عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 04-03-2022, 10:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,122
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان


شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 271الى صــ 285
(18)
المجلد الاول
كتاب الصيام





278 - وفي رواية ابن ماجه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعتق رقبة». قال: لا أجد. قال: «صم شهرين متتابعين». قال: لا أطيق. قال: «أطعم ستين مسكيناً».
279 - وفي رواية له: «ويصوم يوماً مكانه».

280 - وعن عائشة: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: إنه احترق. قال: «ما لك؟». قال: أصبت أهلي في رمضان. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بمكتل يدعى العرق, فقال: «أين المحترق؟». قال: أنا. قال: «تصدق بهذا». رواه الجماعة إلا الترمذي وابن ماجه.
وفي رواية لمسلم: أصبت امرأتي في رمضان نهاراً. قال: (. قال: ما عندي شيء. فأمره أن يجلس, فجاءه عرقان فيهما عام, فأمره أن يتصدق به.
281 - وفي رواية لأحمد ومسلم وأبي داوود: فبينا هو على ذلك؛ أقبل رجل يسوق حماراً عليه طعام, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين المحترق آنفاَ؟». فقام الرجل, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تصدق بهذا». فقال: يا رسول الله! أعلى غيرنا, فوالله؛ إنا لجياع ما لنا شيء. قال: «فكلوه».

282 - وفي رواية لأبي داوود: «فأتي بعرق فيه عشون صاعاَ». وفي رواية لبعضهم: «من تمر».
وهذه الكفارة على الترتيب في الرواية المنصورة.
وفي الأخرى هي على التخيير بين الخصال الثلاثة؛ لما تقدم من رواية مسلم, وقد رواه كذلك مالك وابن جريج, وهما من أجلِّ من رواه عن الزهري.
وكذلك في حديث عائشة أمره بالصدقة, ولم يذكر العتق الصيام, فعلم أنها مجزئة عنه ابتداءً, ولأنها كفارة وجبت.
ووجه الأول: ما تقدم من الرواية المشهورة, وقول النبي صلى اله عليه وسلم: «هل تجد رقبة تعتقها؟». قال: لا. قال: «هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟». قال: لا. قال: «هل تجد إطعام ستين مسكيناً؟». قال: لا.
وعامة أصحاب الزهري يروونه هكذا.
وأما الرواية الأخرى؛ فلم يذكر فيها لفظ النبي صلى الله عليه وسلم, وإنما ذكر أنه أمره بهذا أو بهذا, وهذا مجمل يحتمل أنه أمره به على وجه الترتيب, ويحتمل أنه أمره به على وجه التخيير, والرواية الأخرى ذكر فيها لفظ النبي صلى الله عليه وسلم, وهو دليل ظاهر في الترتيب.
ولهذا أنكر أحمد على من فهم التخيير, فقال في رواية ابن القاسم: مالك يقول في حديثه: إنه خيَّره في الكفارة, وليس أحد يقول في الحديث: إنه خيره, إنما قال له شيئاً بعد شيء, ومن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أعتق أو صم أو تصدق؛ فرواه بالمعنى من حيث الجملة؛ فإن الرجل قد يقول: افعل كذا أو كذا, ومعناه الترتيب.
وأما حديث عائشة: فإنها حكت ما استقر عليه الحال, وهو أمره بالصدقة؛ فإنه كان عند العجز عن العتق والصيام, ولهذا لم يذكر العتق والإِطعام.
ثم هي قضية في عين, فذلك المأمور بالصدقة إن كان هو غير الذي في حديث أبي هريرة؛ فربما علم النبي صلى الله عليه وسلم من حاله العجز عن العتق والإِطعام, ولهذا لم يذكرهما له, ولا ريب في أنهما يُذكران للمستفتي كما في حديث أبي هريرة.
ثم هي أكثر رواة وأشد استقصاء وأحوط وأشبه بالقياس.
فإن هذه الكفارة لم تجب في الشرع إلا على وجه الترتيب, ولأنها إذا وجبت على المظاهر على وجه الترتيب؛ فعلى المجامع في رمضان أولى؛ فإن ذنب هذا أعظم؛ لأن التحريم في الظهار ثبت بقول المكلف, وهنا ثبت بتحريم الله ابتداء, ولأنه إمساك عن محظورات تجب بالوطء فيه الكفارة, فكانت على الترتيب؛ ككفارة المجامع في إحرامه.


