عرض مشاركة واحدة
  #162  
قديم 26-02-2022, 02:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,140
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(كتاب الجنائز)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (157)

صـــــ(1) إلى صــ(21)

الأسئلة
[تكرار عيادة المريض]
q هل من السنة تكرار عيادة المريض، خاصة إذا طال مرضه أثابكم الله؟

Aلا يخلو تكرار عيادة المريض من أحوال:
الحالة الأولى: أن يكون المريض محتاجا إلى هذا التكرار فلا إشكال في مشروعيته، وقد يتأكد، وقد يجب وذلك إذا كان المريض شديد القرابة كالوالدين والأبناء والبنات والإخوان والأخوات، فهؤلاء جرت العادة أن الإنسان يعودهم، بل قد تجري العادة في بعض الأحيان ألا يفارقهم إلا عند الحاجة والضرورة؛ فلذلك يتأكد على الإنسان أن يكرر عيادتهم ويتفقد أحوالهم.
الحالة الثانية: أن تكون تكرار عيادة المريض موجبة للسآمة والملل والضجر، فهذا ينبغي للإنسان أن يتقيه، وفيه مضرة وأذية للمريض، وأذية لأهل المريض، بل ينبغي على الإنسان أن يخفف عنهم، حتى في حال الزيارة لا يطيل القعود، ولا يطيل المكث، إلا إذا كان المريض يرتاح لذلك، وغلب على ظنك أنه يأنس بك، وأما إذا كان إنسانا ثقيلا فإنه ينبغي عدم الإطالة، وإذا رأيت من المريض السآمة والملل، فإنه يشرع لك أن تقيم هذا العائد بأسلوب ليس فيه طردا له، خاصة إذا رأيت تعب المريض وضجره، فإن بعض الناس يمل ويثقل ويؤذي، وربما يدخل في العيادة بعض المشاكل أو بعض الفتن التي تقع بين القرابات أو تسبب خصومة، فمثل هذا يرى بعض العلماء أنه يشرع حجبه إذا كان في تكراره ما يوجب ذلك، أو يحصل به هذا المكروه؛ فإن درء المفاسد مطلوب، وما يتوقف عليه درء المفاسد يعتبر لازما؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فدرء المفاسد واجب، وما لا يتم تحقيق هذا الواجب إلا به فهو واجب.
أما الحالة الثالثة: فهي أن يطول العهد بينك وبين المريض، أو تريد أن تطمئن عليه فلا ترتاح نفسك، كحبك وصديقك، فتريد أن تتفقد حاله؛ لأنك لا ترتاح حتى تراه وتطمئن عليه، فهذا تؤجر عليه، وهو -إن شاء الله- يعتبر من الإحسان الذي ندب إليه، والله تعالى أعلم.
[قياس أجر زيارة المريض بصاحب الهم والمصيبة]
Qهل تقاس زيارة المهموم وذي المصيبة على زيارة المريض من حيث ثواب الزيارة والعيادة أثابكم الله؟

a أما الثواب فهو أمر غيبي لا يعلمه إلا الله علام الغيوب، ليس هناك نص معين يدل على مقدار ما للإنسان إذا واسى مصابا أو عزى من له ميت، فهذا مما يسكت عنه ويوكل الأمر إلى الله جل جلاله، فقد يكون ثوابه أكثر من عيادة المريض، وقد يكون مساويا له، وقد يكون أقل، فعلم ذلك إلى الله جل وعلا، وهذه الأمور يسميها العلماء بالأمور التوقيفية، ويسمونها بالسمعيات؛ لأنه يتوقف فيها، ولا يتكلم المفتي فيها إلا بحدود النصوص، وليس في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على تحديد مقدار الأجر في ذلك، هل هو أكثر من العيادة أو مثلها أو دونها، ولذلك يتوقف في هذا الأمر، والظن بالله حسن والله تعالى أعلم.
[نبش القبر إذا قبر الميت دون غسل]
Qهل ينبش قبر الميت ويغسل إذا قبر قبل غسله؟

