ذكْرَيَاتِ الْإِسْرَاءْ
محسن عبد المعطي عبد ربه
أَيَا ذكْرَيَاتِ الْمَجْدِ عِيشِي وَجَدِّدِي*** جِهَاداً لِأَهْلِ الْحَقِّ فِي كُلِّ مَوْعِدِ
لَقَدْ سَطَّرُوا لِلدَّهْرِ أَعْظَمَ قِصَّةٍ*** بِنُبْلٍ وَإِيثَارٍ وَحُبٍّ مُجَسَّدِ
فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ خَيْرُ مُجَاهِدٍ*** يُجَاهِرُ بِالدِّينِ الْعَظِيمِ الْمُجَدِّدِ
وَيَهْتِفُ مِنْ أَعْلَى الْجِبَالِ مُكَبِّراً*** فَأَكْرِمْ بِهِ مِنْ مُرْسَلٍ مُتَجَلِّدِ
***
صِرَاعٌ عَنِيفٌ بَيْنَ حَقٍّ وَبَاطِلٍ*** لِيَنْتَصِرَ الْإِسْلَامُ بِالْحَقِّ فِي الْغَدِ
وَتَلْقَى جُمُوعُ السَّابِقِينَ إِلَى الْهُدَى*** عَذَاباً وَإِيذَاءً مِنَ الْقَوْمِ بِالْيَدِ
كَمَا أَنَّهُمْ ذَاقُوا الشَّتَائِمَ كُلَّهَا*** بِصَبْرٍ عَلَى الْمَكْرُوهِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ
فَحَاوَلَ أَهْلُ الْبَغْيِ أَنْ يَعْرِضُوا عَلَى*** رَسُولِ الْهُدَى جَاهاً لِإِغْرَاءِ أَحْمَدِ
***
وَلَكِنَّ هَذَا النَّهْجَ يَرْجِعُ خَائِباً*** فَيَسْلُكُ جُنْدُ الْكُفْرِ دَرْبَ التَّشَدُّدِ
وَ(طَهَ) رَسُولُ الْحَقِّ وَالْعَزْمِ صَابِرٌ*** يُدَافِعُ عَنْ دِينِ الْإِلَهِ وَيَفْتَدِي
وَأَصْحَابُهُ قَدْ بَايَعُوهُ عَلَى الْوَفَا*** وَنُصْرَةِ دِينِ الْحَقِّ دُونَ تَرَدُّدِ
فَلَمْ يَرْكَنُوا لِلذُّلِّ فِي أَيِّ لَحْظَةٍ*** وَلَمْ يَضْعُفُوا بَلْ قَاوَمُوا كُلَّ مُلْحِدِ
***
وَهَاجَرَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ بِدِينِهِمْ***(لِأَثْيُوبِيَا) أَعْظِمْ بِصَحْبِ(مُحَمَّدِ)
عَلَى رَأْسِهِمْ (عُثْمَانُ) يَصْحَبُ زَوْجَهُ***(فَبِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ) بِالنُّورِ تَقْتَدِي
وَتَمْشِي(قُرَيْشٌ) فِي مُقَاطَعَةِ السَّنَا*** وَأَتْبَاعِهِ فِي غِلْظَةٍ وَتَجَمُّدِ
وَسَجَّلَ أَهْلُ الْكُفْرِ وَالْمَكْرِ عَهْدَهُمْ*** وَعُلِّقَ مَوْثِقُهُمْ بِأَقْدَسِ مَعْبَدِ
***
فَأَشْدِدْ بِجُرْحِ الْمُسْلِمِينَ وَحُزْنِهِمْ*** مَتَى تَنْتَهِ الْأَحْزَانُ بِالْغَدْرِ تَزْدَدِ
لَقَدْ هَزَّتِ الْأَحْدَاثُ عُمْقَ نُفُوسِهِمْ*** بِوَقْتٍ رَهِيبٍ أَشْأَمِ الْوَجْهِ أَسْوَدِ
وَلَكِنَّهُمْ بِالصَّبْرِ يَرْمُونَ الْأَسَى*** وَيَحْتَسِبُونَ الْأَمْرَ عِنْدَ(الْمُمَجَّدِ)
