رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان

شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 191الى صــ 205
(12)
المجلد الاول
كتاب الصيام
/product/99/051412/1.jpg?4763)
فعلى هذا يجوز التطوع بنية من النهار قبل الزوال وبعده, نص عليه في رواية الميموني, وقد سأله عن الذي ينوي الصيام بعد الفجر: أليس يتأول حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاهم فقال: «هل عندكم طعام؟» بعدما تعالى النهار؟ قال: نعم.
ويتأول حديث حذيفة بعدما زالت الشمس ورأيته يذهب إلى هذا ما لم يكن فرضاَ.
ولذلك أطلق الإِجزاء بنية من النهار في رواية أبي طالب وغيره, وأطلقه الخرقي وغيره, وعلى هذا أصحابنا مثل ابن أبي موسى والقاضي في آخر قوليه. وذكر ابن عقيل وغيره في هذه المسألة روايتين: إحداهما: كذلك, والثانية: لا يجزئ نية بعد الزوال. قال: وهي أصح في الروايتين.
وهذا اختيار القاضي في «المجرد»؛ لأن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جاء في صدر النهار.
ولا يمكن إلحاق ما بعد الزوال به؛ لأنه إذا نوى أول النهار؛ فقد حصل معظم اليوم منويّاً, فجاز أن يقوم مقام الجميع, كما لو أدرك الإِمام راكعاً؛ فإنه يحسب له جميع الركعة, بخلاف ما إذا نوي بعد الزوال, ولأن الإِمساك أول النهار أمرٌ معتادٌ؛ فإذا لم يصادفه النية؛ لم يقدح ذلك فيه؛ بخلاف الإِمساك آخره؛ فإنه بخلاف المعتاد؛ فإذا لم ينو؛ ذهب الإِمساك المقصود في الصوم باطلاَ, لهذا يكره للصائم الاستياك بالعشي, ولم يكره له أول النهار.

فعلى هذا يصح قبل الزوال قولا واحداَ على ما ذكره القاضي وعامة أصحابنا.
ومنهم من قال: إنما يصح قبل انتصاف النهار الذي أوله طلوع الفجر, وذلك قريب من آخر الساعة الخامسة؛ لأن النهار الذي يجب صومه من طلوع الفجر؛ فإذا لم تقع النية قبل مضي نصفه؛ لم يكن أكثر زمان الصوم منويّاً.
ووجه الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صام بنيةٍ من النهار, ولا فرق بين أوله وآخره.
وقال إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: الأكثرون على أنه يجوز, وإن لم ينو إلا بعد نصف النهار, منهم ابن مسعود وحذيفة بن اليمان ومعاذ بن جبل, رأوا إن لم ينو ليلاً أن يصوم في نهاره؛ يعني: ينوي أي وقت شاء, ولو كان بعد الزوال أيضاً, وهذا أعدل الأقوال عندنا وأشبه بسنة محمد صلى الله عليه وسلم.
167 - عن المستورد بن الأحنف: أن رجلاً صلى مع عبد الله بن مسعود الظهر, فسأله, فقال: إني جئت في طلب غريم لي, فأصبحت, فلا أنا صائم ولا أنا مفطر. فقال: «أنت بالخيار, إن شئت فصم, وإن شئت فافطر». رواه حرب.
* فصل:
قال أحمد في رواية أبي طالب: من صام فرضاً أو قضاءً أو نذراً؛ أجمع عليه من الليل, ابن عمر وحفصة يقولان: من أجمع من الليل صام, ومن لم يجمع من الليل فلا صوم.
وحديث طلحة بن يحيى عن مجاهد عن عائشة: دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم, فقال: «هل عندكم من شيء؟». قلنا: لا. قال: «فإني صائم». ثم جاءنا يوماً آخر, فقلنا: يا رسول الله! أهدي لنا حيس, فخبأنا لك منه, فقال: «أدنيه؛ فقد أصبحت صائماً» , فأكل.