* فصل:
فإن عجز عن الكفارات الثلاثة:
قال الأثرم: قلت لأحمد: حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أطعمه عيالك» , أتقول به؟ قال: نعم إذا كان محتاجاً, ولكن لا يكون في شيء من الكفارات؛ إلا في الجماع في رمضان وحده, لا في كفارة اليمين, ولا في كفارة الظهار. قيل له: أليس في حديث سلمة بن صخر حين ظاهر من امرأته ووقع عليها نحو هذا؟ قال: ومن يقول هذا؟ إنما حديث سلمة تفرد بهذا: «واستعن بسائره على أهلك» , وإنما أمر له بما بقي. قلت له: فإن كان المجامع محتاجاً فأطعمه عياله؟ قال: يجزئ عنه. قلت: ولا يكفر إذا وجد؟ قال: لا؛ إلا أنه خاص في الجماع وحده.
فذكر أصحابنا هل تسقط عنه أو تبقى في ذمته: على روايتين:

أصحهما تسقط عن ذمته؛ كما ذكره الشيخ؛ لحديث الأعرابي؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يطعم العرق أهل بيته, ولم يأمره أن يقضي إذا أيسر, وكان عاجزاً؛ لأن التكفير إنما يكون بما يفضل عن حاجته, ولأنه حق مالي يجب لله على وجه الطهرة للصائم, فلم يجب على العاجز كصدقة الفطر, بخلاف بقية الكفارات؛ فإنها تجب على وجه الطهرة في الصيام.

الثانية: تبقى في ذمته كسائر الكفارات في الأصح من روايتين:
[قال الزهري لما روى الحديث: وإنما كان هذا رخصة له خاصة, فلو أن رجلاً فعل ذلك اليوم؛ لم يكن له بدٌّ من التكفير]؛ لأنها كفارة وجبت بسبب من المكلف, فلم تسقط بالعجز؛ ككفارة اليمين وغيرها, ولأن الأعرابي لو سقطت الكفارة عنه؛ لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالتكفير بعد أن أتي بالعرق؛ فإنه حين وجوب الكفارة كان عاجزاً, وعكسه صدقة.
وأما الكفارة الصغرى في الصيام, وهي فدية المرضع والحامل والشيخ الكبير والعجوز الكبيرة؛ فقال ابن عقيل في «التذكرة»: جميعها تسقط بالعجز ولا تثبت في الذمة ككفارة الجماع [و] أولى؛ لأنها تجب بغير فعل من المكلف؛ فهي بصدقة الفطر أشبه.
وقال القاضي في «خلافه» وغيره: تسقط كفارة المرضع والحامل, ولا تسقط فدية العاجز عن الصيام لكبر أو مرض؛ لأنها بدل عن الصيام الواجب, فلما لم يسقط الصيام بالعجز عنه؛ فكذلك بدله لا يسقط بالعجز عنه إذا قدر عليه في الثاني, وعلى هذا؛ فلو قدر بعد الصيام على الصيام والإِطعام. . . .
وظاهر كلام أحمد أنه لا يسقط شيء من ذلك بالعجز إلا كفارة الجماع.
وكذلك ذكر في «المجرد والفصول»؛ لأن كفارة المرضع والحامل بدل عن الصوم الواجب أيضاً.
فإن كان عاجزاً حين وجوب الكفارة ثم قدر على ذلك فيما بعد بقريب كالأعرابي وسلمة بن صخر, وقلنا: تسقط. . . .
فإن قلنا: تسقط؛ فلا كلام.