a نعم، هذه من الأحوال التي تبيح نبش القبور، إذا أمن التغير ودفن قبل أن يغسل أو قبل أن يكفن، فإنه في هذه الحالة يطلب نبش القبر وتغسيله وتكفينه والقيام بحقه، والسبب في ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالقيام بحق الميت من تغسيل وتكفين، فقال -كما في الصحيحين من حديث ابن عباس - في الذي وقصته دابته: (اغسلوه بماء وسدر -هذا أمر، والأمر للوجوب- وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه، ولا تمسوه بطيب، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا) فأمر صلوات الله وسلامه عليه بهذه الأوامر، ونهى عن هذه النواهي، وهذا يدل على اللزوم والوجوب.
وكذلك قال في ابنته: (اغسلنها بماء وسدر) (اغسلنها): أمر، فذلك في الرجال وهذا في النساء، فهذا يدل على وجوب القيام بتغسيل الميت وتكفينه ورعاية حقه، فإذا قبر الميت قبل أن يغسل، أو قبل أن يكفن فإنه يشرع نبش القبر وتغسيله وتكفينه.وهكذا إذا غسله ولم يتم تغسيله على الوجه الذي يحصل به القيام بالواجب، كأن يكون ترك عضوا من أعضائه، فحينئذ ينبش ثم يغسل مرة ثانية ويكفن وهكذا إذا قبر عاريا بدون كفن، فإنه يشرع أن ينبش ثم يكفن ويقام بحقه على الوجه المعتبر والله تعالى أعلم.
[حكم كشف وجه الميت في القبر]
q هل يصح كشف وجه الميت في القبر أثابكم الله؟

a هذا ذكره العلماء في الكشف عن وجه الميت، قالوا: لأن التكفين إنما هو للجسد، ويكشف بمكان الحساب، ولا أحفظ في ذلك نصا صحيحا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجرى به عمل الناس، ولكن لا يحكم ببطلانه إلا بدليل، خاصة وأن بعض العلماء -رحمة الله عليهم- أشاروا إليه، وقالوا: إنه تحل عن الميت الأربطة، ويكون حل الأربطة في القبر لمكان الإقعاد، وفي الصحيح (يأتيان ملكان فيقعدانه) قالوا: فتحل الأربطة ويكشف عن الوجه؛ وذلك لمكان السؤال والحساب والله تعالى أعلم.

[حكم صلاة الجنازة على المحدود في حد من حدود الله عز وجل]

