
22-02-2022, 10:12 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,668
الدولة :
|
|
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح أثر خيثمة في معنى (والشمس حية) وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى:[ حدثنا يوسف بن موسى حدثنا جرير عن منصور عن خيثمة قال: حياتها أن تجد حرها ]. أورد المصنف أثراً عن خيثمة بن عبد الرحمن ، وقد أورد أولاً أثراً عن الزهري بين فيه مسافة العوالي، ثم أورد أثراً عن خيثمة بين فيه معنى (والشمس حية)، حيث قال: [حياتها أن تجد حرها] يعني أن تكون الحرارة موجودة.
قوله: [ حدثنا يوسف بن موسى ].
يوسف بن موسى صدوق أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي في مسند علي و ابن ماجة .
[ حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خيثمة ].
هو خيثمة بن عبد الرحمن، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (أن رسول الله كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي قال: قرأت على مالك بن أنس عن ابن شهاب: قال عروة : (ولقد حدثتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة>(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر) أي: أنها لم ترتفع، وذلك أنه كان يصليها في أول وقتها، وكانت الحجرة صغيرة وجدرانها قصيرة، فكانت الشمس تدخلها ثم يصلي العصر والشمس لم ترتفع منها.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر)
قوله: [ حدثنا القعنبي ].
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ قال: قرأت على مالك بن أنس ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة.
[ عن ابن شهاب ].
ابن شهاب مر ذكره.
[ قال عروة ].
هو عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ ولقد حدثتني عائشة ].
هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: (قدمنا على رسول الله المدينة فكان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الرحمن العنبري حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير حدثنا محمد بن يزيد اليمامي حدثني يزيد بن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه عن جده علي بن شيبان قال: [(قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فكان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية)]. أورد أبو داود رحمه الله حديث علي بن شيبان رضي الله عنه الذي قال فيه: (قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فكان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية) يعني أنه عليه الصلاة والسلام كان يؤخر العصر ما لم تصفر الشمس؛ لأنه إذا جاءت الصفرة فإنه يبدأ الوقت الاضطراري، وكون الشمس بيضاء نقية هو الوقت الاختياري.
تراجم رجال إسناد حديث: (قدمنا على رسول الله المدينة فكان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية)
قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحمن العنبري ].
محمد بن عبد الرحمن العنبري ثقة، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير ].
إبراهيم بن أبي الوزير صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا محمد بن يزيد اليمامي ].
محمد بن يزيد اليمامي مجهول، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ حدثني يزيد بن عبد الرحمن بن علي بن شيبان ].
يزيد بن عبد الرحمن بن علي بن شيبان مجهول أيضاً، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ عن أبيه ].
أبوه هو عبد الرحمن بن علي بن شيبان، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و ابن ماجة .
[ عن جده علي بن شيبان ].
علي بن شيبان رضي الله عنه هو صحابي، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و ابن ماجة.
شرح حديث: (حبسونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة و يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق حبسونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: حبسونا) أي: المشركون من الأحزاب الذين تجمعوا لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. قوله: (حبسونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر) هذا فيه بيان أن الصلاة الوسطى هي العصر، وهي التي ورد الحديث فيها ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها العصر، وهناك أقوال بأنها الظهر وبأنها العصر وبأنها العشاء وبأنها مجموع الصلوات، ولكن أصحها هو الذي جاء في هذا الحديث أنها صلاة العصر. قوله: (ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً) هذا دعاء عليهم بأن يصيبهم العذاب في الدنيا وفي الآخرة.
تراجم رجال إسناد حديث: (حبسونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر...)
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. مر ذكره.
[ حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ].
يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ و يزيد بن هارون ]. هو يزيد بن هارون الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام بن حسان ].
هشام بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن سيرين ].
محمد بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيدة ].
هو عبيدة بن عمرو السلماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن علي ].
هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله وصلاة العصر قانتين...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس مولى عائشة رضي الله عنها أنه قال: (أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً، وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]. فلما بلغتها آذنتها، فأملت علي: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله وصلاة العصر قانتين. ثم قالت عائشة : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها الذي فيه: أنها أملت على مولاها: (فأملت علي: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله وصلاة العصر قانتين). وذلك أن عائشة أمرت مولاها أبا يونس أن يكتب لها مصحفاً، وأمرته إذا وصل إلى قوله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] بأن يخبرها، فلما وصل إلى الآية أعلمها فأملت عليه وأضافت [ (وصلاة العصر) ] وهذا فيه التنصيص على صلاة العصر والقيام لها، وقالت: إنها سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن هذه القراءة شاذة وليست متواترة، والذي أثبت في المصحف: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238].