وإن قلنا: لا تسقط؛ فكفر عن المظاهر رجل بإذنه لفقره, أو كان عنده ما يكفر به أو دفع إليه, وهو محتاج إليه, أو هو أحوج إليه من غيره؛ فهل يجوز صرفه إلى نفسه؟ على روايتين.
فقال القاضي: لا يجوز صرف الكفارة عنه إلى نفسه حملاً لحديث الأعرابي على أنه لم يكن كفارة, وإنما أكلها صدقة محضة؛ لأنه ليس في الأصول أن الواجبات تصرف إلى مَنْ وجبت عليه من غير خروج عن ملكه.
وهذا على قولنا: سقطت الكفارة عنه.
فأما إن قلنا: تبقى في ذمته:
فقال بعض أصحابنا: يجوز صرفها إليه لحديث الأعرابي.
وقال بعضهم: هل يجوز ذلك أم يكون خاصّاً بالأعرابي؟ فيه وجهان.
[وهل يجوز ذلك في بقية الكفارات؟ على روايتين].
والمنصوص عن أحمد في رواية الأثرم وقد ذكر له حديث أبي هريرة وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أطعمه عيالك» , فقال: يكون هذا في شيء من الكفارات؛ إلا في الجماع خاصة؛ فإنه يجزيه ولا يكفر مرة أخرى.
وهذا بيان من أحمد أن الذي أطعمه الأعرابي لأهله كان كفارة أجزأت عنه؛ لقوله: «يجزيه» , والإِجزاء لا يكون إلا لشيء قد فعل وامتثل فيه الأمر, ولقوله: «ولا يكفر مرة أخرى» , فدل على أنه قد كفر أول مرة.
وقال في رواية مهنا: في رجل عليه عتق رقبة, وليس عنده ما يكفر, فقال له رجل: أنا أعتق عنك هذه الجارية؟ قال: لا يجوز؛ إلا أنه يملكه إياها, فيعتقها هو؛ فإذا لم يملكها؛ فلا تجزيه؛ لأن ولاءها للذي أعتقها, وفي الإِطعام يجوز أن يطعم عنه غيره, فأما في الرقبة؛ فلا.
وقال في رواية الأثرم: فإذا لم يكن عنده, وأطعم عنه غيره؛ يكون له ولعياله؟ قال: نعم؛ على حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو بكر: قد روي عن أبي عبد الله أن ذلك خاص في الواطئ إذا كفر عنه غيره, رواه إبراهيم بن الحارث: أنه يأكلها إذا أطعم عنه غيره, ويمتنع في غير كفارة الوطء في الصيام أن يأكل منها شيئاً.

وروى عنه أبو الحارث: أن كل الكفارات لا بأس بأكلها إذا كفرت عنه.
وبما روى الأثرم وإبراهيم بن الحارث.
أقول: وهذه طريقة ابن أبي موسى؛ قال - ولم يختلف قوله-: إن من وطئ في رمضان فقدر على الكفارة من ماله؛ أنَّ عليه أنْ يكفر واجباً؛ فإن كان فقيراً, فتصدق عليه بالكفارة؛ فهل له أن يأكلها كما جاء الحديث؟ أم كان ذلك مخصوصاً لذلك الرجل, وعليه أن يتصدق بذلك, ولا يجوز له أكله؟ على روايتين.
فعلى هذا يجوز له أن يصرف هذه إلى نفسه, سواء كفر هو عن نفسه أو كفر عنه غيره بإذنه, وهذا ظاهر الحديث؛ فإن الأعرابي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يجد ما يطعمه, ثم بعد هذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يكفر بالعرق الذي جاءه, فعلم أن الكفارة لم تسقط عنه, وإنما كفر بإطعام ذلك العرق لنفسه وعياله.

* فصل:
ويجب العتق إذا وجد الرقبة أو ثمنها فاضلاً عن حوائجه الأصلية؛ كما يستوفى إن شاء الله تعالى في موضعه.
فإن كان عادمها وقت الوجوب, ثم وجدها قبل الصوم؛ فقال بعض أصحابنا: يلزمه العتق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الأعرابي بالعتق, ولم يسأله عن حاله حين الجماع. . . .

*الفصل الرابع:
أن الكفارة تجب بالجماع في الفرج, سواء كان قبلاً أو دبراً, من ذكر أو أنثى, وسواء أنزل الماء أو لم ينزل؛ رواية واحدة.
وكذلك إذا ولج في فرج بهيمة في المشهور عن أصحابنا, وحكاه أبو بكر عن أحمد في رواية ابن منصور.
وخرَّج القاضي في الخلاف وأصحابه كالشريف وأبي الخطاب رواية أخرى: أنه لا كفارة عليه, من إحدى الروايتين في الحد بوطء البهيمة؛ تخريجاً للكفارة على الحد.

