
22-02-2022, 10:19 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,269
الدولة :
|
|
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)
كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [066]
الحلقة (97)
شرح سنن أبي داود [066]
يشرع لمن دخل المسجد أن يقول الذكر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدخول والخروج، وتشرع تحية المسجد لمن أراد الجلوس في المسجد، وهناك فضل عظيم للجلوس في المسجد للعبادة من صلاة وذكر وتسبيح وقراءة قرآن وغير ذلك، ويكره إنشاد الضالة في المساجد.
فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد
شرح حديث: ( إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم .. )
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد. حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي حدثنا عبد العزيز -يعني الدراوردي - عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد بن سويد قال: سمعت أبا حميد أو أبا أسيد الأنصاري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك) ]. قوله: [ باب ما يقوله عند دخوله المسجد]. أي: ما يشرع للإنسان أن يدعو به وأن يذكره عند دخوله أي مسجد من مساجد الأرض، فإن الإسلام يشرع له أن يأتي بذلك الذكر عند دخوله المسجد وعند الخروج منه، كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. للمسجد آداب، منها: أن يأتي المسلم بالذكر المشروع عند دخول المسجد وعند الخروج منه، ولا يختص ذلك بمسجد معين، وإنما في المساجد كلها، فعندما يدخل المسجد عليه أن يصلي ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسأل الله أن يفتح له أبواب رحمته، وعند خروجه يفعل مثل ذلك،
إلا أنه يسأل الله من فضله. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي حميد أو أبي أسيد رضي الله تعالى عنهما وهو واحد منهما، إما أبو حميد أو أبو أسيد . قوله: (إذا دخل أحدكم المسجد). أي: إذا أراد الدخول، وليس المقصود من ذلك أنه بعد دخوله يقول ذلك، وإنما عند الدخول وهذا مثل قوله: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ [المائدة:6] يعني: أن الإنسان يتوضأ إذا أراد القيام للصلاة. قوله: (فليسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم). أي: إذا أراد أحدكم دخول المسجد، فإنه يأتي بهذا الذكر، وهو الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (وليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك). أي: أنه إذا دخل المسجد يريد التقرب إلى الله عز وجل بالعبادات التي شُرعت في المسجد، فهو يسأل الله أن يفتح له أبواب رحمته، وأن يوفقه لكل خير، وأن يرحمه ويرفع درجته عنده. وأما إذا أراد الإنسان أن يخرج من المسجد ويذهب إلى بيته أو إلى عمله فإنه يصلي ويسلم على رسول الله عليه الصلاة والسلام،
ويسأل الله من فضله، فناسب عند الدخول أن يسأل الله أن يفتح له أبواب رحمته، وعند الخروج أن يسأل الله من فضله، فيقول: (اللهم إني أسألك من فضلك) أي: أنه عندما يخرج يسأل الله الرزق الحلال من فضله، والله عز وجل يقول: فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:10] يعني: يسألون الله من رزقه ومن فضله عندما يخرجون من المسجد عند الانتهاء من الصلاة، وقوله: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فالرحمة تأتي ويراد بها أثر الصفة، ومن آثار هذه الصفة: الجنة؛ فإنها من رحمة الله عز وجل، وقد جاء في الحديث القدسي: (أن الله عز وجل قال للجنة: إنك رحمتي أرحم بكِ من أشاء، وقال للنار: إنك عذابي أعذب بك من أشاء). وكذلك المائة الرحمة التي خلقها الله هي من آثار الصفة، فهناك صفة قائمة بالله عز وجل وهي الرحمة، وهناك آثار للصفة وهو ما خلقه الله عز وجل، مما يكرم به أولياءه، ومما خلقه الله عز وجل من الرحمة التي يتراحم بها الناس، وكذلك أيضاً الجنة التي هي من آثار رحمة الله كما جاء بذلك الحديث القدسي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: ( إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم .. )
قوله: [ حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي ]. محمد بن عثمان الدمشقي ثقة، أخرج له أبو داود و ابن ماجة .
[ حدثنا عبد العزيز -يعني الدراوردي - ]. عبد العزيز الدراوردي صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ]. ربيعة بن أبي عبد الرحمن هو المشهور بربيعة الرأي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الملك بن سعيد بن سويد ]. عبد الملك بن سعيد بن سويد ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة.