فهذا في التطوع يكتب له بقية يومه.
وإذا أجمع من الليل؛ كان له يومه, وسواء على هذا نوى قبل الزوال أو بعده, وهذا قول. . . .
وقال القاضي وأبو الخطاب: يحكم له بالصوم الصحيح الشرعي المثاب عليه من أول النهار, لا من وقت النية, سواء نوى قبل الزوال أو بعده؛ لأن صوم بعض النهار لا يصح, بدليل ما لو نواه بعد الأكل, أو أراد الفطر في أثناء اليوم.
فإذا صح نيته من أثناء النهار؛ علم أن صومه تام, فيكتب له ثواب يوم تام.

وقد تنعطف النية على ما مضى؛ كالكافر إذا أسلم؛ فإنه يثاب على ما تحمله من الحسنات حال كفره, ولأنه لو كان صومه من حين النية؛ لوجب أن يجوز الأكل قبلها؛ بدليل أن وقت الفجر لما كان أول وقت الصوم الذي يثاب عليه؛ جاز له الأكل قبل طلوعه, فلما ثبت أنه لا يجوز أن يأكل ضحوة لم ينو الصوم الآكل؛ فثبت أن ما مي من النهار قبل الصوم صوم صحيح.
والمنصوص أصح, وهو اختيار أبي محمد؛ لأن الإِمساك صدر النهار كان بغير نية, وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فكيف يثاب على إمساك ما لم يقصده ولم ينوه, وكونه صام اليوم كله لا يوجب أن يثاب عليه كله, وإنما يثاب فيما ابتغي وجه الله منه, هذا إذا سلمنا انه صام أوله, وإلا؛ فالحقيقة أنه لا يوقع اسم الصوم إلا من حين النية, ونجعله قد صام بعض يوم, وما تقدم من الإِمساك يشرط بصوم بعضه, وإن سمي فيه صائماً؛ فعلى المعنى اللغوي لا على المعنى الشرعي.
أما إذا أكل؛ فقال أصحابنا: لا يصح صومه بحال.
وقال القاضي: قول النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عاشوراء: «ومن أكل فليمسك» على طريق الاستحباب, وقولهم: الإِمساك في يوم لا يجب صومه لا يكون قربة ليس بصحيح؛ لأن هذا يوم شريف فيه فضل؛ فالإِمساك فيه قربة. . .
فعلى هذا من أكل معتقداً أنه ليس بيوم شريف, ثم تبين له بخلافه؛ فإنه يمسك ويثاب. . . , فإن كان أول النهار ممن لا يصح صومه كالكافر والحائض؛ لم يصح صومه إذا أسلم أو انقطع الدم؛ كما لو كان قد أكل في أول النهار.
* فصل:
وتصح النية في جميع ليلة الصوم, ولا يجب استصحاب ذكرها, بل يكفي استصحاب حكمها إلى آخر النهار, ما لم يفسخها.
فإن فسخها ليلاً؛ صار كأنه لم ينو, وإن أكل بعدها أو جامع؛ لم تبطل عند أكثر أصحابنا.
وقال ابن حامد: تبطل؛ لأنه تخلل بين العبادة وبينها ما ينافيها, فأشبه ما لو أحدث بعد نية الصلاة وقبل فعلها.
قال ابن عقيل: وكما لو نوى الإِحرام فوطئ, وكما لو نوى الزكاة بطعام بعينه ثم طحنه وخبزه.
وإن فسخها نهاراً, بأن نوى الفطر؛ صار مفطراً بمنزلة مَنْ لم ينو ولم يأكل, هذا منصوص أحمد.
وذكر الشريف عن ابن حامد انه لا يكون مفطراً. . . .
وإن تردد في قطع الصوم, أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة.
قال القاضي وابن عقيل: إن اعتقد الخروج منه, أو اعتقد أنه سيخرج؛ خرج. نص عليه أحمد, وكذلك الصلاة؛ بخلاف الحج.
وظاهر كلامه أنه يصير مفطراً.