فإن قلنا: فيه الحد؛ ففيه الكفارة, وإن قلنا: فيه التعزيز؛ فلا كفارة فيه. ومنهم من أوجب الكفارة قولاً واحداً, وإن لم يوجب الحد, وهو قول القاضي في «المجرد»؛ لأن سبب وجوب الكفارة أوسع من سبب وجوب الحد؛ بدليل أنها تجب في الإِنزال عن الوطء دون الفرج, والحد ليس كذلك.
ويفطر بالجماع في هذه المواضع قولاً واحداً, سواء أنزل أو لم ينزل؛ لأنه جماع يوجب الغسل, فأفسد الصوم, وأوجب الكفارة؛ كجماع المرأة.
وسواء كان الوطء بعقد نكاح أو شبهه أو ملك يمين أو زنى. ذكره أصحابنا.
ويتوجه في الزنى. . . وجماع الميتة. . . .

أما المباشرة فيما دون الفرج بقبلة أو جسّ أو وطء دون الفرج أو غير ذلك بحيث يمس بدنه بدن امرأة لشهوة, إذا لم ينزل بها؛ فلا قضاء عليه ولا كفارة.
وفي «زاد المسافر» رواية حنبل: إذا غشي دون الفرج؛ فعليه القضاء والكفارة.

وفي «التعليق»: فأنزل.
وإن انزل الماء الأعظم؛ فسد صومه. رواية واحدة.
وفي الكفارة فيه ثلاث روايات:
إحداهن: لا كفارة عليه كما ذكره الشيخ: إذا لامس امرأته, فأنزل وأنزلت, يقضي يوماً مكانه. هذا لم يجامع, إنما لمس فأنزل.
وحمله القاضي على الجماع دون الفرج أيضاً.
وظاهره أنه لم يجامع الجماع المعروف؛ لأن الوطء في الفرج يفارق غيره في ثبوت الإِحصان والإِحلال ووجوب الغسل بمجرده, والحد والمهر والعدة والصهر اتفاقاً, وهو الاستمتاع التام, فلا يلزم من وجوب الكفارة فيه وجوبها فيما دونه.
والثانية: عليه الكفارة. نقلها حنبل وأحمد بن إبراهيم الكوفي.
وهي اختيار القاضي وأصحابه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفتى الأعرابي بوجوب الكفارة لما أخبره أنه أصاب امرأته, ولم يستفصله كما استفصل الذي أقر بما يوجب الحد, والاستمتاع أفسد الصوم فأوجب الكفارة كالوطء.
فعلى هذا إذا لمس صبياً. . . .
والثالثة: إن جامع دون الفرج, فانزل فعليه الكفارة.
فأما المعانقة والقبلة المباشرة؛ فلا كفارة فيه. نقلها الأثرم.
وقال في رواية حرب: الجماع في الفرج وغير الفرج سواء, إذا أنزل فعليه الكفارة. وهي اختيار قدماء الأصحاب كالخرقي وأبي بكر وابن موسى.
والجماع دون الفرج أن يباشرها بفرجه في موضع من بدنها على أي وجهٍ كان فيما ذكره ابن عقيل, سواء أولج بين فخذيها ونحوها من بدنها أو لم يولج.

