل العلم فليبذل النفس والنفيس، ويشغل الوقت بالتحصيل ويجد ويجتهد، وبذلك يحصل العلم، ويقول الشاعر: لولا المشقة ساد الناس كلهو الجود يفقر والإقدام قتال فقوله: (لولا المشقة) يعني: لولاها لصار كل الناس سادة، وإذا كان السؤدد يحصل بدون تعب ومشقة فلن يبقى أحد غير سيد، بل كل يصير سيداً، لكن لما كان السؤدد لا يحصل إلا بالمشقة وليس كل واحد يصبر على المشقة تميز بذلك من هو سيد ومن ليس بسيد، وتميز بذلك من يكون سيداً ومن يكون مقدماً ومرجعاً يستفاد منه، وكل ذلك لا يحصل إلا بالتعب والنصب والمشقة: وقوله: (الجود يفقر) يعني أن الإنسان عندما يكون عنده المال يخشى الفقر فلا يبذل،
فليس كل واحد يصبر على هذا ويقدم على هذا؛ لأن من الناس من يكون عنده المال ولكنه يمسكه خشية الفقر. وقوله: (والإقدام قتال) أي أن الإقدام في الوغى فيه الموت، وليس كل واحد يعرض نفسه للموت. والحاصل أن هذا الأثر عن يحيى بن أبي كثير اليمامي رحمة الله عليه يدل على أن تحصيل العلم لا يحصل إلا بالتعب، ومن المعلوم أن من عرف بالعلم من المتقدمين الذين خلد الله ذكرهم ونفع الله بعلمهم وبمؤلفاتهم ما حصلوا ما حصلوا إلا بتعب ونصب ومشقة، وما خلفوا ما خلفوا من التراث والعلم إلا بتعب ونصب ومشقة، ويختلف التعب في ذلك الزمن والنصب والمشقة عن هذا الزمن؛ إذ ما كان عند الناس وسائل الراحة، وما كان عندهم تصوير الكتب، وليس عندهم المطابع، وإنما يعولون على الكتابة ويكتبون بأيديهم، ومع الكتابة مقابلة،
حتى يتحقق بأن الفرع مطابق للأصل، ومع ذلك كتبوا هذه الكتب العظيمة الواسعة الكثيرة التي لا نستطيع أن نقرأها مجرد قراءة، وهم قاموا بجمعها وترتيبها وتنظيمها وتدقيقها وتحقيقها، وأعمارهم مثل أعمارنا، فلم تكن عندهم أعمار طويلة بذلوها في ذلك، لكن ليس إلا التوفيق من الله عز وجل، والجد والاجتهاد وبذل الوسع والنفس والنفيس، بل إن منهم من ألف المؤلفات وخلف من العلم الواسع وعمره ليس بطويل، كما ذكروا عن أبي بكر الحازمي أنه توفي وعمره خمس وثلاثون سنة، وعنده المؤلفات العظيمة الكثيرة، منها: (كتاب الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار)، ومنها: (شروط الأئمة الخمسة)، وله كتب متعددة.
قال عنه الذهبي لما ذكره في كتابه: (من يعتمد قوله في الجرح والتعديل) مات وعمره خمس وثلاثون سنة، مات شاباً طرياً. ومثله في المعاصرين الشيخ حافظ الحكمي رحمة الله عليه، مات وعمره خمس وثلاثون سنة وعنده المؤلفات الواسعة نظماً ونثراً في الفقه وفي العقيدة وفي المصطلح وفي الحديث، وكذلك الإمام النووي له المؤلفات الواسعة، منها المجموع، وهو من أوسع كتب الفقه، أي: من الكتب التي جمعت فقه الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم، فكتابه (المجموع شرح المهذب)،
وكتاب المغني لابن قدامة من أوسع الكتب التي تعنى بالفقه وجمع كلام الفقهاء من صحابة وتابعين وغيرهم، والمجموع هو كتاب واسع، ولم يتمه، وله المؤلفات الكثيرة الواسعة، ومات وعمره خمس وأربعون سنة. وكذلك الإمام الشافعي مات وعمره أربع وخمسون سنة، وكذلك عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه معروف في فضله وفي علمه وفي عدله، ومات وعمره أربعون سنة. فالحاصل أن العلم يحصل بالجد والاجتهاد، والأمر كما قال يحيى بن أبي كثير اليمامي : لا يستطاع العلم براحة الجسم.
تراجم رجال إسناد حديث: (وقت الظهر ما لم تحضر العصر...)
قوله: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ ].
هو عبيد الله معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي .
[ حدثنا أبي ].
أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمع أبا أيوب ].
أبو أيوب هو يحيى بن مالك ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن عبد الله بن عمرو ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره، والله تعالى أعلم."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.89 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.06%)]