q ما حكم صلاة الميت على المقتول حدا، أو كان مقتولا بحد الحرابة أثابكم الله؟

a الميت المسلم إذا قتل بحد، كأن يكون زانيا محصنا، ثم رجم حتى مات، أو قتل عمدا وعدوانا، ثم اقتص منه فقتل، أو قتل حرابة؛ فإنه يشرع تغسيله وتكفينه والصلاة عليه، ويصلى عليه ويدعى له ويستغفر له ويترحم عليه؛ لأنه من المسلمين، وهو أحق بالاستغفار والترحم؛ لمكان حاجته إلى توبة الله عز وجل عليه، وإن كان قيام الحدود بالمذنبين كفارة لهم في الدنيا، وكفارة لهم في الآخرة، ولكن كونه على جرم أو كونه على فسق؛ أدعى أن يستغفر له الإنسان وأن يترحم عليه، وهكذا إذا كان مبتلى بالمسكرات والمخدرات يشرع أن يصلى عليه، وأن يعزى أهله، وليس هناك دليل يخرجه من الإسلام حتى يحكم بمعاملته معاملة الكافر.
فبعض من الناس -أصلحهم الله- يغلو، فتجده لا يعزي أهل الميت إذا مات في شرب خمر، أو مات في معصية من كبائر الذنوب، وهذا خطأ! فإن المسلم العاصي إذا لم تبلغ معصيته به إلى الكفر يشرع معاملته معاملة المسلم المطيع.ولكن الذي ذكره العلماء رحمة الله عليهم: أنه لا يصلي الإمام العام ومن له تقدم كأهل الفضل، على أهل المعصية؛ زجرا للناس أن يفعلوا فعلهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على ماعز.
والصحيح: أنه يشرع أن يصلى عليه، وخاصة إذا اعترف بذنبه وأقر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له عمر: (أتصلي عليها وقد فعلت ما فعلت -المرأة التي زنت-؟! قال: والذي نفسي بيده! لقد تابت توبة لو قسمت على أهل المدينة لوسعتهم) وأثنى عليها عليه الصلاة والسلام، لأنها تابت وأقرت.
قالوا: كما أنها تابت وأقرت، كذلك من أقيم عليه الحد، فإنه في حكم ذلك، وهذا هو الصحيح، فإذا أقر بذنبه وأقيم عليه الحد شرع أن يصلي عليه حتى الإمام الراتب؛ لأنه تاب وخرج من ذنبه، فبقي على الأصل العام، بل إنه إذا صلى عليه الإمام الراتب، دعا أن يسلكوا مسلكه ليتوبوا إلى الله وينيبوا من ذنوبهم.
أما لو أقيم عليه الحد بدون إقرار منه، فبعض العلماء يقول: إنه لا يصلي عليه الإمام الراتب، زجرا للناس، فإن كان هذا المعنى -وهو الزجر- يتحقق، قد يشرع له على هذا القول، أما إذا كان لا يتحقق فإنه لا مانع أن الإمام يصلي عليه؛ لأنه يفوت على نفسه فضيلة القراءة في الصلاة عليه والاستغفار له والترحم عليه.ولذلك يشرع أن يصلى على أموات المسلمين عموما، وأن يقام بحقوقهم، وأن يدعى لهم، ويستغفر لهم، وكونهم أذنبوا فيما بينهم وبين الله لا يمنع أن نقوم بحقهم من الدعاء والاستغفار لهم؛ ولذلك قالوا عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه قال:
إنه كان يغبط الحجاج على أمرين -وكان الحجاج كثير المعصية لله عز وجل بما كان منه عمل- فكان عمر بن عبد العزيز يغبطه على أمرين: الأمر الأول: أنه كان يعتني بكتاب الله عز وجل، وكانت عنايته بالكتاب عجيبة.وأما الأمر الثاني الذي غبطه عليه: أنه قال قبل أن يموت: اللهم اغفر لي؛ فإنهم يزعمون أنك لا تغفر لي.أي: إن مغفرتك وحلمك وعفوك أوسع من هؤلاء، وإني أسألك -مع أنهم يقولون إنك لا تغفر لي- أن تغفر لي، فإن يقيني بك أنك ستغفر لي.
فغبطه على هذه الكلمة، حتى إن الحسن البصري رجا له الخير حينما سمع عنه أنه قال هذه الكلمة.فالعصاة والمذنبون ربما يكون بينهم وبين الله عز وجل توبة، وقد يكون بينهم وبين الله عز وجل عمل، فيغفر الله لهم ما كان منهم.
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في المخطئين والمذنبين من الأئمة: (فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم -أي: عملكم الصالح- وعليهم -أي: خطؤهم عليهم-) فهذا مذنب وذنبه عليه، ولكن كونك أنت مسلم تحس بما بينك وبينه من حقوق، فلا يمنع أن تترحم عليه، وتستغفر له وتدعو له بالخير، ولعل الله عز وجل أن يرحمه بشفاعتك، فيكون هذا من الخير لك في دينك ودنياك وآخرتك؛ فإن الله عز وجل يرحم من عباده الرحماء، فيستغفر لهم ويترحم لهم، ويذكرون بما كان منهم من صالح الأعمال، ويكف عن سيئاتهم.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 26-02-2022 الساعة 05:33 PM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.54 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (2.84%)]