وفرق أحمد بين المجامعة دون الفرج وبين المعانقة, وقال: هو جماع؛ لأن استمتاعه فيما دون الفرج جماع, فأشبه الإِيلاج في الفرج.
[فأما إذا مس امرأته, فأنزل وأنزلت؛ يقضي يوماً مكانه. هذا لم يجامع, إنما لمس فأنزل, وحمله القاضي على الجماع دون الفرج أيضاً, وظاهره أنه لم يجامع الجماع المعروف].
وإن استمنى بيده؛ فعليه القضاء دون الكفارة فيما ذكره أصحابنا, وفرَّق القاضي بينه وبين الإِنزال عن مباشرة أو نظر.
وأما ابن عقيل؛ فخرجها على روايتين, وجعل النص على رواية التي تقول: لا يفطر بالإِنزال عن مباشرة, لا سيما إذا قلنا: الإِنزال عن دوام النظر يوجب الكفارة؛ فالاستمتاع أبلغ في إنزال الماء وتسكين الشهوة.
والمنصوص عن أحمد في رواية أبي طالب في صائم وجد شهوة, فخشي أن يمذي, فجعل ينثر ذكره لكي يقطع المذي, فأدفق الماء الأعظم؛ فعليه القضاء دون الكفارة.
وأخذ القاضي من هذا أن الاستمناء لا كفارة فيه.
ويتوجه الفرق بين هذا وبين الاستمناء؛ فإن هذا لم يقصد إلا تكسير الذكر لئلا يخرج المذي؛ فأين هو ممن يستخرج المني؟
وكذلك لو حكَّ ذكره بشيء ناعم حتى أنزل؛ لأنه أنزل الماء الأعظم باختياره, ولأنه لم يستمتع.
وإن أمذى بالمباشرة؛ فعليه القضاء دون الكفارة. نص عليه في رواية حنبل والأثرم.
وربما ذكر بعض أصحابنا رواية حنبل: أن عليه القضاء والكفارة؛ لأنه جزء من المني يجري في مجاريه, ويخرج بأسبابه, وهو دونه؛ لأنه لم يكمل, ولا يحصل معه كمال لذة, فجعل فوق البول ودون المني؛ كما وجب به غسل الذكر والأنثيين, فأفسد الصوم ولم يوجب الكفارة.
وكذلك إن أمذى بالعبث بذكره؛ فهو كما لو أمذى بالمباشرة. ذكره ابن أبي موسى.
وإن تساحقت امرأتان فأنزلتا؛ وجب القضاء. وفي الكفارة إذا كان عبثاً وجهان؛ كالروايتين فيمن باشر بالفرج فيما دونه. هذا قول ابن عقيل وغيره.
وقال أبو محمد: يخرَّج الوجهان على أن جماع المرأة هل يوجب الكفارة؟ قال: وأصح الوجهين أنه لا كفارة عليهما؛ فإن أنزلت إحداهما؛ فحكمها كذلك.
والمحبوب إذا ساحق النساء أو فاخذ الرجال فأنزل؛ فسد صومه. وفي الكفارة روايتان.
فأما الخصي؛ فإنه بمجرد إيلاجه يفسد صومه وتجب الكفارة كما يجب عليه الحد.
وأما النظر؛ فإن نظر الفجأة معفو عنها, فإن خرج منه الماء في عقبها؛ فلا شيء عليه.

وإن تعمد النظر لشهوة؛ لم يحل له, وإن أنزل بذلك:
فقال أبو بكر والقاضي وأصحابه مثل الشريف وأبي الخطاب وغيرهما: يفسد صومه ولا كفارة عليه, وهو ظاهر كلامه في رواية حنبل في رجل نظر إلى امرأته في شهر رمضان لشهوة, فأمنى من غير أن يكون أحدث حدثاً غير ذلك؛ فعليه القضاء ولا كفارة؛ إلا أن يكون قبل أو لمس أو عمل عملاً يدعو إلى أنْ جاء الماء الدافق, فتجب عليه الكفارة.
وقال الخرقي وابن أبي موسى وأبو محمد: إذا كرر النزر فأنزل؛ فعليه القضاء بلا كفارة. وكذلك ذكر القاضي في «المجرد» أنه لا يفسد صومه إلا إذا كرر النظر, فأما إن نظر ثم صرف بصره في الحال؛ فصومه صحيح, ويتخرَّج على الحج. قال: لأنه أنزل بسبب لا يأثم فيه.
فإن كرر النظر فأمنى؛ لزمه القضاء رواية واحدة؛ لأنه أنزل باستمتاع محرم, فأشبه الإِنزال بالمباشرة, وذلك لأن استدامة النظر تحت قدرته.
283 - قال جرير عن عبد الله البجلي: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؟ فقال: «اصرف بصرك».
284 - وعن علي بن أبي طالب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «يا علي! لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنما لك الأولى وليست لك الثانية».

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.37 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.24%)]