عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-02-2022, 08:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,939
الدولة : Egypt
افتراضي الروح الإسلامية عند المتنبي

الروح الإسلامية عند المتنبي


صدقي البيك







ومن لا يعرف المتنبي؟ إنه شاعر عربي ملأ الدنيا وشغل الناس من أواسط القرن الهجري الرابع حتى وقتنا الحاضر. شغل الناس في عصره، وترك في الدنيا دويّاً يصمّ الآذان، وشعره يتردد حتى الوقت الحاضر على كل لسان.



تلقف شعرَه في عصر النهضة العربية الحديثة دعاة القومية العربية وكتابها، فصار عندهم شاعر العروبة وشاعر القومية العربية، وإن اعتدل أحدهم جعله صاحب "نزعة عربية شديدة"، أوقد في نفوس العرب غيرة قومية (أنيس المقدسي في أمراء الشعر العربي في العصر العباسي)؛ ولذا يكثر في شعره الفخر بأصله العربي وذم الأعاجم، كما يقول كاتب آخر (صدقي إسماعيل) في كلمته "تجربة المتنبي" التي صدَّر بها شعر ديوان المتنبي: "وحدة المصير هذه عند المتنبي هي العروبة.. وهو يؤمن بالعروبة على أنها التعبير الصادق الذي به تصبح القيم المثلى بطلاً "!!







كل هذا الضجيج من أقلام دعاة القومية العربية بسبب أبيات ورد فيها ذكر العرب بالفخر والثناء، لا تزيد في عددها على عدد أصابع اليد الواحدة!! قال بعضها في مدحه لأمير عربي هو سيف الدولة الحمداني، كقوله له:



رفعت بك العرب العماد وصيّرت

قممَ الملوك مواقدَ النيران




أنساب فخرهم إليك، وإنما

أنساب أصلهمُ إلى عدنان








فبه رفع العرب عمادهم، وهم ينتسبون بفخرهم إلى الممدوح وكذلك قوله له:



إذا العرب العرباء رازت نفوسها

فأنت فتاها والمليكُ الحلاحلُ








وقوله:



تُهاب سيوف الهند وهي حدائد

فكيف إذا كانت نزارية عُرْبا؟








وقال بعضها بعد أن ناصب كافور العداء، فصار عنده عبداً أسود مخصياً، فقال من قصيدة يمدح فيها علي بن إبراهيم التنوخي ويهجو كافور.



وإنما الناس بالملوك وما

تفلح عربٌ ملوكها عجم




بكل أرض وطئتها أمم

تُرعى بعبد كأنها غنم




يستخشن الخز حين يلبسه

وكان يُبرى بظفره القلم








فلو كان كافور أعطاه ولاية العراق لأفلح عرب ملوك عجم!



وآخر ما دل على روحه العربية عندهم قوله متحسراً عند وصفه لشعب بوان:



ولكن الفتى العربي فيها

غريب الوجه واليد واللسان








هذه هي معظم الأبيات التي وردت فيها كلمة العرب والعربي في شعر المتنبي، والتي دفعت هؤلاء، إلى جعله شاعر القومية العربية في عقود الهبّة القومية من القرن العشرين! ولم يكن هؤلاء ينتبهون إلى أمرين آخرين:

روح لا قومية:

الأول أنه كان يرد في شعره أحياناً كلام يدل على ضعف الروح العربية عنده، من ذلك قوله عن نفسه مستغرباً أن يملك على الناس من ليس أهلاً للملك.



من لو رآني ماء مات من ظمأ

ولو عرضت له في النوم لم ينم




ميعاد كل رقيق الشفرتين غداً

ومن عصى من ملوك العرب والعجم










فالملوك عرباً وعجماً عنده سواء، فهو يتهددهم جميعاً بسيفه وأسوأ من ذلك أنه عندما كان في مصر يمدح كافور، كان يجعله فوق العرب عاربة ومستعربة، فيقول في مدحه:



وأي قبيل يستحقك قدره؟

معد بن عدنان فداك ويَعربُ








فهو يفتدي بهذين الجدين من أجداد العرب كافور الإخشيدي العبد الأسود. وكذلك يقول له:



عند الهمام أبي المسك الذي غرقت

في جوده مضر الحمراء واليمنُ







فجود أبي الجود كافور يغرق العرب بقسميها مضر واليمن!!


يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.63 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.95%)]