تراجم رجال إسناد حديث: (حافظوا على الصلوات والصلاة والوسطى وقوموا لله وصلاة العصر قانتين...)
قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن القعقاع بن حكيم ].
القعقاع بن حكيم وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي يونس مولى عائشة ].
أبو يونس مولى عائشة ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ أمرتني عائشة ]. عائشة قد مر ذكرها.
شرح حديث: (كان رسول الله يصلي الظهر بالهاجرة...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثني محمد بن جعفر حدثنا شعبة حدثني عمرو بن أبي حكيم قال: سمعت الزبرقان يحدث عن عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، ولم يكن يصلي صلاة أشدَّ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها؛ فنزلت: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، وقال: إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه الذي فيه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، ولم يكن يصلي صلاة أشدّ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها). يعني أنه لم تكن صلاة أشد على أصحاب الله صلى الله عليه وآله وسلم منها؛ لأنها في وقت شدة الحرارة.
قوله: (فنزلت: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، وقال: قبلها صلاتين وبعدها صلاتين). هذا يفهم منه أن الصلاة الوسطى هي الظهر، لكن الذي ثبت النص فيها هي صلاة العصر، كما في الحديث الذي سبق أن مر، وهو قوله: (حبسونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر) وهذا ليس فيه تنصيص على أنها صلاة الظهر، بل هي صلاة العصر، ولكن السياق قد يفهم منه ذلك. قوله: (قبلها صلاتين وبعدها صلاتين) إذا كان المقصود بذلك الظهر فإن قبلها صلاة نهارية وهي الفجر؛ لأنها من النهار، والنهار يبدأ بطلوع الفجر، وصلاة ليلية، وهي العشاء، وبعدها صلاة نهارية، وهي العصر، وصلاة ليلية، وهي المغرب؛
لأنها في أول الليل بعد غروب الشمس، لكن الوسطى هي صلاة العصر. ولعل المقصود بكونها وسطى الإشارة إلى تعظيم شأنها وأنها فضلى، وأنها أفضل من غيرها وأعظم من غيرها، أو أنها الصلاة الوسطى بعد فرض الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بالليل، لأنه يكون قبلها صلاتان وبعدها صلاتان، قبلها الفجر والظهر وبعدها المغرب والعشاء، فهي الوسطى بالنسبة للصلوات بعد الفرض، ولكن عرفنا أن جبريل ما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم إلا في الظهر.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يصلي الظهر بالهاجرة...)
قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى ].
هو محمد بن المثنى العنزي الملقب بالزمن أبو موسى البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثني محمد بن جعفر ].
هو محمد بن جعفر الملقب غندر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
شعبة مر ذكره.
[ حدثني عمرو بن أبي حكيم ]
عمرو بن أبي حكيم ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي .
[ سمعت الزبرقان ].
هو الزبرقان بن عمرو وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة .
[ عن عروة بن الزبير ].
عروة بن الزبير مر ذكره.
[ عن زيد بن ثابت ].
زيد بن ثابت رضي الله عنه، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن الربيع حدثني ابن المبارك عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس عن أبي هريرة رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك، ومن أدرك من الفجر ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك) ]. هذا الحديث فيه بيان لآخر وقت العصر وآخر وقت الفجر، ووقت العصر هنا هو الوقت الاضطراري، فالإنسان إذا أدرك ركعةً قبل أن تغرب الشمس يكون قد أدرك وقت صلاة العصر، ويصلي بعدها ثلاثاً. قوله: (ومن أدرك ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك) يعني أنه أدرك صلاة الفجر مؤداة، ويضيف إليها أخرى.
تراجم رجال إسناد حديث: (من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك...)
قوله: [ حدثنا الحسن بن الربيع ].
الحسن بن الربيع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني ابن المبارك ]. هو عبد الله بن المبارك المروزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر ]. معمر مر ذكره.
[ عن ابن طاوس ]. هو عبد الله بن طاوس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ] هو طاوس بن كيسان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم،
وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ عن أبي هريرة ]. قد مر ذكره.
شرح حديث: (تلك صلاة المنافقين...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه قال: (دخلنا على أنس بن مالك بعد الظهر فقام يصلي العصر، فلما فرغ من صلاته ذكرنا تعجيل الصلاة -أو ذكرها- فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين؛ يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس فكانت بين قرني شيطان -أو على قرني الشيطان- قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً) ].