قال في رواية الأثرم: لا يجزيه إذا أصبح صائماً ثم عزم على أن يفطر فلم يفطر حتى بدا له, ثم قال: لا بل أتمُّ صيامي, من الواجب, فلا يجزيه حتى يكون عازماً على الصوم يومه كله, وإن كان تطوعاً كان أسهل.
وإن نوى أنه إن وجد طعاماً أفطر وإلا فلا؛ فوجهان.
وجميع الليل محل للنية, حتى لو نوت الحائض, وقد عرفت من حالها الطهر قبل الفجر, ولا بد أن يكون قبل الفجر, ولا يصح معه, نص عليه. . . .
وإن نوى نهاراً قبل يوم الصوم بليلة؛ ففيه روايتان.
أحدهما: لا يجزيه. قال في رواية حنبل: يحتاج الرجل في شهر رمضان أن يجمع على الصيام في كل يوم من الليل.
وهذا اختيار أصحابنا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل».
والثانية: يجزيه. قال ابن منصور: قلت لأحمد: إذا نوى الصوم بالنهار أن يصوم غداً من قضاء رمضان, ثم لم ينوه من الليل. قال: قد تقدم منه نية, لا بأس به, إلا أن يكون فسخ النية بعد ذلك.

وقد تأولها القاضي في «المجرد» على أنه استصحب النية إلى جزء من الليل.
وتأولها ابن عقيل على قولنا بأنه يكفي لجميع الشهر نية واحدة.
وكلاهما ضعيف, وهو الذي يقتضيه كلام أحمد؛ فإنه قد نص على أن الصوم يصح مع الأكل إلى طلوع الفجر, وأن النية يجب أن تكون قبل الفجر؛ كما دل عليه نص الرواية, وأقرها القاضي في آخر أمره على ظاهرها, وهو الصواب؛ لأن ليلة الصوم تابعة له, فجاز تقديم النية عليها؛ كما يجوز تقديمها على النوم, ولأن النية إذا لم تفسخ؛ فإن حكمها باق؛ وإن تقدمت على العبادة بزمن طويل؛ ما لم يفصل بينهما عبادة من جنسها.
ولهذا قال كثير من أصحابنا: إن نية الصلاة تصح من أول الوقت, بخلاف ما إذا نوى في ليلة صيام اليوم الذي يلي يومها؛ إنه قد تخلل بين وقت النية ووقت العبادة ووقت يصلح لأداء مثل تلك العبادة.
فإن قوله: «لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل»: ليس بنص, فإن مَنْ نوى من النهار واستصحب النية إلى الفجر؛ فقد أجمع الصيام من الليل؛ لأن الإِجماع أعم من أن يكون مبتدأ أو مستصحباً أو ذكراً أو حكماً.
ولهذا إنما ذكر ذلك لبيان. . . الذي تقدم النية عليه, لا لبيان تأخير النية عنه.
* فصل:
وهل يشترط أن ينوي نية الفريضة؟ على وجهين.
أحدهما: لا يشترط. قاله القاضي وأبو الخطاب وأكثر أصحابنا.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد؛ لأنه اعتبر أن ينوي رمضان ولم يذكر نية الفريضة؛ لأن نية رمضان من المكلف تتضمن نية الفرض؛ فإن رمضان منه لا يقع إلا فرضاً, وهذا أبلغ من الصلاة.
والثاني: يشترط. قاله ابن حامد.
وأما نية الأداء؛ فأشبه ما لو نوى صلاة في وقت التي قبلها.
وتشترط النية لكل يوم على انفراده في المشهور عنه الذي عليه عامة أصحابه.
قال في رواية الجماعة صالح وعبد الله وإبراهيم وابن منصور: يحتاج في شهر رمضان أن يجمع في كل يوم على الصوم.
وروي عن حنبل في بعض المواضع قال: سألت أبا عبد الله: هل يحتاج في شهر رمضان إلى نية كل ليلة؟ قال: لا, إذا نوى من أول الشهر؛ يجزيه, وهذه التي نصرها ابن عقيل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم [قال]: «وإنما لكل امرئ ما نوى» , وهذا قد نوى جميع الشهر.