[ قال: سمعت أبا حميد أو أبا أسيد ]. [ أبو حميد هو المنذر بن سعد بن منذر ، وهو صحابي مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وأبو أسيد هو مالك بن ربيعة الساعدي ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. ومن المعلوم أن الجهل بالصحابي لا يؤثر، فسواء كان هذا أو هذا لا يضر، بل إن الاحتمال في الرواة غير الصحابة فيما إذا كانوا ثقات مثل أن يشك الراوي بين ثقتين فإن ذلك لا يؤثر؛ لأنه حيثما دار فهو يقدّر على ثقة، وإنما الاختلال فيما إذا كان الشك بين ضعيف وثقة، فهذا هو الذي يؤثر فيه الشك، وأما بالنسبة للصحابة فالمجهول فيهم في حكم المعلوم، وسواء يكون هذا أو هذا أو لا يعرف اسمه فلا يؤثر هذا، بل يكفي أن يُعرف أنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكفي أن يقال: عن رجل صَحِبَ النبي صلى الله عليه وسلم، وأما غير الصحابة فلا يكفي أن يقال: عن رجل؛ لأن هذا يصير مبهماً، ولا يُعوّل على الحديث الذي يكون فيه رجل مبهم سوى الصحابة رضي الله عنهم.
شرح حديث: ( أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم .. )
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إسماعيل بن بشر بن منصور حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح قال: لقيت عقبة بن مسلم فقلت له: (بلغني أنك حدثت عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم قال: أقطّ؟ قلتُ: نعم. قال: فإذا قال ذلك قال الشيطان: حُفظ مني سائر اليوم) ]. قوله: (قال أقط؟). يعني: أهذا الذي بلغك فقط؟ لأن الهمزة للاستفهام؛ لأنه يوجد في الحديث زيادة على ذلك. قوله: (قلت: نعم). يعني: هذا هو الذي بلغني فقط، وهذا هو ما سمعت فقط. قوله: (فإذا قال ذلك قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم). أي: فإذا قال ذلك من يدخل المسجد قال الشيطان: حُفظ مني سائر اليوم؛ لأن من قال ذلك استعاذ بالله متوسلاً بأسمائه وصفاته بأن يعيذه من الشيطان الرجيم، فيقول الشيطان: حفظ مني سائر اليوم، يعني:
باقي اليوم أو كل اليوم لأن كلمة (سائر) قيل: إن المقصود بها الباقي، أي: أنه يذكر شيئاً ثم يعبّر عن باقيه بكلمة (سائر). وقيل: إن المقصود بها جميعاً؛ لأنها ليست مقصورة على الباقي الذي هو بمعنى السؤر، وهو الزائد الذي كان خارجاً عن الشيء الذي قد مضى، أو زائداً عن الشيء الذي مضى، وإنما يقصد به اليوم كله، فمعنى (سائر اليوم) يعني: جميع اليوم، وعلى أحد المعنيين في اللغة: أن سائر يراد بها الباقي، يعني إذا قالها في أي وقت من النهار فإنه يحفظ سائر اليوم، سواء كان في أوله أو في وسطه أو في آخره، فإذا قالها عند المغرب أو قالها عند العشاء أو قالها عند الفجر أو قالها عند الظهر، فمعناه أنه يحفظ سائر اليوم أو الليلة، ومعنى هذا: أن في ذلك حفظاً من الشيطان، وأنه يترتب على هذا الدعاء العظيم منفعة عظيمة، وهي الحفظ من الشيطان.
قوله: [ (وسلطانه القديم) ]. السلطان صفة من صفات الله، وهي صفة سلطته وملكوته وعظمته وغلبته؛ لأنه لا يُستعاذ بمخلوق، والحديث جاء فيه الاستعاذة بالله عز وجل وبصفاته، وأما كلمة (القديم) فالمقصود بها الأزلي، يعني: الذي صفاته وقدرته وغلبته وقهره ليس لها بداية، فهو متّصفٌ بذلك أزلاً، ولكن ليس من أسماء الله القديم، ولكن هذا وصفٌ لقهره وغلبته بأنها أزلية.
تراجم رجال إسناد حديث: ( أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم )
قوله: [ حدثنا إسماعيل بن بشر بن منصور ]. إسماعيل بن بشر بن منصور صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة .
[ حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ]. هو عبد الرحمن بن مهدي ، وهو البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن المبارك ]. هو عبد الله بن المبارك المروزي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حيوة بن شريح ]. هو حيوة بن شريح المصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ لقيت عقبة بن مسلم ]. هو عقبة بن مسلم المصري وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و النسائي .