أورد المصنف حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان عنده جماعة بعد الظهر وقام لصلاة العصر في أول وقتها، فلما ذكروا التعجيل أشار إلى أن التعجيل هو الذي ينبغي؛ لأن فيه المبادرة إلى إبراء الذمة، وأما التأخير إلى أن يخرج الوقت الاختياري ويبدأ الوقت الاضطراري الذي هو عند اصفرار الشمس فقال عنه:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تلك صلاة المنافقين) يعني: الذين يفرطون ويقصرون ويخرجون الصلاة عن وقتها، فإذا اصفرت الشمس وكانت قريبة من الغروب قام الواحد منهم ونقر صلاة العصر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً. قوله: (يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس فكانت بين قرني شيطان). فسر هذا بأن الشيطان يكون عند غروبها مقارناً لها؛ ليكون سجود من يسجد لها له، ومن المعلوم أن من يعبد غير الله إنما يعبد الشيطان، وعبادته عبادة لغير الله عز وجل، والذين يعبدون الشمس هم يعبدون غير الله، ولكنه يريد من الذين يسجدون للشمس أن يكون سجودهم له، ولهذا جاء النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند قيامها في الظهيرة وعند غروبها، وذلك لأنها تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان، ففسر ذلك بهذا، وفسر بغير هذا أيضاً.
تراجم رجال إسناد حديث: (تلك صلاة المنافقين...)
قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن ].
العلاء بن عبد الرحمن الحرقي وهو صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري في جزء القراءة، و مسلم وأصحاب السنن.
[ دخلنا على أنس بن مالك ]. قد مر ذكره، والحديث رباعي.
شرح حديث: (الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر الذي فيه: (الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)، يعني: سلبهم وأخذوا منه وبقي وحيداً فرداً ليس له أهل ولا مال، ومعنى هذا أنه كما أن المرء يحذر من أن يفقد أهله وماله، ويهمه ذلك كثيراً، فعليه أن يحذر من أن يتهاون بصلاة العصر حتى تفوته.
والمقصود هو إما أن تفوته بخروج وقتها الاختياري، وإما أن تفوته بخروج وقتها الاضطراري. ويمكن أن يكون المقصود أنه تفوته صلاة الجماعة.
تراجم رجال إسناد حديث: (الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)
قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك ].
عبد الله بن مسلمة ومالك مر ذكرهما.
[ عن نافع ] هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ] هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة من الصحابة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
اختلاف الرواة في لفظة (وتر) وتراجم رجال الإسناد
[ قال أبو داود : وقال عبيد الله بن عمر أوتر) واختلف على أيوب فيه، وقال الزهري : عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وتر) ] قوله: (أوتر) هو بدل (وتر)، وجاء بحذف الواو (أتر)، وهي مثل: (أقت) و(وقت)، و(أرخ) و(ورخ)، و(أكد) و(وكد)، فالهمزة تأتي بدل الواو. قوله: [ عبيد الله بن عمر ].
هو عبيد الله بن عمر العمري المصغر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. قوله: [ واختلف على أيوب فيه ]. أي: أيوب السختياني اختلف عليه فيه، فروي عنه (أوتر) وروي عنه (وتر) بالهمزة وبالواو، فجاء عنه هذا وجاء عنه هذا. قوله: [ وقال الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وتر) ]. قوله: [ (وتر) ] بالواو، والمقصود من هذا ترجيح رواية (وتر) على (أتر)؛ لأن الرواة لها أكثر. وقوله: [ عن سالم ]. هو سالم بن عبد الله بن عمر، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح أثر الأوزاعي في تفسير فوات صلاة العصر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمود بن خالد حدثنا الوليد قال: قال أبو عمرو -يعني الأوزاعي -: وذلك أن ترى ما على الأرض من الشمس صفراء ]. أورد أبو داود هذا الأثر عن الأوزاعي في تفسير الفوات؛ لأن قوله: [ وذلك ] أي: فوات العصر. قوله: [ بأن ترى ما على الأرض من الشمس صفراء ]. يعني أنه يصفر ما تقع عليه الشمس من الأرض، والمقصود من ذلك فوات الوقت الاختياري لصلاة العصر، بحيث تصلى في حال اصفرار الشمس بعد خروج وقتها الاختياري، فيكون ما جاء في الحديث من بيان الخسارة الفادحة والمضرة الكبيرة التي حصلت لمن فاتته صلاة العصر أن ذلك في حق من فاته أداؤها في الوقت الاختياري، وذلك أن الأوزاعي رحمه الله: [ وذلك ] أي: الفوات الذي مر في الحديث السابق.