168 - وعن ابن مسعود؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أهل رمضان: «قد دخل عليكم هذا الشهر المبارك فقدموا فيه النية».

ولأن شهر رمضان بمنزلة العبادة الواحدة؛ لأن الفطر في لياليه عبادة أيضاً يستعان بها على صوم نهاره, ولهذا شملت البركة لياليه وأيامه, وسمي الفطر ليلة العيد فطراً من رمضان, فعُلم أن الفطر الذي يتخلل أيامه ليس فطراً من رمضان,ويزكون صومهم ويوفون أجرهم في آخره, فعلم أنه عبادة واحدة, فأجزأت فيه نية واحدة كسائر العبادات.
وكون الفساد يختص ببعضه إذا صادفه؛ لا يمنع كونه عبادة واحدة؛ كالحج؛ فإنه يشتمل على إحرام ووقوف وطواف وسعي, ثم لو فسد الطواف لكونه على غير طهارة, أو قد اخترق الحجر, ونحو ذلك لم يتعد الفساد إلى غيره, ومع هذا؛ فهو عبادة واحدة, بحيث تكفيه نية واحدة؛ لأن النية وقعت لهذا الصوم في زمان يصلح جنسه لنية الصوم, من غير أن يتخلل النية والصوم المنوي زمان يصلح جنسه لصوم سواه, فجاز ذلك, كما لو نوى لكل يوم من ليلته.
فأما القضاء والنذر؛ فلا يجزيه إلا تبييت النية في كل ليلة قولاً واحداً, ولم يفرق أصحابنا بين النذر المعين والكفارة المتتابعة وغيرها.
ووجه الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: «من لم يجمع الصيام من الليل قبل الفجر؛ فلا صيام له» , ولأن كل يوم عبادة مفردة, بدليل أنه لا يفسد بعضها بفساد بعض.
والعبادة المفردة تفتقر إلى نية مفردة كسائر العبادات.
والحج عبادة واحدة؛ بدليل أنه لو وطئ في آخره؛ فسد أوله, ومع هذا؛ فلا بد للطواف من نية تخصه, ولا تكفيه نية أصل الحج, وإنما يجزئ ذلك في الوقوف خاصة؛ لأنه من خصائص الحج, وفي ضمنه, بخلاف الطواف؛ فإنه عبادة مفردة بنفسه.
* فصل:
ولا يجزئ الواجب من الكفارة والقضاء والنذر المطلق إلا بتعيين النية والنذر المعين.
فأما رمضان؛ فلا يجزئ إلا بتعيين النية في إحدى الروايات.
قال في رواية صالح فيمن صام شهر رمضان وهو ينوي به تطوعاً: أيجزيه؟ فقال: أو يفعل هذا مسلم؟ وكذلك الأثرم وقد تقدمت.
ونقل عنه من يحج ينوي به التطوع, ويصوم ينوي به التطوع؛ فالحج والصوم سواء, لا يجزيه العمل فيه إلا بنية, نص عليه فيمن صام رمضان ينوي به تطوعاً لا يجزيه, سواء تعمد ذلك أو لم يدر؛ كيوم الشك والأسير وغيرهما. قال: لا يجزيه يعزمه أنه من رمضان.
والثانية: يجزيه.

قال في رواية المروذي: إذا حال دونه حائل؛ فإنه يصوم. فقيل له: يصومه على أنه من رمضان؟ فقال: نحن اجمعنا على أن نصبح صياماً, ولم نعتقد أنه من رمضان؛ فهو يجزينا من رمضان. فقيل له: أليس تريد أن ينوي أنه من رمضان؟ قال: لا, إذا نوى من الليل أنه صائم أجزأه.
فقد نص بأنه لا يجب تعيين النية, حتى لو نوى الصوم مطلقاً, أو نوى نذراً أو قضاء أو تطوعاً؛ أجزأه من رمضان.