[ عن عبد الله بن عمرو ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهُمْ: عبد الله بن عمر ، و عبد الله بن عمرو ، و عبد الله بن الزبير ، و عبد الله بن عباس . والعبادلة الأربعة فيهم اثنان معروفان بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهما: ابن عباس و ابن عمر ، وأما ابن الزبير و ابن عمرو فليسا من الذين بلغت أحاديثهم بالكثرة التي توصل إلى حد السبعة الذين عُرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنهم جميعاً يقال عنهم: العبادلة الأربعة من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم من صغار الصحابة، وسنهم متقارب، مع أنه يوجد في الصحابة كثيرون ممن يقال له: عبد الله، ولكنّ لَقَب العبادلة اشتهر به هؤلاء الأربعة؛ لأنهم متقاربون في السن؛ ولأنهم من صغار الصحابة وقد أدركهم من لم يدرك كبار الصحابة مثل: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، الذي توفي سنة (32هـ) فإنه متقدم الوفاة ولم يدركه من أدرك ابن عمر و ابن عباس و ابن الزبير و عبد الله بن عمرو الذين هم من صغار الصحابة، وقد عاشوا بعد عبد الله بن مسعود . وهناك أيضاً غير عبد الله بن مسعود ممن يقال له: عبد الله كعبد الله بن قيس الذي هو أبو موسى الأشعري ، وعدد كبير من الصحابة ممن اسمه عبد الله، ولكن الذي اشتهر بلقب العبادلة هم هؤلاء الأربعة من الصحابة، وحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أصحاب الكتب الستة.
ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد
شرح حديث: (إذا جاء أحدكم المسجد فليصل سجدتين من قبل أن يجلس )
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد. حدثنا القعنبي حدثنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء أحدكم المسجد فليصلَّ سجدتين من قبل أن يجلس). ]. قوله: [ باب ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد ]. يعني: تحية المسجد، وأن الإنسان إذا دخل المسجد فإنه يصلي ركعتين قبل أن يجلس. قوله: [ (إذا جاء أحدكم المسجد فليصلَّ سجدتين من قبل أن يجلس) ] أي: المقصود بالسجدتين الركعتين، ويطلق على الركعة سجدة، ويقال لها أيضاً: ركعة، ويقال لها: سجدة تسمية للكل باسم البعض؛ لأن الركعة فيها السجود وفيها الركوع، لكن الذي غلب في الاستعمال ذكر الركعة، والمقصود بصلاة الركعتين هو: الحد الأدنى،
وإذا أراد أن يصلي أكثر من ذلك فلا بأس، ولكنه لا يصلي أقل من ركعتين؛ لأنه لا يُتنفل بأقل من ركعتين إلا في الوتر، ولا تُصلَّى الركعة الواحدة إلا في الوتر، حيث يصلي الإنسان ما شاء من الليل مثنى مثنى ثم يختم ذلك بركعة؛ لتكون صلاته وتراً، وذهب بعض أهل العلم إلى عموم ذلك في جميع الأوقات، بل حتى في أوقات النهي، قالوا: لأن هذا لفظ عام يراد به أنه كلما دخل الإنسان المسجد فإنه يصلي هاتين الركعتين. وبعض أهل العلم قال: في أوقات النهي لا يصليهما؛ لعموم قوله: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس). فمنهم من رجّح عموم هذا الحديث، ومنهم من رجّح عموم الأمر بتحية المسجد، ومنهم من رأى أنه لا يصلى أي صلاة في أوقات النهي إلا ما ورد بخصوصه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الأمر بتحية المسجد.
تراجم رجال إسناد حديث: ( إذا جاء أحدكم المسجد فليصلَّ سجدتين من قبل أن يجلس )
قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة
[ حدثنا مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور الفقيه المبجل، وهو أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عامر بن عبد الله بن الزبير ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن سليم الزرقي ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي قتادة ]. هو الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
طريق أخرى لحديث: ( إذا جاء أحدكم المسجد فليصلَّ سجدتين من قبل أن يجلس ) وتراجم رجال الإسناد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا أبو عميس عتبة بن عبد الله عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن رجل من بني زريق عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه، زاد: (ثم ليقعد بعد إن شاء أو ليذهب لحاجته) ]. أورد أبو داود رحمه الله الحديث من طريق أخرى عن أبي قتادة ، وهو نحو الذي تقدّم، فهو يتفق معه في المعنى ويختلف في بعض الألفاظ؛ لأن كلمة (نحو) تعني أنه يتفق معه في المعنى مع اختلاف في اللفظ، بخلاف (مثل) فإنها تعني المماثلة في اللفظ والمعنى.
قوله: [ (ثم ليقعد بعد ذلك إن شاء أو ليذهب لحاجته) ]. يعني: من دخل المسجد فليصلَّ ركعتين ثم ليجلس أو ليذهب إلى حاجته إن شاء
. قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي .
[ حدثنا عبد الواحد ]. هو عبد الواحد بن زياد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة .
[ حدثنا أبو عميس عتبة بن عبد الله ]. هو عتبة بن عبد الله المسعودي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عامر بن عبد الله بن الزبير ]. عامر بن عبد الله بن الزبير قد تقدم ذكره.
[ عن رجل من بني زريق ]. وهو هنا مبهم، ولكنه مذكور في الطريق الأولى، وهو عمرو بن سليم الزرقي.