[ أن ترى ما على الأرض من الشمس صفراء ] يعني: أن الشمس قد اصفرت وأن ما على الأرض يكون مصفراً باصفرارها. ومعنى هذا أن الإنسان إذا أدى الصلاة في الوقت الاضطراري وأخرجها عن الوقت الاختياري يكون آثماً؛ لأنه أخرجها عن الوقت الذي حدد لها، وهو ما لم تصفر الشمس.
تراجم رجال إسناد أثر الأوزاعي في تفسير فوات صلاة العصر
قوله: [ حدثنا محمود بن خالد ]. هو محمود بن خالد الدمشقي ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة .
[ حدثنا الوليد ]. هو الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ قال: قال أبو عمرو -يعني: الأوزاعي- ]. هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، كنيته أبو عمرو، واسم أبيه عمرو ، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهو نوع من أنواع علوم الحديث: معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة هذا النوع من علوم الحديث أن لا يظن التصحيف فيما لو جاء (ابن) بدل (أبو) أو (أبو) بدل (ابن)، فلو جاء في بعض الروايات عبد الرحمن أبو عمر فذلك صحيح؛ لأن كنيته أبو عمرو واسمه عبد الرحمن بن عمرو . فالذي لا يعرف أن كنيته أبو عمرو لو وجده مكتوباً (عبد الرحمن أبو عمرو) سيقول: (أبو) مصحفة عن (ابن)؛ لأنه عبد الرحمن بن عمرو ، مع أنها ليست مصحفة؛ لأن كنيته أبو عمرو، واسم أبيه عمرو ، فلا تصحيف. وهو ثقة، فقيه الشام ومحدثها، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقت صلاة المغرب
شرح حديث: (كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في وقت المغرب. حدثنا داود بن شبيب حدثنا حماد عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: (كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله) ]. قوله: [ باب: في وقت المغرب ].
عرفنا فيما مضى أن وقت صلاة المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق حيث يحضر وقت العشاء، وعرفنا أنه ليس هناك فاصل بين وقت المغرب ووقت العشاء، بل إذا خرج وقت هذه دخل وقت هذه، كما أن العصر وقتها متصل بوقت الظهر، فإذا خرج وقت هذه دخل وقت هذه. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله) يعني: بعد فراغهم من الصلاة يكون هناك ضياء النهار، ومعناه أنهم يبادرون بأدائها في أول وقتها، بحيث يفرغون منها وإن الواحد منهم إذا أرسل السهم يرى المكان الذي يقع فيه، وذلك لوجود الضياء الذي يكون موجوداً بعد غروب الشمس، وهذا فيه إشارة إلى أن الأولى والأفضل أنه يبادر بها في أول وقتها، وأما الوقت فإنه ليس وقتاً واحداً، بل هو وقت واسع، ولكنه من غروب الشمس إلى ما قبل مغيب الشفق الأحمر الذي يأتي عند سقوطه ومغيبه وقت صلاة العشاء، وقد سبق أن مرت بنا الأحاديث العديدة في ذلك الدالة على أول الوقت وعلى آخره.
ومما يدل على سعة وقت المغرب أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ مرة فيها بالأعراف، والأعراف جزء وربع، وقراءة الرسول صلى الله عليه وسلم مرتلة، ومعنى هذا أن وقتها طويل؛ لأن إيقاعها فيها وهي جزء وربع، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم أداها في يوم من الأيام على هذا النحو يدلنا على أن وقتها واسع، وأنه ليس وقتاً واحداً كما جاء في بعض الروايات في حديث جبريل أنه في اليومين صلاها بعد غروب الشمس، بل قد جاء في الأحاديث بعد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن وقتها إلى مغيب الشفق.
تراجم رجال إسناد حديث: ( كنا نصلي المغرب مع النبي ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله )
قوله: [ حدثنا داود بن شبيب ]. داود بن شبيب وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و ابن ماجة .
[ حدثنا حماد ]. حماد هنا غير منسوب، ويحتمل أن يكون أحد الحمادين: حماد بن زيد و حماد بن سلمة ، وذلك لأن داود بن شبيب يروي عنهما جميعاً، وهما جميعاً يرويان عن ثابت بن أسلم البناني، لكن حماد بن سلمة معروف بالإكثار عن ثابت البناني، فيحتمل أن يكون هو، وعلى كل حال فإن كلاً منهما ثقة، فسواء علم أحدهما وعين أو لم يعلم ولم يعين، فما دام أن الأمر دائر بين الحمادين وكل منهما ثقة فلا يضر عدم معرفة أحدهما، وإنما الذي يضر لو كان أحد الراويين ثقة والثاني ضعيفاً، هذا هو الذي يضر؛ لأنه يحتمل أن يكون الضعيف، لكن حيث يكون المروي عنهما هما حماد بن زيد و حماد بن سلمة وكل منهما ثقة فإن ذلك لا يؤثر.