قال القاضي: فظاهره أنه لو نوى صوماً مطلقاً؛ أجزأه عن فرضه.
ومن أصحابنا مَنْ جعل هذا رواية بكل حال, وهذا اختيار الخرقي في «شرحه». قال: من أصلنا لو نوى أن يصوم تطوعاً, فوافق رمضان؛ أجزأه؛ لأنه يحتاج أن يفرق بين الفرض والنفل لما يصلح لهما, وشهر رمضان لا يصلح.
والرواية الثالثة: أن تعيين النية برمضان يجب مع الغيم دون الصحو.
قال في رواية صالح: إذا حال دونه شيء, فأصبح صائماَ؛ أجزأه, وإن لم يحل؛ لم يجزه, حتى ينوي أنه من رمضان.
واختار جَدي رحمه الله: أنه يجزيه مع الإِطلاق على رواية المروذي, ولا يجزيه مع تعيين غير رمضان؛ كما نص عليه في رواية الجماعة.
وذلك لأن التعيين إنما يفتقر إليه للتمييز بين العبادتين, لجواز أن ينوي كل واحدة منهما, والوقت هنا لا يصلح لغير رمضان, ولا يصح فيه غيره؛ فإنه لو صام في رمضان قضاءً أو نذراً أو نفلاًَ؛ لم يصح وفاقاً.
وإذا كان متميزاً بنفسه؛ لم يفتقر إلى التعيين؛ كما لا يفتقر المقيم أن ينوي الظهر أربعاً, ولأنه متى قصد الصيام وأراده؛ فقد أتى بالصوم الشرعي؛ لأنه عبارة عن الإِمساك والنية, وإذا أتى بالصوم الشرعي؛ أجزأه عن صوم شهر رمضان؛ لأنه لا يصح في هذا الوقت غيره, ولأنها عبادة تعين لها هذا الوقت شرعاً, فإذا وقع غيرها من جنسها, وقع [عينها]؛ كما لو أحرم بالحج نفلاً أو نذراً؛ فإنه يقع عن حجة الإِسلام؛ لأن الشارع عَيَّن أول حجة لحجة الإِسلام بقوله:
169 - «هذه عنك, ثم حج من شبرمة».
بلى هذا أولى من الحج؛ لأن هذا الزمان تعين بتعيين الشارع.
وقد أجمع الناس أنه لا يجوز أن يوقع فيه غيره.
والحج, وإن تعين له ذلك العام؛ فقد كان يجوز أن يوقع في غيره.
وقد اختلف في جواز إيقاع غيره فيه:

. . والأول هو المذهب الذي عليه عامة الأصحاب؛ مثل أبي بكر وأبي حفص والقاضي وأصحابه؛ لقوله سبحانه: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]؛ فإنه أمر بصوم هذا الشهر متضمن للأمر بنيته, فإن من صام فيه تطوعاً أو قضاءً أو صوماً مطلقاً؛ لم يصمه, وإنما صام فيه, ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وإنما لكل امرئ ما نوى» , وهذا لم ينو صوم رمضان أصلاً ولا ضمناً؛ فلا يجزيه, ولأنها عبادة. . . .
وإن قال ليلة الشك: إن كان غداً من رمضان فهو فرضي, وإن لم يكن منه فهو نفلي؛ أجزأه إن كان منه على قولنا: يصح بنية [من] الليل لا يشترط تعيين النية, وعلى قولنا: يشترط, لا يجزيه.
. . فيمن أصبح متلوماً إذا كان من رمضان, وإلا؛ فهو شعبان نافلة, فإذا صام على هذا, قضى يوماً مكانه, ولا يكون صائماً حتى يجمع عليه من الليل.
وإن قال: وإن لم يكن من رمضان؛ فصومي عن واجب آخر سماه لم يجزه عن ذلك الواجب بحال, وهل يجزيه عن رمضان إن بان أنه منه؟ على روايتين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|