[ عن أبي قتادة ]. وقد مر ذكره.
الأسئلة
حكم من دخل المسجد ثم خرج دون أن يصلي تحية المسجد
السؤال: إذا دخل الإنسان من أحد أبواب المسجد وخرج من الباب الآخر ولا يريد الجلوس فهل يسن له صلاة ركعتين؟
الجواب: الذي ورد في بعض الروايات: (فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) فقوله: (لا يجلس) يفيد أن الإنسان إذا دخل المسجد ولا يريد أن يجلس، فإن له ألا يصلي، والحديث أخرجه أصحاب الكتب الستة، أخرجه البخاري و مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة وفيه ألفاظ مختلفة، ومن ألفاظه: (فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، فمثلاً: عابر السبيل إذا دخل المسجد ماراً فلا يلزمه أن يصلي؛ لأنه ورد : (لا يجلس حتى يصلي ركعتين) فمعناه: أن الجلوس لابد أن يسبقه ركعتين ثم إن شاء أن يجلس جلس، وإن شاء أن ينصرف انصرف.
فضل القعود في المسجد
شرح حديث: ( الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه .. )
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في فضل القعود في المسجد. حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث أو يقم: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه) ]. قوله: [ باب في فضل القعود في المسجد ]. يعني: الجلوس فيه لذكر الله عز وجل وقراءة القرآن، فإن فيه فضلاً عظيم؛ لأنه في صلاة ما دام منتظراً للصلاة، وكذلك بعد صلاته إذا جلس فالملائكة تصلي عليه وتستغفر له ما لم يؤذِ أو يحدث، تقول: اللهم ارحمه اللهم اغفر له، فهذا يدل على فضل الجلوس في المساجد، حيث أن الجلوس فيها عبادة؛ لأنها خير البقاع كما جاء في صحيح مسلم : (أحب البقاع إلى الله مساجدها، وأبغضها أسواقها) .
فأحسن مكان في البلد المسجد؛ لأنه مكان العبادة ومكان ذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن، بخلاف الأسواق فإنها محل الصخب ومحل الأخذ والرد والكلام وعدم التمسك والتقيد بشرع الله. ولهذا فإن المساجد لا يشتغل فيها بأمور الدنيا، فلا ينشد فيها ضالة ولا يباع فيها ويشترى وإنما هي لذكر الله عز وجل وعبادته، فإذا جلس الإنسان في المسجد فهو على خير؛ لأنه في مكان عبادة وليس مكان انشغال بأمور الدنيا، سواء كان جلوسه قبل الصلاة أو بعد الصلاة، فهو في صلاة ما انتظر الصلاة. قوله: (الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه). أي: تدعو له وتقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه؛ لأن صلاة الملائكة للمؤمنين هي الدعاء، والله تعالى يقول: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب:56]. فصلاة الله عز وجل على نبيّه هي ذكره في الملأ الأعلى، وصلاة الملائكة هي الدعاء له، وصلاة المسلمين هي أن يقولوا: اللهم صلّ وسلم على رسول الله، أي:
يدعون له بأن يصلي الله ويسلم عليه، فصلى الله عليه وسلم. فكذلك الملائكة يدعون ويصلون على الذين يجلسون في المساجد، سواءً كانوا ينتظرون الصلاة، أو كانوا قد فرغوا من الصلاة وجلسوا يذكرون الله، أو يقرءون القرآن، ما لم يحدث أحدهم أو يقم. من المعلوم أن الصلاة في اللغة: الدعاء، وسميت الصلاة المفروضة بهذا الاسم؛ لأن أكثر أعمالها وهيئاتها فيها دعاء، فالإنسان وهو قائم في الصلاة، فإنه يقول دعاء الاستفتاح، وكذا عند قراءة الفاتحة هي دعاء، وكذلك قراءة القرآن، وكذلك أيضاً عند الركوع والقيام منه ثناء ودعاء، وفي السجود وبين السجدتين وفي التشهد، فكل ذلك دعاء، فقيل للصلاة: دعاء. مع أن الصلاة المفروضة ليست مقصورة على الدعاء، بل هي أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم، والأقوال التي تكون في الصلاة هي دعاء. قوله: (ما لم يحدث).
يعني: مادام على طهارة ولم ينتقض وضوءه فإنه يحصل له هذا الفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما لم يحدث) فهو إذا كان على طهارة فهو يذكر الله أو يصلي أو يقرأ القرآن، فهو على خير بهذا الدعاء من الملائكة. قوله: (أو يقم) يعني: يترك مصلاه. أما الكلام في المسجد عن شئون الدنيا، كأن يتحدث الإنسان في المسجد عن العقار، فهذا يحصل إثماً.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|