ولا أدري هل جاء في بعض الطرق أو الروايات الأخرى تسمية أحدهما أم لا، ومعلوم أن من الطرق التي يمكن أن يعرف بها تعيين أحد الشخصين أن ينظر في الأسانيد في الكتب المختلفة، فإنه قد يأتي تسمية أحدهما عند بعض المؤلفين الذين يروون هذا الحديث نفسه، بأن يذكر أحدهما فيقال: حماد بن زيد، أو: حماد بن سلمة. وما دام أن تعين أنه حماد بن سلمة وهو مكثر من الرواية عن ثابت بن أسلم البناني، فيكون المقصود حماد بن سلمة، و حماد بن سلمة ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن ثابت ]. هو ثابت بن أسلم البناني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك ] هو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد من أعلى الأسانيد عند أبي داود ؛ لأنه رباعي، وأعلى الأسانيد عند أبي داود الرباعيات، وهذا منها.
شرح حديث: ( كان النبي يصلي المغرب ساعة تغرب الشمس إذا غاب حاجبها )
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن علي عن صفوان بن عيسى عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب ساعة تغرب الشمس، إذا غاب حاجبها)]. أورد أبو داود رحمه الله حديث سلمة بن الأكوع ، وهو يدل على المبادرة بصلاة المغرب، وفيه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب ساعة تغرب الشمس إذا غاب حاجبها) يعني: حاجبها الأخير؛ لأنها عند طلوعها يبدو حاجبها المقدم، وعند غروبها يغيب حاجبها المؤخر؛
لأنه يغيب بعضها ثم يبقى بعضها، أو يطلع بعضها ثم يلحقه بعضها الآخر فتظهر كلها، فعند طلوعها يظهر حاجبها المقدم، وعند غروبها يغيب أو يسقط حاجبها المؤخر، وهو طرفها أو مؤخرها، والمقصود هو المبادرة إلى الإتيان بالصلاة، وأنها حين تغرب الشمس ويسقط حاجبها، أي: يذهب آخرها وهو حاجبها الذي يكون آخر شيء يغيب منها.
تراجم رجال إسناد حديث: ( كان النبي يصلي المغرب ساعة تغرب الشمس إذا غاب حاجبها )
قوله: [ حدثنا عمرو بن علي ]. هو عمرو بن علي الفلاس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[ عن صفوان بن عيسى ]. صفوان بن عيسى ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن يزيد بن أبي عبيد ]. يزيد بن أبي عبيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سلمة بن الأكوع ]. هو سلمة بن الأكوع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا يزيد بن زريع حدثنا محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله قال: (لما قدم علينا أبو أيوب رضي الله عنه غازياً و عقبة بن عامر رضي الله عنه يومئذ على مصر فأخر المغرب، فقام إليه أبو أيوب فقال له: ما هذه الصلاة يا عقبة؟! فقال: شغلنا. قال: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تزال أمتي بخير -أو قال: على الفطرة- ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث مرثد بن عبد الله أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه قدم مصر و عقبة بن عامر أمير عليها، فأخر المغرب، فقال له أبو أيوب : ما هذه الصلاة؟ فقال: شغلنا. فقال: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم) يعني: إلى أن تظهر النجوم وتبدو لوجود الظلام، ومن المعلوم أن النجوم تتضح قبل دخول وقت العشاء، لكن المقصود من ذلك هو المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها،
وإلا فإن وقت المغرب يمتد إلى مغيب الشفق، ولكن الذي أنكره أبو أيوب هو تأخير الصلاة عن أول وقتها وعن المبادرة إليها في أول وقتها. وقول عقبة : [ (شغلنا) ] يعني: عن المبادرة إليها في أول وقتها. وليس المقصود إخراجها عن وقتها، وإنما تأخيرها عن أول وقتها الذي هو الأولى.
تراجم رجال إسناد حديث: ( ... لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم )
قوله: [ حدثنا عبيد الله بن عمر ]. هو عبيد الله بن عمر القواريري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي .
[ حدثنا يزيد بن زريع ]. يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق يدلس، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثني يزيد بن أبي حبيب ]. هو يزيد بن أبي حبيب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مرثد بن عبد الله ]. هو مرثد بن عبد الله اليزني المصري، وهو ثقة، وكنيته أبو الخير ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ قدم علينا أبو أيوب ] هو أبو أيوب الأنصاري، وهو خالد بن زيد رضي الله تعالى عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة."
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|