فَأُسْلُوبُ أَهْلِ الْكُفْرِ فِي الظُّلْمِ مُمْعِنٌ*** وَمَا أَشْرَسَ الْكُفَّارَ عِنْدَ التَّعَمُّدِ
***
طَرِيقَتُهُمْ فِي الِانْتِقَامِ غَرِيبَةٌ*** بِأَخْلَاقِ كُلِّ الْعُرْبِ لَمْ تُتَعَهَّدِ
لَقَدْ عَرَفَ الْعُرْبُ الْكِرَامُ شَهَامَةً*** وَأَخْلَاقُهُمْ تَعْلُو عَلَى كُلِّ مُفْسِدِ
خِصَامُهُمُ يَبْدُو شَرِيفاً عَلَى الْمَدَى*** وَإِنْ كَانَتِ الْأَشْرَافُ لَمْ تَتَوَحَّدِ
فَتَسْتَيْقِظُ الْأَحْلَامُ فِيهِمْ فُجَاءَةً*** وَيُؤْلِمُهُمْ ظُلْمُ النَّبِيِّ(مُحَمَّدِ)
***
لَقَدْ أَيْقَنَ الْقَوْمُ الْكِرَامُ بِأَنَّهُمْ*** أَذَاقُوا جُمُوعَ الْحَقِّ مِنْ كُلِّ مُجْهِدِ
فَثَارُوا عَلَى الْعَهْدِ الْمُوَثَّقِ بَيْنَهُمْ*** وَقَامُوا لِتَمْزِيقِ(الصَّحِيفَةِ) بِالْيَدِ
لَقَدْ وَجَدُوا أَنَّ(الصَّحِيفَةَ) كُلَّهَا*** تَآكَلَ مَا فِيهَا بِقُدْرَةِ مُرْشِدِ
وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا مِنْ كَلَامٍ مُدَوَّنٍ*** خَلَا اسْمِ(إِلَهِ النَّاسِ) خَيْرِ مُؤَيَّدِ
***
فَأَنْعِمْ بِهَا مِنْ آيَةٍ غَزَتِ الدُّجَى*** تَسَامَتْ كَنُورٍ بِاقْتِدَارِ(الْمُصَعِّدِ)
تُكَفْكِفُ مِنْ غَلْوَاءِ قَوْمٍ قُلُوبُهُمْ*** بِتَقْوَى(إِلَهِ الْكَوْنِ) لَمْ تَتَزَوَّدِ
فَفَكُّوا حِصَاراً قَدْ تَرَدَّى مُنَكَّثاً*** لِيَسْقُطَ فِكْرُ الْبَغْيِ مِنْ خَيْرِ مَحْتِدِ
تَوَالَتْ عَلَى نَفْسِ النَّبِيِّ حَوَادِثٌ*** تُؤَثِّرُ فِي الْقَلْبِ الْكَبِيرِ الْمُوَحِّدِ
***
فَقَدْ مَاتَ خَيْرُ الْأَهْلِ فِي (عَامِ حُزْنِهِ) ***(أَبُو طَالِبٍ) عَمُّ النَّبِيِّ الْمُسَوَّدِ
وَ(زَوْجَتُهُ) أَوْدَتْ تُرَافِقُ رَبَّهَا*** فَيَعْصِرُهُ حُزْنُ الْفِرَاقِ الْمُبَدِّدِ
لَقَدْ كَانَتِ الْأُمَّ الْحَنُونَ وَأُخْتَهُ*** تُرَافِقُهُ فِي دَرْبِ رَبٍّ مُسَدِّدِ
تُشَاهِدُهُ الْأَقْوَامُ يَبْكِي فُرَاقَهَا*** بِيَوْمٍ كَئِيبٍ بِالْغُيُومِ مُلَبَّدِ
***
وَيَخْرُجُ كَيْ يَلْقَى (ثَقِيفَ) مُؤَمِّلاً*** عَسَاهَا لِصَوْتِ الْحَقِّ تُصْغِي وَتَهْتَدِي
وَلَكِنَّهَا تَأْبَى بِكُلِّ تَعَنُّتٍ*** مَتَى يَدْنُ مِنْهَا تَنْأَ عَنْهُ وَتَبْعُدِ
فَأَسْرَى بِهِ اللَّهُ الْعَظِيمُ مُؤَيِّداً*** إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الْعَظِيمِ الْمُعَمَّدِ
لِتَبْقَى عَلَى الْأَيَّامِ سِيرَتُهُ سَناً*** يُضِيءُ لَنَا دَرْبَ الْحَيَاةِ الْمُعَبَّدِ